فضل يوم الجمعة

سالم بن محمد الغيلي
1441/02/22 - 2019/10/21 00:37AM

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه , صلى ربي عليه وسلم ما تعاقبت الليالي والأيام .

      • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ ]سورة آل عمران: 102[

          • }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ ]سورة النساء:1[

              • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا{ ]سورة الأحزاب:70[

              عباد الله:

              الله لطيف بعباده خبير بهم عليم بما يصلحهم وما يصلح لهم , }..أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ .. { ]سورة المائدة: 4[ , فلم يدع طيباً ألا أحله لهم, وحرم عليهم الخبائث فلم يترك خبيثاً إلا حرمه عليهم , والله عز وجل حثهم على المسارعة إلى الخيرات لا التباطؤ فيها والتكاسل , فالانسان لا يدري مايعرض له ولا يعلم بما قد كتب الله له وعليه قال سبحانه: } ..فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ..{  ]سورة البقرة:148[ ,} ۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{ ]سورة آل عمران:133[ , } سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ..{ ]سورة الحديد:21[ , ومدح الله المستجيبين, المؤمنين , الحريصين على الفوز والنجاة , قال عنهم إنهم كانوا يسارعون في الخيرات يسارعون يسابقون الموت والمرض والشهوات والمغريات والصوارف, ولم يفعلوا كفعل الكثير منا اليوم الذين لا يحضرون يوم الجمعة إلا إذا دخل الإمام وبدأت الخطبة وامتلأ المسجد وفاز الأولون بالصفوف الأولى وطوت الملائكة صحفها وقد سجلت الأول فالأول .

              إن أحوالنا مع صلاة الجمعة أحوال من دخلت الدنيا قلبه وغيرت طبعه وصدق الله إذ يقول: }كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ{ ]سورة العلق:6[ يصبح طاغية يتجاوز حدود الله ويرتكب ما حرم الله.. متى؟ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ{ ]سورة العلق:7[ , وقد كنا قبل الغنا نأتي مبكرين ونرفع أيدينا إلى رب العالمين , كنا خاشعين إلى الله متذللين , ونأتي إلى الصلاة مبكرين, ربع المصلين يأتون مبكرين والبعض يأتون قبل الخطبة بنصف ساعة أو ربع أو عشر أو خمس دقائق , وبعض المصلين لا يدخلون المسجد إلا إذا بدأت الخطبة , والبقية لا يدخلون إلا إذا قامت الصلاة , ماذا جرى؟ هذا شرع من؟ ما الذي ألهانا ؟ ما الذي أغرانا؟ هل أخرنا جهاد في سبيل الله, هل هو مرض أو خوف أو عذر شرعي؟ أم هو تكاسل . واستغناء عن الله ونوم وكسل أو هي معاصٍ قيدتنا , وخطايا كبلتنا , وملهيات ألهتنا , وسهرات أفنتنا؟ ما الأمر؟ في الدوام والوظيفة نأتي بالدقيقة وهذا مطلب وإخلاص وأمانة , لكن وصلاة الجمعة من الأولويات.

              في الحفلات والزواجات والمناسبات... في رحلاتنا وتذاكرنا نأتي قبل الموعد بوقت كافٍ حتى لا تفوت, الدنيا ستذهب, ستذوب, ستزول , والآخرة ستأتي , وتبقى وتدوم, قال صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً- كأنه تصدق بناقةٍ كوماء فقبِلها الله وجعلها عملاً صالحاً - ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.) اخرجه البخاري واللفظ له, ومسلم. والساعة الأولى كما يقول شيخنا ابن عثيمين-رحمه الله- عندما قسم اليوم إلى ساعات قال: الساعة الأولى من بعد صلاة الفجر.

              فما معنى فوات البدنه والبقرة والكبش ؟ يعني فوات الأجر العظيم يعني الحرمان, يعني التكاسل, فقولوا لي ما حال من جاء بعد خروج الإمام؟ ماذا قرب إلى الله؟  لم يقرب لا بدنه ولا بقرة ولا كبش ولا دجاجة ولا بيضة , هذا يعني ماذا؟ بل وأعظم من ذلك النبي صلى اله عليه وسلم يقول: (تَقْعُدُ الملائِكَةُ علَى أبوابِ المساجِدِ يومَ الجمعةِ ، فيكتُبُونَ الأوَّلَ والثاني ، والثالِثَ ، حتى إذا خرجَ الإمامُ ، رفَعَتِ الصُّحُفَ) صحيح الجامع للالباني.

              ألا فلنتق الله يا أيها الناس نتقي الله في صلاة الجمعة , نتقي الله في تبكيرنا وحضورنا واهتمامنا نحرص على الخير نقدم لآخرتنا نتمسك بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم.

              اللهم أيقضنا من غفلتنا ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا وردنا إليك رداً جميلاً يا أرحم الراحمين.

              أقول ما تسمعون..

              الخطبة الثانية

              الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

              عباد الله:

              }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ , فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ,وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ{ ]سورة الجمعة:9,11[

              يقول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ في الجمُعةِ ساعةً لا يوافِقُها عبدٌ مُسلمٌ يسألُ اللَّهَ فيها شَيئًا إلَّا أعطاهُ إيَّاهُ) مسند احمد صححه احمد شاكر, (قُلتُ ورَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جالسٌ إنَّا لنجِدُ في كتابِ اللَّهِ في يومِ الجمُعةِ ساعةً لا يوافِقُها عبدٌ مؤمنٌ يصلِّي يَسألُ اللَّهَ فيها شيئًا إلَّا قضَى لَه حاجتَهُ . قالَ عبدُ اللَّهِ فأشارَ إليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أو بعضُ ساعةٍ فقلتُ صدَقتَ أو بعضُ ساعةٍ. قلتُ أيُّ ساعةٍ هيَ قالَ هيَ آخرُ ساعاتِ النَّهارِ . قلتُ إنَّها ليسَتْ سَاعةَ صَلاةٍ قالَ بلَى. إنَّ العبدَ المُؤْمِنَ إذا صلَّى ثمَّ جلسَ لا يحبِسُهُ إلَّا الصَّلاةُ فَهوَ في الصَّلاةِ)حسنه و صححه الالباني في صحيح ابن ماجه من حديث عبدالله بن سلام.

              إنه يوم عظيم عظيم عند الله ولا يعظمه من الناس إلا تقي , قال الله سبحانه: }ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{ ]سورة الحج:32[ , سماه الله يوم الجمعة لأن الأمة المسلمة تجتمع فيه في الجوامع لأداء الصلاة جماعة , أضل الله عنه النصارى واليهود , فأختارت اليهود يوم السبت واختارت النصارى يوم الأحد، فعضموه أيها المؤمنون عظموا هذا اليوم لأنه عند الله عظيم , أحضروا مبكرين بعد أن تغتسلوا وتتطيبوا وتلبسوا من أحسن الثياب , أحضروا مبكرين وتنافسوا على الصفوف الأولى , واقرأوا القرآن اقرأوا سورة الكهف فإن من قرأها في يوم الجمعة جعل الله له نوراً إلى الجمعة الثانية ,قال عليه الصلاة والسلام: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ) صحيح الجامع للالباني.

              عن سلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:   (مَن اغتَسَل يومَ الجُمعةِ، وتَطهَّرَ بما استطاعَ من طُهرٍ، ثم ادَّهن أو مسَّ مِن طِيب، ثم راح فلمْ يُفرِّقْ بين اثنينِ، فصلَّى ما كُتِبَ له، ثم إذا خرَجَ الإمامُ أَنصتَ، غُفِرَ له ما بينه وبين الجُمُعةِ الأُخرى) صحيح البخاري.

              ومن حضر يجب عليه الإنصات للخطبة ويحرم عليه الكلام والعبث أو تحريك شيء من غير حاجة , قال صلى الله عليه وسلم: (من تَوضَّأ فأحسنَ الوضوءَ ثمَّ أتى الجمعةَ فاستمعَ وأنصتَ غُفِرَ لَه ما بينَ الجمعةِ إلى الجمعةِ وزيادةَ ثلاثةِ أيَّامٍ ومن مسَّ الحصى فقد لغا) صحيح ابي داود للالباني من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.

              وفي رواية آخرى قال صلى الله عليه وسلم :(مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ.) صحيح مسلم 

              ومن دخل وقد قامت الصلاة وأدرك منها ركعة مع الإمام فيتمها جمعة , وإن أدرك من الصلاة أقل من ركعة فليتمها ظهراً, بشرط أن ينوها عند تكبيرة الإحرام, قال صلى الله عليه وسلم: (مَن أدركَ ركعتَهُ من الجمعةِ فقد أدركَ الصلاةَ فليُضِفْ إليها أُخرَى) صححه الالباني في إرواء الغليل من حديث ابي هريرة.

              ومن لم ينوها ظهراً عند تكبيرة الإحرام فليتمها نافلة ويصلي الظهر بعدها كما قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله.

              وإذا دخل المسلم المسجد فهو مخير بين أمرين إلى أن يخرج الامام, إما أن يصلي تحية المسجد ركعتين ويقرأ القرآن , أو يستمر في صلاة النافلة ركعتين ركعتين حتى يخرج الإمام كما فعل الصحابة رضي الله عنهم, وراتبة الجمعة بعدها إما ركعتين في المنزل أو أربعاً في المسجد, قال صلى الله عليه وسلم : (مَن كان منكم مُصلِّيًا بعدَ الجُمُعةِ، فليصلِّ أربعًا) رواه مسلم, ولأنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بعد الجمعة صلى ركعتين .

              فالوصية لي ولكم بتقوى الله تعالى في كل شؤون حياتنا وفي يوم الجمعة والمنافسة في فعل الخيرات واغتنام الكرامات حتى يكفر الله السيئات, قال صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.) صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.

              اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات واستعملنا فيما يرضيك يارب الأرض والسماوات .

              وصلوا وسلموا..

              والله اعلم.

              جامع الرحييب 1434/2/8هـ

              جامع القو 1438/12/17هـ

              جامع النور 1441/2/20هـ

              المشاهدات 1221 | التعليقات 0