اقتباس
وبذلك أحكمت سلطات الاحتلال على بلوشستان إلى وقتنا الحاضر. ومنهجية الممارسات العنصرية والقمعية الإيرانية في بلوشستان تعتبر الأخطر والأكثر تركيزاً؛ نظراً للمقاومة الشديدة والعنيفة التي أبداها البلوش السنّة تجاه الاحتلال الفارسي الإيراني لبلادهم، ومن أبرز معالم هذه المنهجية ..
تاريخ من القتل يبني دولة الدم والارهاب
في القرن الخامس عشر الميلادي تحرك 40 ألف مقاتل في بلاد فارس يجوبون القرى والمدن القريبة، يصنعون ناراً هائلة في كل قرية يصلون إليها، ويتم تخيير السكان بين الإيمان بـ "12 إماماً"، والدخول في المذهب (الاثنا عشرية) الذي كان غريباً على معظم أهل بلاد فارس، أو يتم إلقاؤهم في تلك النار بمن فيهم من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب؛ فيوافق البعض مكرهاً، ويأبى البعض الآخر؛ أنفة وعزة أن يترك دينه وعقيدته، ويتحول إلى عبد من عبيد الأئمة والخرافات، فيكون نصيبه الإلقاء في النار.
فخلال عقد من الزمان ومن أجل بناء دولة التشيع قتل إسماعيل الصفوي مليون سني فارسي، وأجبر الباقين على التشيع، وأخلى الهضبة الإيرانية تقريباً من أهل السنّة. وعلى مثل الوحشية والدموية وانتهاك حقوق الإنسان قامت الدولة الصفوية، والتي تعتبر إيران الخمينية الحديثة امتداداً تاريخياً وسياسياً وطائفياً لها.
تاريخ القتل وانتهاك حقوق الإنسان في إيران الخمينية لا يختلف عن الأم إيران الصفوية؛ فمثلاً يعد شهر يوليو من عام 1988 الشهر الأكثر دموية في التاريخ الإيراني الحديث، حيث أصدر الخميني فتوى سرية باعتبار أن أعضاء "مجاهدي خلق" المعارضة لحكمه محاربون لله، وأنهم مرتدون عن الإسلام"، وجاءت النتيجة بتنفيذ مذبحة حقيقية وإعدامات جماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين من الزمن، وبقيت المجزرة قيد الشك والمعلومات القليلة إلى أن أخرج أحمد منتظري نجل المرجع الشيعي الراحل آية الله منتظري تسجيلاً صوتياً يدين مسؤولين في النظام الإيراني، ويثبت قيام النظام الإيراني حينها بتنفيذ الإعدامات الجماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين.
الوثيقة الصوتية جاءت بمثابة قنبلة إعلامية لم تفقد قيمتها رغم حذف الملف الصوتي بطلب من وزارة الأمن، وفي الوثيقة الصوتية أبدى آية الله منتظري مسرب وناشر الوثيقة والذي كان يشغل حينها منصب نائب الولي الفقيه، أبدى احتجاجه على الإعدامات، ووصف الإعدامات وقتها بأنها أبشع جريمة ترتكبها الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ تأسيسها في عام 1979، وتم عزله من منصب نائب الولي الفقيه بسبب معارضته لإعدامات 1988.
معايير حقوق الإنسان في دولة القمع والاضطهاد
مفهوم حقوق الإنسان من وجهة النظر الإيرانية قاصر على الإنسان الذي يتوافر فيه عنصران أساسيان هما عماد الثقافة والرؤية الإيرانية للمواطن الصالح والمستحق لحقوقه كاملة وهما: التشيع والفارسية. وما عداهما من سنّة أو عرب أو كرد أو تركمان أو بلوش فهم مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة لا يستحقون أن يعاملوا وفق معايير حقوق الإنسان في الإسلام والمواثيق الدولة. وتوافر عنصر دون الآخر لا يكفي وحده لنيل الحقوق كاملة وفق النظرة الإيرانية، فكون الإنسان شيعياً غير فارسي لا يوجب له نفس القدر من التكريم والاحترام، وكذلك إذا كان فارسياً سنياً.
الطائفة والقومية هما أهم عناصر قيام إيران الحديثة والوريثة الشرعية للدولة الصفوية عتيدة الإجرام والعداء لعموم العالم الإسلامي والعربي. وعندما وصل آية الله الخميني إلى السلطة تحدث كثيراً عن تأسيس الدولة المشابهة للدولة الأم (الصفوية)، وعلى هذه الأسس تم وضع الدستور الإيراني الذي ينص في المادة (12) على أن: "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري (الاثنا عشرية)، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير". ويعتبر هذا العنصر في النظام الحاكم الإيراني أحد أبرز العناصر في سياسته الداخلية إلى جانب الشعور القومي (الآرية الفارسية)، حيث يؤمن القوميون الإيرانيون: إن الفاتحين العرب استخدموا القوة لإجبار الإيرانيين على الدخول في الإسلام! بل يرى المثقفون القوميون حتى الإصلاحيون منهم أن الفتح الإسلامي إنما هو غزو المتوحشين ضد الزراد شتيين (المجوس) المثقفين.
وعن طريق المزج المتعمد، والرغبة المتأججة في الانتقام لانهيار عرش كسرى الفرس تحت أقدام خيول الصحابة رضوان الله عليهم، مزج الفرس بين العروبة والتسنن. فشكلت الحالة "السنية" في الوعي الفارسي مرادفاً لـ "العربية" منذ بداية الدولة الصفوية، وتمَّ إجبار المجتمع على التحول إلى "التشيع" كآلية مناهضة للثقافة العربية، تزامنت مع حالات الاختراق للدول العربية؛ سواء الاختراقات السياسية، أو الصناعات المذهبية اللاحقة.
فكون الإنسان سنياً في إيران فهي كفيلة بإهدار معظم حقوقه خاصة تلك المتعلقة بحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، أضف إلى ذلك أن يكون سنياً عربياً، وهذا يعني مواطناً معدوم الحقوق من الدرجة العاشرة، بحيث تكون الحيوانات والجمادات أحسن حالاً منه، أما إذا كان عربياً سنياً وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة أو السلف الصالح فهذا يصنف في إيران على أنه أخطر أعداء الدولة، حيث يتم سنويا اعتقال المئات بسبب عقيدته؛ فمنهم من يسجن ويعذّب، ومنهم من يحكم عليه بالموت ويعدم عبر المشانق في ميادين عامة تحت مرأى ومسمع من العالم المتحضر.
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في التقرير العالمي 2017 إن قوات الأمن والمخابرات هما أكثر من انتهك حقوق الإنسان في إيران، حيث فرضت السلطات بشكل متكرر قيودا خانقة على حرية التعبير والمعارضة، وواجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والفنانون والصحافيون أحكاما قاسية بتهم أمنية مريبة، وزُج العشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المعتقلات بسبب أنشطتهم السلمية أو المهنية.
ووثقت الهيومان رايتس ووتش أكثر من 230 إعداماً في النصف الأول من عام 2016، وبهذا تبقى إيران الرائدة إقليمياً في عمليات الإعدام، وفي عام 2015 أعدمت إيران ما بين 966 و1055 شخصا، ووثقت منظمات حقوق الإنسان إعدام 4 أحداث على الأقل في 2015، في خرق التزامات إيران بمقتضى القانون الدولي، ومن أبرز الإعدامات في عامي 2015 و2016 إعدام شهرام أميري العالم الإيراني متخصص في الفيزياء النووية في آب 2016.
ووفقاً لأرقام منظمة العفو الدولية فإن إيران أعدمت 694 شخصا في 7 أشهر في العام الماضي 2015 بمعدل 3 إعدامات يومية، وفي الشهر الأول من العام 2015، تمت المصادقة على أحكام إعدام صادرة بحق 27 شيخا وداعية من أهل السنة بتهمة الدعاية ضد النظام.
أقليات مسحوقة
يصل عدد سكان إيران إلى 79 مليون نسمة، وتحاول السلطات الإيرانية عدم نشر إحصائية رسمية بالتوزيع العرقي؛ بسبب سياستها القائمة على تفضيل العرق الفارسي، لكن تقديرات دولية تشير إلى أن الفرس يشكلون 51% والأذريين (أتراك) 24% والجيلاك والمازندرانيين 8% والأكراد 7% والعرب 3%، واللور 2%، والبلوش 2%، والتركمان 2%، وأعراق أخرى 1%.
الأقلية السنية في إيران ليست أقلية دينية تعيش في مجتمع مغاير لها في عقيدتها، ولكنها أقلية مذهبية إذا جاز التعبير، تعتنق مذهباً إسلامياً مخالفاً للمذهب الفقهي الذي تتبناه الدولة، وبالرغم من كونهم يمثلون أكبر أقلية مذهبية في البلاد (20% بحسب المصادر الأجنبية، و30% بحسب مصادر السنة أنفسهم)، إلا أن مستوى تمثيلهم في مجلس الشورى (البرلمان) والتشكيل الوزاري لا يتناسب مع نسبتهم العددية -14 عضواً من أصل 290 عضواً-.
أهل السنة في إيران (20 مليون نسمة) يتعرضون لمضايقات في مجال أنشطتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية، وهم محرومون من إنشاء كيان سياسي يمثلهم داخل الدولة. مشيرا إلى أن أهل السنة منذ ثلاثة عقود في سعي مستمر للحصول على الترخيص لبناء المسجد في العاصمة، لكن لم توافق الحكومة الإيرانية إلى يومنا هذا.
فأهل السنة يقيمون صلواتهم في المناطق التي يعيشون فيها في أماكن ومنازل مستأجرة، وبشكل عام يتعرضون لمضايقات في المدن الكبرى التي يعيشون فيها كأقليات في قضية الصلوات الخمس مع الجماعة، والجمعة والعيدين، ومناسباتهم الدينية؛ فالتفرقة المذهبية والعنصرية والطائفية هما المحرك الأساسي في دولة "الملالي" التي تحققت فيها كل مظاهر التمييز بين الشيعة والسنة، ورغم المزاعم التي تطلقها إيران من حين لآخر، وانتقاضها اتجاه أحوال الشيعة في البلدان العربية والمتاجرة بهم وتحويل بعضهم إلى أدوات قتل بعد ايهامهم أنهم مضطهدين، إلا أن رائحة المذهبية والاضطهاد وإهدار حقوق الإنسان قد أزكمت بل أدمت قلوب العالمين.
أما الاضطهاد الأكبر لحقوق الإنسان فيتجسد في قضية الأحواز العربية السنية بظروف بالغة الصعوبة والتعقيد؛ نتيجة وقوعه تحت اضطهاد قومي طائفي حاد قل نظيره، منذ أن حلت به النكبة الكبرى في أبريل عام 1925، والمتمثلة في انهيار الحكم العربي في البلاد، وابتلاء الوطن باحتلال إيراني عنصري مستبد بقيادة رضا خان البهلوي الذي التقت نزعاته الشوفينية وطموحاته الاستعلائية الجامحة مع مآرب الدول الاستعمارية الغربية ومصالحها في المنطقة، بعد قيام ثورة البلاشفة عام 1917، في نقطة استراتيجية بالغة الأهمية والخصوصية، وهي إقامة دولة إيرانية قوية تشكل سدا منيعا أمام التغلغل الشيوعي إلى المياه الدافئة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.
وكان ذلك بداية مرحلة مأساوية لم تكتفِ إيران البهلوي خلالها بضم الأحواز إلى سيادتها قسرا، وبمعزل عن إرادة شعبها فحسب، بل بذلت كل ما بوسعها لانتزاع هويته القومية وإلغاء خصوصياته الثقافية وصهر عروبته في بوتقة قومية فارسية مشبعة بتعصب بغيض ضد كل ما هو عربي، وتحويل أبنائه إلى مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، معتمدة على أساليب الترغيب تارة، والترهيب والتهديد، واستخدام سلاح القهر والبطش تارة أخرى.
وكانت من أبرز سمات هذا الصراع تعمد الحكم البهلوي ثم الخميني من بعده طمس معالم العروبة في الأحواز، من استبدال الأسماء العربية التاريخية للمدن والقرى والشوارع بأسماء فارسية مختلقة، إلى منع التحدث باللغة العربية في المدارس والدوائر الحكومية، بل تجاوز ذلك كله إلى التهجير الجماعي واغتصاب الأراضي العربية وزرعها بمستوطنات فارسية، على غرار المستوطنات الاستعمارية المعروفة عبر التاريخ.
والحصيلة النهائية لتلك السياسات العنصرية والممارسات التعسفية تخلفا وتأخرا شديدا في الوطن الأحوازي على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، على الرغم مما تحتويه الأرض من مصادر طبيعية، وثروة نفطية هائلة تشكل نحو 90% من صادرات إيران البترولية، وبها 35% من المياه في إيران، ويقع على رأس الخليج بالقرب من جنوب العراق والكويت، مما يجعل البعض يصف الشعب الأحوازي بأنه أفقر شعب يسكن أغنى الأرض خصوبة وخيرا. وبروز أزمة هوية لدى قطاعات كبيرة من شعب الأحواز العربي السنّي ظلت تضغط بآثارها السلبية على أوضاعهم الداخلية.. ذلك كله مع تدني مستوى الخدمات إلى حد مريع في الإقليم، وتفشي الفقر وارتفاع معدل البطالة إلى أرقام قياسية، وانتشار ظاهرة إدمان المخدرات، وتلوث البيئة ومياه الشرب على نحو فظيع للغاية، وقيام نظام الملالي بوضع مخطط قصب السكر الاستيطاني موضع التنفيذ في المنطقة.
ومن شدة الاضطهاد الإيراني الفارسي الشيعي لأهل الأحواز العرب السنة، وفي سابقة هي الأولى من نوعها حذر برلمانيون إيرانيون من نقمة سكان إقليم الأحواز؛ إذ وجه 68 برلمانيا رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، محذرين من تصاعد النقمة الشعبية في الإقليم ذي الأغلبية العربية، بسبب سياسة انتهجتها إيران اتجاه هذا الإقليم منذ احتلاله مطلع القرن الماضي.
أما اضطهاد إيران للبلوش السنَة فلا يقل بحال عن اضطهادها للأحوازي السنّي، بل يزيد بسبب قوة المقاومة البلوشية ضد الاحتلال الإيراني.
ويقع إقليم بلوشستان إلى الجنوب والجنوب الشرقي من إيران، على الحدود مع باكستان وأفغانستان شرقا، وعلى حدود الإمارات وعُمان غربا، وهو الآن مقسّم بين إيران وباكستان وأفغانستان. وبلوشستان إقليم شاسع، تصل مساحته إلى 780 ألف كيلومتر مربع، ويمتد شريطه الساحلي مِن مضيق باب السلام (هُرمز) حتى مدينة كراتشي في باكستان بطول 1600 كيلومتر، وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد سكان الإقليم يبلغ 20 مليون نسمة، إضافة إلى نحو 700 ألف بلوشي يعيشون خارجه.
وتذهب بعض الآراء التاريخية إلى أن البلوش ينحدرون من عرب اليمن، وقد هاجر أحد أجدادهم إلى بلوشستان سنة 300 قبل الميلاد، وهم في طبائعهم وأخلاقهم أقرب إلى القبائل العربية منهم إلى الفرس أو الهنود. والبلوش هم أحد مكونات ما يعرف بالشعوب غير الفارسية في إيران، أو الشعوب المقهورة في إيران، إضافة إلى عرب الأحواز والأكراد والتركمان، وغيرهم من المكونات التي تعاني الاضطهاد والتهميش.
احتلت إيران الجزء الغربي من مملكة بلوشستان في 5/1/1928م في عهد الطاغية رضا شاه بهلوي بحملة عسكرية همجية على بلوشستان بمؤامرة مع بريطانيا، بعد مجازر بحق الشعب الأعزل في مواجهة قوة السلاح والعتاد الفارسي، وإعدامها حكام وشيوخ مناطق ومدن بلوشستان وعلى رأسهم حاكم بلوشستان الغربية الأمير دوست محمد، بعد رفضه توقيع تسليم بلوشستان والاستسلام، وبذلك أحكمت سلطات الاحتلال على بلوشستان إلى وقتنا الحاضر.
ومنهجية الممارسات العنصرية والقمعية الإيرانية في بلوشستان تعتبر الأخطر والأكثر تركيزاً؛ نظراً للمقاومة الشديدة والعنيفة التي أبداها البلوش السنّة تجاه الاحتلال الفارسي الإيراني لبلادهم، ومن أبرز معالم هذه المنهجية:
1- دفع البلوش إلى التشيع، حتى أن بعض المحكومين بالإعدام يتم تخفيف العقوبة عليهم أو العفو عنهم إذا أعلنوا تشيعهم.
2- مسخ هوية الإقليم، وتغيير أسماء بعض مناطقه، وإبدالها بأسماء فارسية.
3- هدم مساجد أهل السنة في بلوشستان ومدارسهم، ومِن ذلك قيام سلطات الاحتلال الإيراني بهدم مدرسة الإمام أبي حنيفة في مدينة زابل، وهذه المدرسة هي فرع من جامعة دار العلوم الإسلامية في زاهدان، وفيها أكثر من 600 طالب؛ ففي ذلك اليوم أحاطت بمبنى المدرسة أكثر من 80 سيارة تابعة للشرطة وعناصر قوات "الباسيج" الإيرانية المسلحة، وقامت باعتقال الأساتذة والكثير من الطلبة الموجودين فيها، واستولت على كل ما في غرف النوم وصفوف الدرس من أمتعة وأثاث ونقلتها إلى أماكن مجهولة ثم شرعت بتدمير الغرف والصفوف وتسويتها بالأرض تمامًا باستخدام الجرافات. وما ذكرناه آنفا هو مثال واحد فقط على المدارس والمساجد التي هدمتها إيران في بلوشستان.
4- إعدام واغتيال علماء أهل السنة ودعاتهم بعد تلفيق التهم لهم، من قبيل دعم الإرهاب، ولقد قتلت إيران عددا كبيرا من هؤلاء الدعاة، ونكتفي هنا بذكر الدكتور أحمد ميرين سياد، رحمه الله، فهو أول إيراني حصل على الدكتوراه من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وأحد العلماء المتخصصين في الحديث، وقد استشهد سنة 1996م، وكذلك الشيخ علي دِهواري (أحد خريجي الجامعة الإسلامية) الذي اغتالته عناصر الأمن الإيرانية أمام بيته، بعد خروجه من صلاة المغرب، ومن العلماء الذين أعدمتهم إيران: الشيخان عبد القدوس ملا زهي ومحمد يوسف سهرابي
5- تهجير أبناء بلوشستان من مناطقهم، وجلب مستوطنين فرس وشيعة لخلخلة التركيبة الطائفية.
6- تهميشهم في الوظائف والمناصب؛ إذ على الرغم من وجود بعض النواب والمسؤولين المحليين إلاّ أنه لا يوجد بينهم وزير ولا سفير ولا مسؤول ولا محافظ ولا قائد عسكري، كما أن المناصب الرئيسة في الوزارات والمؤسسات الكبرى بل والموظفين هي من نصيب الشيعة الفرس.
7 - تصوير الإعلام الإيراني البلوش بصورة الهمج المتوحشين! بل أكثر من ذلك؛ إذ تمّ تصميم حذاء في غاية القبح في إيران باسم "البلوش".
8- لم يكتف النظام الإيراني بالتضييق على البلوش في الداخل واستهداف رموزه، بل اتجه أيضاً إلى استهداف قيادات المعارضة البلوشية في الخارج، والتضييق عليها وتهديدها.
9- ضعف الخدمات الصحية والتعليمية وإهمال الإقليم إهمالا تاما برغم غناه بالثروات الطبيعية، فبحسب الأرقام الرسمية فإن 120 ألف طالب وطالبة في المحافظة لم يصل إليهم التعليم، وتعد محافظة بلوشستان الأكثر فقراً من بين محافظات البلاد حيث تتجاوز نسب الفقر 50%، والبطالة كذلك، وحصة المحافظة من الميزانية العامة للدولة تعد الأقل من بين جميع المحافظات الإيرانية على الرغم من أن المحافظة تعد ثالث أكبر محافظة في البلاد.
10- فرض قيود كبيرة على الصحف المحلية في المحافظة فهي معطلة أو شبه معطلة في جميع مدن بلوشستان ويخضع ما ينشر منها لرقابة صارمة ومباشرة من قبل الحرس الثوري الإيراني، كما أنه لم ينشر أي كتاب في دور النشر الموجودة في المحافظة.
11- منع تواصل أهل السنة مع إخوانهم في العالم الإسلامي، كما في منع السلطات الأمنية الإيرانية الشيخ عبد الحميد إسماعيل زهي، رئيس جامعة دار العلوم في زاهدان، من السفر إلى مكة المكرمة للمشاركة في مؤتمر لرابطة العالم الإسلامي، بحضور شخصيات إسلامية عالمية. في بداية عام 2016م، كما تكرر المنع قبل ذلك.
12- حرمان البلوش والشعوب غير الفارسية من التعلم بلغتها، وتعلم ما يتعلق بمذهبها.
الأمم المتحدة أصدرت حتى أول أمس 63 قراراً بإدانة إيران في ملف حقوق الإنسان، مع ذلك ما زالت إيران مستمرة في قمع واضطهاد الأقليات الدينية والعرقية، بل وتصدر هذا القمع في البلاد من حولها بتثوير الأقليات الشيعية الموجودة في دول الخليج وآسيا؛ من أجل الثورة وزعزعة استقرار هذه الدول، بل تقوم بما هو أبشع من ذلك في العراق وسوريا باتباع سياسة التغير الديمغرافي وخلخلة التركيبة السكانية بنقل العائلات الفارسية الشيعية من إيران إلى العراق وسوريا؛ فإيران تعمل وفق أجندة طائفية عرقية شديدة التعصب، ولن تردعها قرارات أممية، ولا إدانات حقوقية، ولا معاهدات دولية؛ فمن هذا النوع من العقليات والنفسيات لا يجدي معها نوعاً سوى الحسم والحزم والقوة.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم