التعليم عن بعد وأهمية دور الأسرة 1442/01/16

التعليم عن بعد وأهميَّة دور الأسرة[1]
الحمدلله الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم, فأخرجه من بطن أمِّه لا يعلم شيئاً, وجعل له السمع والبصر والفؤاد, ويسَّر له أسباب العلم, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, أحاط بكلِّ شيءٍ علماً, وهو على كلِّ شيءٍ قدير, وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أمَّا بعد:
فيا أيها المؤمنون: اتقوا الله حق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
عباد الله: إنَّ من نعم الله على عباده أن يسَّر لهم أسباب العلم, ليرتفع عنهم الجهل, وليعملوا بما علموا, فيرتقوا إلى مراتب الشرف والعز, وها نحن نستقبل عاماً دراسيَّاً بجميع مراحله, ابتدائيٌّ ومتوسطٌ وثانوي وجامعيٌّ, ودور الأسرة فيه دور مهمٌّ, زاد فيه دورها عن السابق, لأنَّه تعليم عن بعد, تهيئ فيه الأسرة المكان المناسب للدراسة ومتطلباتها قدر المستطاع, وتتولى المتابعة اليومية مع أبنائها الدارسين, وعلى مقدار اهتمام الأسرة بأبنائها الطلاب, ومقدار تهيئة الجوِّ الدراسيِّ في البيت يكون نجاحها, وإنَّ من أهم مهمَّات الأسرة, اهتمامها بتعليم أبنائها العلم النافع في دينهم ودنياهم, والقيام بتأديبهم بآداب الإسلام, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]  قال علي رضي الله عنه عند هذه الآية: "علِّموهم، وأدّبوهم" (تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (23/ 491). وقال السعدي رحمه الله: "وقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يَسلَمُ العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرفه"  (تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 874).
عباد الله: إنَّ من الإثم أن يُضيِّع المرء من يعول, فلا يهتم بتعليم من يعول ولا تأديبه, قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ" (أخرجه الحاكم وحسنه الألباني) فليحرص وليُّ أمر الطالب وأسرته على تعليمه وتأديبه, فإنَّه كلَّما تميَّز الطالب في العلم والتزم الآداب الشرعيَّة, كلَّما كان التوفيق والنجاح والفلاح حليفه, وبذلك تقر العين به من قبل والديه وأسرته.
عباد الله: إنَّ على المعلِّم والمعلمة بذل الجهد في التعليم, وغرس القيم السامية والآداب الشرعيَّة في الطلاب, والإخلاص في أداء عملهم المناط بهم, مع احتساب الأجر من الله في تعليمهم لطلابهم, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ" (أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني).
فما أعظم فضل العلم وفضل تعليمه, ورحم الله امرأً رفع الجهل عن نفسه وعن أهل بيته, بتعليمهم العلم النافع, وحثِّهم على كلِّ خير والعمل به, ونهيهم عن الشرِّ واجتنابه.
كما أنَّ على الأسرة أن تتعاون مع المدرسة فيما يتعلَّق بدراسة ابنهم أو ابنتهم حتى يحصل المقصود من الدراسة, وهي الفائدة العلميَّة للطالب, وعلى الأسرة أن تراعي مناسبة الأجهزة الحاسوبيَّة لسنِّ الطالب, وتقييد ما تعرضه من محتوى, بما ينفع الطالب في دراسته فحسب, وأن تحثَّه على الدراسة والجدِّ فيها, وأن تُبين له أنَّ المصلحة عائدة إليه في ذلك, وفرقٌ بين من جدَّ واجتهد في دراسته وبين من تكاسل وأهمل فيها.
تعلَّم فإنَّ العلم أزين بالفتى    من الحلة الحسناء عند التكلُّم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة, فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
 
[1] 16/01/1442هـ جامع بلدة الداخلة في سدير بمحافظة المجمعة عمر المشاري.
المشاهدات 1404 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


وإياك.