عناصر الخطبة
1/ من أعظم النعم على هذه البلاد بعد نعمة الإسلام 2/ عِظم كيد الأعداء لبلادنا 3/ الجرأة على الدماء والتساهل في أمرها 4/ اعتداء غاشم وظلم عظيم.اقتباس
لقد آلمنا ما حصل في الأيام الماضية من عمل إرهابي بقرية "الدالوة" بمحافظة الأحساء، مما نتج عنه قتل للآمنين الأبرياء، وجرح لبعضهم، وقتل لبعض رجال الأمن، وهذا عمل منكر وجرم شنيع ينافي الدين والشرع والقيم والأخلاق، وينمّ عن خبث في قلوب منفذيه، الذين لم يراعوا حرمة الدماء المعصومة، والحفاظ على لحمة وتماسك هذا الوطن الآمن المستقر، بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي...
الخطبة الأولى:
أما بعد: عباد الله: قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
من أعظم النعم علينا في هذه البلاد نعمة الإسلام ونعمة التوحيد: دولة قامت على الكتاب والسنة منذ عهد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله-، وهي مستمرة ولله الحمد، وستستمر بإذن الله ما دامت متمسكة بهذا الأصل التي قامت عليه، ولن يضرها من خالفها ولا من خذلها؛ فعَنْ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" (رَوَاهُ مُسْلِمُ) .
إن هذه البلاد -ولله الحمد- تنعم بنعمة الأمن والاستقرار، والإيمان ووفرة الأرزاق، وهذا من الله سبحانه .
عبدالله: هذه البلاد محسودة من قِبل الأعداء من الداخل ومن الخارج، من كفار ومنافقين، وأذنابهم ممن ينادي بصوتهم، وينعق بكلامه، فهي مستهدَفة في عقيدتها، ومستهدَفة في أمنها واستقرارها، ومستهدَفة في شبابها وأبنائها، فلا يزال غزو الكفار يتوالى ويتنوع لهذه البلاد كما تعلمون، فهم يغزون العقيدة لإفسادها، ونشر البدع والشرك بالله -عز وجل- والخرافات والسحر، ولكن -ولله الحمد والمنة- لا يزال في المسلمين من العلماء الربانيين في هذه البلاد من يتصدى لهم ويرد هذه المكائد ويدحضها بحجج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة..
وهي مغزوة أيضاً في أمنها واستقرارها، وأنتم تشاهدون الحملات تلو الحملات، يدسّون علينا من المتشددين باسم الإسلام، ومن أبنائنا من يحمل هذا الفكر الضالّ، ويريد تقويض هذه البلاد وأمنها، ويمدونهم بالسلاح المتنوع، كما تعلمون ذلك مما ينشر بين الحين والآخر مما يعثر عليه مما يخزَّن ضدكم، وعلى يد بعض من يسكن هذه البلاد من الطوائف المنحرفة والمعادية لمذهب أهل السنة والجماعة، من أمثال الخوارج وغيرها، والتي كشّرت عن أنيابها في عداوتها لهذه البلاد وعلمائها وولاة أمرها، فهم يعيثون في هذه البلاد الفساد، ويقتلون ويفجّرون، ويدمرون ويهلكون الحرث والنسل بزعمهم أن هؤلاء كفار، وأنهم يتعاونون مع الكفار، والمشاهد عكس ذلك؛ لأن القتل والتدمير للمسلمين وللمستأمنين ولمن يعيش في بلاد الحرمين بأمن وأمان وراحة واطمئنان، فكل من يعيش في بلاد الحرمين فهو آمن: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال:30].
عباد الله: إن الجرأة على الدماء والتساهل في أمرها إنما هي جرأة على محارم الله، واعتداء على حدود الله، وتلاعب بشرع الله، وخروج على ولي الأمر في هذه البلاد المباركة، وهذا في الحقيقة يعتبر جرماً عظيماً وخطراً جسيماً، وهو محرم في شرع الله -تبارك وتعالى- لما يترتب من الخروج على ولي الأمر من فساد كبير وشر عظيم، ومن مقتضى البيعة: النصح لولي الأمر لا الخروج عليه، ومن النصح الدعاء له بالتوفيق والهداية، وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
عباد الله: لقد آلمنا ما حصل في الأيام الماضية من عمل إرهابي بقرية "الدالوة" بمحافظة الأحساء، مما نتج عنه قتل للآمنين الأبرياء، وجرح لبعضهم، وقتل لبعض رجال الأمن، وهذا عمل منكر وجرم شنيع ينافي الدين والشرع والقيم والأخلاق، وينمّ عن خبث في قلوب منفذيه، الذين لم يراعوا حرمة الدماء المعصومة، والحفاظ على لحمة وتماسك هذا الوطن الآمن المستقر، بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي، ولكم أن تتأملوا الفرق -أيها الأحبة- بين القاتل والمقتول، فأما رجال الأمن فقد ثبت عَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).
وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ رِزْقَهُ، وَأَمِنَ مِنَ الْفَتَّانِ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ" (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) .
قال الطيبي - رحمه الله -: أي يقدر له من العمل بعد موته كما جرى منه قبل الممات وأجري عليه رزقه أي يرزق بالجنة كالشهداء، ذلك إذا قصد حراسة الدين وحراسة المسلمين وإعلاء كلمة الله.
هذا رجل الأمن، وأما القاتل له من هؤلاء البغاة الخارجين عن الجماعة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ) .
قال أهل العلم: ومن إهانة السلطان إهانة جنده، أي: إهانة جنده في تلك البلاد، وأيّ إهانة أعظم من القتل، فلينتظر القتلة لرجال الأمن الهوان في الدنيا ويوم القيامة إن لم يغفر الله لهم، كما قال جلَّ وعلا: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد: عباد الله: يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء: "إن ما جرى في الأحساء من هذا الاعتداء الغاشم والظلم العظيم إنما هو من قلوب مريضة تريد إشعال الفتنة بين الناس بعضهم بعضا، ويأبى الله ذلك" .
وقال: "إن هذا إرهاب عدواني ظالم غاشم، لا خير فيه، يجب أن يُعَاقَب فاعلوه عقوبة رادعة تؤلمهم؛ لأن هذا مجتمع آمن مطمئن، وإن التعدي على الدماء والأعراض أمر محرم في شريعة الله وشرائعه السابقة" .
فاتقوا الله عباد الله، ألا وصلوا عباد الله على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين.
التعليقات