عناصر الخطبة
1/ مآسي الحكم البعثي النصيري في سوريا 2/ أمانة الحكم ومسئولياته 3/ صور من غش الحكام لشعوبهم 4/ فضائل أرض الشام 5/ الحزن لمصائب المسلمين 6/ وجوب مناصرة المسلمين كل بقدر استطاعته 7/ النظام السوري من أسوأ أنظمة الحكم وأشدها حقدا 8/ حرمة دماء المسلميناهداف الخطبة
اقتباس
إن معاناة الشعوب عظيمة، فقد عانت شعوب كثيرة في العالم الإسلامي للظلم عقود من الزمان كما هو على سبيل المثال في سوريا أو في ليبيا، ولما كانت الأمة كما أسلفنا أمة واحدة كالجسد الواحد وجب علينا أن نألم لألمهم وأن تمرض قلوبنا وتعكر صفو أذهاننا لما يدور في تلك البلاد وإن...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
تعيش سوريا أيها الإخوة الأفاضل حكمًا دكتاتوريًا منذ أكثر من أربعة عقود شهدت خلالها أحداثًا جسامًا أهمها أحداث حلب، وما أدراك ما حلب يوم قامت طائرات النظام ودباباته من الأرض فسوت بهذه المدينة الأرض إلا بقايا من تلك المدينة، لقد خبر أبناء سوريا ما جرى لهم وما حدث لهم من ذلك النظام الذي استمر يحكمهم بقهره وجبروته أكثر من أربعة عقود.
وبالمقابل تسقط الجولان في نفس تلك الفترة التي يدك فيها المسلمون وبيوت المسلمين ومنارات مساجد المسلمين تسقط الجولان، ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا لم تطلق رصاصة واحدة في نحور اليهود بل ظل ذلك النظام صمام أمان من جهته لذلك العدو الغاشم الذي احتل أرض فلسطين، والذي لا يزال يدنس المسجد الأقصى، والذي لا يزال يهتك الحرمات ويسفك الدماء ويحاصر الأبرياء وييتم الأطفال ويرمل النساء.
لم تطلق رصاصة واحدة إلى يومنا هذا في صدر ذلك العدو الغاشم إن النظام في سوريا إنما هو مثال لتلك الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت كثيرًا من البلاد الإسلامية طولاً وعرضًا في تونس في ليبيا في مصر عانت منها الشعوب عقودًا من الزمان.
وإن مما أوجب الله تعالى على أهل العلم أن يبينوا للناس الحق قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) [آل عمران: 187].
إن من سنة الله تعالى بين الناس أنه صنّف الناس إلى حاكم ومحكوم، أنه صنّف الناس ما بين قوي وضعيف، أنه صنّف الناس ما بين آمر ومأمور وقاض ومقضي عليه، إن المسئولية عظيمة، إن المسئولية بين يدي الله عز وجل على عاتق الحكام حيث ما حلوا، وعظيمة جدًا سواء كان هذا الحاكم يحكم مسلمين أو يحكم كفارًا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه».
وبيّن صلى الله عليه وآله وسلم عظم التبعة على من تولى شيئًا من أمور المسلمين ثم ظلمهم بشيء فقال: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به»، وقال: صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة».
والغش يكون في حكمهم بغير ما أنزل الله أو بنهب ثرواتهم أو بعدم تفقد أحوالهم أو بعدم توفير حاجتهم من الخدمات الأساسية، ولقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن يجعل الحاكم بينه وبين الناس حواجب وحواجز تمنعهم من أن يصلوا إليه، ومن أجل أن يرفعوا إليه شكواهم فيجوع الجائع وييتم الصغير وترمل المرأة وهو لا يدري عنهم شيئًا بل هو يعيش في القصر المنيف ويركب السيارة الفارهة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من ولاه الله- عز وجل- شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخَلتهم (الحاجة) وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره».
أيها المسلمون: فقد عانت بلاد الشام خلال عشرات السنين الماضية من حكام ظلمة، ظلموا الناس في أموالهم وحقوقهم وانتهكوا أعراضهم وجلدوهم وسجنوهم، ولم يحكموا بينهم بالعدل، وإن مما نرى في هذه الأيام ما يقع على إخوتنا في سوريا في طولها وعرضها ونشر الرعب، وتدمير المنازل وقطع الكهرباء والمياه، ومنع قوافل الإغاثة من الوصول إليهم إنه لشيء مفجع مريع مرعب للغاية مع تكتيم للإعلام ومنع الإعلام الحر من نقل الحقيقة هذا كله ينبئ فيما بعد إذا انكشفت الأمور وانجلت الحقائق عن تدمير مرعب للناس وللممتلكات.
إن الشام بارك الله تعالى فيها كما بارك في اليمن، لكن حكامها أذهبوا البركة منها بحكمهم الظالم الجائر الغاشم يقول: صلى الله عليه وآله وسلم «طوبى للشام، إن ملائكة الرحمن لباسطة أجنحتها عليه». وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الشام أرض المحشر والمنشر».
كما أخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن نارًا تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى أرض المحشر وهي الشام، إن الأمة أمة واحدة والأمة كالجسد الواحد والأمة كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضًا، يحرم على أي مسلم أن يفرح لما يدور في تلك البقاع ولما يدور في ليبيا أو في أي ساحة من الساحات في بلاد الإسلام يحرم أن يفرح أي مسلم بما يدور من إراقة الدماء، ومن هتك أعراض النساء، وكذلك من تدمير بيوت الله تعالى أو تدنيس المصاحف ودوسها بالأقدام وغيرها، فإن هذا منبئ عن مرض في قلب ذلك الذي يفرح بمثل هذه الحوادث المؤلمة.
إن أي قطرة دم تراق في أي بلد مسلم يجب على المسلم أن تتفطر وتتقرح كبده وأن تسيل دموعه حزنًا وكمدًا على ما يدور في بلاد الإسلام لا لشيء إلا من أجل الحفاظ على مصلحة شخصية فحسب، إن الأولى أن تراعى مصلحة البلدان ومصلحة الأوطان ومصلحة الشعوب، ولكن الفرح بمثل ما يدور في ليبيا أو في سوريا ينبئ عن مرض في القلوب عياذًا بالله تعالى من ذلك لكن مهما طال الظلم ومهما طال الظلام فإنه منجلٍّ بإذن الله تعالى.
من لم يكن بالحادثات بصيــرًا *** فلسوف يلقى الويـل والتتبيـرا
تتكلم الأحــداث وهي فصيحـة *** ونـرى المكـابر يخطئ التقديـرا
كم نـام عن جيش الحوادث ظـالم *** فـأتى يعفر وجهـه تعفيـرًا
للظلم مهما طــال عــاقبة بها يغدو *** جليل الظـالــمين حـقيـرًا
سل عـن الأحداث تونس إنهـا *** خلعت رئيســًا جـاثمًا ووزيـــرا
مرت به السنـوات لــم يفهـــم *** كمــا مرت بسائمة تلوك شعيـرًا
حتى إذا فــات الأوان وأقبلت *** ريح الحـــوادث جمــرة وسعيـرا
فهم الحكـاية كـلهـا لكنـه *** فهم الغـــريق بموجها معــمـورا
وسـل بـــلاد النيـل مصر فإنهـا *** صنعت لنـا حــدثــًا هناك مثيـــرًا
حفر المكــابـــر حفــرة مشئومــة *** فرمته في أعمـاقها مــطمورا
وانظـر إلى الشعب الجريح مجاهدًا *** في ليبيــا يلقى البغاة صبـورًا
وتـأمــل الـذئب الـذي لـم ينتبه *** إلا عــلى مــأساته مبهــــورًا
متخفيــًا إلا على شاشـاته *** يهذي ويشتـم تــائهــًا مذعــورًا
مـا بين زنقته وزنقة جنــده *** تجري دمـاء الأبـرياء بـحــورًا
طــوبى لمن قرأ الحوادث وعيًا *** وجثـا على باب الإله كسيرًا
هذه الشعوب ستنتصر بإذن الله تعالى مهما طال ليلها وطال الظلم والعذاب ستنتصر فالأعمار القصيرة والبقاء لله تعالى ثم للشعوب.
إن معاناة الشعوب عظيمة، فقد عانت شعوب كثيرة في العالم الإسلامي للظلم عقود من الزمان كما هو على سبيل المثال في سوريا أو في ليبيا، ولما كانت الأمة كما أسلفنا أمة واحدة كالجسد الواحد وجب علينا أن نألم لألمهم وأن تمرض قلوبنا وتعكر صفو أذهاننا لما يدور في تلك البلاد وإن مناصرة المسلمين ولو بالدعاء أمر واجب يقول صلى الله عليه ,آله وسلم: «ما من امرئ يخذل امرأً مسلمًا في موضع تُنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في مواطن يحب نصرته».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «… المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».
الشام أيها الإخوة: حاضرة الإسلام وقدرها الوحيد وهي أن تحيى بالإسلام ولم نعلم خلال السنوات الماضية نظامًا عربيًا أعظم إجرامًا من النظام السوري ولم تجتمع بلايا في أي نظام سياسي كما اجتمعت في هذا النظام، ولم يخن الإسلام والعروبة أحد كخيانة ذلك النظام وهاهو ابتدأ بدموية ويختمها بدموية ها هي خلاصة تجاربه وها هي خلاصة ذلك النظام خيانات طيلة أربعين عامًا هذا الذي يحكم سوريا بالحديد والنار بنظام رعب وبث الاستخبارات يختمونها بهذه المجازر لقد مُلئت السجون بالأطفال والنساء والشيوخ والشباب ولقد رأيناهم وهم يرصون الشباب الثائرة على بطونهم مكتوفي الأيدي إلى الخلف ويدوسونهم بأقدامهم على ظهورهم بأحذيتهم القذرة، بل وعلى وجوههم.
لقد رأيناهم كيف يعذبون الأطفال الأبرياء حتى الموت كما حصل للطفل حمزة الخطيب فكيف بالشباب بل والكبار، لقد رأينا أيضًا مدرسًا سلخ جلده وعذب حتى الممات ولا يزال الإعلام السوري يكذب ويضلل على العالم، ويدعي أن ذلك فبركة في درعا في المدن الأخرى تغلق المساجد لأنها تستخدم كمستشفيات ميدانية مما اضطر أهل درعا وغيرها إلى فتح بعض الكنائس لاستخدامها لنفس الغرض، المساجد تُدك وتدمر بالدبابات ملئت أسطح المباني بالقناصة من أبناء الطائفة النصيرية الحاقدين على الإسلام والمسلمين وشُوهد مجموعة من القناصة من لبنان وإيران لمساعدة أولئك البلطجة الظالمين، بل وصل الأمر بالنظام إلى قتل الجنود النظاميين الذين لا ينصاعون للأوامر ثم تشيع جثامينهم على أنهم شهداء قُتلوا على أيدي أولئك المتظاهرين تارة بمسميات الإخوان المسلمين وتارة بالسلفيين وتارة بتنظيم القاعدة وما عرفنا أحدًا رفع سلاحًا من أولئك بل لا يزالون في المنفى مطاردين ومهجرين منذ أكثر من أربعين عامًا.
إنني هنا أذكر بحرمة الدماء وتتحمل الأنظمة كبر إثم ذلك دنيا وأخرى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
أيًّا كان هذا القاتل ومن أي طرف كان هذا القتل لمؤمن غير متعدٍ وغير ظالم فإنه يتحمل الظلم ويتحمل الإثم قال صلى الله عليه وآله وسلم «… فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه».
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركًا أو مؤمنًا قتل مؤمنًا متعمدًا».
إن الإيمان منفي عن من يقتل مؤمنًا متعمدًا قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا…) [النساء: 92]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من قتل مؤمنًا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً». وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم».
هذه هي سوريا وذاك هو نظامها يقمع متظاهرين سلميين ليس لهم غرض إلا أن يشموا نسمات الحرية أن تكون لهم حرية كأي شعب من الشعوب ما فضلت أمريكا ولا بريطانيا ولا فرنسا على المسلمين بشيء أن ينالوا حريتهم وأن يقولوا كلمتهم بحق وأن يكون لهم الحق في أن يشكلوا منظماتهم السياسية أو المدنية والاجتماعية الخيرية ما الفرق بين هؤلاء وهؤلاء إلا أن تلك الأنظمة أنظمة جائرة ظالمة تسعى لسفك الدماء، كما أنها تصعد على رقاب المسلمين.
أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يعجل بالفرج للمسلمين في كل مكان وأن يحقن دماء المسلمين عامة ودماء اليمنيين خاصة إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
لم ترد.
التعليقات