الفتوحاتُ الربانيةُ نماذجُ معاصرةُ ..(مختصرة ومشكولة)

يوسف العوض
1441/11/10 - 2020/07/01 22:11PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَتَحَ بَابَهَ لِلطَّالِبِين وَأَظْهَر غِنَاه لِلرَّاغِبِين ، وَبَسَطَ يَدَهُ لِلسَّائِلِين ، قصَدَتْه الْخَلَائِقُ بحاجاتها فَقَضَاهَا ، وَتَوَجَّهَت لَهُ الْقُلُوبُ بلهفاتها فهداها ، وضجت إلَيْه أَصْوَاتُ ذَوِي الْحَاجَاتِ فَسَمِعَهَا ، وَوَثِقَت بِعَفْوِه هَفَوَات الْمُذْنِبِين فوسِعَها ، وَطَمِعْت بِكَرَمِه أمَالُ الْمُحْسِنِين فَمَا قَطَعَ طَمَعَهَا ، بَابُه الْكَرِيمُ مُنَاخ الْآمَال وَمَحَطُّ الْأَوْزَار ، لَا مَلْجَأَ لِلْعِبَاد إلَّا إلَيْهِ وَلَا مُعْتَمَدَ إلَّا عَلَيْهِ . وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ ، أَرْسَلَه رَبُّه رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ , وَحُجَّةً عَلَى الْعِبَادِ أَجْمَعِين , فَهَدَى اللَّهُ بِهِ مِنْ الضَّلَالَةِ , وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْجَهَالَةِ , وَكَثَّرَ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ , وَأَغْنَى بِهِ بَعْدَ الْعَيْلَة , ولمَّ بِهِ بَعْدَ الشَّتَات , وأمَّن بِهِ بَعْدَ الْخَوْف , فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَأَصْحَابِهِ الْغُرِّ الميامين وسلَّم تسليمًا كثيرًا . .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
 أما بعد  ..
عِبَادَ اللَّهِ : جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ اللَّهُ أَكْبَرُ -أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ- إنَّهَا الْفُتُوحَاتُ الرَّبَّانِيَّةُ الَّتِي فَتَحَهَا الْفَتَّاحُ جَلا جَلَالُه عَلَى عَبْدِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَحَاز السَّبْقَ وَالْخَيْرَ وَالْأَجْر َوَالثَّوَابَ ! ! هُنَا يَتَّضِحُ لَنَا وَيَتَجَلَّى مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ((ما يَفْتَحُِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم)) .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه : أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ : « لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ، فَأَعْطَاهَا لِعَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ طَالَ الْحِصَارُ فِي خَيْبَرَ عَلَيْهِم فَأَكْرَمَ اللَّهُ عَلِيًّا فَفَتَحَ عَلَى يَدَيْهِ حِصْنَ خَيْبَرَ وَنَصَر الْمُسْلِمِينَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَنَصَرَه.
إنَّهَا الْفُتُوحَاتُ الرَّبَّانِيَّةُ -ياعِبادَ اللهِ- الّتِي يَفْتَحُهَا اللّهُ عَلَى عِبَادِهِ وَاَلَّتِي لَا حَصْرَ لَهَا وَلَا عدَّ ، وَهُوَ الَّذِي مِنْ أَسْمَائِهِ الفتّاحُ جَلَّ وَعَلَا .
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : والفتَّاح صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ وَيَعْنِي كَثِير الْفَتْح وقد وَرَد اسْمُ الفَتَّاح  فِي الْقُرْآنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالْإِفْرَادِ وَمَرَّةً بِالْجَمْعِ ، ففِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (قل يَجْمَع بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يُفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاح العليم) جاء مفرداً ، وَجاء بِصِيغَة الْجَمْع ، كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (ربنا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقّ وَأَنْتَ خَيْرُ الفاتحين) ، أَمَّا الْفِعْلُ “يفتح وفتحنا” فَجَاءَا كثيراً فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ .
أيها الْمُسْلِمُون : الفتّاح هُوَ الَّذِي بِإِرَادَتِه وَقُدْرَتِه يَفْتَحُ كُلَّ مُغْلَقٍ فَيَكْشِفُ الْكَرْبَ ، وَيُزِيلُ الْغَمَّ ، وَيَرْفَعُ الْبَلَاءَ ، وَيَكْشِفُ الْعُسْرَ ، بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ الرَّحْمَةِ وَأَبْوَابُ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ ، وهُوَ الَّذِي يَمْلِكُ مَقَالِيدَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَقُولُ لِلشَيْءِ
كُنْ فَيَكُون ! !
أيّها الْمُسْلِمُون : وَقَدْ نَسَبَ اللَّهُ الْفَتْحَ لِنَفْسِه ، لِيُنَبِّه عِبَادَهَ عَلَى طَلَبِ الْفَتْحِ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَإِن يَعْمَلُوا بِطَاعَتِه ، لِيَفْتَح لَهُم سبحانه وتعالى، يَقُول الْقُرْطُبِيّ ، وَهَذَا الْفَتْحُ وَالشَّرْحُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ ، وَقَدْ أَخَذَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مِنْهُ بِحَظِّ ، ففاز الْأَنْبِيَاءُ بِالْقَسْم الْأَعْلَى ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ الْأَوْلِيَاءُ ، ثُمّ الْعُلَمَاءُ ، ثُمّ عَوَامّ ُالْمُؤْمِنِين وَلَمْ يَحْرِمِ اللَّهُ مِنْهُ سِوَى الْكَافِرِين . 
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَحِينَمَا يَطَهَّرُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ وَتُصْبِحُ سَرِيرَتُه سَلِيمَةً ، وَيَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ تَأْتِيَه الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ويُفْتَحُ عليه أَبْوَابَ الدُّنْيَا وَالدِّينِ ، فَإِذَا أَخْلَصَ الْعَبْدُ لِلَّهِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ فَيَكُونُ الْإِنْسَانُ فَقِيرًا فيغنيه ، وَيَكُونُ ضعيفاً فيقويه ، وَيَكُونُ مظلوماً فينصره عَلَى أَعْدَائِهِ ، وَيَكُونُ مكروباً فَيُزِيلُ الكُرْبةَ وَيَحِلُّ مَحَلِّهَا الْفَرْحَةَ !
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم : « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَسَلَهُ » قِيلَ : وَمَا عَسَلَهُ ؟ قَالَ : « يَفتَحُ اللَّهُ لَهُ عَمَلاً صَالِحًا قَبلَ مَوتِهِ ، ثُمَّ يَقبِضُهُ عَلَيهِ » إسناده حسن .
وَقَدْ قَرَّرَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ -رحمه الله- هَذّ الْفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ والتنوعَ فِيهَا مِنْ لَدُنْهُ جَلَّ وَعَلَا وَذَلِكَ لِمَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ العُمري الْعَابِدُ إلَى مَالِكٍ يحضّه عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْعَمَل ، فَكَتَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ : "إنَّ اللَّهَ قَسَمَ الْأَعْمَالَ كَمَا قَسَمَ الْأَرْزَاقَ ، فربّ رَجُلٍ فُتح لَهُ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَم يُفتح لَهُ فِي الصَّوْمِ ، وَآخَر فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ ، وَآخَر فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ .. ، فنشْرُ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ ، وَقَدْ رَضِيتُ بِمَا فُتح لِي فِيهِ ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فيه بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كلانا عَلَى خَيْرِ وَبَر   .
فهذ الشَّيْخُ عَبْدُالرَحْمَن آل فَريّان المتوفى 1424هـ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فحازَ قَصَبَ السَّبْقِ فأسسَ جَمَاعَةَ تَحْفِيظِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي الْمَملَّكَةِ بمباركةٍ مِنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وترأسها لِمُدَّةِ خَمْسِينَ عَامًا وَحَتَّى وَفَاتِه رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَاشَ فِي خِدْمَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَتَعْلِيمِه وَنَشْرِه عَلَى عقيدةِ السَّلفِ الصَّالِحِ  وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ إمَامُ وَخَطِيبُ جَامِعِ آل فريان فِي منطقةِ معكال بالرياضِ مِنذُ نِصْفِ قَرْنٍ مِنَ الزَّمَنِ ، وَلَا تَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّعْوَةِ خَارِجَ الرِّيَاضِ فَيَرْجِعُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ويجالسُ أَهلَه وَأَبْنَاءَه ثُمَّ يَعُودُ مِنْ حَيْثُ أَتَى بَعْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ .
وَهَذَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الْأَلْبَانِيّ المتوفى 1420هـ كَان ساعاتياً -يُصلِحُ السَّاعَاتِ - فَيَقْرَأ بَحْثًا فِي مَجَلَّةِ الْمَنَار لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ رَشِيد رِضَا فَيَتَأَثَّر بِه فَيَتَحَوَّل لِلِإهْتِمَام بِكَتُبِ السُّنَّةِ فَيُصْبِحُ مُحْدِثَ الْعَصْر وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَتَفَرَّغ لِبَيَانِ الصَّحِيحِ مِنْ الضَّعِيفِ مِنْ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ و لِمُدَّةِ سِتِّينَ سَنَةً حَتَّى بَلَغَ الْخَامِسَةَ وَالثَّمَانِينَ مِنَ الْعُمُرِ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْحَالِ ومات عليه.
وَهَذَا الدكتورُ عَبْدُالرَحْمَن السَّمِيط المتوفى1434هـ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَةِ فَيَتَّجَه إلَى أدْغَال ِإِفْريقْيا وَيَخُوض فِي أَنْهَارِهَا دَاعِيًا إلَى اللَّهِ وَيُخَالِطُ الْقَبَائِلَ الْوَثَنِيَّةَ وَيُبَاشِرُ دَعْوَتَهُم بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فيُنشئُ الْمَدَارِسَ وَالْمَسَاجِدَ وَالْمَعَاهِدَ وَالْجَامِعَاتِ وَيَتْرُك بِلَادَه ويهاجرُ بِزَوْجِه وَيَسْتَقِرُّ في أفريقيا فَيُسَْمُ عَلَى يَدَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مليوناً وَتَسْتَمِرُّ رِحْلَتَه هُنَاك تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَى الدَّعْوَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
وهذا الشَّيْخِ نَاصِرُ بْنُ عَلِيٍّ المبيريك (أبو نصرة) رَحِمَهُ اللَّهُ ، الْمُتَوَفَّى عَام 1438هـ واشتغل بالتدريسِ والقضاءِ ويُعدُّ الشَّيْخُ المبيريكُ مِنْ رِجَالِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ، فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فسخّرَه لِتَفْرِيج كُرُبَاتِ الْمَسْجُونِين بِالدُّيُون وَقَد تبرّعَ الشَّيْخُ المبيريكُ كَمَا قِيلَ بِمَبْلَغِ أَرْبَعِينَ مليونا رِيَال كَوَقْفٍ لجمعياتِ الْبَرِّ الْخَيْرِيَّة يَكُونُ رِيعُهَا لِفُقَرَاء بُرَيْدَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . .
نَمَاذِجٌ مُعاصرةٌ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ الْفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّة في أبوابٍ متنوعةٍ لِأُنَاسٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فنفعوا أَنْفُسَهَم وَالْآخَرِين وَلَوْلَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ لأكثرتُ ، لَكِنْ يَكْفِي مِنْ الْقِلَادَةِ مَا أَحَاطَ بِالْعُنُقِ وأعرضتُ عَن الْمَاضِين السَّابِقِين حَتَّى لَا نستثقل فِعَلَهَم ونعتذرُ بِبُعْدِ زَمَنِنَا عَن زَمَانِهِم رَحِمَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا . .
وَالنَّاس مَع الْفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ مُسْتَقِلٌّ ومُستكثرٌ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ ، مَغَالِيقَ لِلشَّرّ ، وَإنَّ مَنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْر ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يديه))رواه ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ .
أيُّها المُسلِمون: نَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالتَعَبَّدِ للّهِ تعالى بِاسْمِهِ الْفَتَّاحِ جَلَّ وَعَلَا وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ بِهَذَا الِاسْمِ الْعَظِيمِ ، فَيَقُول : يَا فَتّاحُ افْتَح عَلِيّ بِالْعِلْم ، يَا فَتّاحُ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك ، يَا فَتّاحُ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رِزْقِكَ وهكذا يسألُ ربَّه ويطلبُ من الفتّاحِ الفتوحاتِ الربّانيةِ .
اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَيْنَا فَتُّوحَ الْعَارِفِين يَارَبَّ العالمينَ وصلى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ . .
المشاهدات 1339 | التعليقات 1

ضربت أمثلة بالأموات لأن الأحياء لا تؤمن عليهم الفتنة والله المستعان ..