فَضْلُ عَرَفَةَ والأَضَاحِي 3/12/1441هـ

خالد محمد القرعاوي
1441/11/29 - 2020/07/20 21:56PM

فَضْلُ عَرَفَةَ والأَضَاحِي 3/12/1441هـ
الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَاسِطِ الْخَيْرَاتِ، ومُضَاعِفِ الْحَسَنَاتِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمٍ أَتَمَّهَا، وَبَلَايَا رَدَّهَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا شَرَعَ مِنَ المَنَاسِكِ، أَشهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ فَلَولاهُ ما اهْتَدَينَا, وَأَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ مُعَلِّمُ الخَيرِ لأُمَّتِهِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحَابَتِهِ وَمَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يا مُؤمِنُونَ؛ فَإِنَّنا مُقْبِلُونَ عَلى أَيَّامٍ تَأَكَّدتْ فِيهَا التَّقْوَى، وَفِي زَمَنٍ اشْتَدَّتِ فِيهِ الْفِتَنُ والبَلوى، وَلَا غِنى لَنا عَنِ اللَّـهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ وَتَثْبِيتِهِ طَرفَةَ عينٍ.
عبادَ اللهِ: لَئِنْ مَضَى الحُجَّاجُ بِالأَجْرِ وَالغَنِيمَةِ فَفَضْلُ الله وَاسِعٌ, فَقد شَرَعَ لَنَا رَبُّنا صيامَ يومِ عَرَفَةَ! وجَعَلَهُ مُكفِّراً لِذُنُوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ! كَمَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». فَيَومُ عرفةَ يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامُ النِّعمةِ فما أعظَمَهُ من يومٍ أَقْسَمَ اللهُ فيهِ فَقَالَ: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ،قَالَ : (الشَّاهِدُ يَومُ الجُمُعَةِ، وَاليَومُ المَشهُودُ يَومُ عَرَفَةَ)، حَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ. وما أَجَلَّهُ من يومٍ يُباهي اللهُ فيهِ ويَستَجِيبُ فيهِ! فَخَيرُ الدُّعاءِ, دُعاءُ يومِ عَرَفَةَ وَخَيرُ مَا قَالَهُ نَبِيُّنا مُحَمَّدٌ والنَّبيُّونَ قبلَه لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ المُلكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قَديرٌ, فَعَظِّموا يومَ عَرفةَ وصومُوه, وحثُّوا أولادَكم وَأَهلِيكُمْ, خاصَّةً أنَّهُ يَجتَمِعُ لَنَا فَضلانِ يومُ عَرَفَةَ وَيَومُ الخَمِيسِ!
عبادَ اللهِ: مَا رُئِيَ إِبلِيسُ في يَومٍ أَحقَرَ مِنْهُ وَلا أَغيَظَ مِنهُ فِي يَومِ عَرَفَةَ؛ لِمَا يَرَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحماتِ! فَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:(مَا مِن يَومٍ أَكثَرُ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثم يُبَاهِي بهم الملائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ). قال ابنُ رجبٍ رحمهُ اللهُ: العتقُ من النَّارِ عامٌّ لِجميعِ المسلمينَ بحمدِ اللهِ تعالى.
فَيا مؤمنُ, بَادِرْ بِالتَّوبَةِ, وَعَظِّمْ يَومَ عَرَفَةَ, وَصُومُوهُ لِلهِ تَعَالى وَحثُّوا أَولادَكمْ: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .وَادْعُوا اللهَ وَأَنْتُم مُوقِنُونَ بِالإجَابَةِ، فَسُبحانَكَ رَبَّنا ما أَعظَمَكَ وَأَحْلَمَكَ وَأكْرَمَكَ, أقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَاسْتَغْفِرُ اللهَ, فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وحدَهُ, أَشهدُ ألا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ,وأَشهدُ أنَّ مُحمدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ, صلَّى اللهُ وسلَّم عليهِ آلِهِ وصَحبِهِ.أمَّا بعدُ:فاتَّقوا اللهَ يا مُؤمنونَ واشكروهُ على نِعَمِهِ وفَضلِهِ, فقد تفضَّل علينا بالتَّقرُّبِ إليهِ بِذبْحِ الأَضَاحِي فَقَالَ تَعالى:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).فَذَبْحُهَا مِن أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ, وأَحبِّها إلى اللهِ تَعَالَى ولَمَّا سُئِلَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:عن الأَضَاحِي قَالَ:«سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» قالَ بوجوبِها عَدَدٌ من العلماءِ لقولِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا».أَمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ بل يَبدَأُ بالدَّين قبلَ الأضحيةِ.
عِبَادَ اللهِ: لِلأضاحِي أَحْكَامٌ وَحِكَمٌ:فَالأَصْلُ أَنَّهَا عَن الأَحْيَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُشرِكَ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ أَحْيَاءً وَمَيِّتِينَ, وَيُشتَرَطُ في الأَضاحي أنْ تكونَ من بَهيمةِ الأَنعامِ وهي الإبلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ,وَأَنْ تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَ شَرعَاً,وَأَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِن العُيوبِ فَقَد سُئل رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:مَاذَا يُتَّقَى مِن الأَضاحِي فَأَشَارَ بِيدِه فَقَالَ: «أَرْبَعَاً الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي». وَيُشْتَرطُ فِيها أَنْ تَكُونَ مُلْكَاً لِلمُضحي أو مَأذُونَاً لَهُ فيها.وأَنْ يَكُونَ الذَّبحُ مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ,قَال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ».
إخوانِي:طِيبُوا بِالأُضْحِيَةِ نَفْسَاً واستَسمِنُوها وأَخْلِصُوا بِهَا للهِ:«فإنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً».وَاحْضُرُوا العِيدَ فَحُضُورُهُ عِبَادَةٌ, وَيُسَنُّ لَنَا الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أَحْسَنِ مَا نَجِدُ,أَمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَاتٍ غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ, والسُّنةُ أن نَذْهَبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ وَأنْ نَرْفَعَ أصْوَاتَنَا بالتَّكْبِير فقد كانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ,ولا نَأكُلَ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة حتى نَأكُلَ من الأُضحيةِ وأنْ نَذهبَ من طَريقٍ ونَعودَ من آخرَ,وَمِنْ فَضْلِ اللهِ علينا أنَّهُ سيجتَمعُ لَنَا عيدُ الأَضحى ويومُ الجُمُعَةِ, وَسَتُقَامُ صَلاةُ العِيد هُنا في الخامِسَةِ وَخَمْسٍ وَأربَعِينَ,
فَاللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين أجمعينَ. اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم,وَيَسِّر لهم أمورَهم,وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى,وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى,اللهم مَن أرادنا وَدِيننا وَأمننا بسوء فأشغلهُ في نفسه,اللهم انصر جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمسلمين أجمعينَ.ربنا آتنا في الدنيا حسنة،وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.عباد الله:اذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر،والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 2001 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا