اقتباس
وأما الالتفات يميناً وشمالاً فالفقهاء على كراهته، وحُكي اتفاقا، قال الماوردي -رحمه الله تعالى-: "قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-: "ولا أحب أن يلتفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته؛ لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يُسمع أهلها إلا...
من سنن خُطْبة الجمعة أن يَنْظُر الخطيب أمامه، قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "ومن سنن الخُطبة أن يَقْصد الخطيب تِلقاء وجهه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك، ولأنه أبلغُ في سماع الناس، وأعدلُ بينهم؛ فإنه لو الْتَفَتَ إلى أحد جانبيه لأَعْرَض عن الجانب الآخر" ا.هـ.
وأما الالتفات يميناً وشمالاً فالفقهاء على كراهته، وحُكي اتفاقا، قال الماوردي -رحمه الله تعالى-: "قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-: "ولا أحب أن يلتفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته؛ لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يُسمع أهلها إلا خفيَ كلامه على الناحية التي تخالفها، مع سوء الأدب من التلفت".
وَهَذَا كَمَا قَالَ مِنْ سُنَّةِ الْخَطِيبِ أَنْ يَسْتَدْبِرَ بِهَا الْقِبْلَةَ، وَيَسْتَقْبِلَ بِهَا النَّاسَ خطبة الجمعة؛ لِرِوَايَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ يَسْتَقْبِلُنَا بِوَجْهِهِ وَنَسْتَقْبِلُهُ بِوُجُوهِنَا: وَلِأَنَّهُ يَعِظُهُمْ بِخُطْبَتِهِ، وَيُوصِيهِمْ بِتَقْوَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَمُرَاقِبَتِهِ، وَكَانَ إِقْبَالُهُ عَلَيْهِمْ أَبْلَغَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَاسْتِقْبَالُهُمْ بِوَجْهِهِ أَبْلَغَ فِي الِاسْتِمَاعِ لَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِوَجْهِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ، وَلَا يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَلَا يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ أَئِمَّةُ هَذَا الْوَقْتِ، مِنَ الِالْتِفَاتِ يَمِينًا وَشِمَالًا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِيَكُونَ مُتَّبِعًا لِلسُّنَّةِ، آخِذًا بِحُسْنِ الْأَدَبِ؛ لِأَنَّ فِي إِعْرَاضِهِ عَمَّنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، وَقَصَدَ بِوَجْهِهِ إِلَيْهِ، قُبْحَ عِشْرَةٍ، وَسُوءَ أَدَبٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ عَمَّ الْحَاضِرِينَ سَمَاعُهُ، وَإِذَا الْتَفَتَ يَمِينًا قَصَّرَ عَنْ سَمَاعِ يُسْرَتِهِ، وَإِذَا الْتَفَتَ شِمَالًا قَصَّرَ عَنْ سَمَاعِ يُمْنَتِهِ" ا.هـ
وفي ذلك يقول النووي -رحمه الله تعالى-: "ولا يفعل ما يفعله بعض الخطباء في هذه الأزمان من الالتفات يميناً وشمالاً في الصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا غيرها، فإنه باطل لا أصل له، واتفق العلماء على كراهة هذا الالتفات، وهو معدود من البدع المنكرة" ا.هـ
لكن تعقَّبه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:"وَنُقِلَ فِي شَرْح الْمُهَذَّب أَنَّ الِالْتِفَات يَمِينًا وَشِمَالًا مَكْرُوه اِتِّفَاقًا إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض الْحَنَفِيَّة، فَقَالَ أَكْثَرهمْ: لَا يَصِحّ" ا.هـ وقد حكاه صاحب "البيان"(2/578) عن الإمام أبي حنيفة -رضي الله عنه-، وهو(غريب لا أصل له)؛ كما قال النووي -رحمه الله تعالى- في، وفي "حاشية ابن عابدين قال: "تنبيه: ما يفعله بعض الخطباء من تحويل الوجه جهة اليمين وجهة اليسار عند الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة الثانية لم أر من ذكره، والظاهر أنه بدعة ينبغي تركه؛ لئلا يُتوهم أنه سنة، ثم رأيت في "منهاج النووي" قال: "ولا يلتفت يمينا وشمالا في شيء منها"، قال ابن حجر في "شرحه": "لأن ذلك بدعة" انتهى" ا.هـ
وينبغي على الناس أن يَسْتقبلوا الخطيب، قال الموفق ابن قدامة: "قال ابن المنذر: هذا كالإجماع " ا.هـ
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى: "قال ابن المنذر: لا أعلم في ذلك خلافاً بين العلماء" ا.هـ
وأخرج ابن ماجه من حديث عدي بن ثابت الأنصاري عن أبيه عن جده أنه قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم " قال الهيثمي: "رجال إسناده ثقات إلا أنه مرسل" ا.هـ وروي البيهقي بإسنادٍ صحيح -كما قاله ابن حجر- " أن سيدَنا أنساً بن مالك -رضي الله عنه-كان إذا أخذ الإمام في الخطبة يستقبله بوجهه حتى يفرغ من خطبته".
والله أعلم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم