عناصر الخطبة
1/الحكمة من الابتلاء بالأوبئة 2/حُسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب 3/الاستهتار بالإجراءات والاحترازات مخالفة شرعيّة 4/وجوب الأخذ بالاحترازات الشرعيّة المرعيّة 5/دور الدولة في رعاية المواطنين والمقيمين.اقتباس
ومن قبل ذلك علينا بالعمل على الاحترازات الشرعيّة المرعيّة؛ كالمحافظة على أذكار الصباح والمساء والاستعاذة بالله -تعالى- من هذا الوباء وتعويذ الأولاد والعمل بالطاعات، واجتناب المعاصي والسيئات.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد: فإن الله -تبارك وتعالى- ما ابتلى أمّة ببلاء إلا وجعله امتحانًا لهم واختبارًا وتمحيصًا، وليعلم الله من يخافه بالغيب.
ولما أصاب الطاعون المؤمنين ما وهنوا لما أصابهم وما ضعفوا وما استكانوا، بل إن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- لما أصابه المرض، وبدأ بيده في راحته كان يُقبّلها ثم يقول: "ما أحب أن لي بما فيك شيئاً من الدنيا"؛ وذلك لما فيه من تكفير الذنب والخطيئة، ولم يصبهم الهلع والجزع الذي يخرجهم من الإيمان بالله -تعالى- أو الرضا بقدره، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يزيدنا إيماناً ورضا بأقداره.
فأما من ابتلاه الله -تبارك وتعالى- بشيء من هذه الأوبئة والطواعين فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "فليسَ مِن عَبْدٍ يَقَعُ الطّاعُونُ، فَيَمْكُثُ في بَلَدِهِ صابِرًا، يَعْلَمُ أنَّه لَنْ يُصِيبَهُ إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ له، إلّا كانَ له مِثْلُ أجْرِ الشَّهِيدِ"(رواه البخاري).
وأما من عافاه الله فقد أُمِرَ بالفرار من المجذوم فراره من الأسد، وأمر أن يحتاط لنفسه وأهله وذويه ويتقي الله -تبارك وتعالى- فيهم. وها هو الفاروق -رضي الله عنه- يعطي درساً للتاريخ "نفرّ من قدر الله إلى قدر الله".
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- محذرًا وموجهًا للحجر الصحي قبل 1400 سنة : "لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ"(أخرجه الشيخان).
عباد الله: إن من أعظم ما جاءت به الشريعة وحرصت عليه، واهتمت به: حفظ الأنفس وعدم قتلها أو السعي في المضرّة لها، ولذلك أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالفرار من المجذوم فرارنا من الأسد، ليس فراراً من قدر الله، ولكن احتياطاً للنفس أن ترد المهالك، واحتياطاً لئلا نكون سبباً لانتشار الوباء والداء فنبوء بالإثم في قتل الآخرين.
وقد ابتُلينا بكورونا كوفيد19 ليعلم الله من يخافه ويتبع سبيل رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكيف يجمع بين حسن التوكل على الله -تبارك وتعالى- مع الأخذ بالأسباب التي هي قرينة للتوكّل ودالة عليه.
ولما أظهرت لنا الجهات المختصّة كيفيّة انتقال هذا الفيروس كان لزاماً علينا أن نأخذ بجميع الإجراءات والاحترازات وهي واجبة شرعاً ويأثم من يخلّ بها أو يتهاون بها ومع التعزيز والعقوبة الحاصلة من ولي الأمر فإن عقوبة الآخرة أشدّ وأبقى، فإن الاستهتار بهذه الإجراءات والاحترازات هي مخالفة شرعيّة قبل أن تكون مخالفة مرعيّة من الجهات المعنيّة.
ودائما تنبّه وزارة الصحّة:
- البس الكمامة.
- تباعد مترًا ونصف إلى مترين.
- اغسل يديك دائمًا.
- ابتعد عن التجمعات.
- لا تصافح ومن باب أولى لا تُقبّل أو تعانق.
- لا تخرج من بيتك إلا لحاجة.
هذه التوجيهات خرجت ممن لهم معرفة ودراية بذلك فاتباعها واجبٌ شرعي ومخالفتها مفسدة ومخالفة ظاهرةً.
ومن قبل ذلك علينا بالعمل على الاحترازات الشرعيّة المرعيّة؛ كالمحافظة على أذكار الصباح والمساء والاستعاذة بالله -تعالى- من هذا الوباء وتعويذ الأولاد والعمل بالطاعات، واجتناب المعاصي والسيئات.
عباد الله: إن أول وأولى دولة تحرص على إقامة الصلاة هي هذه الدولة -وفقها الله- التي تدرك يقينًا أن تمكينها في الأرض بتحكيمها الشريعة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وقد أفتى العلماء من قبل درءًا للمفسدة بإيقاف لصلاة في المساجد مؤقتًا وعليه بنى ولي الأمر أمره وها هي الدولة -وفقها الله- لما حصلت الفرصة السانحة لإعادة فتح المساجد أعادت فتحها مع تطبيق أقصى الاحترازات.
وقد وفَّق الله -تعالى- وزارة الشؤون الإسلامية وبواجبها الشرعي المناط بها أن تقوم بتحقيق ما يصبو إليه ولاة الأمر من الخروج للمساجد بحذر. فقد طبقت أقصى معايير الاحتراز بعد توفيق الله -تبارك وتعالى وحفظه- بداية من فتح المسجد إلى إغلاقه؛ فأوصت:
- بغسل اليدين جيدًا عند القدوم للمسجد والرجوع للبيت.
- الوضوء في المنزل.
- لبس الكمامة.
- حض كبار السن على عدم الحضور.
- عدم اصطحاب الأطفال دون الخامسة عشرة.
- رفع المصاحف والاكتفاء بالمصحف الإلكتروني.
- إحضار سجادة خاصة.
- التباعد وإبقاء مسافة لا تقل عن مترين بين المصلين.
- تجنّب المصافحة.
- عدم التزاحم عند دخول المسجد أو الخروج منه.
فهذه تعليمات لصالحنا جميعاً إن أردنا المحافظة على إقامة هذه الشعيرة كما أمر الله -تبارك وتعالى-.
واسألوا الله -تبارك وتعالى- العافية.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي لم يزل براً رحيما حيّياً كريما يعلم ما في القلوب وما تخفي الصدور، وصلى الله وسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبد الله.
أما بعد: فإن من رحمة الله -تبارك وتعالى- ولطفه بنا أن رزقنا هذه الأرض المباركة بولاة أمرها المصلحين الذين غاية همهم الحفاظ على الأرواح والمكتسبات للمواطنين والمقيمين؛ فقد وفَّقها الله -تبارك وتعالى- بأعمال إنسانيّة تحدّث عنها في ذلك الشرق والغرب.
فقدمت كل شيء لمصلحة المواطن والمقيم وصحتهما؛ فاحمدوا الله -تبارك وتعالى- على هذه النعمة، وادعوا لهم بخير؛ فقد حرّكت جميع الوزارات والأجهزة، وسخّرتها في مواجهة الفيروس، ودفعت لذلك مبالغ هائلة، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
شكراً لأمامنا سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، وجزاهم الله عنا خير ما جزى ولاة عن خدمة شعبهم وبلادهم.
شكراً لوزارة الصحّة بوزيرها وأبطالها الذين هم خط الدفاع الأول بعد الله -تبارك وتعالى-.
شكراً لوزارة الشؤون الإسلاميّة بوزيرها وإدارتها المتميزة في التعامل مع إعادة فتح المساجد، شكراً لعلمائنا ودعاتنا.
شكراً لكل من وقف صادقاً مع هذه الأزمة والجائحة… جزاهم الله عنّا خير الجزاء وأوفره وأعلاه
وأخيرا عباد الله: علينا الثقة بالله -تبارك وتعالى- وعلينا بالفأل الحسن وأن يصرف عنّا كل بلاء ومحنة…
اتركوا بثّ الإشاعات وبث الرعب في الناس، وتقرّبوا لله -تعالى- في التوجيه الحسن.
اللهم وفّق ولاة أمرنا لكل خير وارفع بهم التوحيد والسنة وخذ بأيديهم للخير حيث كان.
التعليقات