أخلاق النبي –صلى الله عليه وسلم- في السلم والحرب

أسامة بن عبدالله خياط

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ فضائل بعثة النبي الكريم - صلواتُ الله وسلامُه عليه - بالهُدى ودين الحقِّ 2/ ذكر بعض صور الرحمة النبوية العامَّة الشامِلة 3/ تأملات في معالم المنهج النبوي في السلم والحرب 4/ تحريم قتل المعاهَد 5/ وصايا النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين للجيوش في الحروب.
اهداف الخطبة

اقتباس

إنه قتالٌ لله، وفي سبيل الله، لا للاستِكبار والعلُوِّ في الأرض وإصابَة المغانِم، وحيازَة الموارِد، وبَسطِ السُّلطان، ولا لاستِغلال الأنفُس والتحكُّم في رِقابِ العباد، ولكن لتكونَ كلمةُ الله هي العُليا، ولضمان حُرية الدعوة وإزالة العقبَات من أمامها، حمايةً لحقِّ الناسِ في حُرية القرار وحرية الاختيار. فهو إذًا قتالٌ عادلٌ لقضيَّةٍ عادلةٍ، فلا مجالَ فيه للعُدوان ولا للتخريب ولا للفساد في الأرض. ودينٌ جاء كتابُه ونبيُّه - صلواتُ الله وسلامُه عليه - بمثلِ هذا الضياءِ الذي انجابَت به ظُلماتُ الأرض. أفلا يكونُ جديرًا بأن تُشرِقَ شمسُه على الدنيا اليوم، كما أشرقَت بالأمس؟!

 

 

 

الخطبة الأولى:
 
الحمد لله الذي أكرمَ الأمةَ بدين الإسلام، أحمده - سبحانه - وأشكرُه على آلائِه الجليلة، ونِعَمه العِظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا نِدَّ ولا مثيلَ له في الأنام، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله عبدُ الله ورسولُه، وخيرتُه من خلقِه، شهِدَت على صدقِ نبوَّته الدلائِلُ والأعلام، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا دائمَين ما تعاقبَت الشهورُ والسنُون والليالي والأيام.
 
أما بعد: فيا عباد الله:
اتقوا الله؛ فتقوى الله خيرُ ما تزوَّد به العبدُ في سَيره إلى الله، وأفضلُ ما اعتدَّ به المرءُ في قطع أشواط الحياة بمنأًى عن العِثار، ومنجاةٍ من الأوضار والأوزار.
 
أيها المسلمون:
لئن تتابعَت النِّعم، وترادفَت المِنَن، وتكاثَرَت الآلاء، فكانت غيثًا مِدرارًا لا ينقطعُ هُطولُه، وفيضًا غامرًا لا يتوقَّفُ تدفُّقه، عطاءً كريمًا من ربِّنا الكريم المنَّان، وتفضُّلاً منه - سبحانه - على عباده.
 
فإن النعمَةَ الكُبرى التي لا تعدِلُها نعمة، والمنَّة العُظمى التي لا تفضُلُها منَّة، هي: بعثةُ هذا النبي الكريم - صلواتُ الله وسلامُه عليه - بالهُدى ودين الحقِّ، ليُخرِج الناسَ برسالته من الظلمات إلى النور، ويهدِيهم به سُبُل السلام، ويضعُ عنهم الآصارَ والأغلالَ التي كانت على من قبلَهم، ويسمُو بهم إلى ذُرى الخير والفضيلة، وينأَى بهم عن مهابِط الشرِّ وحمئَاتِ الرَّذيلة، ويسلُكُ بهم كلَّ سبيلٍ يُبلِّغُهم أسبابَ السعادة في العاجِلة، والفوزَ والفلاحَ والنجاةَ في الآجِلة.

 

ولذا كانت بعثتُه - صلواتُ الله وسلامُه عليه - رحمةً للخلق كافَّةً ونعمةً على البشر قاطبةً، كما أخبرَ بذلك - سبحانه - بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].
 
فكانت رسالتُه - صلواتُ الله وسلامُه عليه - رحمةً للخلق جميعًا، عربيِّهم وأعجميِّهم، أسودِهم وأبيضِهم، ذكرهم وأُنثاهم، إنسِهم وجانِّهم؛ إذ جاءهم - كما قال بعضُ أهل العلم -: "جاءَهم بهذا الإيمان الواسِع العميق، والتعليم النبوي المُتقَن، وبهذه التربية الحكيمة الدقيقة، وبشخصيَّته الفذَّة، وبفضل هذا الكتاب السماوي المُعجِز الذي لا تنقضِي عجائِبُه، ولا تخلَقُ جِدَّتُه".
 
فبعثَ - عليه الصلاة والسلام - في الإنسانيَّة المُتحضِّرة حياةً جديدةً، حين عمدَ إلى الذخائِر البشريَّة وهي أكداسٌ من المواد الخام لا يعرفُ أحدٌ غناءَها، ولا يعرفُ محلَّها، وقد أضاعَتها الجاهليَّةُ والكفرُ والإخلادُ إلى الأرض، فأوجدَ فيها - بإذن الله - الإيمانَ والعقيدةَ، وبثَّ فيها الروحَ الجديدة، وأثارَ من دفائِنها، وأشعلَ مواهبَها، ثم وضعَ كلَّ واحدٍ في محلِّه.
 
فكأنما كان جمادًا فتحوَّل جسمًا ناميًا، وإنسانًا مُتصرِّفًا، وكأنما كان ميتًا لا يتحرَّك عادَ حيًّا، وكأنما كان أعمَى لا يُبصرُ الطريقَ فأصبحَ قائدًا بصيرًا يقودُ الأُمم، (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 122].
 
عباد الله: وإن جوانبَ هذه الرحمة العامَّة الشامِلة في رسالة هذا النبي الكريم - صلواتُ الله وسلامُه عليه - لتجِلُّ عن الحصر، وتربُو على العدِّ، غيرَ أن من أظهر تلك الجوانِب وأعظمها دلالةً على هذا المعنى، وتصديقًا له، وبُرهانًا عليه: ما جاءَت به هذه الرسالةُ من عنايةٍ ظاهرةٍ لا نظيرَ لها بحفظِ الأرواح، وصيانةِ الدماءِ، وعصمةِ الأنفُس. تلك العنايةُ التي لم تكُن مقصورةً على أهل الإسلام فحسبُ؛ بل شمِلَت أيضًا غيرَهم من أهل المِلَل.

 

وإن من أوضح الدلائِل على هذه العناية: ذلك المنهاجُ النبويُّ الفذُّ المُتفرِّدُ الذي رسمَه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمَّته، وأمرَها بالأخذ به، ونهاها عن المُخالفة عنه وتعدِّي حُدوده، في وقت السِّلم والحربِ على حدٍّ سواء.
 
أما في السِّلم: فقد ثبتَ عنه - عليه الصلاة والسلام - الترهيبُ الشديدُ، والوعيدُ الصارِخُ لمن قتلَ المُعاهَد، وهو الرجلُ من دار الحربِ يدخلُ دارَ الإسلام بأمانٍ من المُسلمين، وذلك فيما أخرجه البخاري في "صحيحه"، عن عبد الله بن عمرو بن العاصِ - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتلَ مُعاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنة، وإن ريحَها يوجدُ من مسيرة أربعين عامًا».
وإنه لوعيدٌ - يا عباد - مُرعبٌ مُرهِب، تقَضُّ له مضاجِعُ أُولِي النُّهى، وتفرَقُ منه نفوسُ أُولِي الألباب.
 
وأما في حالِ الحربِ: فإن في وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - لقادَة جيوشِه، وأوامره لهم عند عقدِ الألوِية ما لا يحتاجُ إلى بيان، ولا يفتقِرُ إلى بُرهان؛ إذ هو يُقيمُ الشواهِد على أن للدماء حُرمتها، وللأنفُس والأموال قيمتها. فلا يصِحُّ أن تُترَك نهبًا للاجتهادات المُبتناة على الآراء والظُّنُون والتأويلات التي لا يُسنِدُها علمٌ ولا هُدًى ولا كتابٌ مُنير.
 
من ذلك: ما أخرجه مُسلمٌ في "الصحيح"، عن بُريدة - رضي الله عنه -، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغزُوا في سبيل الله، وقاتِلوا من كفرَ بالله، اغزُوا ولا تغُلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليدًا ..» الحديث.
 
ومن ذلك: ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، عن ابن عُمر - رضي الله عنهما -، أنه قال: وُجِدَت امرأةٌ مقتولةً في بعضِ مغازِي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتلِ النساء والصِّبيان.
 
وفي روايةٍ لأحمد في "مسنده"، وأبي داود في "سننه": لما رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - امرأةً مقتولةً قال: «ما كانت هذه لتُقاتِل»، ثم قال لأحدِهم: «الحَق خالدًا فقُل له: لا تقتُلوا ذُرِّيَّةً ولا عسِيفًا» يعني: أجيرًا.
 
وقد استمسَك بهذا الهدي النبوي، ومضَى على هذا النَّهج المُحمديِّ خُلفاءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعده، وأُمراءُ المُؤمنين على تعاقُب العُصور. يبدُو ذلك بيِّنًا جليًّا في وصاياهم لقُوَّاد جُيوشِهم، عند بعثِهم لمُصاولَة الأعداء.
 
فمن ذلك: أن الخليفةَ الراشِد أبا بكرٍ الصدِّيق - رضي الله عنه -، أوصَى يزيدَ بن أبي سُفيان - أحدَ قُوَّاده الذين بعثَهم إلى الشام -، فقال له: "إني مُوصِيكَ بعشر خِلال: لا تقتُل امرأةً ولا صبيًّا، ولا كبيرًا هرِمًا، ولا تقطَع شجرًا مُثمِرًا، ولا تُخرِّب عامرًا، ولا تعقِرَنَّ شاةً ولا بعيرًا إلا لمأكلَة -أي: لطعام-، ولا تعقِرنَّ نخلاً ولا تُحرِّقه، ولا تغلُل"؛ أخرجه الإمام مالكٌ في "الموطأ".
 
ومن ذلك: ما أوصَى به أميرُ المُؤمنين عُمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - قُوَّاد جيوشِه عند عقد الألوِية لهم؛ إذ كان يقولُ لهم: "بسمِ الله، وعلى عَون الله، سِيرُوا بتأييد الله، وما النصرُ إلا من عند الله، ولُزوم الحقِّ والصبر، فقاتِلوا في سبيل الله من كفرَ بالله، ولا تعتدُوا إن الله لا يُحبُّ المُعتَدين، ولا تجبُنوا عند اللِّقاء، ولا تُمثِّلوا عند القُدرة، ولا تُسرِفُوا عند الظُّهور، ولا تقتُلوا هرِمًا ولا امرأةً ولا وليدًا، واجتنِبُوا قتلَهم إذا التقَى الصفَّان، وعند شنِّ الغارات".
 
وما من أميرٍ من أُمراء المُؤمنين - يا عباد الله - إلا وقد نُقِل عنه من الوصايا لقُوَّاده مثلُ هذه الوصايا الجليلة المُضيئة المُشرِقة، المُسفِرة عن وجهِ جمالِ هذا الدين وجلالِه، وعدالتِه ورحمتِه وكمالِه، والتي تُعبِّر بحقٍّ، وتُصوِّرُ بصدقٍ، وتعكِسُ التطبيقَ الحيَّ الفاعلَ لمدلُول قولِه - سبحانه -: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة: 190].
 
إنه قتالٌ لله، وفي سبيل الله، لا للاستِكبار والعلُوِّ في الأرض وإصابَة المغانِم، وحيازَة الموارِد، وبَسطِ السُّلطان، ولا لاستِغلال الأنفُس والتحكُّم في رِقابِ العباد، ولكن لتكونَ كلمةُ الله هي العُليا، ولضمان حُرية الدعوة وإزالة العقبَات من أمامها، حمايةً لحقِّ الناسِ في حُرية القرار وحرية الاختيار. فهو إذًا قتالٌ عادلٌ لقضيَّةٍ عادلةٍ، فلا مجالَ فيه للعُدوان ولا للتخريب ولا للفساد في الأرض.
 
ودينٌ جاء كتابُه ونبيُّه - صلواتُ الله وسلامُه عليه - بمثلِ هذا الضياءِ الذي انجابَت به ظُلماتُ الأرض. أفلا يكونُ جديرًا بأن تُشرِقَ شمسُه على الدنيا اليوم، كما أشرقَت بالأمس؟!
 
ثم أليس هذا الدينُ الحقُّ خليقًا بأن يُوصَف بالعدالة والسلام والحرية الحقَّة، لا أن يُوصَف بالإرهاب والقتل والتعطُّش لسَفكِ الدماء؟!
 
بلى والله، هو ينبُوع السلام، ومَعينُ الإسلام، ودوحةُ الأمن، ومأرِزُ الإيمان. ولن يُعكِّرَ صفوَه ولُوغُ الوالِغين، ولن يُعكِّر نقاءَه غُلُوُّ الخارِجين المارِقين؛ بل سيبقَى كما أرادَ الله له نورًا وضياءً للناسِ أجمعين، وهُدًى ورحمةً للمُؤمنين، وعدلاً ينشُرُ رداءَه في الخافقَين، ومنارًا يهتدِي به السائِرُون إلى يوم الدين.
 
ألا وإن للعدلِ رداءً يحوطُه، وإن للأمن والسلام قوَّةً تذودُ عنه، لا قِوامَ لهما إلا به، ولا تمامَ لهما إلا بتحقُّقه.
 
ولذا كان من البشائِر - يا عباد الله - التي تُثلِجُ صدورَ المُؤمنين، وتطمئنُّ لها أفئدتُهم، وتغتبِطُ بها نفوسُهم، من قيامِ هذا التحالُف الإسلاميِّ لمُكافحة الإرهاب، ذلك التحالُف الذي قامَ على سُوقه لإحقاقِ الحقِّ، ورفعِ الظُّلم، ونُصرة المظلُوم، ودَحر العُدوان، ومُنابَذَة الإرهاب، وبَسط رِداءِ الأمن، ونشرِ ألوِية السلام.
 
ومن ثمَّ كان الدرعُ السابِغُ لهذا التحالُف هو ذلك الرَّعدُ "رعدُ الشمال" الذي جاءَ صُورةً حيَّة، وصوتًا ناطقًا، وبُرهانًا عمليًّا، وثمرةً مُباركةً لهذه القوة الإسلاميَّة المَتينة، وذلك التحالُف الإسلامي المُتلاحِم، حقَّق الله أهدافَه، وأنجحَ مساعِيَه، وبلَّغ آمالَه بمنِّه وكرمِه، إنه جوادٌ كريم.
 
نفعَني الله وإياكم بهديِ كتابه، وبسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافَّة المسلمين من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
الخطبة الثانية:
 
الحمد لله الذي كتبَ الظُّهور لدينِه إلى يوم الدين، أحمدُه - سبحانه - يُعزُّ المُؤمنين الصادقين، ويتولَّى برحمته الصالِحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله المبعوثُ رحمةً للعالمين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه الأئمة الأخيار المُتقين.
 
أما بعد، فيا عباد الله: اتَّقوا الله تعالى، واذكُروا على الدوامِ أنه مهما اغبرَّ وجهُ الحقِّ، وغشِيَته غواشِي الباطل؛ فإن الظُّهورَ والغلبةَ والعزَّ والتمكينَ هو لدينِ الله في نهاية الأمر، فهو - سبحانه - كما أنزلَ الذِّكرَ وتكفَّل بحفظِه، وعدَ أيضًا بإظهار دينِه ورفعِ لوائِه، ووعدُه حقٌّ لا يتبدَّلُ ولا يتخلَّف؛ حيث قال - سبحانه -: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33].
 
فعلى المُؤمن إذًا أن يُحسِن الظنَّ بربِّه، وأن يثِقَ بوعدِه، وأن يُوقِنَ بموعُودِه، وأن يأخُذ نفسَه بالعمل للظفَر بهذا الموعُود، وأن يحذَرَ من اليأسِ والقُنوطِ أن يتسرَّبَا إلى قلبِه، أو يُخالِطَا نفسَه. فليس ذلك شأنَ المُؤمنين، ولا خُلُقَ المُتقين.
 
ألا وصلُّوا وسلِّموا على خاتم النبيِّين، وإمام المُرسَلين، ورحمةِ الله للعالمين، فقد أُمرتُم بذلك في الكتابِ المُبين؛ حيث قال - سبحانه -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
 
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أكرمَ الأكرمين.
 
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحقِّ يا رب العالمين.
 
اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنةَ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين.
 
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرِنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ، ووفِّقه لما تُحبُّ وترضى يا سميعَ الدعاء، اللهم وفِّقه ونائبَيه وإخوانَه إلى ما فيه خيرُ الإسلام والمُسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ البلاد والعباد يا من إليه المرجعُ يوم المعاد.
 
اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شِئتَ، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شِئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شِئتَ يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلُك في نحور أعدائك وأعدائنا، ونعوذُ بك من شُرُورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرُورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرُورهم.
 
اللهم احفظ جنودَنا المُرابطين على كافَّة الجبهات وفي كل الثُّغور والحدود، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم انصُرهم نصرًا مُؤزَّرًا، اللهم أعزَّ بهم دينَك، وانصُر بهم الإسلامَ والمُسلمين يا رب العالمين، اللهم احفَظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ومن فوقهم ومن تحتهم، اللهم اكتُب أجرَ الشهادة لقتلاهم، واشفِ جرحاهم، اللهم اشفِ جرحاهم يا رب العالمين.
 
اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللهم إنا نسألُك فعلَ الخيرات، وتركَ المُنكرات، وحُبَّ المساكين، وأن تغفِر لنا وترحمَنا، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فاقبِضنا إليك غير مفتُونين.
 
اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وفُجاءة نقمتِك، وجميع سخَطك.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضيكَ آمالَنا، واختِم بالباقِيات الصالحات أعمالَنا.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ.
 
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمدُ لله رب العالمين.
 

 

المرفقات
أخلاق النبي –صلى الله عليه وسلم- في السِّلم والحرب.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life