حرمة الإتجار بالبشر – ومنها العمل القسري وتأخير صرف حقوق العمالة

محمد البدر
1441/02/02 - 2019/10/01 11:21AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:   
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الاسراء: 70].
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾[الاعراف: 11].وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ»قَالَ اللَّهُ ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ«  رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الاتجار بالبشر أحد أشكال الرق في العصر الحديث، وهو انتهاك لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومن صوره: الاتِّجار بالنِّساء والأطفال؛ لأغراض الدَّعارة، والاستغلال الجنسيِّ، وبيع الأعضاء البشريَّة، وعمالة السُّخْرة(بدون راتب فقط مقابل طعام او كساء) واستغلال خدَمِ المنازل، وبيع الأطفال؛ لِغَرض التبنِّي، والسِّياحة الجنسيَّة، واستغلال الأطفال في النِّزاعات المُسَلَّحة في بعض الدول، واستغلال الأطفال في أعمال التسوُّل، والاستغلال السيّئ للمهاجرين بصفة غير شرعيَّة إلى غير ذلك فالإسلام حرم وجرم الاتجار في البشر بصوره المختلفة، ومن ذلك:تحريم وتجريم بيع الأحرار: فحرَّم الإسلام أن يُباع الإنسان الحُرُّ أو أن يُشرى، كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً أم أنثى، غنياً أم فقيراً.
وسدَّت الشريعة الإسلامية كل المنافذ المؤدية إلى المتاجرة بالبشر ومن ذلك المتاجرة بأجساد النساء فأمرت بالحجاب وحرمت السفور والتبرج ، قَالَ تَعَالَى :﴿ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾[الأحزاب: 59].
وأمرت الرجال بغض البصر قَالَ تَعَالَى :﴿قل  لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُل للمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾[النور: 30-31]. ونهت الشريعة عن استخدام النساء والأطفال في البِغَاء، قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. وتُجرِّم الشريعةُ الزناةَ، وتُوقع بهم إذا ثبتت جريمتهم بالرجم إن كانوا متزوجين، والجلد إن كانوا غير ذلك.
عِبَادَ اللَّهِ: حرمت وجرمت الشريعة العمل القسري والخدمة قسراً واستغلال العامل وخدم المنازل وتضييع حق الأجير فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ«  رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وعن المَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:  »إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ« مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: اعلموا أن عدم إعطاء الأجير حقه وراتبه أو إنقاصه أو تأخير الأجر والمماطلة أو إعطاء الأجير أجراً لا يناسب مجهوده يعد من الظلم فلنحذر من ذلك قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
والحذر من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل وغمط الناس حقوقهم والتكبر واحتقار الأجير والتعالي عليه وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
 وقد حذر مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ من صور الاتجار بالبشر المختلفة، مشيرا إلى أن هذا ظلم وعدوان وأكل أموال الناس بالباطل…وأبان المفتي إن من صور ظلم العمال والخدم والمستأجرين تكليفهم مالا يقدرون عليه ولا يستطيعون القيام عليه وتهديدهم إن قصروا بقطع شيء من المرتب ونحو ذلك ..وقال أن من صور ظلم العمال، تأخير مستحقاتهم والمماطلة بها إلى أن تمضي الشهور العديدة وهم لا يحصلون عليها، إضافة إلى جحد الحقوق وإنكارها والتنصل منها ...إلخ. الا وصلوا ..
المرفقات

الاتجار-بالبشر-ومنها-العمل-القسري-وتأ

الاتجار-بالبشر-ومنها-العمل-القسري-وتأ

المشاهدات 5054 | التعليقات 2

السلام عليكم ورحمة الله

بارك الله فيك نريد نسخة وورد


تم ارفاق الخطبة وورد