النزاهة والحفاظ على المال العام وعدم الإعتداء عليه

محمد البدر
1441/03/23 - 2019/11/20 01:53AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
فالمستشفيات والمدارس والجامعات، والحدائق والملاعب، والمصانع والمؤسسات والوزارات، وحقول استخراج المعادن والثروات، والجسور والشوارع والطرقات، والكهرباء والمياه والهاتف وغيرها؛ ممتلكات عامة ،فكان لزاما علينا الحفاظ عليها ، ويعتبر الاعتداء عليه بأي وسيلة أو طريقة نوع من الإفساد في الأرض.
فَعَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ ابْنِ حَجَرٍ]:أَيْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَاطِلِ ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْقِسْمَةِ وَبِغَيْرِهَا  [فتح الباري شرْح صحيح البخاري(6/ 219(.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ﴾.
وَيَقَولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مبيناً حرمة هذه الأموال« كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وإن من ينظر إلى كثير من الممتلكات العامة يجد الإهمال والتسيب واللامبالاة والاعتداء واضحاً على معالمها؛ فكثير من الناس لا يحافظون على نظافتها ولا أدواتها، ولا الطرق الصحيحة للاستفادة منها، ولا يقومون بإصلاح ما تلف أو تعطل منها، أو رفع ذلك إلى الجهات المسئولة عنها،وقد يقوم بعض أفراد المجتمع بتخريب المباني والحدائق، وأثاث المدارس بصورة متعمدة ،ويتخذ التخريب صوراً متعددة، منها: تشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها، أو إتلاف الأشجار.  أو رمي المخلفات
هذا من جانب الأفراد في المجتمع؛ أما العاملون والموظفون في القطاع الحكومي ومن يدير هذه المؤسسات والممتلكات العامة، فإن صور الاعتداء من بعض القائمين عليها تظهر في عدة جوانب: من ذلك الأخذ والاختلاس من هذه الممتلكات العامة، والاستفادة منها لشخصه دون وجه حق، وقد حذر الشرع من هذا الأمر؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ عَدِيُّ بْنُ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ لَنَا عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِنْهُ مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ فَهُوَ غُلٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللهِ: اعلموا أن الحفاظ على المال العام واجب ديني ووطني وإن الإهمال في الممتلكات العامة صورة بارزة من صور الاعتداء عليها؛ والبعض ممن لا يخاف الله ينظر للمال العام بأنه غنيمة باردة، استغلالاً لمكانته ومصالحه الشخصية فينهب منه بغير حساب و يرتشي فِي إِرْسَاءِ المُنَاقَصَاتِ والعقود، وَتَوقِيعِ العَطَاءَاتِ ؛على بعض الشركات والمقاولين لتنفيذ الطرقات والمباني والسدود وغيرها ،فتهدر الأموال وتضيع الحقوق، وتتعطل المصالح،وربما تعرض المجتمع للخطر؛ فالسد الذي لم يبن بالمواصفات الصحيحة ربما أغرق الحرث والنسل، والمدرسة ربما سقط سقفها على أبنائنا، وفلذات أكبادنا، والطريق ربما أزهقت بسببه أرواح، وأتلفت أموال،كذلك البِنَاءُ فِي الأَودِيَةِ المَارَّةِ فِي البُلْدَانِ، ما قَدْ يُحَوِّلُ مَجَارِيَ السُّيُولِ عَنْ حَالِهَا، فَقَدْ يَرْجِعُ السَّيْـلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الحَدَثِ إِلَى بُيُوتِ النَّاسِ فَتَلْحَقُهُمُ المَضَرَّةُ. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ -الَّذِي إِلَيْهِ المَرْجِعُ وَالمَآبُ، وَبِيَدِهِ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ،قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾..أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.......
 
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ: يا مَن تحمَّل مسؤولية في الوظائف والأعمال،اتَّقُوا اللهَ فيها وفي رعايتها والقيام بما يرضي الله، ثم بما يرضي ولي الأمر وإياكم وتسخيرَ هذه المسئوليات في مصالحَ خاصةٍ، أو منافعَ ذاتيةٍ! واحذروا من التهاون في مقاصد هذه المسئوليات وأهدافها! فلقد ائتمنكم ولي الأمر، ثم المسلمون من بعده،على هذه المسؤوليات لتسخروها في النفع العام، وتحرصوا على إيصال النفع للصغير والكبير، وارفقوا بهم، واقضوا حاجاتهم، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ مِن أَمرِ أُمَّتي شَيئًا فَشَقَّ عَلَيهِم فَاشقُقْ عَلَيهِ ، وَمَن وَلِيَ مِن أَمرِ أُمَّتي شَيئًا فَرَفَقَ بهم فَارفُقْ بِهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ فمن الواجب الديني والوطني الإبلاغ عن أي تجاوزات مالية أو إدارية...الا وصلوا ...
المرفقات

والحفاظ-على-المال-العام-وعدم-الإعتداء

والحفاظ-على-المال-العام-وعدم-الإعتداء

المشاهدات 2073 | التعليقات 0