عناصر الخطبة
1/ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2/ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 3/ تعريف المعروف والمنكر 4/مسائل تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 5/أهمية تعليم الناس أمور دينهم 6/ مسؤولية الوالد تجاه أولاده توجيها ونصحا وتعليمااهداف الخطبة
اقتباس
ولابُدَّ لمن أمر بالمعروف أن يتحقق أنه معروف أمر به الشرع، وأن يتحقق أن المنكر الذي ينهى عنه نهى عنه الشرع؛ ليكون متبعاً للدليل على بصيرة، وينبغي أن يكون الآمر والناهي أن يكون ذا حكمةٍ بطبعه أو بالتعلم، وأن يفقه ما يأمر به وينهى عنه؛ لينزل الأدلة على مدلولاتها، ويسترشد بقول الله وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأمور وتقلب أحوالها ..
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بسنته.
أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- حق تقواه: وسارعوا إلى جنته ورضاه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]
أيها المسلمون: إن نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وحرَّم أشياءَ فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياءَ رحمةً لكم غيرَ نسيانٍ فلا تبحثوا عنها" من حديث أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه-.
قال النووي -رحمه الله-: "حديث حسن رواه الدار قطني وغيره، وإن مما فرض الله على عباده الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر؛ لما في ذلك من المصالح العامة والخاصة الدينية والدنيوية، ولما في ذلك من دفع الشرور والمفاسد، ودفع العقوبات والنوازل".
قال الله -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104]، وقال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.. ) [آل عمران: 110].
قال عمر -رضي الله عنه-: "من أراد أن يكون من هذه الأمة فليوفِّ شرط الله فيها"، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال -تعالى- في وصف المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71].
وأثنى الله -تعالى- على مَنْ كان عاملاً بالمعروف والنهي عن المنكر من أهل الكتاب المتمسكين بشريعتهم التي لم تُغَيَّرْ ولم تبدل، فقال -تعالى-: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 113-114]
والمعروف: كل ما أمر به الإسلام وجوباً أو استحباباً، ولا يأمر القرآن والسنة إلا بما فيه الخيرُ المحقَّقُ في الدارين، ولا يأمر إلا بما جعله الله سبباً لدخول جنات النعيم.
والمنكر: هو كل ما نهى عنه الإسلام تحريماً أو كراهة، ولا ينهى الإسلام إلا عن كل شر محقق في الدنيا والآخرة، ولا ينهى إلا عن ما يكون من أسباب دخول النار.
عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشِكَنَّ الله أن يبعث عليكم عذاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وقال -تعالى- في وصف المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..) [التوبة:71]
وقال بعض أهل العلم: "إن هذا ركنٌ من أركان الإسلام إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".. ورُوِيَ: "أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة، فيقول له: إليك عني؛ فإني لم أظلمك في أهل ولا مال ولا عرض، فيقول: إنك كنت تراني على المنكر ولم تنهني".
ولابُدَّ لمن أمر بالمعروف أن يتحقق أنه معروف أمر به الشرع، وأن يتحقق أن المنكر الذي ينهى عنه نهى عنه الشرع؛ ليكون متبعاً للدليل على بصيرة، وينبغي أن يكون الآمر والناهي أن يكون ذا حكمةٍ بطبعه أو بالتعلم، وأن يفقه ما يأمر به وينهى عنه؛ لينزل الأدلة على مدلولاتها، ويسترشد بقول الله وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأمور وتقلب أحوالها، قال الله -تعالى-: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125]
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حارسُ الفرائض والفضائل، وقامع الشر والرذائل وإذا وهى جانبه وكثر مجانبه دخل على المجتمع كلُّ شرٍّ وباطل.
والتغيير باليد هو للسلطان أو نائبه، والإنكار باللسان بالحكمة، والترغيب والترهيب، وحسن الخلق لكل من يعلم حكم الله في المنكر، والإنكار بالقلب لكل أحد.
وكلٌّ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقترنان معاً لا ينفصلان؛ فمن أحب المعروف ولم يُبْغضِ المنكر فقد فرَّط في واجب، ومن أمر بمعروف ولم ينهَ عن منكر فقد ترك واجباً، ومن نهى عن منكر ولم يحب المعروف فقد خالف هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- فلابد من الأمر بالمعروف ومحبته، والنهي عن المنكر وبغضه.
وقد قال بعض السلف: "من أمر بمعروف ونهى عن منكر، فليعرض نفسه على قول الله -تعالى-: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) [البقرة:44]، وقوله -تعالى- عن شعيب -عليه السلام- (.. وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ..) [هود:88]، وقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف:2-3]
والصبر واجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر؛ لأنه سيتعرض للأذى كما هي سنة الله بذلك.. قال -تعالى- عن لقمان، قال -عز وجل-: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً..) [لقمان: 16-17]؛ لأنه يتعرض لأهواء الناس، والهوى يتحكم على كثير من الناس، والناهين عن المنكر لهم البشرى، وللآمرين كذلك بالمعروف لهم البشرى في عاجل الدنيا وآجلها قال -تبارك وتعالى- قال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ..) [الأحزاب:70-71]
وينجي الله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من العقوبة على الذنوب مع ما له من الثواب العظيم..قال -عز وجل-: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ..) [هود:116]، وقال -تعالى-: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) [الأعراف:165]
ويكفر الله -تبارك وتعالى- به يكفر الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. يكفر الله به الفتنة في المال وفي الأهل وفي الولد، فقد سئل حُذَيفةُ -رضي الله تعالى عنه- عن الفتن فقال: "إن الصلاة والصيام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكفر الله بها -تبارك وتعالى- في ولد الإنسان وفي ماله".
ووعد الله -تعالى- من أمََر بخيرٍ وحذَّر من شر وعده جناتِ النعيم، والنجاة من العذاب الأليم، فقال -عز وجل-: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [التوبة:112].
والبشرى خير في الدارين، ومن هذه البشارة قولُه -تعالى-: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الحديد:12]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وليِّ المؤمنين، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب المتقين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله بعثه الله بالهدى واليقين؛ لينذر من كان حيَّاً ويحقَّ القولُ على الكافرين اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله حقَّ التقوى: وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: أعظمُ نعمة على العبد أن يَمُنَّ الله عليه بقلب سليم يعرف المعروف ويحبه، ويأمر به ويحب أهله، ويعرف المنكر ويبغضه ولا يقع معهم في محرم.
معشر المسلمين: لقد تفشى الجهل بقلة المعرفة بالأعمال الصالحات والجهل بالمنكرات، وأعظم ما ينفع به المسلم أخاه المسلم أن يدله على هدى، أو يحذره من ردى ومحرم، والمؤمنون ناصحون بَرَرة يحبون الخير لإخوانهم المسلمين -كما في الحديث-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري ومسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- وعن جرير -رضي الله عنه- قال: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النُّصْح لكل مسلم".
والمنافق غاشٌّ مناع للخير قال الله -تعالى-: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [التوبة:67]، فتحابوا بينكم -معشرَ المسلمين- بروح الله، وتناصحوا بالرفق والمودة والاحتساب.
علموا الجاهلَ أمورَ دينه، علموه التوحيدَ وأنواع الشرك بالله، وأحكامَ الصلاة ومسائلَ أركان الإسلام.. عن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَأَنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمُر النِّعم".
ذكروا الغافل عن الله؛ ليعمل للآخرة ولا يغتر بالدنيا، خوفوا المتمردَ على الله الجريء على المعاصي بأن بطش الله شديد، رغبوا الكسول عن الخيرات بالجد والاجتهاد في الطاعات، أيقظوا الهمم الضعيفة بالقرآن والسنة ليزداد الإيمان.
أيها المسلمون: إن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منك لأولادك وأهلك، والأقرب فالأقرب ولجيرانك أولا.
فإن عليك -أيها المسلم- واجباً عظيماً وأمانةً كبرى لأولادك وأهلك أن تأمرهم بما فرض الله عليهم من الحقوق والفرائض؛ حتى يؤدوها، وتنهاهم عن ما حرم الله وتجنبهم طرقَ الردى وشياطين الإنس والجن الذين يدعون إلى كل شر ورذيلة، ويصدون عن سبيل الله وعن جنات النعيم؛ قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6]، وأشدُّ الناس حسرةً في الدنيا والآخرة من ضيَّع هذه الأمانة.
أيها المسلمون: ألا تحبون أن يكون أولادكم معكم في دار السلام؟ قال الله -تعالى- وهو أصدق القائلين -ولا يخلف الله وعده-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور:21]
قال المفسرون في هذه الآية: "إن الله -تبارك وتعالى- يلحق الأولاد بمنزلة الآباء في الجنة، وإن كان عملُ الأولاد ناقصاً عن عمل آبائهم تكرماً من الله وفضل ورحمة كي تقرَّ أعين الآباء بمشاهدة الأولاد معهم، ولا ينقص الله -تبارك وتعالى- ثواب أعمال الآباء؛ فإنه -عز وجل- كريم جواد لا مُنْتهى لكرمه، والله -عزوجل- دعاكم الله عز وجل لتنالوا فضله وتنالوا كرامته؛ فحققوا ما أمركم الله به لينجز لكم ما وعدكم، والله -عز وجل- لا يخلف الميعاد.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]..
اللهم صلِّ وسلم على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
اللهم ارض عن الصحابة أجمعين. اللهم ارض عن خلفاء الرسول المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحب والآل أجمعين. اللهم وارضَ عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين، ودمر أعداءك أعداء الدين.
اللهم أبطل كيد أعداء الإسلام يا رب العالمين. اللهم أبطل مكر أعداء الإسلام يا رب العالمين. اللهم أبطل مخططات أعداء الإسلام التي يريدون بها أن يضربوا الإسلام إنك على كل شيء قدير. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا رب العالمين يا أرحم الراحمين يا قوي يا متين.
اللهم اقمع البدع التي تحارب الإسلام يا رب العالمين. اللهم اقمع البدع التي تحارب الإسلام. اللهم ابطل البدع التي تحارب الإسلام يا رب العالمين ويا قوي يا متين. اللهم انصر دينك إنك على كل شيء قدير. اللهم أعذنا وأعذ ذرياتنا من إبليس وذريته وشياطينه يارب العالمين. اللهم أعذ المسلمين من إبليس وذريته وشياطينه إنك على كل شيء قدير.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح اللهم ولاة أمورنا. اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضاه. اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين. وانصر به دينك وأعلِ به كلمتك إنك عل كل شيء قدير. اللهم وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه يا رب العالمين. اللهم وفقه لما فيه الصلاح والفلاح للبلاد يا رب العالمين وللعباد إنك على كل شيء قدير.
اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى، ولما فيه نصرة الإسلام والمسلمين وما فيه الخير يا رب العالمين. اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضاه، ولما فيه الخير والصلاح للإسلام والمسلمين. اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خيراً لشعوبهم وأوطانهم يا رب العالمين.
اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين إنك أنت الرحمن الرحيم. اللهم نسألك أن تغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. يا حي ياقيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله يا رب العالمين.
اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا عاجلا يارب العالمين إنك أنت رحمن الدنيا والآخرة. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]
عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل:90-91]
اذكروا الله العظيم الجليل يذكرْكم، واشكروه على نعمه يزدْكم (ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
التعليقات