عناصر الخطبة
1/عقيدتنا في الساعة وأشراطها وأقسامها 2/الأدلة على أن بعثة النبي من أشراط الساعة الصغرى 3/الأدلة على أن موت النبي من أشراط الساعة الصغرى.اقتباس
هناك إشارات قرآنية دلت على أن مبعثه -صلى الله عليه وسلم- هو من أشراط الساعة، وهذا أخذه بعض أهل العلم من قوله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)[محمد:18]؛ قال القرطبي: "وكانوا قد...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: إن من العقائد المتعلقة باليوم الآخر التي أوجب الله على عباده الإيمان بها هي الساعة ومقدماتها. قال ابن الأثير: "السّاعة هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وسمّيت بذلك لقلّة الوقت الذي تقوم فيه؛ فهي ساعة مخفية يحدث فيها أمر عظيم".
وقد بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أنه قد استأثر بعلم الساعة؛ فلا يعلمها إلا الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)[الأعراف: 187].
وجاء في صحيح البخاري، قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ؛ لا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلا اللَّهُ، وَلا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلا اللَّهُ، وَلا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلا اللَّهُ، وَلا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلا اللَّهُ، وَلا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا اللَّهُ".
عباد الله: وإن من عقائد الإيمان باليوم الآخر أن هذه الساعة التي لا يعلم وقت حدوثها إلا الله، وبها تقوم القيامة وتفتتح أحداث اليوم الآخر وبوابته الكبرى، جعل الله لها بحكمته ومنّته على عباده أمارات وعلامات وأشراطًا تكون لها مقدمات ومنبهات للعباد ودلائل صادقة على قدومها ولزوم وقوعها، قال تعالى: (وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا)[الكهف-21]، وقال تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)[محمد: 18].
قال الطبري: وقوله: (فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)؛ أي: "فمن أيّ وجه لهؤلاء المكذّبين بآيات الله ذكرى ما قد ضيَّعوا وفرّطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة، فليس ينفعهم ذلك الوقت التذكر والندم؛ لأنه وقت مجازاة لا وقت استعتاب ولا استعمال".
وقال السعدي: "أي: فهل ينظر هؤلاء المكذبون أو ينتظرون (إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) أي: فجأة، وهم لا يشعرون (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) أي: علاماتها الدالة على قربها؛ (فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)؛ أي: من أين لهم، إذا جاءتهم الساعة وانقطعت آجالهم أن يتذكروا ويستعتبوا؟ قد فات ذلك، وذهب وقت التذكر، فقد عمروا ما يتذكر فيه من تذكر، وجاءهم النذير. ففي هذا الحث على الاستعداد قبل مفاجأة الموت، فإن موت الإنسان قيام ساعته"، وفي صحيح مسلم: قَالَ: "فأخبرني عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ".
أيها المؤمنون: وقد دل القرآن الكريم ودلت السنة النبوية على أن للساعة أشراطًا وهي أمارات، وهي تعرف عند العلماء بعلامات الساعة الدالَّة على قرب وقوعها، وأنه باكتمالها تحين الساعة، وقَالَ أَبُو عُبيدة: "أَشراطُ السَّاعة علاماتها"، وَقَالَ أَبُو سَعِيد: "أشْراط السَّاعة عَلاماتُها، وأَسْبابُها الَّتِي هِيَ دون مُعْظمها وقِيامها".
وقد قسَّم علماؤنا أشراط الساعة بعد النظر فيها إلى قسمين: أشراط الساعة الصغرى، وهي تقع متفرقة ومتفاوتة في درجة قوتها، وأشراط الساعة الكبرى وهي تقع تباعًا كحبات السلسلة، وهي قوية الحدث وعظيمة المشهد والتقلبات والأثر. وفي هذه الخطبة سنقف مع بعض أشراط الساعة الصغرى.
عباد الله: وإنّ من أشراط الساعة الصغرى الثابتة بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبما أن أشراط الساعة هي من الغيبيات التي لا بد فيها من ثبوت خبر الوحي، وبما أننا مطالبون بالتزام منهج النقل الصحيح في أشراط الساعة، فنقف مع تلك الروايات الثابتة في السنة عن هذه العلامة من علامات الساعة الصغرى؛ ففي صحيح البخاري، عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا، بِالوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ "بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، وفي رواية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:"بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ: كَهَاتَيْنِ"، "وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى"، وفي رواية: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا، وَيُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِمَا".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" يَعْنِي إِصْبَعَيْنِ، وفي صحيح مسلم من رواية جابر بن عبد الله: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، "وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى".
وفي الحديث الصحيح الذي يرويه أحمد في مسنده، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم فيه-: "مَثَلِي وَمَثَلُ السَّاعَةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ طَلِيعَةً، فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يُسْبَقَ أَلاحَ بِثَوْبِهِ: أُتِيتُمْ أُتِيتُمْ"، ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَا ذَلِكَ".
وفي سنن ابن ماجه -والحديث صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ".
وفي سنن الترمذي -والحديث صحيح- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بُعِثْتُ فِي نَفْسِ السَّاعَةِ، سَبَقْتُهَا كَمَا سَبَقَتْ هَذِهِ هَذِهِ"، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى.
وفي مسند أحمد والحديث صحيح لغيره، عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ جَمِيعًا، إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي".
عباد الله: كما سمعتم هذه جملة من الروايات الصحيحة التي تدل دلالة صريحة على أن مبعثه -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة الصغرى، فلا بد لنا من فقه معاني هذه الروايات وما ورد فيها من تشبيه.
عباد الله: جاء في فتح الباري: "المُراد بِالسَّبّابَةِ الأُصبُع الَّتِي بَين الإِبهامِ والوُسطَى، وهِيَ المُراد بِالمُسَبِّحَةِ، سُمِّيَت مُسَبِّحَةً؛ لأَنَّها يُشار بِها عِند التَّسبِيح، وتُحَرَّكُ فِي التَّشَهُّدِ عِند التَّهلِيل إِشارَةً إِلَى التَّوحِيدِ، وسُمِّيَت سَبّابَة؛ لأَنَّهُم كانُوا إِذا تَسابُّوا أَشارُوا بِها".
وقالَ القُرطُبِيّ: "حاصِل الحَدِيث تَقرِيب أَمر السّاعَة وسُرعَة مَجِيئِها، قالَ: وعَلَى رِوايَة النَّصب يَكُون التَّشبِيه وقَعَ بِالانضِمامِ، وعَلَى الرَّفع وقَعَ بِالتَّفاوُتِ- وكلامه هذا يقصد به ما جاء في رواية كل من أنس وأبي هريرة في الصحيح، فرواية أنس بالنصب، "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ"، ورواية أبي هريرة بالرفع: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ".
قال القرطبي: "مَعنَى هَذا الحَدِيث تَقرِيب أَمر السّاعَة، وقالَ الضَّحّاك: "أَوَّل أَشراطها بَعثَة مُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم-، والحِكمَة فِي تَقَدُّم الأَشراط إِيقاظ الغافِلِينَ وحَثّهم عَلَى التَّوبَة والاستِعداد".
عباد الله: ومما فقهه ابن رجب من تلك الأحاديث المتقدمة في صحيح البخاري، قوله: "فقرن بين السبابة والوسطى، بقرب زمانه من الساعة كقرب السبابة من الوسطى، وبأن زمن بعثته تعقبه الساعة من غير تخلل نبي آخر بينه وبين الساعة؛ كما قال في الحديث الصحيح: "أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب"، فالحاشر الذي يحشر الناس يوم القيامة على قدمه، يعني أن بعثهم وحشرهم يكون عقب رسالته، فهو مبعوث بالرسالة وعقيبه يجمع الناس لحشرهم، والعاقب الذي جاء عقيب الأنبياء كلهم وليس بعده نبي، فكان إرساله -صلى الله عليه وسلم- من علامات الساعة". وهذه لفتة دقيقة منه رحمه الله.
فيا له من ملحظ دقيق من بيان الحكمة الربانية في جعل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة؛ ليستعدَّ الناس للدار الآخرة، فإنها قد اقتربت حقًّا، ويدل على هذا ما جاء في صحيح البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلا مِنْ الْأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ".
نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينه مردًّا جميلاً، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
عباد الله: فإن فهم أشراط الساعة لا يحتاج من صاحبه إلى تكلُّف كما يفعل بعض المتأولة، وقد نبَّه الإمام ابن حجر -رحمه الله- فقال: "حاول بعضهم في تأويله أن نسبة ما بين الأصبعين كنسبة ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى وأن جملتها سبعة آلاف سنة، واستند إلى أخبار لا تصح. وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزة هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه؛ فالصواب الإعراض عن ذلك".
وهنا يعلمنا ابن حجر أن نعرض عن مثل هذه الطرق في التعامل مع أحاديث أشراط الساعة، والتي لا يدعمها العلم ولا الفهم ولا الحس ولا التجربة ولا التاريخ.
عباد الله: وقد جاءت في القرآن إشارات تدل على أن بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة، ومن ذلك ما أخذه أهل العلم من قوله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)[محمد: 18]؛ قال القرطبي: "وكانوا قد قرءوا في كتبهم-اليهود والنصارى- أن محمداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخر الأنبياء، فَبعْثُه من أشراطها وأدلتها، قاله الضحاك والحسن"، وفي تفسير ابن كثير: "وقال الحسن البصري: بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة".
ولهذا جاء في أسمائه -عليه السلام- أنه نبي التوبة، ونبي الملحمة، والحاشر الذي يُحشَر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي".
عباد الله: وكما أن مبعثه -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة الصغرى فإنّ مَوْتَه -صلى الله عليه وسلم- هو كذلك من أشراط الساعة الصغرى كذلك، وهذا ما أخبر به الوحي؛ ففي صحيح البخاري من حديث عَوْف بْن مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ-وذكر بقيتها-".
والحديث واضح الدلالة في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عَدَّ موته ورحيله عن هذه الدنيا من أشراط الساعة، وأنه ليس مخلدًا فيها، وإذا كان مبعثه من علامات الساعة؛ فمن باب أولى موته -صلى الله عليه وسلم-، وهو فيه إشارة ولطيفة كذلك إلى أنه -صلى الله عليه وسلم- سوف يجري عليه الموت مثل غيره من الناس ولن يرفع إلى السماء كما رُفع عيسى عليه السلام، ولن يُخلَّد في الأرض.
عباد الله: وكلا العلامتين، بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وموته قد وقعتا كما أخبر بهما النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالواجب الإيمان بذلك؛ لأن ذلك من الغيبيات التي لا يقبل الله إيمان عبد إلا بالإيمان بها، وعلينا أن نستعد إلى ما بعد حصول العلامات، وأن نستفيق من الغفلة، وأن نتنبه، وأن نستعد للقاء الله.
اللهم اجعل أعمالنا صالحة واجعلها لوجهك خالصة.
وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
التعليقات
زائر
07-12-2023@ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا