الْجَرِيمَةُ النَّكْرَاءُ 13 جُمَادَى الثَّانِيَة 1441هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1441/06/11 - 2020/02/05 10:45AM

الْجَرِيمَةُ النَّكْرَاءُ 13 جُمَادَى الثَّانِيَة 1441هـ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ, الْحَمْدُ للهِ الذِي حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَن، وَأَشَهْدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بَعَثَهُ رَبُّهُ بِأَحْسَنِ سَبِيلٍ وَأَقْوَم سَنَن، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَن, وَخَافُوا الْوُقُوعَ فِي الْبَلَايَا وَالْمِحَن.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنِّي وَاللهِ قَدْ تَرَدَّدْتُ زَمَانًا فِي الْخُطْبَةِ عَنْ مَوْضِوعِ الْيَوْمِ, وَذَلِكَ مُرَاعَاةً لِأَسْمَاعِكُمْ, وَحَيَاءً -وَاللهِ- مِنْكُمْ, وَخَوْفًا عَلَى قُلُوبِكُمْ, وَلَكِنِّي رَأَيْتُ الْأَمْرَ جَللًا وَالْخَطَرُ عَيْنًا وَلَيْسَ خَبَرًا, إِنَّ مَوْضُوعَ الْيَوْمَ تَتَقَزَّزُ مِنْهُ النُّفُوسُ وَتَنْفِرُ مِنْهُ الْأَفْئِدَةُ, إِنَّهَا جَرِيمَةٌ نَكْرَاءُ وَفَاحِشَةٌ شَوْهَاءُ, مُوجِبَةٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالْهَلَاكِ, إِنَّهَا جَرِيمَةُ قَوْمِ لُوط, أَعْظَمُ الْفَوَاحِشَ عَلَى الْإِطْلَاقِ, وَأَضَرُّهَا عَلَى الدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ، إِنَّهَا دَاءٌ عُضَالٌ وَسُمٌّ قَتَّالٌ، غَايَةٌ فِي الْخِسَّةِ والْقُبْحِ وَالْبَشَاعَةِ وَالشَّنَاعَةِ.

إِنَّ جَرِيمَةَ وَطْءِ الذَّكَرِ الذَّكَرَ قَدِ انْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ الْغَرْبِ الْكَافِرَةِ وَأَعْلَنُوا بِهَا فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْأَمْرَاضَ الْمُسْتَعْصِيَةَ وَالْأَوْجَاعَ التِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمْ، كَالإِيدْزِ وَالْهِرْبِسِ. وَلا يُسْتَغْرَبُ انْتِشَارُ الْفَاحِشَةِ هَذِهِ فِي مُجْتَمَعَاتِ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ ذَنْبٌ, وَلَكِنَّ الْمُصِيبَةَ الْعُظْمَى وَالطَّعْنَةَ النَّجَلَاءَ أَنْ يَنْتَقِلَ هَذَا الدَّاءُ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَنْتَشِرَ فِيهَا. وَخَاصَّةً بَعْدَ انْتِشَارِ الجَوَّالاتِ, وَمَا فِيهَا مِنْ مَقَاطِعَ مُخْزِيَةٍ وَمَنَاظِرَ فَاضِحَةٍ لِهَذِهِ الفَاحِشَةِ, ثُمَّ بِسَبَبِ إِهْمَالِ الأُسَرِ لِأَبَنَائِهَا, وَوَجُودِ الكِلَابِ البَشَرِيَّةِ الذِينَ قَدْ انْحَلُّوا مِنَ الدِّينِ وِالأَخْلَاقِ, وَلَاحَوْلَ وَلَاقُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ قَدْ جَاءَتْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُحَذِّرَةً مِنْهَا، وَمُبَيِّنَةً عُقُوبَةَ الْأُمَّةِ التِي ابْتَدَعَتْهَا، وَمُوضِحَةً أَنَّ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ لَيْسَتْ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ, فَفِي الْقُرْآنِ أكثر من 60 آيَةً شَأْنَ قَوْمِ لُوطٍ, فِي تِسْعِ سُوَرٍ كَرِيمِةٍ, قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}, وَفِي سُورَةِ هُود قَالَ اللهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا عُقُوبَتَهُمْ {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكَثَرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي شَأْنِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ، فَعَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ) ([1]), وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ تَخُومَ الْأَرْضِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ كَمَهَ الْأَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوالِيهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِل عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ  قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِل عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) ([2]), وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([3]).

وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى قَتْلِ مُرْتَكِبِ هَذِهِ الْكَبِيرَةِ, لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) ([4]), وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: يُحَرَّقُ بِالنَّارِ، وَقِيلَ: يُرْفَعُ عَلَى أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى مُنَكَّسًا ثُمَّ يَتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ. قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ: لَوْ أَنَّ لُوطِيًا اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ لَقِيَ اللهُ غَيْرَ طَاهِرٍ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ هَذَا الْعَمَلَ الْقَبِيحَ لَهُ أَضْرَارٌ دِينِيَّةٌ وَخُلُقِيَّةٌ وَاجْتِمَاعِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ وَصِحِيَّةٌ, عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ . إِنَّ اللِّوَاطَ كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ, وَسَبَبٌ لِلْبُعْدِ مِنْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، وَهُوَ جَرَمٌ عَظِيمٌ حَذَّرَ مِنْهُ رَبُّنَا جَلا وَعَلَا, وَعَاقَبَ الْأُمَّةَ التِي فَعَلَتْهُ بِأَقْسَى الْعُقُوبَاتِ وَأَنْكَى الْمَثُلاتِ . إِنَّ اللِّوَاطَ لَوْثَةٌ خُلُقِيَّةٌ, وَانْحِرَافٌ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ, إِنَّهُ مُورِثٌ لِقِلَّةِ الْحَيَاءِ، مُذْهِبٌ لِلْغِيرَةِ مِنَ الْقَلْبِ مُورِثٌ لِلدِّيَاثَةِ وَلابُدَّ, حَتَّى رُبَّمَا رَضِيَ فَاعِلُهُ بِوُقُوعِ الْفَاحِشَةِ فِي مَحَارِمِهِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اللِّوَاطَ يَعُودُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ بِالشَّرِّ وَالْوَيْلاتِ وَزَوَالُ الْخَيْرَاتِ وَذَهَابِ الْبَرَكَاتِ مِنَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ, إِنَّهُ مُؤْذِنٌ بِحُلُولُ الْعُقُوبَاتِ وَنُزُولُ الْمَثُلَاتِ، مُفْرِزٌ لِضَيَاعِ الْأَمْنِ وَشُيُوعِ الْفَوْضَى وَتَفَكُّكِ الْأُسَرِ وَتَفَرُّقِ الْبُيُوتِ مِنْ خِلَالِ هَذَا الْفَرْدِ الْمُنْحَرِفِ، حَيْثُ يُشَوِّهُ سُمْعَةَ أُسْرَتِهِ وَيُفْسِدُ بَقِيَّةَ إِخْوَتِهِ . إِنَّهُ يُورِثُ لِفَاعِلِهِ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَالْوَحْشَةَ وَالاضْطِرَابِ, وَالْحُزْنِ الدَّائِمِ وَالْعَذَابِ الْمُسْتَمِرِّ وَالْقَلَقِ الْمُلَازِمِ.  وَيَصِيرُ عُرْضَةً لِلأَمْرَاض العَصَبِيَّةِ وَالنَفْسِيَّة، مِمَّا يُفْقِدُهُ لَذَّةَ الْحَيَاةِ وَالْأَمْنَ وَالطُّمَأْنِينَةَ.

وِمَّمَا قِيلَ شِعْرًا فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ : ([5])

فَيَا نَاكِحِي الذُّكْرَانِ تَهنِيكُمُ الْبُشْرَى
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَازْنُوا وَلُوطُوا وَأَكْثِرُوا
فَإِخْوَانُكُمْ قَدْ مَهَّدُوا الدَّارَ قَبْلَكُمُ
وَهَا نَحْنُ أَسْلَافٌ لَكُمْ فِي انْتِظَارِكُمُ
وَلا تَحْسَبُوا أَنَّ الذِين نَكَحْتُمُ
وَيَلْعَنُ كُلٌ مِنْكُمُ لِخَلِيلِهِ
يُعَذَّبُ كُلٌ مِنْهُمُ بِشَرِيكِهِ

 

فَيَوْمُ مَعَادِ اللهِ إِنَّ لَكُمْ أَجْرا
فَإِنَّ لَكُمْ زَفًّا إِلَى نَارِهِ الْكُبْرَى
وَقَالُوا إِلَيْنَا عَجِّلُوا لَكُمُ الْبُشْرَى
سَيَجْمَعُنَا الْجَبَّارُ فِي نَارِهِ الْكُبْرَى
يَغِيبُونَ عَنْكُمْ بَلْ تَرَوْنَهُمُ جَهْرا
وَيَشْقَى بِهِ الْمَحْزُونُ فِي الْكَرَّةِ الْأُخْرَى
كَمَا اشْتَرَكَا فِي لَذِّةٍ تُوجِبُ الْوِزْرَا

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

 

الْخُطَبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسِولِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فقبل أن نذكر أضرار اللواط الصحية أنبه على مسألة مهمة جدا, وهو أن هذا الفعل المشين حرام حتى بين الزوج وزوجته, خلافا لما يظنه بعض السفهاء , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([6]), وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([7])

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الطِّبَّ الْحَدِيثَ يَكْشِفُ لَنَا بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى كَارِثَةً مِنْ كَوَارِثِ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ، وَوَسَائِلِ الْإِعْلَامِ تُطِلُّ عَلَيْنَا مِنْ وَقْتِ لِآخَرَ بِقَارِعَةٍ تَحُلُّ بِسَاحَةِ الشُّذَّاذِ. وَمَا أَنْ يَجِدَ الْأَطِبَّاءُ عِلاجًا أَوْ عَقَارًا نَاجِعًا لِمَرَضٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ، إِلَّا وَيَسْتَجِدُّ مَرَضٌ جَدِيدٌ يَشْغَلُهُمْ عَنِ الْمَرَضِ السَّابِقِ, مِمَّا جَعَلَهُمْ يَقِفُونَ مُتَحَيِّرينَ أَمَامَ هَذَا الْخِضَمِّ الْمَوَّارِ مِنْ تِلْكَ الشُّرُورِ وَالْأَخْطَارِ. وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ (لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ الذِينَ مَضُوا) ([8]) .

فَمِنْ تِلْكَ الْأَضْرَارِ الصِّحِّيَّةِ: التَّأْثِيرُ عَلَى الْأَعْضَاءِ التَّنَاسُلِيَّةِ, بِحَيْثُ تُضْعِفُ مَرَاكِزَ الْإِنْزَالِ الرَّئيِسِيَّةِ في الْجِسْمِ ثُمَّ يَنْتَهِي الْأَمْرُ بَعْدَ قَلِيلٍ إِلَى الْإِصَابَةِ بِالْعُقْمِ مِمَّا يَحْكُمُ عَلَى اللَّائِطِينَ بِالانْقِرَاضِ وَالزَّوَالِ.

وَمِنَ الْأَمْرَاضِ: ارْتِخَاءُ عَضَلاتِ الْمُسْتَقِيمِ وَتَمَزُّقُهُ: وَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَ الْوَالِغِينَ فِي هَذَا الْعَمَلِ دَائِمِي التَّلَوُّثِ بِهَذِهِ الْمَوَادِّ الْمُتَعَفِّنَةِ، بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْهُمْ بِدُونِ شُعُورٍ. وَمِنَ الْأَمْرَاضِ الزُهْرِي: الذِي يُسَبِّبُ الشَّلَلَ وَتَصَلُّبِ الشَّرَايِينِ وَالْعَمَى وَالتَّشَوُّهَاتِ الْجِسْمِيَّةِ. وَمِنْهَا مَرَضُ السَّيَلانِ: الذِي يُحْدِثُ الْتِهَابَاتٍ شَدِيدَةٍ فِي الْأَعْضَاءِ التَّنَاسُلِيَّةِ يَصْحَبُهُ قَيْحٌ وَصِديدٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ ، وَتُؤَدِّي إِلَى الْعُقْمِ وَضِيقِ مَجْرَى الْبَوْلِ وَالْتِهَابِ الْقَنَاةِ الشَّرَجِيَّةِ.

وَمِنْ تِلْكَ الْأَمْرَاضِ: ذَلِكَ الْمَرَضُ الْخَطِيرُ الذِي سَبَّبَ لِلْعَالَمِ مَوْجَةً مِنَ الذُّعْرِ وَالرُّعْبِ وَصَارَ يُهَدُّدِ أَهْلَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ بِالْفَنَاءِ وَأَصَابَهُمُ بِالْهَلَعِ وَالْجَزَعِ وَالْفَزَعِ وَحَلَّ بِهِمُ الْبَلاءُ .

 هَذَا الْمَرَضُ نِسْبَةُ الْوَفِيَّاتُ بِهِ عَالِيَةٌ جِدًّا وَالْغُمُوضُ الْمُرِيعُ يَكْتَنِفُهُ وَالْعِلَاجُ لَهُ قَلِيلٌ أَوْ مُنْعَدِمٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَانْتِشَارُهُ أَسْرَعُ مِنِ انْتِشَارِ النَّارِ في الْهَشِيمِ, وَكَلِمَةُ إيدْز اخْتِصَارٌ لِعِبَارةٍ إنْجِلِيزِيَّةٍ مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ (فُقْدَانُ أَوْ نَقْصِ الْمَنَاعَةِ الْمُكْتَسَبَةِ), وَقَدْ ذَكَرَ عُلُمَاءُ الطِّبِّ أَنَّ نِسْبَةَ 95٪ مِنْ مَرْضَى الإِيدْزِ هِمْ مِمَّنْ يُمَارِسُونَ اللِّوَاطَ، وَالنِّسْبَةُ الْبَاقِيَةُ هُمْ مِنْ مَرضَى الْمُخَدِّرَاتِ، وَأَنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْمُصَابِينَ بِهِ يَمُوتُونَ خِلَالَ ثَلاثِ سَنَوَاتٍ مِنْ بِدَايَةِ الْمَرَضِ.

نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخِزْي وَالْعَارِ, وَنَلْجَأُ إِلَى اللهِ مِنَ الْهَلَاكِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ, الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ, سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

( [1] ) رواه أحمد وصححه الألباني

( [2] ) رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح.

( [3] ) رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني.

( [4] ) أخرجه الأربعة إلا النسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال ابن القيم إسناده على شرط البخاري, وصححه الألباني.

( [5] ) ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه ( الجواب الكافي )

( [6] ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصححه الألباني

( [7] ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.

( [8] ) رواه ابن ماجه وقال الحاكم : صحيح الإسناد وحسنه الألباني رحمهم الله.

المرفقات

الْجَرِيمَةُ-النَّكْرَاءُ-13-جُمَادَى

الْجَرِيمَةُ-النَّكْرَاءُ-13-جُمَادَى

المشاهدات 2373 | التعليقات 4

أصحاب الفضيلة : إن موضوع خطبة اليوم وهو جريمة اللواط مهم جدا وخطير, ولا تظن أن تركه هو الصواب لأن من طر ق إماتة الباطل تركه, لا , إن الأمر جد وخطير, وواقع.

واسأل المختصين إن شئت, وقد وقفت بنفسي قديما وحديثا على وقائع موجعة وحقائق مؤلمة.

فلا تتردد في الخطبة به , سدد الله خطاك ونفع بك


صاحب الفضيلة : ربما يتحفظ البعض على ذكر هذه الجريمة ب(اللوط), لأنه اسم نبي كريم عليه السلام, وهذا غير صحيح , ففي لسان العرب : قال الليث رحمه الله : لوط كان نبياً بعثه الله إلى قومه فكذبوه وأحدثوا ما أحدثوا ، فاشتق الناس من اسمه فعلاً لمن فعل فعل قومه .

قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله :  هناك من يعترض على هذه التسمية بحجة أنه لم يقم دليل عليها من الكتاب أو السنة ، وأنه لا يجوز أن تنسب هذه الجريمة إلى رسول الله لوطٍ عليه السلام ، إلا أن جل العلماء الذين تكلموا عن هذه الجريمة نصوا على تسميتها باللواط، ومنهم : شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم والحافظ ابن رجب رحمهم الله.

 تنبيه مهم : قد استفدت جل هذه الخطبة من كتاب الشيخ محمد الحمد حفظه الله.


جزاك الله خير
نسأل الله أن ينفع بك وأن يعلي قدرك ويرفع درجاتك في عليين


جزاك الله خيرا