أبو الهيثم محمد درويش
مختصر أركان الصلاة الأربعة عشر، وواجبات الصلاة الثمانية، وسنن الصلاة.
أولًا: الأركان: الأركان مثل الشروط ولكنها داخل الصلاة وليست خارجها كالشروط وإذا ترك منها شيء بطلت الصلاة، سواء كان تركه عمدًا أو سهوًا، أو بطلت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها، كما يأتي بيانه. والواجبات: إذا ترك منها شيء سهوًا؛ لم تبطل، ويجبره سجود السهو. والسنن لا تبطل الصلاة بترك شيء منها لا عمدًا ولا سهوًا، لكن تنقص هيئة الصلاة بذلك.
والنبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة كاملة بجميع أركانها وواجباتها وسننها، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي». فأركان الصلاة أربعة عشر: وهي كما يلي: الركن الأول: القيام في صلاة الفريضة: قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} وفي حديث عمران مرفوعا: «صل قائما، فإن لم تستطع، فقاعدا، فإن لم تستطع؛ فعلى جنب» فدلت الآية والحديث على وجوب القيام في الصلاة المفروضة مع القدرة عليه. وصلاة النافلة يجوز أن تصلى قياما وقعودا؛ فلا يجب القيام فيها؛ لثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها أحيانا جالسا من غير عذر.
الركن الثاني: تكبيرة الإحرام في أولها: لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم استقبل القبلة وكبر»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «تحريمها التكبير».
الركن الثالث: قراءة الفاتحة: لحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». وقراءتها ركن في كل ركعة.
وهل هي واجبة في حق كل مصل، أو يختص وجوبها بالإمام والمنفرد؟ فيه خلاف بين العلماء، والأحوط أن المأموم يحرص على قراءتها في الصلوات التي لا يجهر فيها الإمام، وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية.
الركن الرابع: الركوع في كل ركعة: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} وقد ثبت الركوع في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع.
الركن الخامس والسادس: الرفع من الركوع والاعتدال واقفا كحاله قبله: لأنه صلى الله عليه وسلم داوم على فعله، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
الركن السابع: السجود: وهو وضع الجبهة على الأرض، ويكون على الأعضاء السبعة، في كل ركعة مرتين؛ لقوله تعالى: {وَاسْجُدُوا} وللأحاديث الواردة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وفعله له، وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» فالأعضاء السبعة هي: الجبهة، والأنف، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين. الركن الثامن: الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين: لقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود؛ لم يسجد حتى يستوي قاعدا) رواه مسلم.
الركن التاسع: الطمأنينة في كل الأفعال المذكورة: وهي السكون، وإن قل، وقد دل الكتاب والسنة على أن من لا يطمئن في صلاته؛ لا يكون مصليا، ويؤمر بإعادتها.
الركن العاشر والحادي عشر: التشهد الأخير وجلسته: وهو أن يقول: (التحيات...إلخ، اللهم صل على محمد؛ فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لازمه، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
الركن الثاني عشر: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير: بأن يقول: "اللهم صل على محمد..." وما زاد على ذلك؛ فهو سنة.
الركن الثالث عشر: الترتيب بين الأركان: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها مرتبة، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وقد علمها للمسيء مرتبة بـ (ثم).
الركن الرابع عشر: التسليم: لقوله صلى الله عليه وسلم: وختامها التسليم وقوله صلى الله عليه وسلم: وتحليلها التسليم فالتسليم وشرع للتحلل من الصلاة؛ فهو ختامها وعلامة انتهائها.
واجبات الصلاة ثمانية:
الأول: جميع التكبيرات التي في الصلاة غير تكبيرة الإحرام واجبة؛ فجميع تكبيرات الانتقال من قبيل الواجب لا من قبيل الركن.
الثاني: التسميع؛ أي قول: "سمع الله لمن حمده"، وإنما يكون واجبا في حق الإمام والمنفرد، فأما المأموم؛ فلا يقوله.
الثالث: التحميد؛ أي قول: "ربنا ولك الحمد"، للإمام والمأموم والمنفرد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربنا ولك الحمد».
الرابع: قول: "سبحان ربي العظيم"، في الركوع، مرة واحدة، ويسن الزيادة إلى ثلاث هي أوفى الكمال، وإلى عشر وهي أعلاه.
الخامس: قوله: "سبحان ربي الأعلى"، في السجود، مرة واحدة، وتسن الزيادة إلى ثلاث.
السادس: قول: "رب اغفر لي"، بين السجدتين، مرة واحدة، وتسن الزيادة إلى ثلاث.
السابع: التشهد الأول، وهو أن يقول: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"، أو نحو ذلك مما ورد.
الثامن: الجلوس للتشهد الأول؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، ومداومته عليه، مع قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي». ومن ترك واجبا من هذه الواجبات القولية والفعلية الثمانية سهوا أو جهلا؛ فإنه يسجد للسهو؛ لأنه ترك واجبا يحرم تركه، فيجبره بسجود السهو. سنن الصلاة والقسم الثالث من أفعال وأقوال الصلاة غير ما ذكر في القسمين الأولين: سنة، لا تبطل الصلاة بتركه. وسنن الصلاة نوعان: النوع الأول: سنن الأقوال: وهي كثيرة؛ منها: الاستفتاح والقراءة بعد الفاتحة بما تيسر من القرآن. والنوع الثاني: سنن الأفعال: كرفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الهوي إلى الركوع، وعند الرفع منه، ووضع اليد اليمنى على اليسرى، ووضعهما على صدره أو تحت سرته في حال القيام، والنظر إلى موضع سجوده، ووضع اليدين على الركبتين في الركوع، ومجافاة بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه في السجود، ومد ظهره في الركوع معتدلا، وجعل رأسه حياله؛ فلا يخفضه ولا يرفعه. وهذه السنن لا يلزم الإتيان بها في الصلاة، بل من فعلها أو شيئا منها؛ فله زيادة أجر، ومن تركها أو بعضها؛ فلا حرج عليه؛ شأن سائر السنن. والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. مختصر بتصرف من كتاب الملخص الفقهي للعلامة صالح الفوزان وإن شاء الله نلتقي الحلقة القادمة مع صفة الصلاة.
التعليقات