عناصر الخطبة
1/تفاضل الأزمان ووجوب اغتنام خير الأيام 2/خيرية عشر ذي الحجة وما ينبغي للمسلم فعله فيها 3/أفضل عبادة وأوجب طاعة أداء الفرائص 4/من أحكام الحج وواجباته 5/من مظاهر التيسير في أداء فريضة الحج 6/هنيئًا لكل مَنْ يسَّر الله له الحج 7/نصائح وتوجيهات لحجاج بيت الله الحراماقتباس
ألَا وإنَّكم في عشر ذي الحجة، أفضل سائر أيام العام، جمَع الله فيها من أنواع العبادة ما لم يجتمع في غيرها من الأيام، ففيها الصلاة والحج والصدقة والصيام، وغير ذلك من خصال المعروف، وقد أقسَم اللهُ بها في القرآن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي هدانا وأكرمَنا وأعزَّنا بالإسلام، وجعلنا خير أمة أُخرجت للأنام، وأوجَب طاعته وحرَّم المعاصيَ وشرَع الأحكامَ، فأحلَّ الحلالَ وحرَّم الحرامَ، وجعَل قِبلةَ المسلمينَ الكعبةَ البيت الحرام، وقصدُها بالحج ركنٌ من أركان الإسلام، وبعَث فينا ومنَّا وإلينا أفضل الأنبياء والرسل، وأنزل معه الكتاب والميزان؛ ليقوم الناس بالقسط والعدل، فكان قدوة وأسوة في الخير والفضل، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبينَ، ومَنِ اهتدى بهديه واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعدُ: فأوصيكم -عباد الله- بتقوى الله -جل وعلا-، فلا سعادة إلا بالتقوى، ولا فَلاح إلا بطاعة المولى، ثم اعلموا أن طاعة الله خير مغنَم ومكسَب، ورضاه خير ربح ومطلَب، والجنة حُفَّتْ بالمكاره، وحُفَّتْ النارُ بالشهوات، (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)[آلِ عِمْرَانَ: 185].
أيها الناسُ: إن الزمان يتفاضل حسب الشهور والأيام والساعات، وإن للعبادات مواقيت محدَّدة هي مواسم الطاعات، وأنتم في شهر من الأشهر الحرم، التي عظَّمَها اللهُ وشرَّفَها وفضَّلَها، ونهى عن جميع أنواع الظلم فيها فقال: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التَّوْبَةِ: 36]، وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ"(متفق عليه). ألا وإنكم عباد الله في شهر ذي الحجة المحرَّم والمعظَّم، شرَع اللهُ فيه أعظم الطاعات والقربات، وجعَلَه من أعظم الأزمان والحرمات، ألَا وإنَّكم في موسم عظيم، في موسم الحج، وفي الأشهر الحرم، وبين يدَيْ أحد أركان الإسلام؛ حج بيت الله الحرام، ألا وإنكم في موسم النفحات والهبات، والبر والخير والطاعات، فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
ألَا وإنَّكم في عشر ذي الحجة، أفضل سائر أيام العام، جمَع الله فيها من أنواع العبادة ما لم يجتمع في غيرها من الأيام، ففيها الصلاة والحج والصدقة والصيام، وغير ذلك من خصال المعروف، وقد أقسَم اللهُ بها في القرآن فقال: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الْفَجْرِ: 1-2]، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ-" وفي رواية: مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى"، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: " وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ" أخرجه أبو داود والترمذي، وعن جابر -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ"؛ يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحَجَّةِ. (أخرجه البزَّار).
أيها المسلمون: إن أعظم قُربة وأفضل عبادة وأوجب طاعة، أداء الفرائض والواجبات، وأعظم الفرائض والواجبات أركان الإسلام، وأمهات الأحكام، الصلاة والزكاة والحج والصيام، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ قَالَ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ"(أخرجه البخاري).
وقد بُني الإسلام على أركان عليها عمادُه؛ فهي أساسُه وعليها مدارُه، وهي: شهادة ألَّا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاء الزكاة، والحج وصوم رمضان، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ"(متفق عليه). فهذه الأركان هي أبواب الإسلام، وهي أمهات الأحكام، وهي الأسس التي بني عليها الدين، وهي الدعائم والركائز التي يرتكز عليها، وهي أول الواجبات، وأعظم الفروض، وأفضل ما يتقرب به المتقربون، وبها يبدأ الحساب، وعليها مدار الثواب والعقاب، فبها النجاة والفوز والسعادة، وبفواتها الخسران والهلاك، من استمسك بها وحافظ عليها فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن ضيعها فقد ظلم نفسه، وضاع عمره وعمله، وهو في الآخرة من الخاسرين، عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ. حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: "لَا. إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: "لَا. إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ: وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الزَّكَاةَ". فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا. إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْلَحَ الرَّجُلُ إِنْ صَدَقَ" أو دخل الجنة وأبيه إن صدق. (متفق عليه).
عبادَ اللهِ: الحج ركن من أركان الإسلام، قد فرضه الله، قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[آلِ عِمْرَانَ: 97]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ "، ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ"(أخرجه مسلم).
ولَمَّا كان الله -سبحانه وتعالى- قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى بيته الحرام، وليس أحد قادرًا على ذلك في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وربط الله الحج بالاستطاعة فقال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[آلِ عِمْرَانَ: 97]، ومن مقومات الاستطاعة الصحة والأمن والزاد والراحلة، فمن وجب عليه الأداء ولبى النداء فحبسه العذر أو حال دونه أمر فأجرُه مكتوب، وليس عليه من مستعتَب، ولعله يتيسَّر له في المستقبل إن شاء الله، إن صدقت نيته.
عبادَ اللهِ: فعلُ الخيراتِ يمحَق الخطيئاتِ، والحسناتُ يُذهِبن السيئاتِ، والحج من أعظم الكفَّارات، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ"(أخرجه الترمذي).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(أخرجه البخاري)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْعمرَة إِلَى الْعُمرَة كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهمَا. وَالْحجُّ المبرورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجنَّةُ".
بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفِر اللهَ فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أنعَم علينا بفضله ونعمته، وأكرمنا بجوده ورحمته، ودبَّر أمرَه وصرَّف شأنَه بعدله وحكمته.
معاشرَ المسلمينَ: الحج باب عظيم من أبواب الإسلام، قد شرَعَه اللهُ وعظَّم زمانَه ومكانَه فقال: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)[الْبَقَرَةِ: 197].
عبادَ اللهِ: الحجُّ شعيرةٌ من شعائر الإسلام العظمى، قد أنزَل اللهُ باسمه سورةَ الحج، وأنزَل فيه آياتٍ كثيرةً، فهنيئًا لكم حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ؛ إِذْ هداكم اللهُ -تعالى- لطاعته، والسعي في أداء فرضه وتلبية ندائه؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يُونُسَ: 58]، هنيئًا لكم إذ مَنَّ اللهُ عليكم فيسَّر لكم الحج واختاركم لأداء شعيرة من شعائر الإسلام، حين لم تتح هذه الفرصة لغيركم، هنيئًا لكم، ستَرِدُون على أفضل البقاع، على بيت الله الحرام، وعلى مشاعر الحج لأداء المناسك، هنيئًا لكم ستَرِدُونَ عرفةَ، فيباهي الله بكم ملائكته يقول: "انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ". هنيئًا لكم، تُقبِلون على عبادة بها تُحَطّ أثقالُ الخطيئات، وتكفَّر السيئات، وتُرفَع الدرجات، وتجاب الدعوات، فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي به يغفر الله الذنوب ويرحم.
فَكَمْ مِنْ عَتِيقٍ فِيهِ كُمِّلَ عِتْقُهُ *** وَآخَرَ يَسْتَسْعِي وَرَبُّكَ يَرْحَمُ
حُجَّاجَ بيتِ اللهِ: تفرغوا لأداء المناسك والعبادة في أيام الحج، وتجنبوا ما يضيع أوقاتكم، من اللهو واللغو ومعصية الله، (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[الْبَقَرَةِ: 197]، واحرِصوا على إخلاص النية في كل عمل، وعلى الاتباع وعدم الابتداع، فلا يقبَل اللهُ عملًا فيه مثقال ذرة من شرك؛ فالله يقول: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ"، (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)[النِّسَاءِ: 36]، والله لا يُتعبَّد إلا بما شرَع على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ووفقَ المنهج الشرعي؛ فمَنْ عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُ نبيِّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو ردٌّ.
حُجَّاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ: إن من الواجب على كل مسلم أن يحمد الله -عز وجل-، على ما منَّ به من أمن وأمان ورخاء على هذه البلاد المباركة، المملكة العربية السعودية، التي تبذل وسعَها في ضيافة حجاج بيت الله الحرام، وتهيِّئ لكم المشاعر في أحسن حال، وتُقدِّم لهم الخدمات في أعلى قدر ممكن، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، على ذلك خير الجزاء وأوفاه، وأتمه وأزكاه، فالتزِموا حجاج بيت الله بالتنظيم والتعليمات، التي تساعد في تحسين أداء الخدمات، وتسهِّل عليكم الإجراءات، وتساهِم في توفير الأمن واستقرار الحياة، وارفِقوا بأنفسكم، وتجنَّبوا المخالَفاتِ، وتقيَّدوا بالإجراءات الاحترازية، التي تُصدِرها الجهاتُ المعنيةُ، حفظكم الله في حِلِّكم وترحالكم، ودمتُم في رعايته وحفظه، تقبَّل اللهُ طاعتَكم، وردَّكم إلى أهليكم سالمينَ غانمينَ.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واجعل اللهم هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين بتوفيقك، وأيِّدْه بتأييدكَ، اللهم وفقه ووليَّ عهده لما تحب وترضى، يا سميع الدعاء.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعينَ.
التعليقات