د. محمود بن أحمد الدوسري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
في هذا البحث ست مسائل:
المسألة الأولى: الحِجْر وأسماؤه.
المسألة الثانية: تحديد الحِجْر وقياسه.
المسألة الثالثة: الصلاة والدعاء والجلوس في الحِجْر.
المسألة الرابعة: الصلاة في مقدَّم الحِجْر.
المسألة الخامسة: استقبال الحِجْر وهوائه في الصلاة.
المسألة السادسة: الطواف من داخل الحِجْر.
المسألة الأولى: الحِجْر وأسماؤه:
♦ تعريف الحِجْر: الحِجْر - بكسر الحاء، وإسكان الجيم - هو المكان المعروف المشهور بجانب الكعبة زادها الله شرفاً، مما يلي الميزاب شمالي الكعبة، وهو حائط مدوَّر على شكل نصف دائرة، وله فتحتان من طرفيه، للدخول إليه، والخروج منه[1].
♦ أسماء الحِجْر ومعانيها: سُمِّي الحِجْر بهذا الاسم لاستدارته[2]، أو لأنه حُجِر من البيت، أي: مُنِعَ منه[3]، وكل بناء بنيته فحجرت عليه من الأرض، يسمَّى حِجْراً، وهو مثل حِجْر الإنسان[4]، أي: حضنه، أو لتحجيره بالجدار ليطاف من ورائه، وهي معانٍ متقاربة[5].
وللحِجْر أسماءٌ متعدِّدة، من أهمها وأشهرها: الحَطِيم، وَسُمِّيَ حَطِيمًا؛ لأَنَّهُ حُطِمَ من الْبَيْتِ، أَيْ: كُسِرَ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَقَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُول. وقيل: لأنَّ البيت رُفِعَ وتُرك هو محطوماً[6]. ويشهد له ما جاء عن مَالِكِ بن صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عن لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ قال: (بَيْنَمَا أنا في الْحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قال في الْحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ...)[7].
ويُسمَّى أيضاً: الجَدْر، وهو بمعنى الجدار، أي: الذي اقتطع من جهته حجر الكعبة. ويشهد له ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَأَلْتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الْجَدْرِ، أَمِنَ الْبَيْتِ هو؟ قال:(نعم) [8].
♦ لا يصحُّ تسميتُه بحِجْر إسماعيل: وقد اشتُهر في العصور المتأخرة تسمية الحِجْر (بحِجْر إسماعيل)؛ اعتماداً على أن الحِجْر كان زَرْباً[9] لِغَنَمِ إسماعيل[10]، وهو تعليل غير صحيح؛ لأن الحِجْر ما وُجِد إلاَّ بعد موت إسماعيل عليه السلام، ولم يُعرف آنذاك؛ لأن البيت كان كاملاً في عهده، ولم يوجد الحِجْر إلاَّ بعد بناء قريش للكعبة لَمَّا قصَّرت بهم النفقة عن إكمال قواعد إبراهيم عليه السلام[11].
كما لا يصِحُّ تسميتُه (بحِجْرِ إسماعيل)؛ اعتماداً على أنه دُفِن مع أُمِّه هاجر في الحِجْر، بل لا يثبت أنَّ أحداً من الأنبياء عليهم السلام مات بجوار الكعبة، أو دُفِن فيها، وممن نبَّه على ذلك:
1- الألباني رحمه الله حيث قال: (لم يثبت في حديثٍ مرفوعٍ أنَّ إسماعيلَ عليه السلام أو غيرَه من الأنبياء الكرام دُفِنوا في المسجد الحرام، ولم يرد شيءٌ من ذلك في كتابٍ من كتب السُّنَّة المعتمدة؛ كالكتب السِّتة، ومسند أحمد، ومعاجم الطبراني الثلاثة، وغيرها، وما ورد في ذلك ضعيفٌ بل موضوعٌ عند بعض المُحقِّقين[12]، وغاية ما وري في ذلك من آثارٍ معضلاتٍ، بأسانيدَ واهياتٍ، موقوفاتٍ، أخرجها الأزرقي في "أخبار مكة" (ص39 و219 و220) فلا يُلتفت إليها، وإنْ ساقَها بعضُ المبتدعة مَسَاقَ المُسَلَّمات)[13].
2- د. بكر أبو زيد رحمه الله حيث قال: (ذَكَر المؤرخون، والإخباريون: أنَّ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام مدفون في: " الحِجْرِ" من البيت العتيق، وقَلَّ أن يخلو من هذا كتابٌ من كتب التاريخ العامة، وتواريخ مكة - زادها الله شرفاً - لذا أُضيف الحِجْر إليه، لكن لا يثبت في هذا كبيرُ شيءٍ؛ ولذا فَقُلِ: "الحِجْر"، ولا تَقُلْ: "حِجْر إسماعيل")[14].
♦ سبب وَضْعِ الحِجْر: لمَّا أرادت قريش بناء الكعبة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم - بعد أن تهدَّمت - لم تجد مالاً حلالاً يكفي لعمارتها، فبنتها بما معها من المال الحلال، واقتطعت من شمالي الكعبة التي فيها الميزاب، نحو سبعة أذرع، وحوَّطت عليه جداراً قصيراً؛ ليكون علامة له أنه من الكعبة.
♦ الدليل: ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَأَلْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الْجَدْرِ، أَمِنَ الْبَيْتِ هو؟ قال:(نعم). قلت: فما لهم لم يُدْخِلُوهُ في الْبَيْتِ؟ قال:(إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ) [15].
المسألة الثانية: تحديد الحِجْر وقياسه:
اختلف العلماء: في تحديد الحِجْر، هل كلُّه من الكعبة أو بعضُه؟ على قولين؛ وسبب اختلافهم: هو اختلاف الروايات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحِجْر، هل كلُّه من الكعبة أو بعضُه؟ والراجح: أن الحِجْر ليس كله من الكعبة، ومقدار ما هو من الكعبة قريبٌ من سبعة أذرع، وهو قول المالكية[16]، ووجه[17] عند الشافعية[18]، وبعض الحنفية[19]، واختاره ابن تيمية[20].
الأدلة:
1- ما جاء في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يا عَائِشَةُ! لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أَذْرُعٍ من الْحِجْرِ، فإن قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ[21])[22]. وجه الدلالة: تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن ستة أذرع من الحِجْر من الكعبة، وليس الحِجْر كله.
2- ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا من بُنْيَانِ الْبَيْتِ، وَلَوْلاَ حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ ما تَرَكُوا منه، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ، من بَعْدِي، أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ ما تَرَكُوا منه) فَأَرَاهَا قَرِيبًا من سَبْعَةِ أَذْرُعٍ[23]. وجه الدلالة: أبان النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها أن قريباً من سبعة أذرع من الحِجْر من الكعبة، وليس الحِجْر كله.
قال النووي رحمه الله: (قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ». وفي رواية: «وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ». وفي رواية: «خَمْسَ أَذْرُعٍ». وفي رواية: «قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ»... قال أصحابنا: سِتُّ أذرعٍ من الحِجْر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد خلاف)[24].
وقال ابن حجر - رحمه الله - بعد إيراده هذا الحديث برواياته المختلفة، في قَدْر ما اقتُطِع من البيت، وضُمَّ إلى الحِجْر:(وهذه الروايات كلُّها تجتمع على أنها: فوق الستة، ودون السبعة)[25]. ثم جَمَع بين الأدلة بقوله: (فيتعين حمل المطلق على المقيد... ويؤيده: أن الأحاديث المطلقة والمقيدة متواردة على سبب واحد، وهو أن قريشاً قصروا عن بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأن ابن الزبير أعاده على بناء إبراهيم، وأن الحجاج أعاده على بناء قريش، ولم تأت رواية قط صريحة أن جميع الحِجْر من بناء إبراهيم في البيت.
وقبل أن يَذكر ابنُ خزيمة رحمه الله حديثَ عائشة رضي الله عنها وقولَ النبي صلى الله عليه وسلم لها: (صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ)[26]، بوَّب عليه بقوله: (باب: استحباب الصلاة في الحِجْر، إذا لم يُمكن دخول الكعبة، إذْ بعض الحِجْر من البيت، بذكر خبرٍ لفظُه عام، مراده خاص، أنا خائف أن يسمع - بهذا الخَبَر الذي ذكرتُ: أنَّ لفظه لفظٌ عام، مراده خاص ـ بعضُ الناس فيتوهم أن جميع الحِجْر من الكعبة، لا بعضه)[27].
قال المحب الطبري رحمه الله - في شرح التنبيه له: (والأصح: أن القَدْر الذي في الحِجْر من البيت قدر سبعة أذرع، والرواية التي جاء فيها أن الحِجْر من البيت مطلقة، فيحمل المطلق على المقيد، فإن إطلاق اسم الكل على البعض سائغ مجازاً)[28].
قياسات الحِجْر[29]:
1) طول ضلع الكعبة الذي به الميزاب (من الركن العراقي إلى الركن الشامي): (90ر9م)[30].
2) طول الحِجْر من تحت الميزاب إلى منتصف دائرة الحِجْر من الداخل: (44ر8م)[31].
3) طول الأذرع[32] السبعة التي هي من الكعبة[33] بقياس المتر: (23ر3م)، أي: حوالي ثلاثة أمتار وربع[34].
4) بقية الحِجْر التي ليست من الكعبة: (21ر5م)[35].
5) ارتفاع جِدار الحِجْر: (30ر1م)، وعَرْضُه: (5ر1م)[36].
♦ فوائد معرفة قياس الحِجْر: من فوائد معرفة قَدْر ما اقتُطِع من البيت، وضُمَّ إلى الحِجْر، ما يلي:
1- أن قريباً من سبعة أذرع من مقدَّم الحِجْر الحالي إنما هي من الكعبة، وباقي الحِجْر ليس منها.
2- مَنْ صلَّى في هذه الأذرع السبعة من الحِجْر، فقد صلَّى في الكعبة يقيناً؛ لأنها محجورة منها، ولذا كانت أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رضي الله عنها تقول: (ما أُبَالِي أَصَلَّيْتُ في الْحِجْرِ أَمْ في الْبَيْتِ)[37]؛ لأنها سألتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الْجَدْرِ، أَمِنَ الْبَيْتِ هو؟ قال:(نعم)[38]، فكان حكمهما واحداً.
3- ما يتعلق بتحديد القِبلة من غيرها من الحِجْر، وحكم الطواف من داخل الحِجْر، واستحباب الجلوس في الحِجْر، والدعاء فيه، واعتناق الكعبة من داخله.
المسألة الثالثة: الصلاة والدعاء والجلوس في الحِجْر:
أولاً: استحباب الصلاة في الكعبة: اتفق العلماء: على صحة صلاة النافلة داخل الكعبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلَّى ركعتين فيها، وعلى ذلك مَضَى أصحابه رضي الله عنهم ومَنْ بعدهم يقتفون أثر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة داخل الكعبة:
فعن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دخل الْكَعْبَةَ وَأُسَامَةُ بن زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بن طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عليه، وَمَكَثَ فيها، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حين خَرَجَ، ما صَنَعَ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: جَعَلَ عَمُودًا عن يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عن يَمِينِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وكان الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ على سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى)[39].
قال ابن بطال رحمه الله: (قال المهلب: وإدخال الرسول صلى الله عليه وسلم معه هؤلاء الثلاثة، لِمَعانٍ تخص كلَّ واحد منهم: فأما دخول عثمان فلخدمته البيت في الغلق والفتح والكنس، ولو لم يُدْخله لِغَلْق بابها لتوهم الناس أنه عَزَلَه، وأما بلال فمؤذِّنه وخادم أمر صلاته، وأما أسامة فمتولِّي خدمة ما يحتاج إليه، وهم خاصته؛ فللإمام أن يستخصَّ خاصته ببعض ما يستتر به عن الناس، وأما غلق الباب حين صلَّى في البيت؛ لئلا يظنَّ الناس أن الصلاة فيه سُنَّة، فيلزمون ذلك)[40].
ويستفاد من الحديث: أنَّ الصَّلاة في الكعبة مستحبَّةٌ نفلاً، وقد فَعَلَها الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست سنَّةً مؤكَّدة أو راتِبَةً؛ حيث المشقَّة والكُلفة الواقعة على مَنْ أراد تطبيقها، ولا سيَّما مع كثرة المصلِّين وزيادة أعداد المسلمين، ولكن مَنْ قُدِّر له دخول الكعبة لأيِّ سببٍ من الأسباب وأراد متابعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم فصلَّى داخلَها فلا حرجَ عليه، والله أعلم.
ثانياً: استحباب الدعاء في الكعبة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الكعبة أحياناً ولا يُصَلِّي فيها، بل يكتفي بالدعاء في نواحيها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرني أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا دخل الْبَيْتَ دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، ولم يُصَلِّ فيه، حتى خَرَجَ، فلما خَرَجَ رَكَعَ في قُبُلِ الْبَيْتِ[41] رَكْعَتَيْنِ، وقال:(هذه الْقِبْلَةُ). قلت له: ما نَوَاحِيهَا؟ أَفِي زَوَايَاهَا؟ قال: بَلْ في كل قِبْلَةٍ من الْبَيْتِ[42]. وجاء عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل الْكَعْبَةَ، وَفِيهَا سِتُّ سَوَارٍ، فَقَامَ عِنْدَ سَارِيَةٍ فَدَعَا، ولم يُصَلِّ)[43].
ونحن ملتزمون بما ورد عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومتَّبِعون لِسُنَّته وهديه، ومن ثَمَّ فالدُّعاء في داخل الكعبة بدون صلاة أمر مباح، ولكن ما قيل في شأن الصَّلاة في الكعبة يقال في شأن الدُّعاء.
ثالثاً: الصلاة في الحِجْر صلاةٌ في الكعبة: تُستحب الصلاة في الحِجْر، والمصلي فيه كأنما صلى في الكعبة؛ لأن الحِجْر قطعةٌ من الكعبة، ولمَّا كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تُحب أن تُصَلِّيَ في الكعبة، أدخلها النبي صلى الله عليه وسلم الحِجْر، وأرشدها أن تصلي فيه؛ لأنه قطعة من الكعبة.
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فيه، فَأَخَذَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فقال: (صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ، وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ[44] حين بَنَوْا الْكَعْبَةَ، فَأَخْرَجُوهُ من الْبَيْتِ)[45].
وبوب عليه ابن خزيمة رحمه الله بقوله: (باب: استحباب الصلاة في الحِجْر، إذا لم يُمكن دخول الكعبة، إذْ بعض الحِجْر من البيت)[46]. وفي إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم عائشةَ رضي الله عنها إلى الصلاة في الحِجْر حث للأمة الإسلامية من بعدها - رجالاً ونساءً - على الصلاة في هذا المكان المبارك الذي هو قطعة من الكعبة.
وقال النووي رحمه الله: (يُستحب الإكثار من دخول الحِجْر، والصلاة فيه، والدعاء؛ لأنه من البيت أو بعضه)[47]. وبقي الحِجْرُ على ما كان عليه حتى يومنا هذا مصلَّى للأخيار؛ لسهولة دخوله عوضاً عن الكعبة المشرفة، فمَنْ صلَّى فيه فهو مصلٍّ في الكعبة نفسها؛ لأنه قطعة منها، ولعل هذا من أهم الحِكَم الجلية في بقاء الحِجْر على ما هو عليه وعدم إدخاله في الكعبة، ولله الأمر من قبل ومن بعد[48].
ولعلَّ الله سبحانه بسابق عِلْمِه المُطلق قد عَلِمَ كثرةَ المشقَّة التي يتعرَّض النَّاس لها إنْ أرادوا دخولَ الكعبة والصَّلاةَ فيها والدُّعاءَ في أركانها، فأراد جلَّت حِكمتُه ألاَّ يحرم النَّاس من هذا الفضل العظيم مع اشتياقهم إليه، فقَصُرَتْ النَّفقة بقريش، وبقي الحِجْرُ خارج الكعبة على ما هو عليه؛ ليسهل على النَّاس دخوله والصَّلاة فيه، فيكون بمثابة الكعبةِ ودخولِها والصَّلاةِ فيها، إذْ هو جزءٌ من الكعبة على الحقيقة.
رابعاً: استحباب الجلوس في الحِجْر:لَمَّا كان الحِجْر من الكعبة كان له من المكانة العظيمة والشرف العظيم، فهو أكرم المجالس وأشرفها على وجه الأرض؛ ولذلك كان الحِجْر مجلساً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وكذا مجلساً للتابعين من بعدهم.
الأدلة:
1- ما جاء عن مَالِكِ بن صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عن لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ، فقال:(بَيْنَمَا أنا في الْحَطِيمِ ـ وَرُبَّمَا قال: في الْحِجْرِ - مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ - قال: وَسَمِعْتُهُ يقول: فَشَقَّ)[49]. وذَكَرَ قصة الإسراء والمعراج. وجه الدلالة: في اختيار الحِجْر لِشَقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثم الانطلاق منه إلى الإسراء والمعراج ما يدل على فضل هذا المكان، وفي جلوس النبي صلى الله عليه وسلم فيه ما يدلُّ على استحباب الجلوس في الحِجْرِ لأُمَّته من بعده.
2- ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لقد رَأَيْتُنِي في الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عن مَسْرَايَ)[50].
3- ما جاء عن جَابِرِ بنِ عبد اللَّهِ رضي الله عنهما؛ قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ في الْحِجْرِ، فَجَلَّى اللهُ لي بَيْتَ الْمَقْدِسِ[51]، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عن آيَاتِهِ، وأنا أَنْظُرُ إليه)[52]. وجه الدلالة: اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الحِجْر مجلساً، يُحدِّث الناس فيه بما جرى له من المعجزات في ليلة الإسراء والمعراج، ما يدل على شرف هذا المكان وفضله.
4- ما جاء عن عطاء ومجاهد - رحمهما الله - أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حدَّثهم يوماً، وهو في الحِجْر، أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:(مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا، ثم صلَّى الركعتين أو أربع ركعات، كان له كعدل عتق رقبة)[53].
5- ما جاء عن إبراهيم بن ميسرة رحمه الله قال:( تذاكروا المهديَّ عند طاووس، وهو جالس في الحِجْر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! أهو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لا)[54]. وجه الدلالة: أن الحِجْر كان مجلساً للصحابة رضي الله عنهم ومنهم: عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ومِنْ بعدهم كان مجلساً لأئمة التابعين رحمهم الله.
ومن مجموع الأحاديث والآثار يتَّضح استحباب الجلوس في الحِجْرِ؛ متابعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأسِّياً بالصَّحابة الكرام وتابعيهم بإحسان.
المسألة الرابعة: الصلاة في مقدَّم الحِجْر:
أولاً: حُكم (صلاة الفريضة) في مقدَّم الحِجْر: اختلف العلماء: في حكم صلاة الفريضة داخل الكعبة، ومنها مُقدَّم الحِجْر - الذي هو قطعة من الكعبة - على ثلاثة أقوال، والراجح: صحة صلاة الفريضة داخل الكعبة، ومنها مقَّدم الحِجْر، وهو قول الحنفية[55]، والشافعية[56]، وبعض المالكية[57]، ورواية عند الإمام أحمد[58]، ونسبه الترمذي[59] لأكثر أهل العلم، كما نسبه النووي[60] للجمهور.
الأدلة:
1- قوله تعالى: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وجه الدلالة: أن المصلي داخل الكعبة ولَّى وجهه شطر الكعبة، وهو جهتها[61]، وهو يشمل الفرض والنفل.
2- ما جاء عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى في جَوْفِ الْكَعْبَةِ)[62]. وجه الدلالة: أن كلَّ موضع جازت فيه النافلة جازت فيه الفريضة، إلاَّ ما دل الدليل على اختصاص النافلة به[63]. قال الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله: (لاَ بَأْسَ أَنْ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ وَالتَّطَوُّعُ في الْكَعْبَةِ؛ لأَنَّ حُكْمَ النَّافِلَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ في الطَّهَارَةِ وَالْقِبْلَةِ سَوَاءٌ)[64].
3- ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فيه، فَأَخَذَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فقال: (صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ، وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ حين بَنَوْا الْكَعْبَةَ، فَأَخْرَجُوهُ من الْبَيْتِ)[65]. وجه الدلالة: أن (رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أَجَازَ الصَّلاَةَ في الْحِجْرِ الذي هو من الْبَيْتِ)[66]، وجاء اللفظ عامّاً دون تخصيص أو استثناء لنافلة أو فريضة، ممَّا يوجب البقاء على أصل الإباحة.
4- ما جاء عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا)[67]. وجه الدلالة: أن جوف الكعبة هو أطيب بقعة في الأرض، والحديث وارد في حقِّ الفريضة، فتصح صلاة الفريضة في جوف الكعبة، ومنها: مقدَّم الحِجْر.
ثانياً: حكم (صلاة النافلة) في مقدَّم الحِجْر: اختلف العلماء: في حكم صلاة النافلة في مقدَّم الحِجْر، على قولين، والراجح: استحباب صلاة جميع النوافل من السنن المؤكَّدة والتطوع مطلقاً داخل الكعبة، ومنها مقدَّم الحِجْر نحو سبعة أذرع منه، وهو قول الجمهور[68]، من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول للمالكية.
الأدلة: هي نفس الأدلة التي سبق ذِكْرُها في حكم صلاة الفريضة داخل الكعبة، ومنها مقَّدم الحِجْر.
ثالثاً: حكم الصلاة داخل الحِجْر في المكان الذي ليس من الكعبة: يُعتبر المكان الذي في الحِجْر مما يلي الأذرع السبعة[69] من مقدَّم الحِجْر ليس من الكعبة، وعليه: فمَنْ صلى فيه فرضاً أو نفلاً، فهو مصلٍّ في المسجد الحرام، له أجر المضاعفة المعروفة في المسجد الحرام، لكنه مصلٍ يقيناً خارج الكعبة[70].
المسألة الخامسة: استقبال الحِجْر وهوائه في الصلاة:
اتفق العلماء: على بطلان صلاة مَنْ استقبل ما زاد على السِّتَّة أذرع من الحِجْر؛ لأنها يقيناً ليست من الكعبة.
اختلفوا: في جواز استقبال الحِجْر، في القدْر الذي هو من البيت، أي: نحو سبعة أذرع، على قولين. و(صورة المسألة): أن يقف المصلي خارج الحِجْر عند إحدى فتحتَيْه متعامداً معها، مستقبلاً الحِجْر وحده، دون الكعبة، فهل تصح صلاته أم لا؟ والراجح: جواز استقبال الحِجْر في الصلاة - في القدْر الذي هو من البيت - وتصحُّ فرضاً كانت أو نفلاً، وهو قولٌ عند المالكية[71]، اعتمدَه فريق منهم؛ كأبي الحسن اللَّخْمِي (ت478هـ)، وهو وجهٌ مشهور عند الشافعية[72]، وبه قال الحنابلة في المُعتمد عندهم[73].
الأدلة:
1- ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فيه، فَأَخَذَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فقال: (صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ)[74]. وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أَجَازَ الصَّلاَةَ في الْحِجْرِ الذي هو من الْبَيْتِ، ولا فرق بين الصلاة فيه واستقباله.
2- ما جاء في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يا عَائِشَةُ! لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أَذْرُعٍ من الْحِجْرِ، فإن قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ)[75]. وجه الدلالة: تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن ستة أذرع من الحِجْر من الكعبة، فيجوز استقباله في الصلاة في هذا القدْر؛ لأنه من الكعبة.
3- ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا من بُنْيَانِ الْبَيْتِ، وَلَوْلاَ حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ ما تَرَكُوا منه، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ، من بَعْدِي، أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ ما تَرَكُوا منه)، فَأَرَاهَا قَرِيبًا من سَبْعَةِ أَذْرُعٍ[76]. وجه الدلالة: أبان النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها أن قريباً من سبعة أذرع من الحِجْر من الكعبة، فيجوز استقباله في الصلاة في هذا القدْر؛ لأنه من الكعبة.
المسألة السادسة: الطواف من داخل الحِجْر:
اختلف العلماء: في حُكم الطواف من داخل الحِجْر، على ثلاثة أقوال، والراجح: أن الطواف لا يصحُّ من داخل الحِجْر، إذ الطواف من وراء الحِجْر شرط لصحة الطواف.
وعليه: فمَنْ دخل الفرجة التي بين الكعبة والحِجْر، وخرج من الفرجة الأخرى، لم يصح طواف ذلك الشوط، ولم يُعتدَّ به، وهو قول المالكية في الراجح عندهم[77]، والشافعية[78]، والحنابلة[79].
الأدلة:
1- قوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج:29]. وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن الحِجْر من البيت، فكان من الطواف بالبيت الطواف من وراء الحِجْر. قال ابن تيمية رحمه الله: (ولا يخترق الحِجْر في طوافه، لما كان أكثر الحِجْر من البيت، والله أمر بالطواف به، لا بالطواف فيه)[80].
2- ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَأَلْتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الْجَدْرِ[81]، أَمِنَ الْبَيْتِ هو؟ قال: «نعم»[82].
3- ما جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «صَلِّي في الْحِجْرِ إن أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّمَا هو قِطْعَةٌ من الْبَيْتِ»[83]. وجه الدلالة: ما دام الحِجْر من الكعبة فلا يجوز اختراقه في الطواف، بل الواجب الطواف من ورائه؛ لأنه من الكعبة.
4- مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الطواف من وراء الحِجْر[84]، وهو القائل: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هذه»[85]. وجه الدلالة: اللام في قوله صلى الله عليه وسلم: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ» لام الأمر، (وتقديره: هذه الأمور التي أتيتُ بها في حجتي، من الأقوال والأفعال والهيئات، هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم فخذوها عني، واقبلوها، واحفظوها، واعملوا بها، وعلِّموها الناس)[86].
5- الطواف من وراء الحِجْر هو (عمل الخلفاء الراشدين أيضاً رضي الله عنهم، وغيرهم من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم أجمعين)[87]. وعليه؛ فلا يجوز بأيِّ حالٍ من الأحوال الطَّوافُ من داخل الحِجْرِ، ومَنْ فَعَلَ ذلك في أحد أشواط الطَّوافِ أو بعضِها، فعليه إعادتُها ليصِحَّ طوافه.
[1] انظر: المجموع، (8/ 24)؛ نهاية المحتاج، (3/ 282).
[2] انظر: حاشية العدوي، (1/ 665).
[3] انظر: المبسوط، للسرخسي (4/ 11).
[4] انظر: معجم مقاييس اللغة، (2/ 138).
[5] انظر: الكعبة وبعض أحكامها المهمة، د. شرف بن علي الشريف، مجلة جامعة أم القرى، السنة العاشرة، عدد: 14، 1417هـ. (ص151).
[6] انظر: تبيين الحقائق، (2/ 17)؛ البحر الرائق، لابن نجيم (2/ 352).
[7] رواه البخاري، (3/ 1410)، (ح3674).
[8] رواه البخاري، (2/ 573)، (ح1507)؛ ومسلم، (2/ 973)، (ح1333).
[9] الزَّرْبُ: الحَظِيرة. والزَّرِبُ: موضعُ الغَنَم، يُسمَّى زَرْباً وزَرِيبة. انظر: تهذيب اللغة، (13/ 137).
[10] انظر: أخبار مكة، (1/ 65)؛ فتح الباري، (6/ 406).
[11] انظر: الكعبة وبعض أحكامها المهمة، (ص151).
[12] نقل السيوطي رحمه الله في (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي)، (ص277)، عن ابن الجوزي رحمه الله قال: (ما أحسن قول القائل: إذا رأيتَ الحديثَ يُباين العقول، أو يُخالف المنقول، أو يُناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع. قال: ومعنى مناقضته للأصول: أن يكون خارجاً من دواوين الإسلام؛ من المسانيد والكتب المشهورة).
[13] تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، (1/ 69).
[14] معجم المناهي اللفظية، (ص202).
[15] رواه البخاري، (2/ 573)، (ح1507)؛ ومسلم، (2/ 973)، (ح1333).
[16] انظر: مواهب الجليل، (3/ 71).
[17] المراد بالوجه عند الشافعية: ما يستخرجه أصحاب الإمام الشافعي غالباً من كلام الإمام الشافعي وقواعد وضوابطه، وقد تكون الأوجه باجتهاد منهم من غير ملاحظة كلامه. انظر: شرح الجلال المحلي على المنهاج، (1/ 13).
[18] انظر: نهاية المحتاج، (3/ 273).
[19] انظر: فتح القدير، (2/ 452)؛ تحفة الفقهاء، (1/ 402).
[20] انظر: فتاوى ابن تيمية، (26/ 121).
[21] (حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ): أي: حين بنتها.
[22] رواه مسلم، (2/ 969)، (ح1333).
[23] رواه مسلم، (2/ 971)، (ح1333).
[24] شرح النووي على صحيح مسلم، (9/ 91).
[25] فتح الباري، (3/ 443).
[26] رواه الترمذي، (3/ 225)، (ح876) وقال: (حسن صحيح)؛ وقال الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (1/ 451)، (ح876): (حسن صحيح).
[27] صحيح ابن خزيمة، (4/ 335).
[28] فتح الباري، (3/ 447).
[29] انظر: الأحكام الفقهية المتعلقة بالحَطيم، د. سائد بن محمد بكداش (ص5).
[30] انظر: الكعبة المعظمة والحَرمان الشريفان عمارةً وتاريخاً، د. عبيد الله الكردي (ص104).
[31] انظر: التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، لمحمد طاهر الكردي (2/ 576).
[32] الذراع يعادل: (2ر46سم).
[33] ذكر النووي رحمه الله - في شرحه على صحيح مسلم، (9/ 91) - مقدار ما هو من البيت من الحِجْر، فقال: (قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ». وفي رواية: «وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ). وفي رواية: «خَمْسَ أَذْرُعٍ». وفي رواية: «قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ». قال أصحابنا: ست أذرع من الحجر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد خلاف).
[34] انظر: الإيضاح والتبيان لمعرفة المكيال والميزان، لابن الرفعة، تحقيق: د. محمد أحمد الخاروف (ص77).
[35] انظر: أخبار مكة، للأزرقي (1/ 320).
[36] انظر: مكة المكرمة تاريخ ومعالم، (ص62).
[37] موطأ الإمام مالك، (1/ 364).
[38] رواه البخاري، (2/ 573)، (ح1507)؛ ومسلم، (2/ 973)، (ح1333).
[39] رواه البخاري، واللفظ له، (1/ 189)، (ح483)؛ ومسلم، (2/ 967)، (ح1329).
[40] شرح صحيح البخاري، لابن بطال (2/ 116ـ117).
[41] (قُبُلِ الْبَيْتِ): قال الخطابي: قُبُل كلِّ شيء وقبلته: ما استقبلك منه. وقال القلعي: قُبُل البيت، أي: بحيث تُقابله وتُعاينه. وقال النووي: المراد بقُبُلها: وجهها؛ لأنه جاء في رواية في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ في وَجْهِ الْكَعْبَةِ) [رواه البخاري، (1/ 392)، (ح1114)]. قال: وهذا أحسن ما قيل فيه. انظر: البدر المنير، لابن الملقن (3/ 427-428).
[42] رواه مسلم، (2/ 968)، (ح1330).
[43] رواه مسلم، (2/ 968)، (ح1331).
[44] (اسْتَقْصَرُوهُ) أي: قصروه عن تمام بنائه؛ لقلة النفقة. انظر: تحفة الأحوذي، (3/ 524).
[45] تقدم تخريجه، هامش رقم (26).
[46] صحيح ابن خزيمة، (4/ 335).
[47] المجموع، (8/ 197)؛ وانظر: مغني المحتاج، (1/ 511).
[48] انظر: الأحكام الفقهية المتعلقة بالحَطِيم، (ص8).
[49] رواه البخاري، (3/ 1410)، (ح3674).
[50] رواه مسلم، (1/ 156)، (ح172).
[51] (فَجَلَّى اللهُ لي بَيْتَ الْمَقْدِسِ): أي: كشَفَ الحُجُبَ بيني وبينه، حتى رأيتُه. انظر: تحفة الأحوذي، (8/ 449).
[52] رواه البخاري، (4/ 1734)، (ح4433).
[53] أورده الفاكهي في (أخبار مكة)، (1/ 276). ورواه الترمذي، (3/ 292)، (ح959) وحسنه. وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (1/ 491)، (ح959).
[54] رواه الأزرقي في (أخبار مكة)، (1/ 316).
[55] انظر: المبسوط، (2/ 79)؛ بدائع الصنائع، (1/ 121).
[56] انظر: الأم، (1/ 98)؛ روضة الطالبين، (1/ 214).
[57] انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، (1/ 229).
[58] انظر: المبدع، (1/ 298)؛ الإنصاف، (1/ 496).
[59] انظر: سنن الترمذي، (3/ 223).
[60] انظر: المجموع، (3/ 194).
[61] انظر: تفسير القرطبي، (2/ 159).
[62] رواه مسلم، (2/ 967)، (ح1329).
[63] انظر: التمهيد، (15/ 320)؛ سنن الترمذي، (3/ 223).
[64] سنن الترمذي، (3/ 223).
[65] تقدم تخريجه، هامش رقم (26).
[66] شرح معاني الآثار، للطحاوي (1/ 392).
[67] رواه البخاري، (1/ 128)، (ح328).
[68] انظر: المصادر المتقدمة في حكم صلاة الفريضة، في الهوامش (55-60).
[69] الذراع مُؤنَّث، ويجوز تذكيرُه، وفي حال التأنيث تكون الجملة: (الأذرع السَّبع).
[70] انظر: الأحكام الفقهية المتعلقة بالحَطِيم، (ص22).
[71] انظر: مواهب الجليل، (1/ 511-512)؛ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (1/ 228-229).
[72] انظر: المجموع، (3/ 193)؛ نهاية المحتاج، (1/ 418).
[73] انظر: كشاف القناع، (1/ 300)؛ الإنصاف، للمرداوي (2/ 8).
[74] تقدم تخريجه، هامش رقم (26).
[75] رواه مسلم، (2/ 969)، (ح1333).
[76] رواه مسلم، (2/ 971)، (ح1333).
[77] انظر: المنتقى، للباجي (2/ 283)؛ مواهب الجليل، (3/ 70).
[78] انظر: المجموع، (8/ 60)؛ روضة الطالبين، (3/ 80).
[79] انظر: المغني، (3/ 397)؛ الفروع، (3/ 499).
[80] مجموع الفتاوى، (26/ 121).
[81] الجَدْر: هو الحِجْر.
[82] رواه البخاري، (2/ 573)، (ح1507)؛ ومسلم، (2/ 973)، (ح1333).
[83] تقدم تخريجه، هامش رقم (26).
[84] انظر: "حديث جابر الطويل" في صحيح مسلم، (2/ 886)، (ح1218).
[85] رواه مسلم، (2/ 943)، (ح1297).
[86] شرح النووي على صحيح مسلم، (9/ 45).
[87] مناسك النووي، (ص231).
التعليقات