اقتباس
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فهذه أحكام وآداب الجمعة التي تتكرر كلَّ أسبوع، تهم الحاجة إلى معرفة المسلم ماذا يفعل فيها على بصيرة، قصدت بجمعها تقريبَ العلم؛ ليعبد الإنسانُ ربَّه على بصيرة.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فهذه أحكام وآداب الجمعة التي تتكرر كلَّ أسبوع، تهم الحاجة إلى معرفة المسلم ماذا يفعل فيها على بصيرة، قصدت بجمعها تقريبَ العلم؛ ليعبد الإنسانُ ربَّه على بصيرة.
أسأل اللهُ أن يبارك فيما نقول ونفعل، وهو من وراء القصد.
على مَن تجب صلاة الجمعة؟
عن طارق بن شهاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الجمعةُ حقٌّ واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة؛ عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض))؛ رواه أبو داود (1067)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (1067).
عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس على مسافرٍ جمعة))؛ رواه الطبراني في المعجم الأوسط (818)، وصححه الألباني في الإرواء (594).
الاغتسال ليوم الجمعة:
عن أبي سعيد الخدري، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الغُسلُ يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم))؛ رواه مسلم (846).
صفة غسل يوم الجمعة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمامُ حضرت الملائكة يستمعون الذِّكر))؛ رواه البخاري (881).
حكم غسل يوم الجمعة:
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الاغتسال يوم الجمعة، واحتجوا بالحديث الذي أشرت إليه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((غُسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم))، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه سنة وليس بواجب؛ لأحاديثَ جاءت في ذلك، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل))، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضَّأ يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه؛ غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضْلُ ثلاثة أيام))، ولم يذكر الغسل، إنما ذكر الوضوء، فدل ذلك على أن الوضوء مُجزئ، وأن الغسل ليس بواجب، لكنه سنة مؤكدة، وتأولوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واجب))، يعني متأكدًا، كما تقول العرب: حقُّك عليَّ واجب، هذا من باب التأكيد، فينبغي للمؤمن أن يعتني بهذا، وأن يجتهد في الغُسل يوم الجمعة خروجًا من خلاف العلماء، وعملاً بظاهر الأحاديث الصحيحة عن رسولِ الله - عليه الصلاة والسلام؛ فتاوى نور على الدرب (13/285).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
إذا قلنا بوجوب غسل الجمعة فإن مَن تركه يأثم، وإذا قلنا بأنه سنة وليس بواجب، فإن تاركه لا يأثم، والصحيح أن غُسل الجمعة واجب على كل بالغٍ يحضر الجمعة؛ لِما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري وغيره، بل أخرجه جميع الأئمة المخرج لهم وهم السبعة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم))، وهذه العبارة لو وجدناها في كتاب فقه عبَّر به العلماء لكنا لا نشك بأن هذه العبارةَ تدل على الوجوب الذي هو اللزومُ والإثم بالترك، فكيف إذا كان الناطقُ بها أفصحَ الخَلق، وأعلم الخلق بما يقول، وأنصح الخلق فيما يرشد - عليه الصلاة والسلام - فكيف يقول لأمته: ((غُسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم))، ثم نقول: معنى (واجب) أي متأكِّد؟! إذًا فغُسل الجمعة واجب على كل بالغ محتلم؛ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/135).
متى يغتسل للجمعة؟
أجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
غُسل الجمعة يبدأ من طلوع الفجر، لكن الأفضل ألا يغتسل إلا بعد طلوع الشمس؛ لأن النهارَ المتيقن من طلوع الشمس؛ لأن ما قبل طلوع الشمس من وقت صلاة الفجر، فوقت صلاة الفجر لم ينقطع بعد؛ فالأفضل ألا يغتسل إلا إذا طلعت الشمس، ثم الأفضل ألا يغتسلَ إلا عند الذهاب إلى الجمعة، فيكون ذهابه إلى الجمعة بعد الطهارة مباشرة؛ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16/142).
السؤال: رجل جامع امرأته ليلة الجمعة، أي: مساء يوم الخميس، صبح يوم الجمعة، وذلك الجماع بعد صلاة المغرب أو العشاء؛ أي: في النصف الأول من الليل، ثم اغتسل ونوى به الطُّهر من الجنابة وغسل الجمعة معًا، فهل يعتبر هذا الغسل للجمعة؟ علمًا بأنني قد نويت به الجمعة والطُّهر من الجنابة والغسل قبل منتصف الليل، وهل يصبح لهما معًا، وهل يكون غُسلاً للجمعة؟
فأجابت اللجنة الدائمة:
غُسلك للجنابة قبل طلوع الفجر لا يكفي عن غسل الجمعة؛ لأن غُسلها بعد طلوع الفجر، ولأن الغسل متعلِّق باليوم، واليوم لا يكون إلا بعد طلوع الفجر، مع العلم بأن غُسل يوم الجمعة سنَّة مؤكَّدة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم؛ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو: بكر أبو زيد
عضو:. عبدالعزيز آل الشيخ
عضو: صالح الفوزان
عضو: عبدالله بن غديان
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
الفتوى رقم (15836).
غُسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة إذا نوى الغسلين.
السؤال: هل يكفي غُسل الجنابة عن غسل الجمعة؟
أجاب الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - بقوله:
إذا كان في النهار كفاه ذلك، والأفضل أن ينويَهما جميعًا؛ وذلك بأن ينويَ بغُسله: الجمعة والجنابة، وبذلك يحصل له - إن شاء الله - فضلُ غُسل الجمعة؛ مجموع فتاوى ابن باز (12/406).
رجل اغتسل يوم الجمعة من الجنابة، فهل يُجزئه عن غسل الجمعة؟
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
إذا نوى بغُسله الجنابةَ غُسلَ الجمعة يحصل له؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))، لكن إذا نوى غُسل الجنابة فهل يجزئ عن غسل الجمعة؟ ننظر هل غسل الجمعة مقصود لذاته، أو المقصود أن يتطهر الإنسانُ لهذا اليوم؛ المقصود الطهارة؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا))، إذًا المقصود من هذا الغسل أن يكونَ الإنسان نظيفًا يوم الجمعة، وهذا يحصل بغُسل الجنابة، وبِناءً على ذلك لو اغتسل الإنسان من الجنابة يوم الجمعة أجزأه عن غسل الجمعة، وإن كان لم ينوِ، فإن نوى فالأمر واضح، فصار عندنا الآن ثلاثُ قواعد؛ مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (14/302).
السؤال: هل يجزئ الغسل من الجنابة عن غسل الجمعة وعن غسل الحيض والنفاس؟
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
مَن وجب عليه غُسل فأكثر كفاه غُسل واحد عن الجميع إذا نوى به رفع موجبات الغسل، ونوى استباحة الصلاة ونحوها؛ كالطواف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنياتِ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى))؛ متفق عليه، ولأن المقصود بغُسل يوم الجمعة يحصل بالغسل عن الجنابة إذا وقع في يومها، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم؛ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم: (6522).
عضو: عبدالله بن غديان
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
السؤال: لو كان الشخص جُنبًا يوم الجمعة فاغتسل غسل الجنابة، فهل يغتسل غسل الجمعة؟ وهل لو اغتسلنا ننوي نية واحدة للغُسلين، أم نية لكل غسل؟ وهل نفصل بين الغسلين، أي: أن ننشف أعضاءنا بعد الغسل الأول، ثم نقوم فنغتسل الغسل الثاني أم ماذا؟
الجواب:
غسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة؛ لأن المقصود بغسل الجمعة: التنظُّف وإزالة الروائح الكريهة من الجسم، وهذا يحصل بالغسل من الجنابة، ولكن يشرع أن ينويَ دخول غسل الجمعة في غسل الجنابة ليحصل له الأجرُ في ذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم؛ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم: (17775).
عضو: بكر أبو زيد
عضو: صالح الفوزان
عضو: عبدالعزيز آل الشيخ
عضو: عبدالله بن غديان
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
غسل الجمعة والتجمل لها هل هو عام للرجال والنساء؟ وما حكم الاغتسال قبلها بيوم أو يومين؟
أجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - بقوله:
هذه الأحكام خاصة بالرجل؛ لكونه هو الذي يحضر الجمعة، وهو الذي يُطلب منه التجمُّل عند الخروج، أما النساء فلا يُشرع في حقهن ذلك، ولكن كل إنسان ينبغي له إذا وجد في بدنه وسخًا أن ينظِّفَه؛ فإن ذلك من الأمور المحمودة التي ينبغي للإنسان ألا يدعها، أما الاغتسال للجمعة قبلها بيوم أو يومين فلا ينفع؛ لأن الأحاديثَ الواردة في ذلك تخصه بيوم الجمعة، وهو ما بين طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، هذا هو محل الاغتسال الذي ينبغي أن يكون، وأما قبلها بيوم أو يومين فلا ينفعُ ولا يجزئ عن غسل الجمعة، والله ولي التوفيق؛ فتاوى أركان الإسلام (1/393).
استحباب الطيب يوم الجمعة بعد الغسل وقبل الذهاب إلى المسجد:
عن سلمان الفارسي، قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يغتسل رجُلٌ يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهْر، ويدَّهن من دهنه، أو يمس من طيبِ بيته، ثم يخرج فلا يفرِّق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه البخاري، باب الدهن للجمعة (883).
عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من اغتسل يوم الجمعة، ومسَّ من طيبٍ إن كان عنده، ولبِس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجدَ فيركع إن بدا له، ولم يؤذِ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامُه حتى يصلي، كانت كفارةً لِما بينها وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه أحمد (23571)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (688).
لُبس أحسن الثياب ليوم الجمعة:
عن عبدالله مولى أسماء قال: أخرجتْ إلَيَّ أسماءُ جُبَّة من طيالسة، عليها لَبِنة شِبْرٍ من ديباج، وإن فَرْجَيها مكفوفان به، فقالت: هذه جُبَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلبَسُها للوفود، ويوم الجمعة؛ رواه البخاري في الأدب المفرد (348)، وحسَّنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (266).
عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من اغتسل يوم الجمعة، ومسَّ مِن طِيب إن كان عنده، ولبِس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتيَ المسجد فيركع إن بدا له، ولم يؤذِ أحدًا، ثم أنصتَ إذا خرج إمامُه حتى يصلي، كانت كفارةً لِما بينها وبين الجمعة الأخرى))؛ رواه أحمد (23571)، وصححه الألبانيُّ في صحيح الترغيب والترهيب (688).
الغُسل على مَن تجب عليه الجمعةُ:
قال البخاري - رحمه الله - في صحيحه :باب: هل على مَن لم يشهدِ الجمعةَ غُسل من النساء والصبيان وغيرهم؟
وقال ابن عمر: "إنما الغُسل على مَن تجب عليه الجمعة"؛ صحيح البخاري (2/5).
فضل المشيِ إلى الجمعة:
عن أبي موسى، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعظم الناسِ أجرًا في الصلاة أبعدُهم فأبعدهم ممشًى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصلِّيَها مع الإمام أعظمُ أجرًا مِن الذي يصلِّي ثم ينام))؛ رواه البخاري (651).
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيتٍ من بيوت الله ليقضيَ فريضةً من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة))؛ رواه مسلم (666).
عن عباية بن رفاعة، قال: أدركني أبو عَبْس وأنا أذهب إلى الجمعة، فقال: سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرَّمه اللهُ على النار))؛ رواه البخاري (907).
عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا أُقيمت الصلاةُ فلا تأتوها تَسْعَوْن، وأتوها تَمْشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتموا))؛ رواه مسلم (602).
عن أبي أمامة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجرُه كأجرِ الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضُّحى لا يَنصِبه إلا إياه، فأجرُه كأجر المعتمر، وصلاةٌ على أثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عِليين))؛ رواه أبو داود (558)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (675).
التعليقات