إتيان السحرة والكهان

سالم بن محمد الغيلي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/تحريم أذية المسلم 2/السحر والشعوذة من أعظم الأذى 3/أضرار إتيان السحرة والتعامل معهم 4/حكم السحر وعظم خطره 5/حكم إتيان السحرة ونصيحة لمن فعل ذلك

اقتباس

السحر والشعوذة قتلوا بها الأبرياء, وشتتوا بها الأسر, وفرقوا بها الأزواج, وأمرضوا بها الصحيح, وعطلوا بها الحياة, وقطعوا بها النسل, وأصابوا بها الفكر والعقل, وأعلُّوا بها الصحة, واستحلوا بها الأعراض...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله وسلم وبارك عليه ما أزهرت النجوم, وما أمطرت الغيوم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

عباد الله: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الأحزاب: 57، 58].

 

حرم الله الأذية, أذية الناس؛ برهم وفاجرهم, قريبهم وبعيدهم, وللمسلم عند الله حرمة عظيمة, قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَزوالُ الدُّنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ رجلٍ مسلمٍ"(رواه البخاري, خلاصة حكم المحدث: لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن يصح من قول عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ"(أخرجه البخاري ومسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ"(صحيح مسلم).

 

وإن من أعظم الأذى الذي يُؤذى به المسلمون والمسلمات أذية السحر والشعوذة؛ جرائم, وانتهاك لحدود الله, وعصيان, وتمرد على القيم والشيم والعادات والمروءات, يقوم بها جهّال الناس وأشقيائهم وطغاتهم, يأتون السحرة والمشعوذين من أجل أذية المسلمين والمسلمات؛ ينتقمون منهم, يفرقونهم, يعادونهم, يشتتونهم, يمزقون أسرهم وعوائلهم يضيعون حياتهم ومستقبلهم!, ظلم ما بعده ظلم, وبهتان ما بعده بهتان, وطغيان ما بعده طغيان.

 

إتيان السحرة غفلة عن الله, ونسيان لعقوبته وعذابه, وتعد لحدوده, واعتداءٌ على عباده, ووقوع في معصيته وكفرٌ به.

 

إتيان السحرة وأذية المسلمين بالسحر ذنبٌ لا يغفره الله؛ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ)[النساء: 48].

 

إتيان السحرة وسحر المسلمين والمسلمات ديوان من دواوين الظلم, لا يسامح الله فيه ولا يعفو عنه؛ لأنه متعلق بحقوق العباد.

 

كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟! كيف يتجرأ عاقل أن يذهب للسحرة والمشعوذين؛ ثم يدمر حياة أسرة, أو حياة مسلم, أو حياة مسلمة؟! أين الإيمان؟, أين الخوف من الرحمن؟, أين الرهبة من الجريمة؟, أين الخشية من الذنب والكفر والبهتان والعصيان؟؛ (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)[البقرة: 102].

 

الساحر كافر خارج من الإسلام؛ لأنه لا يسحر ولا يستطيع السحر ولا الشعوذة إلا وقد كفر بالله وخرج من الإسلام؛ فهو يسجد للجن, ويذبح لهم, ويستعين بهم, ويمزق المصحف, ويضعه في الحمام في مكان النجاسة ويبول عليه, ويترك الصلاة والطهارة, وبعد ذلك الكفر والإجرام تخدمه الشياطين, كفر وخروج من الإسلام.

 

السحر كفر, وتعلمه كفر, متعلم السحر ليس له عند الله من خلاق يوم القيامة؛ (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة: 102].

 

السحر وإتيان السحرة وأذية المسلمين به من السبع الموبقات؛ أي: المهلكات, قال -صلى الله عليه وسلم-: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ"، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟, قالَ: "الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ..."(أخرجه البخاري ومسلم).

 

السحر والشعوذة قتلوا بها الأبرياء, وشتتوا بها الأسر, وفرقوا بها الأزواج, وأمرضوا بها الصحيح, وعطلوا بها الحياة, وقطعوا بها النسل, وأصابوا بها الفكر والعقل, وأعلُّوا بها الصحة, واستحلوا بها الأعراض.

 

جريمة نكراء متعمدة؛ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الأحزاب: 58], (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء: 93].

 

ما هذه الجرأة على ارتكاب هذا الجرم؟! ما هذه القلوب القاسية المنكوسة المطموسة؟! يبيع دينه على أبواب الساحر؛ من أجل الانتقام من المسلمين وتفريقهم وأذيتهم!.

 

ألا نتق الله -يا عباد- الله؟, ألا نحاسب أنفسنا؟, ألا نعقل؟, ألا نفكر في الحال والمآل؟, يامن تذهب للسحرة وتسحر الناس وتؤذيهم: أما تخاف من النار وغضب الجبار؟, أما تخشى دعوة المظلوم وبكاء المكلوم؟, هل أنت من البشر؟! هل قلبك من حجر؟!.

 

اللهم إنا نعوذ بك أن نعصيك, اللهم إنا نعوذ بك من قسوة القلب وانتكاسته وغفلته, نعوذ بك من أذية المسلمين وظلمتهم وبهتانهم.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركاً فيه؛ كما يحب ربنا ويرضى.

 

عباد الله: لا يجوز بأي حال ومهما كانت الدوافع ومهما كانت التبريرات أن يذهب المسلم إلى ساحر, ومن ذهب إلى ساحر مجرد الذهاب فإنه لا تقبل له صلاة أربعين يومًا, ومن ذهب إلى ساحرٍ فصدقه؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

بيع للدين على أعتاب الساحرين والمشعوذين, ومن أجل ماذا؟؛ من أجل التشفي والانتقام, والأذية والبهتان!؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً"(صحيح مسلم), وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى عرَّافًا أو ساحرًا أو كاهنًا, فسألَهُ فصدَّقَهُ بما يقولُ؛ فقد كفرَ بما أنزلَ على محمَّدٍ"(صحيح الترغيب للألباني) "من أتى عرافًا أو كاهنًا، يؤمنُ بما يقولُ؛ فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ"(صحيح الترغيب للألباني).

 

والله لو رأى الساحر ومن ذهب يشتري السحر ويؤذي به مسلم أو مسلمة, لو رأى كم من الدموع تنسكب!, وكم من الآلام والغصص والأوجاع والتفرق والتشتت والتعطيل!, لو رأى كم من الركعات والسجدات والأكف والدعوات التي ترتفع إلى الله الجبار المنتقم!, لو رأى كم الآثام والذنوب والسيئات التي سجلت في سجلاته وفي موازين سيئاته!, لو رأى كم من الوعيد والعذاب والمقت ينتظره عند موته وفي قبره وفي يوم حشره!, لو رأى تلك الأهوال وتذكرها وعقلها؛ لما ذهب ولما سحر ولما آذى؛ (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[الحج: 46].

 

وإني -والله- أنصح من ذهب إلى كاهن أو ساحر فزاره, أو سأله أو صدقه أو أخذ منه سحرًا؛ فآذى به المسلمين ودمر حياتهم وحيّرهم وعطلهم, إني أقول له: "تبْ إلى الله, وتدارك حياتك وأنفاسك, وما بقي لك من أيام, قبل أن تقف بين يدي ربك حافيًا عاريًا مثقلًا بظلم الناس والاعتداء عليهم وتفريقهم, تب إلى الله وأحسن التوبة وفك الأسحار وأحرقها, واعتق الناس من ظلمك ومكرك وجورك".

 

اللهم تب على التائبين, واشف مرضى المسلمين, اللهم شاف المسحورين, اللهم شاف المسحورين, اللهم شاف المسحورين, وفك أسرهم, وفجر عقدهم, واجعل ما أصابهم في موازين حسناتهم.

 

المرفقات
pxsZmcNMuhyg3AvxiHNcVTbIqK9KAaSRnYyOsriH.doc
akLrbmxLqwMPVJRp5BLTmBB6oj1B9OK1e8ZJBXbj.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life