عناصر الخطبة
1/ انفتاح الدنيا على الناس 2/ الثقة واليقين في الرزاق الكريم 3/ التحذير من أكل الحرام 4/ علاقة أكل الحلال بقبول الأعمال الصالحة 5/ خمس خصال بها تمام العمل 6/ حرص السلف الصالح على أكل الحلال 7/ ضرورة السؤال عن حكم الشرع قبل الدخول في البيوع والمشروعات 8/ من أهم أسباب صلاح الأبناء 9/ أكل الحلال وصلاح الأبناء 10/ قصة ميلاد عمر بن عبدالعزيزاهداف الخطبة
اقتباس
يجب على من يحرص على دينه، وكلكم ذلك الرجل، إذا التبس عليه أمرٌ بين حِلٍّ وحرمةٍ أن يسأل إذا لم يعلم، كما كان سلفنا -رضوان الله عليهم-. إنَّ أيّ معاملة ليست على أصل شرعي واضح، فهي إلى أكل الحرام أقرب منه إلى أكل الحلال.. وكم تجرأ بعض الناس هداهم الله على الكسب الحرام، فهذا عامل لا يؤدي عمله على وجه صحيح، وهذا رَبُّ عمل يقتطع من حق أجيره، وهذا موظف لا ينهض بمسؤولية وظيفته، وهذا تاجر يغش في سلعته، وهذا متجرئ على التعامل بالربا، وهذا متاجر بما يفسد عقول الناس ويدمر حياتهم.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله..
أما بعد: أيها المسلمون: لا يخفى عليكم معاشر الأحبة أننا في زمن فُتِحَت فيه الدنيا على الناس، وكثُرت أموالهم، وتعددت مكاسبهم، وكثرت صور البيوع والمكاسب التي حيَّرت الناس ولبَّست عليهم، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يأتي على الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال، من حلال أو حرام. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يأتي على الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال، من حلال أو حرام" (رواه النسائي بسند صحيح).
وإن العبد الصالح نقيُّ القلب لا يتأثر بما يتأثر به الناس، ولا يتابعهم في ما يخالفون فيه هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يأكل التمرة؛ لأنه يخشى أن تكون من تمر الصدقة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "أربعٌ إذا كنّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحُسْن خليقة، وعفَّة طُعمَة". (رواه الإمام أحمد بسند صحيح).
والعبد إذا اطمأن قلبُه بربه، وَثِق في تدبير ربه له في أمر رزقه، بين بسطه وتقديره، فهو راضٍ عن ربه، غيرُ متطلع لما في يد غيره، قانعٌ برزقه، واثقٌ في حُسْن اختيار الله له، فقد آمن وصدَّق بقول الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إن روح القدس نفث في رُوعِي أن نَفْساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنَال ما عنده إلا بطاعته". (رواه أبو نعيم في الحلية وسنده صحيح).
ولا يتطلع المسلم التقيّ النقيّ للكسب الحرام موقناً بتأكيد النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبدٌ ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام". حديث صحيح.
أيها المسلمون: لقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- العبد من أكل الحرام، مبيِّناً آثاره الضارة على دين العبد وسلامة عبادته، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس! إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّباً، وإن الله –تعالى- أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم) [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟". (رواه مسلم).
قال ابن رجب -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: "في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يُقبَل العمل، ولا يزكو إلا بأكل الحلال، وأنَّ أكل الحرام يفسد العمل، ويمنع قَبُوله فإنه قال بعد تقريره: "إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم) [البقرة: 172]"، والمراد بهذا أن الرسل وأممَهم مأمورون بالأكل من الطيِّبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالاً فالعمل صالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال، فكيف يكون العمل مقبولاً؟ وما ذكره بعد ذلك من الدعاء، وأنه كيف يُتَقبَّل مع الحرام، فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام". انتهى ..
وقال أبو عبد الله النباجي الزاهد -رحمه الله-: "خمس خصال بها تمام العمل: الإيمان بمعرفة الله -عز وجل- ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السُّنة، وأكل الحلال، فإن فُقدَت واحدة لم يرتفع العمل، وذلك أنك إذا عرفت الله -عز وجل- ولم تعرف الحق لم تنتفع، وإن عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق ولم تُخلِص العمل لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السُّنة لم تنتفع، وإن تمَّت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع".
وقال وهيب بن الورد: "لو قمتَ مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل بطنك، حلال أم حرام؟".
ويقول ميمون بن مهران: "لا يكون الرجل تقيّاً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه؟".
وقال يوسف بن أسباط: "إذا تعبَّد الشاب يقول إبليس: انظروا من أين مطعمه؟ فإن كان مطعمه مطعم سوء قال: دعوه لا تشتغلوا به، دعوه يجتهد وينصب، فقد كفاكم نفسه".
وسَأل رجل سفيانَ الثوري عن فضل الصف الأول فقال: "انظر كسرتَك التي تأكلها من أين تأكلها؟ وقم في الصف الأخير".
وقال إبراهيم بن أدهم: "ما أدرك من أدرك، إلا من كان يعقل ما يدخل جوفه".
وقال عبد الله بن المبارك: "رَدُّ درهم من شبهة أحب إليَّ من أن أتصدق بمائة ألف درهم ومائة ألف ومائة ألف حتى بلغ ستمائة ألف".
لقد كان أسلافكم -رحمهم الله- يؤكدون على هذا المعنى كثيراً، حتى إن الفضيل -رحمه الله- لما أراد أن يعرِّف أهل السُّنة قال: "أهل السُّنة مَن عرف ما يدخل بطنه من حلال".
أيها المسلمون: يجب على من يحرص على دينه، وكلكم ذلك الرجل، إذا التبس عليه أمرٌ بين حِلٍّ وحرمةٍ أن يسأل إذا لم يعلم، كما كان سلفنا -رضوان الله عليهم-. إنَّ أيّ معاملة ليست على أصل شرعي واضح، فهي إلى أكل الحرام أقرب منه إلى أكل الحلال.
وكم تجرأ بعض الناس هداهم الله على الكسب الحرام، فهذا عامل لا يؤدي عمله على وجه صحيح، وهذا رَبُّ عمل يقتطع من حق أجيره، وهذا موظف لا ينهض بمسؤولية وظيفته، وهذا تاجر يغش في سلعته، وهذا متجرئ على التعامل بالربا، وهذا متاجر بما يفسد عقول الناس ويدمر حياتهم.
والكسب الحرام -عباد الله- ينعكس على صلاح الأولاد. فمما لا شك فيه أن الشجرة الطيِّبة ذات الجذور الراسخة التي تُسقَى بماء صافٍ لا تُنبِت إلا خيراً، وكان عمر بن عبد العزيز غرساً طيِّباً لأسرة كريمة طاهرة، فوالده هو: عبد العزيز بن مروان بن الحكم، من خيار أمراء بني أمية، شجاعاً كريماً، وكان من تمام ورعه وصلاحه أنه لَمَّا أراد الزواج قال لخازنه: اجمع لي أربعمائة دينار من طيِّب مالي، فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حفيدة أمير المؤمنين. إن زواجه من آل الخطاب ما كان ليتم لولا علمهم بحاله وحُسْن سيرته وخُلُقه.
لذلك لا بد أن ننتبه إلى أن صلاح الأولاد والذرية ابتداءً من طِيب المطعم قبل البحث عن المرأة الصالحة، وأن لصلاح الذرية -بعد توفيق الله تبارك وتعالى- سببين ظاهرين:
أولهما: الحرص على الحلال الطيِّب في المطعم والمنكح.
وثانيهما: البحث عن الأسر الصالحة الطيِّبة عند الزواج، ليُخرِج الله لنا أبناءً بررة غُذُّوا بالحلال، ونشؤوا عليه وعلى تعظيم الشرع الحنيف، وهذا النبت هو أساس الشجر الوارف الظلال الذي ينتج للأمة ثماراً نافعة، وأطفال اليوم هم قادة الغد.
فيا ليتنا ننتبه إلى بداية الطريق الصحيح حتى لا نضل ولا ننسى.
عن أسلم قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو يعسُّ بالمدينة إذا هو قد أعيا فاتَّكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه! قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء -أي: اخلطيه-، فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه! أما علمتِ ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألاّ يُشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر، فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سرّاً.
وكان أمير المؤمنين في استناده إلى الجدار يسمع هذا الحوار فالتفت إليَّ يقول: يا أسلم! ضع على هذا الباب علامة، ثم مضى أمير المؤمنين في عَسِّه، فلما أصبح ناداني: يا أسلم! امضِ إلى البيت الذي وضعتَ عليه العلامة فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟
يقول أسلم: فمضيت فأتيت الموضع، فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأخبرته الخبر، فدعا إليه أولاده فجمعهم حوله ثم قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها.
فقال عاصم بن عمر يا أبتاه! تعلم أنْ ليس لي زوجة، فأنا أحق بزواجها. فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها، فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز، رضوان الله عليهم أجمعين.
أيها المسلمون: كان مِن يُمْنِ هذا التصرف الكريم أن كانت ثمرة هذا الزواج، خليفةً لم تعرف الإنسانية بعده نظيراً له في عدالته وزهادته وسعادة رعاياه به، -رضي الله عنه- ورحمه. إن هذا مثال على ثمرة الحلال في صلاح الأولاد.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمَّن سواك ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: لقد سمع الجميع عن اكتتاب الأسهم لدى البنك الأهلي التجاري، والذي سيكون خلال الأيام القادمة، وهو أضخم اكتتاب في تاريخ البنوك المحلية؛ حيث سيطرَح البنك 500 مليون سهم بسعر 45 ريال للسهم الواحد، وسيجمع البنك أكثر من 22 مليار ريال، والكثير يرى أنها فرصة لزيادة دخله، وأظن أنه قد بلغ الجميع عشرات الفتاوى من العلماء في هذه البلاد بحرمة الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي، لأنه عين الربا الذي حرّمه الله ورسوله.
فجميع المختصين الذين اطلعوا على القوائم المالية لهذه المساهمة يُجمعون على وجود مليارات ضخمة في أصول البنك من الأموال الربوية. وقد أصدر المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قراراً بحرمة شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك.
وإذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم، فالواجب عليه الخروج منها. وجاء في القرار: والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنّة في تحريم الربا؛ ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا؛ لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه؛ لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا محاربة الله ورسوله في هذه المساهمة. والمساهمة مغرية جداً، والآن سيتبين المسلم الورع الذي ينشد الكسب الحلال ليطعمه لأولاده، فتركك يا عبدالله لهذه المساهمة نجاة لك في الدنيا والآخرة، فقليل المال مع التقوى والخوف من الله يبارك الله فيه، والكثير من المال مع نزع البركة منه يكون فيه المحق والنقص والإثم: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة: 276].
أيها المسلمون: إن الحرام درجات، والمعاصي ليست على درجة واحدة، والكبائر بعضها أشد إثماً من بعض. والعقوبات التي وردت في القرآن والسنة في شأن الربا لم ترد في كبائر أخرى، فهي عقوبات مخيفة جداً لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. قال الله تعالى: (فَإِن لم تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) [البقرة: 279]. وقال تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرّبَا وَيُرْبِي الصّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ كَفّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276].
وقال تعالى: (وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم: 39]. وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه" وقال: "هم سواء". (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" (متفق عليه).
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: خطَبنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكر أمرَ الرِّبا وعظَّم شأنَه وقال: "إنَّ الدِّرهمَ يُصيبُه الرَّجلُ من الرِّبا أعظمُ عند اللهِ في الخطيئةِ من ستٍّ وثلاثين زنْيةً يزنيها الرَّجلُ وإنَّ أربَى الرِّبا عِرضُ الرَّجلِ المسلمِ" (أورده المنذري في الترغيب والترهيب بإسناد حسن).
وعن مسروق عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرِّبا ثلاثٌ وسبعونَ بابًا، أيسَرُها مثلَ أن ينكِحَ الرَّجلُ أُمَّهُ" (أورده المنذري في الترغيب وصححه الإمام الألباني).
أيها المسلمون: إن الربا يؤدي إلى إفساد الصلات والمكاسب والمطاعم والمشارب الذي قد يؤدي إلى عدم نفع الأعمال وقبول الدعاء، وحصول التأييد والنصر على الأعداء، وبهذا عُلِل وجود آية الربا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 130] بين عدد كثير من آيات الجهاد التي نزلت في غزوة أحد في سورة آل عمران، إيماءً إلى أن من أسباب قبول الأعمال وحصول النصر، تطهير الأموال التي تنفق في العبادات التي من أفضلها الجهاد في سبيل الله، وتطهير الأبدان التي تصدر منها تلك العبادات. "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً".
فلا تبرر لنفسك يا عبدالله، ولا تأخذ بفتاوى من أجاز المساهمة في هذا الاكتتاب، مع أننا لم نسمع من العلماء المعتبرين من أجاز هذا الاكتتاب.
فالأمر جد خطير .. اللهم ..
التعليقات