أَفْرَاحُنَا بَيْنَ الشُّكْرِ وَالبَطَرِ ( خطبة مطولة )

مبارك العشوان 1
1440/10/10 - 2019/06/13 01:37AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ، اِتَّقُوا رَبَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ وَاشْكُرُوهُ عَلَى سَائِرِ نِعَمِهِ، ثُمَّ اعْلَمُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ أنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ مَا امْتَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ آيَةً مِنْ آيَاتِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } الروم 21

الزَّوَاجُ مِنْ أعْظَمِ النِّعَمِ، فِيهِ طُمَأْنِينَةُ النَّفْسِ، فِيهِ السَّكَنُ وَالْأُنْسُ، وَالمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ، فِيهِ غَضُّ البَصَرِ وَحِفْظُ الفَرْجِ  وَبِهِ حُصُولُ الوَلَدِ، وَتَكْثِيرُ النَّسْلِ، وَاسْتِمْرَارُ العَمَلِ حَتَّى بَعْدَ المَمَاتِ، وَبِهِ تَتَحَقَّقُ مَصَالِحُ عَظِيمَةٌ لِلْفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ؛ دُنْيَوِيَّةٌ وَأُخْرَوِيَّةٌ. وَلِهَذَا، جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِهِ؛ فَهُوَ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً }الرعد 38 وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

 بَلْ جَاءَ الأَمْرُ الصَّرِيحُ بِالزَّوَاجِ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أقْوَالِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، قَالَ تَعَالَى: { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ }النساء3 وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }النور 32  وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.  وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ: قَالَ لِي طَاوُوسُ: لَتَنْكِحَنَّ أَوْ لَأَقُوْلَنَّ لَكَ مَا قَالَ عُمْرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ: ( مَا يَمْنَعُكَ عَنِ النِّكَاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ ). وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: لَيْسَتِ العُزُوبَةُ مِنْ أَمْرِ الإِسْلَامِ فِي شَيءٍ.

عِبَادَ اللهِ: وَإِنَّهُ لَيَسُرُّ كُلُّ مُسْلِمٍ مَا نَشْهَدُهُ أَيَّامَنَا هَذِهِ مِنَ كَثْرَةِ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ، وَتَحْصِيلِ هَذَا الخَيرِ العَظِيمِ.

ثُمَّ مَا أَحْسَنَ أَنْ يُتَّبعَ هَدْيُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَيُسَارَ عَلَى سُنَّتِهِ؛ فَهُوَ أَحْرَى بِالسَّعَادَةِ وَالتَّوفِيقِ، كَمَا أَنَّ المُخَالَفَةَ لَهُ أَحْرَى بِعَدَمِ التَّوفِيقِ.

وَفِي هَذِهِ الخُطْبَةِ نَعْرِضُ شَيئًا مِنْ آدَابِ النِّكَاحِ وَمُخَالَفَاتِهِ عَلَى وَجْهِ الاخْتِصَارِ: 

فَمِنْ ذَلِكَ: اِخْتِيارُ صَاحِبِ الدِّينِ؛ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. فَإِذَا تَقَدَّمَ الكُفْءُ فَلَا يَنْبَغِي رَدُّهُ؛ طَمَعًا فِي خِدْمَةِ البِنْتِ أَوْ رَاتِبِهَا إِنْ كَانَتْ مُوَظَّفَةً، أَوْ لِأَيِّ سَبَبٍ يَتَعَلَّلُ بِهِ بَعْضُ الأَوْلِيَاءِ؛ كَمَا أَنَّهَا لَا تَنْبَغِي المُسَارَعَةُ فِي قَبُولِ أَيِّ خَاطِبٍ دُونَ السُّؤَالِ وَالتَّحَرِّيْ عَنْ دِينِهِ وَخُلُقِهِ، وَدُونَ أَخْذِ رَأيِ المَرْأَةِ؛ وَرُبَّمَا كَانَ هَذَا لِقَرَابَتِهِ أَوْ لِنَسَبِهِ، َأْوْ مَالِهِ أَوْ مَنْصِبِهِ وَجَاهِهِ، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ المَرْأَةِ إِجْبَارُهَا عَلَى زَوجٍ لَا تَرْغَبُ نِكَاحَهُ.

وَمِنَ الآدَابِ: الاِقْتِصَادُ فِي المُهُورِ، وَتَيْسِيرُهَا، اتِّبَاعًا لِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ الكِرَامِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ( أَلَا لَا تَغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْتَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ، أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ، حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ ...) الخ أخرجه النسائي وصححه الألباني.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: ( الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.  

فَعَلَى المَرْأَةِ وَعَلَى وَلِيِّهَا أَنْ لَا يُغَالُوا فِي المُهُورِ فَيُثْقِلُوا كَاهِلَ الزَّوجِ وَيُحَمِّلُوهُ الدُّيُونَ، وَيَعِيشُ هُوَ وَزَوجُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَمِّ الدَّينِ وَمَذَلَّتِهِ، أَوْ يَنْصَرِفُ عَن الزَّوَاجِ لِعَدَمِ اِسْتِطَاعَتِهِ.

وَمَنْ لَهُ أوْلَادٌ فَهُو مُحْتَاجٌ لِتَزْوِيجِهِمْ، وَمَنْ لَهُ بَنَاتٌ يَتَمَنَّى لَهُنَّ الزَّوَاجَ، فَهِي مَصْلَحَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، عَلَى المُسْلِمِ أنْ يَسْعَى وَيُبَادِرَ، وَيُذَلِّلَ السُّبُلَ لِتَحْقِيقِهَا.

عِبَادَ اللهِ: وَلِيمَةُ العُرْسِ مَشْرُوعَةٌ، وَالاعْتِدَالُ فِيهَا وَاتِّبَاعُ الهَدِيِ مَطْلُوبٌ، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. ) متفق عليه .

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ : التَّبَاهِي وَالتَّبْذِيرُ فِي وَلِيمَةِ العُرْسِ، وَفِيمَا يَسْبِقُهَا وَيَلْحَقُهَا، وَفِيمَا يَتْبَعُهَا مِنَ الحَلَوِيَّاتِ وَنَحْوِهَا، وَالَّتِي قَدْ تُقَارِبُ مَا يُنْفَقُ عَلَى الوَلِيمَةِ.

مِمَّا أدَّى إلَى الاسْتِهَانَةِ بِالنِّعَمِ، وَرَمْيِهَا فِي النِّفَايَاتِ، وَلَو تَذَكَّرَ هَؤُلَاءِ أَقْوَامًا يَتَمَنَّوْنَ لُقْمَةَ العَيشِ فَلَا يَحْصُلُونَ عَلَيهَا لَمَا أَسْرَفُوا، لَو تَذَكَّرُوا أَنَّهُمْ قَدْ يُسْلَبُونَ هَذِهِ النِّعْمَةَ بِسَبَبِ إِسْرَافِهِمْ لَمَا فَعَلُوا، لَو اقْتَصَدُوا عَلَى مَا يَكْفِي ضُيُوفَهُمْ، ثُمَّ اتَّفَقُوا مَعَ الجَمْعِيَّاتِ الخَيْرِيَّةِ لِحِفْظِ فَائِضِ الوَلِيمَةِ لَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ خَيرٌ كَثْيرٌ .

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: عَدَمُ دَعْوَةِ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ لِطَعَامِ الوَلِيمَةِ، فَفِي البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )

وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ...

 الخطبة الثانية:

الحَمْدُ لِلهِ ...أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنَ المُخَالَفَاتِ اسْتِخْدَامُ الرِّجَالِ أنْوَاعًا مِنَ المَعَازِفِ كَالدُّفِّ؛ لِأَنَّ الذِي أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ هُنَّ النِّسَاءُ، وَأَمَّا الرِّجَالُ فَلَمْ يَثْبُتْ إِبَاحَتُهُ لَهُمْ، وَأَمَّا حَدِيثُ: ( وَاضْرِبُوا عَلَيهِ بِالدُّفُوفِ )  فَلَا يَصِحُّ الاسْتِدْلَالُ بِهِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ؛ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الإِمَامُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ البَارِي. وَجَاءَ فِي فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ مَا نَصُّهُ: ( إِعْلَانُ النِّكَاحِ سُنَّةٌ؛ لِقَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( أَعْلِنُوا النِّكَاحَ )  رواه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم. وَمِن وَسَائِلِ إعْلَانِهِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ؛ لَكِنَّهُ مِنَ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ؛ لِثُبُوتِهِ مِنْهُنَّ عَمَلِيًّا دُونَ الرِّجَالِ فِي الصَّدْرِ الأوَّلِ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي النِّكَاحِ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيهِ بِالغِرْبَالِ ) أَيْ : الدُّفِّ، وَفِي سَنَدِهِ عِيسَى بنِ مَيْمَونَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَه وَفِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بنُ إيَاسٍ وَهُوَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ، وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى لَا تَخْلُو مِنْ مَقَالٍ؛ فَلَا يَصِحُّ الاسْتِدْلَالُ بِهِمَا عَلَى جَوَازِهِ لِلرِّجَالِ. وَبِاللهِ التَّوفِيقِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: اسْتِخْدَامُ مُكَبِّرَاتِ الصَّوتِ، وَتَشْغِيلُ الأَغَانِي، أَوْ مَا يُسَمَّى بِالشَّيْلَاتِ عَبْرَهَا، وَإِزْعَاجُ النَّاسِ وَإِيْذَاؤُهُمْ بِصَخَبِهَا.  

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: إِطْلَاقُ النَّارِ فِي حَفَلَاتِ النِّكَاحِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ تَجْمَعُ أَنْوَاعًا مِنَ المُخَالَفَاتِ: مُخَالَفَةٌ لِوَلِيِّ الأَمْرِ، وَتَعَرُّضٌ لِلْخَطَرِ، وَتَبْذِيرٌ لِلْمَالِ، وَإِيْذَاءٌ لِعِبَادِ اللهِ. وَكَمْ حَصَلَ بِسَبَبِهِ مِنَ الكَوَارِثِ؛ فَلِمَ لَا يَتَّعِظُ النَّاسُ؟!

وَقَدْ جَاءَ فِي فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ مَا نَصُّهُ: ( إِطْلَاُق النَّارِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ مِنَ الإِعْلَاِن الشَّرْعِيِّ، وَفِيهِ مِنَ المَخَاطِرِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ ) .

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: مَا انْتَشَرَ مُؤَخَّرًا مِنْ ذَهَابِ المَرْأَةِ إِلَى الحَفَلَاتِ مَعَ السَّائِقِ ثُمَّ رُجُوْعُهَا مَعَهُ فِي سَاعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنَ اللَّيْلِ وَبِدُونِ مَحْرَمٍ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مُتَعَطِّرَةً مُتَزِيِّنَةً، وَفِي الحَدِيثِ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) أخرجه النسائي وحسنه الألباني مَنْ يَأْمَنُ الفِتْنَةَ مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِيْهَا، ثُمَّ مَنْ يَأْمَنُ مَا قَدْ يَحْصُلُ لِهَذَا السَّائِقِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ حَوَادِثِ سَيَارَاتٍ أَو اِعْتِدَاءٍ.

أَلَا فَلْتَتَّقُوا اللهَ مَعَاشِرَ الرِّجَالِ وَلْتَحْفَظُوا مَا تَحَمَّلْتُمْ مِنَ الأَمَانَةِ وَالرِّعَايَةِ.   

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: التَّسَاهُلُ فِي أَمْرِ اللِّبَاسِ، وَلُبْسُ العَارِي وَقَدْ جَاءَ الوَعِيدُ فِي قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) أخرجه مسلم

وَمِنَ المُخَالَفَاتِ: التَّزَيُّنُ بِالمُحَرَّمَاتِ: سَوَاءً مِنَ الزَّوجَينِ أوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، كَالْوَشْمِ وَالنَّمْصِ وَالوَصْلِ وَتَطْوِيلِ الأَظَافِرِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ تَغْيِيرُ شَيءٍ مِنْ خِلْقَتِهَا الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ عَلَيْهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ الْتِمَاسًا لِلْحُسْنِ لَا لِزَوجٍ وَلَا غَيرِهِ ... )  الخ

وَمِنْهُ تَزَيُّنُ الزَّوجِ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ وَإِسْبَالِ ثَوبِهِ أوْ مِشْلَحِهِ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ، وَهُوَ فِعْلٌ لَا يَجُوزُ، لَا فِي لَيْلَةِ الزَّوَاجِ وَلَا فِي غَيْرِهَا.

وَمِنْ ذَلِكَ: تَسَاهُلُ العَرُوسِ فِي كَشْفِ مَا لَا يَجُوزُ كَشْفُهُ لِمَنْ تُزَيِّنُهَا لِلَيلَةِ الزَّفَافِ، سَوَاءً كَانَتْ قَرِيْبَةً أَوْ غَرِيْبَةً.

وَمِنْ ذَلِكَ: تَأْخِيرُهَا لِلصَّلَواتِ عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى لَا تَتَوَضَّأَ فَيُزِيلُ المَاءُ مَا عَلَيْهَا مِنَ المَسَاحِيقِ... إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المُخَالَفَاتِ الَّتِي لَا تَخْفَى، مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي مُنَاسَبَاتِهِمْ، مِمَّا أَخْرَجَ مِنَ المَشْرُوعِ إِلَى المَمْنُوعِ، مُخَالَفَاتٍ تَنَاقَلُوهَا وَتَنَافَسُوا فِيهَا وَتَبَاهَوا بِهَا، وَأَصْبَحَتْ تَزِيدُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ، وَلَا تَكَادُ حَفْلَةٌ الزَّوَاجِ تَنْتَهِي إِلَّا وَقَدْ تَحَمَّلَ أهْلُهَا الكَثِيرَ مِنَ المُخَالَفَاتِ وَالأَوْزَارِ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ. 

فَلْتَتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَلْتَشْكُرُوا نِعَمَهُ عَلَيْكُمْ : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7   تَنَاصَحُوا، تَوَاصَوا بِالحَقِّ، تَآمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوا عَنِ المُنْكَرِ. 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا... اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسْلَامَ ... اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا... عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ... 

 

 

 

 

المشاهدات 853 | التعليقات 0