لا تغفلوا عن أولادكم

إبراهيم بن سلطان العريفان
1440/05/12 - 2019/01/18 09:13AM

هذه الخطبة ... منقول من خطبة الشيخ خالد الشايع جزاه الله خيرا

بعنوان ( ظاهرة هروب الفتيات ... )

قمت بتعديل وحذف وزيادة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... إن تربية الأولاد في هذا الزمن شاقة وعسيرة، تحتاج من الولي أن يستعين بالله أولاً، ثم يجتهد ويشاور أهل الاختصاص والتجارب، عله أن ينجح في التربية، إن الشرور التي تحيط بأولادنا هذه الأيام، كالقنوات الفاسدة، وأصدقاء السوء ، يمكرون بفلذات أكبادنا، حتى استصعبت التربية على الأولياء، وحتى تمرد الأولاد على أوليائهم، وإن المربي الفطن للذي يتنبه لذلك قبل تفاقم الأمر، وقبل أن ينقطع زمام القيادة من أيديهم.

لقد تطور وضع الأولاد هذه الأيام فأصبحوا يتمردون على أوليائهم، ويهربون في أحضان الدول الكافرة، ولربما خرجوا من الدين والعياذ بالله، وأيدي الشر تتلقفهم، وتعينهم على عصيانهم وعقوقهم.

إن ظاهرة الهروب من البيوت ظاهرة متفشية في المجتمعات كلها خصوصًا المجتمعات الكافرة، ولكن ما يحز في النفس هو وصول هذه الظاهرة إلى بلاد المسلمين، وذلك لتخلق البعض بأخلاقهم، فمن تخلق بأخلاق الكفار وتشبه بهم أصابته الشرور المحدقة بهم، ومنها ظاهرة العصيان والتمرد على الأبوين، فبين الفينة والأخرى نسمع بهروب فتاة من بيت أهلها، ولا يعلم أين ذهبت ، ثم يتبين الأمر أنها خرجت تنشد الانفلات من القيود الدينية والأعراف المجتمعية، كن يهربن داخل البلد، والآن أصبحن يهربن ويطلبن اللجوء السياسي في بلدان الكفر، ولربما بعض البلدان التي تُعدُّ عدوًا لبلدنا، فتتلقفهم أيدي الشر والتي تمكر لتفسد علينا أمننا واستقرارنا، ولهذا كان لزامًا أن نستيقظ لما يحاك ضدنا، وضد أولادنا، خصوصا النساء والأخص البنات.  (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ).

أيها المؤمنون ... لابد أن نكون على علم بأن هناك منظمات في كل بلد لاستقطاب الشباب والفتيات، وإغوائهم باسم الحرية، وهي في الحقيقة انسلاخ من الدين والأعراف الاجتماعية، يقومون بالترويج لأنفسهم عبر الشبكة العنكبوتية، ويثيرون الشبه في أواسط الشباب والفتيات، ويغرونهم بالأموال، ويسهلون لهم طرق الهروب، بل ويرسمون لهم الطريق، ويستقبلونهم، ويضمونهم إلى فريقهم، ويتكفلون بهم في بداية الأمر ثم يهملونهم بعد أن يسلخونهم من دينهم وعاداتهم.

عباد الله .. هنا وقفات ضد هذه الظاهرة ينبغي لكل مسلم أن يعيها:

منها ... أن يحذر المرء من الشماتة، والسخرية بهم، والواجب أن يحمد الله على العافية ويسأل الله لهم الهداية.

وأن يعلم المرء أن المسلم ليس له مأوى إلا حضن والديه وبلده، ولو زخرفوا لنا بالقول، فهم يكيدون بنا كيدًا عظيمًا.

ولا من تحذير الأولاد من ذلك وفضح هذه المنظمات لهم، حتى لا يكونوا ضحية لهم يومًا من الأيام.

وعلينا – يا عباد الله - بكثرة الدعاء للنفس وللأولاد والزوجات بالهداية والثبات، فهي أكبر معين للعبد في زمن الفتن والشهوات.

لا بد من تغيير أسلوب التعايش مع الأولاد في البيت، فلقد تغير الوقت بعد هذا الانفتاح الفضائي، كان في السابق لا يربي الأبناء والبنات إلا الأبوان والمدرسة، والآن أصبح العالم كله يربي أولادَنا، على حسب انفتاح الشاب والفتاة على شبكات التواصل الاجتماعي.

اعلم ... إن أسلوب الضغط والكبت لا يجدي الآن، فهو أحد عوامل الهروب وادعاء التعنيف، تقول إحدى الفتيات: كنت استفز والدتي، لكي تعنفني، ولربما ضربتني، وأقوم بتصويرها لكي أستدل به على التعنيف الأسري.

فلابد من إيجاد الحياة العاطفية في البيت، التي تجعل البيت يعيش سعيدًا، وتقوي العلاقة الأسرية، والمحبة الأخوية والأبوية.

للأسف في بعض البيوت ... تجد الأب يهتم بكل مشاكل العالم، يحلل وينظر لكل أحداث الأسبوع، ‏‎وهو لا يعلم ماذا يدور في بيته، ‏‎ولا يستطيع تحليل الجفاف العاطفي والروحي في بيته.

الأم يحزنها ذلك الشاب الذي كتب "إني حزين" ‏‎وهي لا تدري أن بنتها غارقة بالحزن والوحدة، ‏‎تتأثر لقصص وهمية يكتبها أناس وهميين.

نحن في هذه الزمن نحتاج إلى التقرب للأولاد أكثر، وإيجاد جلسات الحوار والمناقشة، والتعرف على أفكار أولادنا، قبل أن يفجؤونا بما لا تحمد عقباه.

الأبناء تحولوا من مسؤولين إلى متسولين، ‎يتسولون كلمة إعجاب من هنا، ومديح مزيف من هناك، وتفاعل من ذاك وهذا وهذه، ‏‎زمان أصبح أولادُنا يستجدون فيه الحنان من الغريب، بعدما بخِل به عليهم القريب.

عباد الله ... الحذر الحذر من ترك الحبل على الغارب للأولاد، والدلال الزائد، فكما أن الضغط يسبب أمور لا تحمد عقباه، فكذلك الانفلات يسبب كذلك.

لابد أن نزرع في نفوس أبنائنا وبناتنا مراقة الله، ولا بد من مراقبة البنين والبنات في أجهزتهم، ولا مانع من تفتيشها إذا وجدت الريبة، من غير تخوين، ولا اتهامات، قبل أن يقع الفأس في الراس، ثم لا تنفع الآهات والندم.

اللهم احم أولادنا من أهل الشر والذين يمكرون بنا يا رب العالمين.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معاشر المؤمنين ... إن من أكبر العون بعد عون الله في حفظ أسرنا من الشتات والضياع وسوء الخصال، هو الصحبة الطيبة، فهم يربون معك ذريتك على طيب الخلق، وحسن المنهج في الحياة، فهم لاينفعون في الدنيا وحسب، بل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ).

والصحبة الطيبة في بلادنا كثيرة ولله الحمد، فانظر من يصحب ابنك وبنتك في المدرسة، وفي الشارع، وفي الاستراحات، قال النَّبِيَّ ﷺ ( إِنَّما مثَلُ الجلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً ) فالتركيز على الأصحاب في هذا الزمن مهم جدًا.

عباد الله ... إن الهروب من البيوت وخصوصًا الفتيات ليست ظاهرة في بلادنا ولله الحمد، ولكن تدق ناقوس الخطر، فالذي يساعد على انتشار الهروب: هو ترك البنات يخرج مع زميلاتهن كما يشأن، في المقاهي والاستراحات، فكم فيها من الويلات والأولياء في غفلة عظيمة، فلا أريد التصريح أكثر، والحر تكفية الإشارة.

ثم لنعلم أن المناداة بالحرية المزعومة من أعداء المرأة لداع كبير إلى عصيانهن على الولي ثم الهروب من بلدهن لأحضانهم في أي بلد تتلقفهم، فاحذروا أعداء المرأة الذين يسعون في زعزعة لحمة الأسرة في بلدنا العفيف.

فمن المهم أن نشرح لأولادنا تعريف الحرية، فنبين لهم الحرية الحقيقية للمرأة، والتي تكفل لها الأمن والكرامة والصيانة والديانة، وهي الحرية التي جاء بها الإسلام من رب العالمين، وبين الحرية المزعومة التي ينشدها أعداء المرأة، والتي تلقفوها من الغرب الكافر، وكما قال الأمير نايف رحمه الله: إن هؤلاء الذين يسعون إلى حرية المرأة هم في الحقيقة يسعون إلى حرية الوصول للمرأة. وصدق رحمه الله. وأكبر شاهد على ذلك كلام بعض الهاربات من بلادهن بعدما تبين لهن الخطأ الكبير الذي وقعن فيه، وكيف أصبحن دمى يلعب بهن أعداء المرأة بعد أن أوقعوهن في الفخ.

لا تغفلوا عن أولادكم، الأولاد يكبرون جسمًا ويصغرون دينًا، يأكلون طعامًا ويجوعون حُبًا وجلوسًا ووآمًا، والزمان الآن لم يعد كسابقه. اليوم الذي تغفل فيه عن ولدك يهجم على عقله ألف فكرة خاطئة، وعلى عينيه ألف ألف مقطع سيء، وعلى وقته ألف ألف شاغل وشاغل بالشر عن الخير.

أيها الآباء ... لا تعتذروا بضيق أوقاتكم فتكونوا كمن يضحك على نفسه، فقد كان الصحابة يفتحون العالم ثم يعودون إلى أولادهم فيفتحون قلوبهم، ويحسنون تربيتهم، ويورثونهم دينهم وأخلاقهم.

لا تعتذروا ... فللرجال بصمات وللنساء لمسات، ولا غنى للولد عن كليهما.

لا تعتذروا بالسعي على أرزاقهم، فبئس الرزق ذلك الذي يقدم للأمة أجسامًا معلوفة، وأخلاقًا مهلهلة ضعيفة.

 الزمان الآن صعب، وأولادنا والله مساكين يحتاجون أضعاف أضعاف ما كنا نأخذ في مثل أعمارهم مع فرق الفتن والمغريات التي بين جيلنا وجيلهم.

عودوا إلى بيوتكم، واشبعوا ضمًا وقُربًا من أولادكم، العبوا معهم، وقُصّوا عليهم قصصًا تنمي فيهم الفضائل، واستمعوا كثيرا إليهم.

اتركوا من أجلهم هواتفكم، وتفرغوا من أجل هؤلاء الأبرياء عن بعض مشاغلكم، أوقفوا الدنيا كلها من أجل فلذات أكبادكم، لتنال دعوة طيبة من ابنك الصالح.

اللهم احم أبناءنا وبناتَنا من دعاة الفتنة والإلحاد يا رب العالمين

 

المشاهدات 1573 | التعليقات 0