قصة موسى عليه السلام (الجزء الأول)

سالم بن محمد الغيلي
1441/01/08 - 2019/09/07 23:14PM

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد الا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا عبده ورسوله عليه من الله ازكى صلاة وسلاماً ماتعاقبت الليالي والأيام. 

    • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ ]سورة آل عمران: 102[

    • }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ ]سورة النساء:1[

    • }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا{ ]سورة الأحزاب:70[

     عباد الله:

    إن أنبياء الله ورسله عليهم السلام هم قدوتنا وهم اسوتنا وهم دليلنا إلى الله تعالى في العبادة وفي الاخلاق وفي الأدب وفي الصبر وفي الجهاد وفي اغتنام الخير وفي كل شؤون الحياة , وقد قص الله علينا قَصَصِهم و أخبرنا خبرهم ؛ لما في ذلك من العِبر والحِكم والصبر والجَلَد والتحمُل والتدبُر, قال الله عنهم عليهم السلام: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ]سورة يوسف:111[

    لقد قص الله علينا قصة موسى ابن عمران عليه السلام أوردها في كتابه في عدة مواضع , في عدة صور وبأساليب متشابهة.

    لنرى ونسمع ونعقل كيف جرت الأمور وسارت الأحداث , أرسله الله تعالى إلى طاغية من اعتى طواغيت الأرض على الاطلاق, فالله رحيم والله حليم والله رؤوف ولله عليم , ماعذب أمة من الامم إلا وقد أرسل إليها رسولاً يحذر وينذر ويبين ويوضح , وزوده بالآيات وأيده بالمعجزات وخوارق العادات حتى يصدق الناس ويؤمن الناس أنه من عند الله ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) ]سورة فاطر:24[, (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا) ]سورة الإسراء:15[.

    أرسله إلى فرعون :(  إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) ]سورة القصص:4[, هكذا من طغى واعرض وتكبر وتجبر عندما يغنيهم الله ويعطيهم ويقويه ويؤكلهم ويشربهم يعلون في الارض يتكبرون ينسون المنعم وينسون ذواتهم ويُقسِّمون الناس في نظرهم إلى شيع وطوائف ورتب,  وكان سبب ذلك الفعل من فرعون أنه علِمَ أنه سيأتي من ذرية إبراهيم عليه السلام غلام يكون هلاك ملك مصر على يديه, فاحترز فرعون وخاف من ذلك الآتي فجعل حرسه وخدامه ومجرميه يطوفون المدن والقرى فلا تلد امرأة ذكراً إلا ذبحوه من ساعته , لكن الله غالب على أمره وإليه يرجع الأمر كله والملك ملكه, والأمر , والارادة بيده , حكم وقدر وأراد أن يأتي موسى وأن يعيش وأن يسلم من فرعون وأن يبلغ رسالته وأن يتربى في بيت فرعون وأن يتخذه هو وزوجته قرة عين , وأن يكون هلاكه على يديه , هكذا يريد الله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ]سورة القصص: 7[, فجعلته في صندوق ورمته في النهر (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) ]سورة القصص:8[ اعداء الله الذين يذبحون الابناء ويستحيون النساء (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) ]سورة القصص:8[ .

    اراد فرعون قتله والتخلص منه كغيره من الأولاد : (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) ]سورة القصص:9[, وهم لا يشعرون يعني لا يعلمون ما الخبر وما القصة وكيف تسير الامور وهم لا يشعرون, فهم يريدون والله يريد,

     وأنت تريد والله يريد , انت تسعى لشيء وقد يكون فيه هلاكك وضررك (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ]سورة البقرة:216[.

    (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ) ]سورة القصص:10[لا تفكر في شيء غير ابنها , أين ذهب , ماذا حصل له, هكذا الامهات أيها العاقون , هكذا الامهات ايها الجفاة , يخلو قلبها من كل شيء , فارغ إلا من ابنها إذا غاب تفكر فيه وتتبعه بعقلها أينما ذهب.

     (إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) ]سورة القصص:10[, من خوفها وحرصها أرادت تبحث عنه علنا أمام الناس .

     (لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا)]سورة القصص:10[ صبرها الله وثبتها ( لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ]  ( سورة القصص:10[, هكذا يفعل المؤمن إذا فقد ابنه وغاب ولده يربط الله على قلبه ويثبته على الحق .

    (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ) ]سورة لقصص:11[ -أي: اتبعي وابحثي عنه- فبحثت عنه فرأته وما شعر بها أحد, واراد آل فرعون أن يرضعوا موسى فرفض ولم يقبل  (۞ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ) ]سورة اقصص: 12[  فاحتاروا في أمره كيف؟ فقالت أخته وهم لا يشعرون به ( فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) ]سورة القصص:12[.

     تأملوا إرادة الله رب الكون (فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) ]سورة القصص:13[, إذا غاب لك غائب فادع الله أن يرده فقط , الح على الله في الدعاء أن يرده ويأتي به وتوكل عليه وفوض أمرك إليه.

    (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ]سورة القصص:14[, ويمتن عليه,(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ, قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ, قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) ]سورة القصص:15,17[, هكذا الشيطان يثر النعرات والحزازات والحزبيات حتى يصل الحال إلى القتل وسفك الدماء من اجل عصبية من أجل قبلية لا من أجل الله ولا من اجل دين الله  , وعندما يذهب الشيطان يأتي البكاء والحزن والتعقل والمطالب والملايين , وما تفعل الملايين وقد قتلت نفس ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)  صحيح البخاري.

    (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) –ينعت فيه- (ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ , فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ, وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ, فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ]سورة القصص:18,21[.

    خرج من مصر لا يدري أن يتجه خائفاً من القتل , خائفاً من البطش , (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ]سورة القصص:22[

    لا تستغني برأيك ولا بقوتك ولا بعلمك , اسأل الله وادع الله أن يهديك سواء السبيل.

    اللهم اهدنا سواء السبيل وسددنا بالقول والفعل الجميل ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى اعمالنا طرفة عين يا أرحم الراحمين , وللحديث بقية .

    اقول ماتسمعون..

     

                                             الخطبة الثانية

    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى

    عباد الله :

    وتأتي مرحلة اخرى من مراحل حياة كليم الله موسى عليه السلام ,خرج من مصر خائفاً من القتل (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) ]سورة القصص:22[,(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ )]سورة القصص:23[, وجد امرأتان مع غنمهما تذودانها لا تختلط بضم الناس , قال: ماخطبكما؟ سؤال كلمة , ما خطبكما ؟ قالتا: لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير, لا اختلاط ولا مزاحمة للرجال ول مكالمات بالجوال حتى ولو ابونا شيخ كبير وليس معنا اخوة ليس ذلك بأن نقوم بشؤوننا على حساب عفتنا وحجابنا وديننا .

    (فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ]سورة القصص:24[ , توجه إلى الله ولجأ إلى الله وافتقر إلى الله وشكى حاجته إلى قاضي الحاجات وطلب المدد من رب الأرض والسماوات , فجاءه الفرج في أقصر الأوقات, (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)]سورة القصص:25[, مستحية فيها حياء من الرجال , وهذا الأصل في المرأة الحياء الذي نزع من بعض من نساء اليوم , نزعوا الحجاب وأبدلوه بالنقاب وتكحلوا وتزينوا وتصبغوا ونزلوا إلى الأسواق وزاحموا الرجال وحادثوهم في الجوال وتغير الحال .

    (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ- ابي يدعوك ليس نحن إنما ابي- لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ) ] سورة القصص:25[, وقد يحتاج الرجل إلى مثل هذا الرجل قد تضيق السبل ببعض الرجال فيحتاج إلى رجل أمين عاقل رشيد صالح يشاوره ليشاطره همومه ويدله على الخير بإذن الله, (قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)] سورة القصص:25[, طمأنه وهدأ من روعه وسكن من خوفه وجدد أمله في النجاة , هكذا يجب أن يفعل الشهم والحكيم عندما يواجه من يلوذ به ويعتد به ويهرب إليه أن يطمنه ويهدي من روعه ولو فعل مافعل , ولو أخطأ ما أخطأ, فالامور بيد الله والله يغير من حال إلى حال , لا تلجأ بعد الله إلا إلى ذي الرأي والمشورة والتقوى والكرم.. (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) ]سورة القصص:26[, ما قال لهم ولا رأوا منه غير الصدق والأمانة .

    (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ) ]سورة القصص:27[,يدعوا رجلاً صالحاً اميناً ويقول: اريد أن ازوجك ابنتي, من ؟ إلا من هدى الله وقليل ماهم, وصل بعض البنات إلى 35 و40 وإلى أكثر لا أحد يعلم عنهنّ ولا أحد يتقدم لهنّ, نراه عيب ونقص وكسر لكبريائنا وتسلطنا على المسكينات جاهلية وحماقة.

     قضى موسى عشر سنوات على الحجج في رعي الغنم ثم بدأت بعدها مرحلة أخرى من حياته وهي الأخطر والاعظم والأهم, (۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ , فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ, وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ , اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ۖ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ, ) ]سورة القصص:29,32[, وبدأ عصر الرسالة , بدأ عهد التبليغ , بدأ وقت المواجهة مع فرعون وقومه , وهو جانب من حياته عليه السلام ملي بالأحداث والعبر والآيات والمعجزات , فما كان من فرعون إلا أن غضب واتهم موسى بالسحر وجمع السحرة وأتوا بمكرهم وسحرهم وحبالهم وضحكوا على أعين الناس , وأوحى الله إلى موسى :( فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ , فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ , قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ) ]سورة الشعراء:45,48[ .

    وتتوالى الأحداث ويجمع فرعون جيشه ويطارد موسى وقومه ويهربون إلى البحر , فإذا بالبحر من أمامهم وفرعون من خلفهم ,( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )]سورة الشعراء:61[, فقال الواثق بربه المتوكل على خالقه: (قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ, فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ  , وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ  , وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ , ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) ]سورة الشعراء:62,66[.

    وكان ذلك الحدث العظيم في يوم عاشوراء , وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود صياماً، يوم عاشوراء، فقال لهم صلى الله عليه وسلم): ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله، فنحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه) متفق عليه, شكراً لله تعالى على أن نصر موسى وقومه, والسنة أن يصام يوم قبله أو يوم بعده , وقد صامه صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام وكانت تصومه قريش في الجاهلية.

    اللهم اجعلنا من الشاكرين اللهم انصرنا على من عادانا يارب العالمين.

    وصلوا وسلموا...

     

    والله أعلم.

    جامع النور28/4/1435هـ

    جامع آل مونس7/3/1437هـ

    جامع القو9/1/1439هـ

    جامع النور7/1/1441هـ

    المشاهدات 728 | التعليقات 0