أحكام زكاة الفطر وصلاة العيد

خالد بن خضران العتيبي

2024-04-28 - 1445/10/19
التصنيفات: الفطر الزكاة
التصنيفات الفرعية: الفطر
عناصر الخطبة
1/مشروعية زكاة الفطر وحكمتها 2/شروط زكاة الفطر وبعض أحكامها 3/حكم إخراج زكاة الفطر مالا 4/ما يشرع في ختام رمضان من الطاعات 5/من سنن العيد وآدابه

اقتباس

ومما يسن للمسلم أن يأكل تمرات قبل ذهابه لصلاة العيد، فقد جاء في حديث أنس في البخاري: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا"، وذلك من أجل تحقيق الإفطار في ذلك اليوم؛ لأنه يوم العيد...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إن الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

 

عباد الله: اجتهدوا فيما بقي من هذا الشهر بطاعة ربكم، وتذكروا أنكم تعيشون أياماً مباركة لياليها أفضل ليالي العام، حافظوا على قيام هذه الليالي وأكثروا من ذكر الله فالأعمال بالخواتيم، ونحن قريبون من ختم هذا الشهر، نسأل الله أن يجعلنا ممن نالوا العتق من النار، وممن وفقوا لقيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً.

 

عباد الله: إن من العبادات العظيمة التي تكون عند نهاية شر رمضان عبادةَ زكاةِ الفطر، وهي فريضة على الجميع بشروط ستأتي -إن شاء الله-، ففي حديثِ ابنِ عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاةَ الفطر، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة".

 

وقد أجمع العلماء على فرضيتها، والحكمةُ من زكاة الفطر بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في سنن أبي داود من حديث ابن عباس قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر؛ طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمَةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"؛ واللغو: هو الكلام القبيح، والرفث: هو الجماع ومقدماته، وقيل: الفحش في القول، وكذلك من الحِكم: إظهارُ شكرِ نعمةِ الله -سبحانه وتعالى- بإتمام الصيام والقيام.

 

وزكاةُ الفطرِ واجبةٌ على الجميع، على الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد بشروط:

أولها: أن يكون مسلماً؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "من المسلمين"، وعلى ذلك من كان عنده عمال غير مسلمين فإنهم لا يخرجونها، ولا يتبرع هو بإخراجها عنهم.

 

ومن الشروط: أن يكون غنياً، والغنى معناه: أن يكون عنده مال يستطيع أن يشتري به زكاة الفطر، فإن كان ليس عنده مال، أو عنده مال ولكن يحتاجه في سدادِ دينٍ حالٍ يطالبه صاحبه به، أو يحتاج هذه المال في نفقة أهله أو شراء حوائجه الأصلية، كلباس له أو لمن ينفق عليهم؛ فالزكاة غير واجبة، ولا يأخذها ديناً؛ لأنها ليست واجبة عليه.

 

فيخرجها المسلم عن نفسه وعمن تلزمه نفقته كزوجته وأولاده، وإن تبرع وأخرجها عن أحد فإن ذلك صحيح إذا أذن له المُتبرع عنه، ويستحب إخراجها عن الجنين ولو كان في الشهر الأول، ولا يجب ذلك

 

ومقدار زكاة الفطر عن الشخص الواحد صاعاً من طعام البلد، كالرز والبر والتمر، ومقدارُ الصاع ثلاث كيلوات تقريباً

 

وزكاة الفطر تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، ويجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لفعل الصحابة -رضي الله عنهم-، وأما أفضل وقت تخرج فيه زكاة الفطر فهو قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنه- وفيه: "وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"(رواه البخاري ومسلم).

 

ولا يجوز للمسلم أن يؤخر إخراج زكاة الفطر إلى بعد صلاة العيد، فإذا أخرها بغير عذر كالناسي فإنها لا تكون زكاة فطر، بل تكون صدقة من الصدقات؛ ولذلك جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنه-: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

 

وزكاة الفطر تعطى الفقراء والمساكين المسلمين، هذا هو مصرف زكاة الفطر، ولا يجوز دفعها للأغنياء، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "طُعمة للمساكين"، فعلى الإنسان أن يتحرى في دفعها الفقراء والمساكين، والأفضل أن يخرجها بنفسه، ويجوز أن يؤكل في إخراجها كتوكيل الجمعية الخيرية، وهم يدفعون الطعام للفقراء والمساكين.

 

وهنا مسألة مهمة: وهي هل يجزئ إخراج القيمة بدل زكاة الفطر؟ بمعنى يُقدر قيمة زكاة الفطر ويخرج ريالات مثلاً؟ الذي عليه جماهير العلماء، وعليه فتوى علماء هذه البلاد أنه لا يجزئ إخراج القيمة؛ لأن ذلك خلاف ما أمر به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولأنه مخالف لعمل الصحابة -رضي الله عنهم-، ولأن إخراج القيمة يخرجها عن كونها شعيرة ظاهرة يراها الكبير والصغير إلى كونها صدقةً خفية.

 

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفر ذنوبنا، ويطهر قلوبنا، ويحصن فروجنا، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

 

عبادَ الله: لم يبق من رمضان إلا أياماً معدودة، فنسأل الله -سبحانه- أن يعيننا على العمل الصالح، فإنها من نعم الله -سبحانه وتعالى- على عباده أن يكملوا عدة الشهر، قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].

 

فأمر الله -سبحانه- عباده بأمرين إذا أكملوا صيام شهر رمضان، وذلك بغروب شمس آخر أيامه:

الأول: التكبير، فيسن للمسلم أن يكبر الله -سبحانه وتعالى- من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر التكبير إلى خطبة العيد، ويسن الجهر به وإظهاره في المساجد والمنازل والطرقات، وورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بإسناد صحيح كما عند ابن أبي شيبة، أنه كان يقول: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".

 

الثاني: شكر الله -سبحانه وتعالى- على نعمة إكمال الشهر.

 

ومما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه أن يحرصَ على أداء صلاة العيد، ويستحب أن يغتسل لها ويتجمل، فيخرج الإنسان بأجمل اللباس، ولكن يحذر الألبسة المحرمة كالثياب المسبلة أو التي فيها صور ذوات الأرواح.

 

ومما يسن للمسلم أن يأكل تمرات قبل ذهابه لصلاة العيد، فقد جاء في حديث أنس في البخاري: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا"، وذلك من أجل تحقيق الإفطار في ذلك اليوم؛ لأنه يوم العيد يحرم صيامه.

 

ومما يسن في يوم العيد التبكيرُ إلى المصلى، ومما يسن -أيضاً- مخالفة الطريق، فقد جاء في البخاري من حديث جابر -رضي الله عنه-: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم عيد خالف الطريق"، يعني إذا ذهبت من طريق لمصلى العيد ترجع من طريقٍ آخر، ولنعلم أن صلاة العيد لا سنة قبلها ولا بعدها.  

 

أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن تزودا بالتقوى، ونالوا المغفرة والعتق من النار.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life