عناصر الخطبة
1/ ذكر بعض أخطاء المصلين في صلاتهم 2/ أشهر الأخطاء التي تحدث يوم الجمعةاهداف الخطبة
اقتباس
والبعض يقع في خطأ من ناحية أخرى، وهو أنه إذا أُقيمت الصلاة، وأراد أن يقطع النافلة ليدخل مع الإمام، قطع الصلاة بالتسليم وهو واقف، وهذه كثيرًا ما يفعلها الناس، وهي خطأ، ولم يثبت فيها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولأن التسليم...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران آية: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [سورة النساء آية: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [سورة الأحزاب الآيات: 70-71].
أما بعد، فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار في النار.
أما بعد عباد الله: نظرًا لأهمية الموضوع الذي طُرق في الأسبوع الماضي، وهي الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين في صلاتهم؛ ونظرًا لأن هناك الكثير من الأخطاء، التي لم نتعرض لها في الأسبوع الماضي، فإننا نواصل في جمعتنا هذه، بعد توفيق الله عز وجل، جملة أخرى من الأخطاء، أسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بها.
فمن الأخطاء التي يقع بها بعض المصلين أيضًا هو أنه يقوم إذا كان مسبوقًا لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام أو قبل انتهاء الإمام من السلام، وذلك أن المصلي أحيانًا تفوته ركعة أو أكثر، فأول ما يشرع الإمام في التسليمة الأولى، يقوم ليأتي بما فاته، وهذا خطأ والصواب ألا يستعجل وينتظر حتى يفرغ الإمام من التسليمة الثانية، عندها يقوم المسبوق ليقضي ما بقي عليه.
روى البخاري في صحيحه، قوله عليه الصلاة والسلام: "وإنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا.."، إلى آخر الحديث المعروف.
وفي حديث آخر عند الإمام مسلم: "أيها الناس! إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف"، قال النووي: والمراد بالانصراف السلام، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة، فلا يقوم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين.
ومن الأخطاء أيضًا: أن بعض المصلين هداهم الله يسرعون في الخطا عند الذهاب إلى المسجد، لاسيما إذا كان الإمام قبيل الركوع، أو ركع فيزيد في السرعة ليدركها مع الإمام، وهذا الإسراع أيها الإخوة، خطأ، بل هو منهي عنه، فعن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، رواه البخاري ومسلم.
ومن المخالفات والتي نعاني منها كثيراً، عدم تسوية الصف كما ينبغي، والبعض هداهم الله تساهل في سد الفُرَج التي تكون بين المصلين، عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "أقيموا صفوفكم وتراصوا"، وقال: "أقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة"، وقال عليه الصلاة والسلام: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من إقامة الصلاة"، أخرجها كلها الإمام البخاري في صحيحه.
وقال رحمه الله تعالى في صحيحه، باب إثم من لم يتم الصفوف، وساق بسنده عن بشير بن يسار الأنصاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أنه قدم المدينة فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أنكرت شيئًا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف، فيا عباد الله، إذا كان أنس بن مالك ينكر على أولئك القوم في القرن الأول من القرون الفاضلة ينكر عليهم عدم إقامة صفوفهم، فكيف لو رأى ما نحن فيه اليوم من الإخلال بالصلاة قبل الإخلال بالصف وغيرها؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن لم ينبهه هذا الحديث لأهمية وخطورة هذا الأمر، فليسمع حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وصل صفًّا وصله لله، ومن قطع صفًّا قطعه الله" رواه النسائي والحاكم.
ومن الأخطاء، بل تعد من المخالفات: إتيان المسجد بعد أكل الثوم أو البصل، فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة – يعني الثوم – فلا يقربن مسجدنا" وقال صلى الله عليه وسلم: "من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا، أو قال فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته"، وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا – أو – لا يصلين معنا" أخرجها جميعًا البخاري في صحيحه. وعن مسلم: "فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم".
فاتقوا الله أيها المسلمون: لا تؤذوا عباد الله، ولا تؤذوا ملائكة الله، بفعل منهي عنه، وهو في نفس الوقت يخدش صلاتكم، إن بعض المتلاعبين جعل أكل الثوم والبصل عذرًا في عدم حضوره إلى المسجد، فتراه إذا قرب وقت الصلاة عمد إلى الثوم أو البصل فأكله، ثم تعلل لعدم حضوره الصلاة بالنهي الوارد في ذلك، فلبئس ما قدمت لهم أنفسهم، وبئس الفقه فقههم.
ومن أخطاء بعض المصلين أيضًا: التلفت في الصلاة، فالبعض يلتفت ويحرك رقبته، والبعض يلتفت بتقليب عينيه، وكلاهما مخالف لما يجب أن يكون عليه حال المصلي من الخشوع، والنظر إلى موضع سجوده عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" أخرجه البخاري.
وأخرج الترمذي والحاكم قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يتلفت"، وأخرج أبو داود وغيره عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا يزال الله عز وجل مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه"، فاتق يا عبد الله في صلاتك، ولا تحرم نفسك هذه المنزلة، ولا تنقص من أجرك بسبب التفاتك.
ومن الأخطاء أيضًا: التنفل عند إقامة الصلاة، فبعض المصلين يكبّر ليتنفل، فبعد التكبيرة مباشرة، تُقام الصلاة، ويستمر في تنفله، وتفوته تكبيرة الإحرام، وربما فاتته الركعة الأولى بكاملها، وهذا اجتهاد خاطئ منه، كان الأولى في حقه أن يقطع النافلة، ويدخل الصلاة مع إمامه من البداية، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أُقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة".
والبعض يقع في خطأ من ناحية أخرى، وهو أنه إذا أُقيمت الصلاة، وأراد أن يقطع النافلة ليدخل مع الإمام، قطع الصلاة بالتسليم وهو واقف، وهذه كثيرًا ما يفعلها الناس، وهي خطأ، ولم يثبت فيها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولأن التسليم لا يكون إلا في آخر الصلاة، فتحريمها التكبير وتحليلها التسليم، والصواب على من أراد قطع النافلة أن يقطعها من غير سلام ويخرج منها مباشرة ويدخل مع الإمام.
ومن الأخطاء أيضًا: ونجعلها آخر الأخطاء في هذه الخطبة، بل هو من المخالفات الفاحشة: مسابقة الإمام، فقد ورد النهي الشديد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لمن يسبق إمامه كأن يرفع رأسه قبله، أو يركع أو يسجد قبله، روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار" حتى ذكر بعض أهل العلم بأنه لا صلاة لمن فعل ذلك.
فاتقوا الله أيها المسلمون، يا من لا تنتبهون لهذه القضية هل تريدون تقريعًا أشد من أن الله عز وجل يجعل رأس من سبق إمامه كرأس الحمار، أو صورته كصورة حمار، فتنبهوا رحمكم الله لهذا الأمر.
ويلحق بهذا الأمر، أو هذه المخالفة، مخالفة أخرى وإن كانت أقل منها وهي موافقة الإمام، فبعض المصلين هداهم الله يوافق إمامه، أي يرفع ويركع ويسجد معه، وهذا أيضًا خطأ، فإن الإمام ما جُعل إلا ليؤتم به، ولا يكون ذلك إلا بمتابعته، لا بمسابقته ولا بموافقته.
اللهم علمنا …..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تعظيمًا لألوهيته وربوبيته وسلطانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى جنته ورضوانه، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وعلى أصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد عباد الله: نخصص هذه الخطبة بذكر بعض الأخطاء التي تخص يوم الجمعة، وصلاة الجمعة والتي تقع من بعض المصلين.
فأول هذه الأخطاء: ترك الاغتسال يوم الجمعة، فبعض المصلين يتهاون في هذا الأمر، ولا يعطي أهمية خاصة ليوم الجمعة، ومن جملة ذلك عدم مبالاته بأن يترك الاغتسال. يقول عليه الصلاة والسلام: "غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل". وعن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده" متفق عليه.
ومن الأخطاء التي تُرتكب يوم الجمعة، وهذا سبق لنا مرارًا إن نبهنا عليه، وهو تخطي رقاب الناس، يبقى الرجل جالسًا في بقية، ويحضر متأخرًا، ثم يريد أن يكون في الصفوف المتقدمة، ويريد أن يتساوى مع الذي سبقه إلى الجمعة بمدة من الزمن، هذا لا يمكن أبدًا.
عن عبد الله بن يسر رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجلس فقد آذيت وآذيت"، حتى ذهب بعض العلماء إلى حرمة هذا الأمر؛ لأنه من الظلم والتعدي لحدود الله، وأيضًا إيذاء للمصلين، واعتداء على حقوقهم.
ومن أخطاء يوم الجمعة أن بعض الناس إذا دخل المسجد الجامع لأداء صلاة الجمعة ووجد المؤذن يؤذن الأذان الثاني، أخذ في متابعة الأذان، ثم إذا فرغ من المتابعة، شرع في تحية المسجد، وقد شرع الخطيب في ابتداء الخطبة، وهذا بفعله ذلك قد حرص على تحصيل السنة، لكنه فرط في استكمال الواجب على وجهه مع قدرته عليه، وذلك أن متابعة الأذان سنة، واستماع الخطبة واجب. ومما يؤكد ذلك أي أن الداخل إلى الجامع مأمور بأن يتفرغ لسماع الخطبة ما أمكنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوّز فيهما" رواه مسلم، قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: "وليتجوز فيهما" فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرغ لسماع الخطبة.
نسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفقّهنا في ديننا…
التعليقات