الإحترام

سالم بن محمد الغيلي
1441/05/21 - 2020/01/16 04:59AM

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله صلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقبت الليالي والأيام .

  • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ ]سورة آل عمران: 102[
  • }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ ]سورة النساء:1[
  • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا{ ]سورة الأحزاب:70[

عباد الله:

عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدخُلُ علينا، وكان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: (ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟)تخريج المسند شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم.

ماهذا الدين ما هذا النبي ماهذه الإخلاق ماهذا التواضع , ماهذا الإحترام للأنفس حتى لو كان عمره سنتين , إنه صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاحترام , الاحترام نحترم أنفسنا , ونحترم غيرنا كباراً وصغاراً , موقف عظيم ودرس من دروس الإحترام علمنا إياه صلى الله عليه وسلم ما أحوجنا إليه وما أفقرنا إليه خاصة أولئك الأجلاف الذين لا يحترمون صغيراً ولا كبيراً , كثير منا لا يعرف الاحترام ولا يقدر الناس لا يحترم حتى أباه و أمه ولا جيرانه ولا ذويه عياراً منتقداً , لو رأى صغيراً حزيناً على شيء يحبه حتى لو كان طائراً أو لعبة لوصفهُ بأقبح الأوصاف يصفهُ بالسفيه بالورع بالجاهل بقلة الأدب بالغباء .

وما أكثر مايسمعها من بعض الطلاب في المدارس عندما يخفقون أو يخطئوون أو يتجاوزون فإنهم يسمعون من بعض المربين ما يهينهم ويقلل من مكانتهم , قد يسمعون حتى وصفهم بالحيوانات والدواب , طلاب علم يقال لهم هذه الألفاظ من بعض من يربون , إن هذه الكلمات ستبقى في النفوس ويتذكرها الصغار كلما رأوا ذلك المربي , وذلك الأب وذلك الأخ وذلك الجار, إنه الإحترام الذي ينقصنا في عالمنا اليوم .

-إحترام الوالدين }۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا { ]سورة الإسراء: 23,24[ , إحترام الأب والأم وخاصة عندما يكبران في السن عندما ينهكهما المرض والتعب , يجب أن تبقى مكانتهما كما هي في نفوس الأبناء وليس كما يفعل بعض الناس السفهاء عندما تمرض أمه وتعجز عن الحركة وتكثر حاجتها إلى العلاج و إلى الملاحظة تجده يزهد فيها ويتخاصم مع أخوته ويجبر اخوانه أنهم يتناقلونها بينهم ويغضب عندما تتأخر عنده يوم أو يومين أو تطلب المستشفى , يذهب بها ويركها للعاملين في المستشفى ينزلونها من السيارة ويركبونها في عربية العجزة ويدفعونها إلى الطبيب , بل ويتمنى اليوم الذي تموت فيه ويرتاح من التعب , وكذلك الأب المسكين يرفع عليه الصوت وتضيق النفوس عندما يتصل أو يطلب أو يحتاج , وفي المجالس يترك جانباً ينظر إليه أنه ذهب زمانه وفات أوانه لا يتكلم معه ولا يدري ماحاجته , وإذا جاء الزملاء والأصدقاء يخرج ويتضايق ويغضب عندما يدخل عليهم ويجالسهم ؛لانه في نظر هذا الابن العاصي العاق لا يصلح لمثل هذه المجالس , عدم إحترام وعقوق وإساءة ونكران جميل إن الأب يحس بذلك والأم تحس بذلك ولكن لا يتكلمون , إنه الاحترام المفقود وفي عالم العاقين .

الله سبحانه وتعالى وصانا بالاحترام , احترام الجار , احترام الغريب, احترام الأرحام , قال صلى الله عليه وسلم: (ما زالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ.) اخرجه البخاري واللفظ له, ومسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: (ليسَ منَّا من لم يرحَم صغيرَنا ويعرِفْ شرَفَ كبيرِنا ) صحيح الترمذي للالباني, وقال صلى الله عليه وسلم : (لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ.) صحيح البخاري , الناس يحبون من يحترمهم,الناس يحبون من يقدرهم , الناس يحبون من يبش ويبتسم في وجوههم, الناس يحبون من يسلم عليهم ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم , ومن احترم الناس احترموه , ومن قدرهم وقيمهم احترموه وقيموه , فالله الله أيها الأحبة لا يغيب عنا هذا الخلق العظيم , إنه دليل على إيمان العبد وتمسكه بما يرضي الله عنه , ودليل على سمو أخلاقه ونفسه.

اللهم وفقنا لتقاك واجعل عملنا في رضاك , اللهم وفقنا لأحسن الاخلاق واصرف عنا سيئها.

اقول ماتسعون ...

الخطبة الثانية

الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه كما يُحب ربُنا ويرضى.

عباد الله:

عن ابي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ رَجُلًا أسْوَدَ أوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي به دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ - أوْ قالَ قَبْرِهَا - فأتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا.) اخرجه البخاري ومسلم باختلاف يسير, , احترام وخُلق عالي حتى للأموات.

لا نريد احترام المنافع احترام مزيف احترام مستهلك احترام محرم آثم, أن لايحترم الرجل إلا لمصلحة ولمنفعة فقط, ولذلك ترى أولئك الجهال عندما يُرى صاحب المنفعة يقدم ويجل ويحترم ويوسع له في الطريق , فإذا ذهبت المصالح ذهب الاحترام بل يذهب السلام , فلا يسلم عليه ولا يؤبه به.

-أين احترام المراجعين عند بعض الموظفين عندما يأتي المراجع اليوم واليومين والثلاثة فلا يجد ذلك الموظف , وإذا وجده لا ينجز حاجته ولا يهتم فيها وربما حرم من حقوقه وظلم, فإذا جات الوسائط والشفاعات كانت الامور على مايرام, أين ذلك الموظف من الأمانة وأداء الواجب , واحترام الآخرين؟

أين هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولايُسْلِمُهُ، مَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ.) اخرجه البخاري , ومسلم واللفظ له,

والله أيها الاحبة ان كثيراً من المراجعين يصابون بالإحباط والمرض مما يعانون من بعض الموظفين  وقد سمعت من يدعو وسمعت من يقول حسبنا الله ونعم الوكيل , ووالله انه الويل ثم الويل لذلك الموظف إذا كان المراجع محقاً إذا كان مظلوماً.

اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات , وحب المساكين وحب عمل يقربنا إلى حبك وطاعتك ورضاك.

وصلوا وسلموا .

والله أعلم

جامع القو 1440/8/14هـ

 

 

المشاهدات 2027 | التعليقات 0