عناصر الخطبة
ختام رمضاناقتباس
: في ختامِ شَهرِكُم.. تداركوا التقصِيرَ بالاعتذار. واجبروا النقصَ بالاستغفار. واعلموا أَن مِضمارَ السّباقِ أقوى ما يكونُ اشتِدادُهُ عندَ خاتمةِ مطافِه..
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، لم يزل بالمعروف معروفاً، وبالكرم متصفاً وموصوفاً، كل يومٍ هو في شأن، يكشف كرباً، ويغفر ذنباً، ويغيث ملهوفاً، يجبر كسيراً، وينصر مظلوماً، ويُذلُ ظالماً، وما يرسل بالآيات إلا تخويفاً، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، نال من ربه أعظم مكانةٍ وتشريفاً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله : واعلموا أن ربكم سريع العقاب وأنه غفور رحيم.
أيها المسلمون: شهر رمضانَ.. مرَّ كسحابةِ غَيْثٍ لا يَكُفُّ سُكُوْبُها، سَحَابةِ غيثٍ مباركةٍ هَمَتْ فَسَقَتِ الأرضَ فَأَنْبَتت الكلأَ والعُشْبَ الكثير، وها هو هلالُ رمضان.. تقلبَ في منازله حتى عاد كالعرجون القديم، فَشَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ آذَنَتْ شَمْسُهُ بِمَغِيْبٍ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوى ليلةٍ أَو وأُختها وهُنَّ من اللَيالٍي الُمباركات.. التي يُتحرى فِيْهِنَّ ليلةُ القدر التي عظم الله قدرها.
فهنيئاً لمن بالتقوى تَقَدَّم، وللآخرة أعدَّ وقدم، هنيئاً لمن صام الشهر وقامه إيماناً واحتساباً، هنيئاً لمن سابق لفعل الخيرات، وَكَفَّ عَنِ القَبَائِحِ والمنْكَرَات، هَنِيْئاً لمن عَمَرَ بالتقوى قلبَه، وأنار بمراقبة الله فؤادَه، هنيئاً لمن امتنع عن الشهوات سَعْياُ لمرضاةِ الله، هنيئاً لمَنْ صَبَرَ على الطاعةِ وصابر، هنيئاً لمن لزم العبادة وثابر، هنيئاً لمن عَلَّقَ بالله رَجَاءَهُ، وَأَحْسَنَ باللهِ ظنَّه، هنيئاً للصادقينَ هنيئاً. طويَت سجلاتُ أيامٍ وليالٍ أَودِعَت بالصالحات، وسَتُنشَرُ غداً بين يدي الله. وهُناكَ تَتَحَقَّقُ الفَرْحَةُ الكُبرى: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ" رواه البخاري ومسلم
فمن تقرب إلى الله بالصالحاتِ واجتهد.. فليملأ قلبَهُ طمأنينة ورجاءً، فإن الله لا يُضِيْعُ أَجْرَ مَنْ أَحسنَ عَملاً، وَمَنْ جاءَ بالحسنةِ فله عَشْرُ أَمثالُها، (..وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
فذاك من إحسانِ الظَّنِ بالله.. واللهُ عند ظَنِّ عبدِهِ بِه. فَلا تَظُنَنَّ بِرَبِكَ إلا خيراً. وظَنُنا باللهِ أَنهُ سيقبلُ صيامَ الصائمين، وقيامَ القائمين، ودعاءَ القانتينَ، وتوبةَ التائبين، واستغفارَ المستغفرين. ظَنُنا باللهِ أَنه حَكَمٌ عَدْلٌ (.. لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)
ظَنُنا باللهِ أَنه أَعدَّ للطائعينَ أجراً عظيماً، وأَنَّهُ لن يجعل {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ} وأَنهُ لن يجعل المتقين كالفجار (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
وظَنُنا باللهِ حَسَن.. وإحسانُ الظَنِّ باللهِ.. ليسَ تَعَلُّقاً بالرجاءِ مع إصرارٍ على الذنب، وليسَ طمعاً في الثوابِ مع أعراضٍ عَن الطاعة. فذاكَ إلى الأَمن من مكرِ اللهِ أَقرب.
إحْسانُ الظَنِّ باللهِ، تغليبٌ لِـجانبِ رجاءِ القبولِ عند عمل الصالحات، وتَغْلِيبٌ لِـجانبِ إدراكِ الرحمة عند قرع باب التوبة، وتَغْلِيبٌ لِـجانبِ نيلِ المغفرة عند ملازمة الاستغفار، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
عباد الله: في ختامِ شَهرِكُم.. تداركوا التقصِيرَ بالاعتذار. واجبروا النقصَ بالاستغفار. واعلموا أَن مِضمارَ السّباقِ أقوى ما يكونُ اشتِدادُهُ عندَ خاتمةِ مطافِه.
والمؤمِنُ كَيِّسٌ فِطِن.. يدرِكُ أن العبرَةَ في كُلِّ أمرٍ بكمالِ نهاياتِه لا بنقص بداياتِه. فُكُلَّما تقدمَ به العُمرُ يوماً.. ازدادَ من عمل الصالحات، وكلما انْقَضَتْ مِنْ حَيَاتِهِ مَرْحلَةٌ.. أَيْقَضَ الهِمَّةَ وضاعَفَ العَزَمات (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
أَعمالُ العبادِ بالخواتِيم.. فكَمْ مِنْ عابدٍ أسْرَجَ مصباحَ العبادةِ في أولِ العمرِ مجتهداً، ضَعُفَت نَفْسُه عَنْ مُوَاصَلَةِ المسيرِ.. فَخَبَا فيه النورُ وانطفأ.
وكمْ مِنْ مستقيمٍ على أمر الله مُهتدياً، ضَعُفَت نفسُه عن مواصلةِ المسيرِ، فانساقَ نحو الهوى فَتَنَكَّبَ الصراطَ وانكفأ.
وكَمْ مِنْ مُعرِضٍ في بدايةِ الأمرِ عن الله، سالكاً دربَ الغوايةِ، سائراً في الغافلين.. تداركَهُ الله بلطْفِه.. فأفاقَ مِنْ غَفْلَتِه وأنابَ إلى اللهِ والتجأ
ألا وإِنَّ الجنةَ لن تُنالَ إلا بِرحمةِ الله. ألا وإِنَّ رحمةَ اللهِ قريبٌ من المحسنين (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)
بارك الله لي ولكم ....
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، أسدى من النعم وأعطى، ودفع من النقم أقصى، وهو البر الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون
أيها المسلمون : وفي خِتام الشهر وعند إكمال العدة، شَرع الله لعبادِه عباداتٍ يتقربون بها، ليوفيهم أجورهم ويزيدَهم من فضله (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فمن ذلك زكاة الفطر، وهي صدقة واجبة عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقطٍ أو صاعاً من زبيب، يخرجها الرجل عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم، تدفع للفقراء والمساكين خاصة وليست لسائر أصناف أهل الزكاة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم"طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين" وأفضل وقتها أن تؤدى قبل خروج الناس لصلاة العيد، ويجوز أن تؤدى قبل العيد بيومٍ أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، ويجوز أن تعطى زكاة الواحد لعدد من الفقراء، كما يجوز أن تعطى زكاة الجماعة لفقير واحد.
عباد الله: ويُشْرَعُ للمسلمين أَن يَخرجوا لصلاة العيد، رجالاً ونساءً، قالت أُمُّ عَطِيةَ رضي الله عنها: "أَمَرَنا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ" متفق عليه
وَيُسَنُّ للمسلمِ أَنْ يَأَكُلَ تَمراتٍ قَبْلَ أَنْ يخرجَ إلى صَلاةِ العِيْدِ، قال أَنسٌ رضي الله عنه: " كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ" رواه البخاري
وإذا خرج المسلمُ من بيته إلى صلاة العيدِ يَشرع بالتكبير حتى يدخل الأمام.
والواجب على المرأةِ أن لا تخرج متبرجةً ولا متعطرةً ولا متزينةً بزينة يراها الرجال، وعلى وليها أن يفقهها في ذلك.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
أيها الإخوةُ: ستقامُ صلاة العيدِ في هذا المسجدِ ــ إن شاء الله ــ وسيكون دخول الإمام في تمام الساعة (الخامسة وواحد وأربعينَ دقيقة) ــ إن شاء الله ــ
ملاحظة: وقت دخول الإمام يختلف باختلاف المناطق. وهو في كل منطقة بعد إشراق الشمس بـ 15 دقيقة حسب توقيت أم القرى
التعليقات