في الحث على شُكر المُنعم سبحانه - لمناسبة هطول الغيث

عايد القزلان التميمي
1440/02/30 - 2018/11/08 16:51PM

الخطبة الأولى : الحمد لله القائل: { وهو الذى ينزل الغيث من بعد ماقنطوا وينشر رحمته }  والحمد لله عالم السر واخفى ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له رحم العباد والبهائم وأولانا نعمه العظيمه ونشهد ان نبينا محمد عبد الله ورسوله الرحمه المهداه والنسمه المجتباه عليه صلاة الله وسلامه إلى يوم القيامة .

أُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ﴿ وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِْ .
وفي هَذِهِ الأَيَّامِ ، الكثير من الناس يتابع الأمطار ويفرح بها ويستبشر بها، وَلَرُبَّمَا حَرِصَ بَعضُ النَّاسِ عَلَى مُتَابَعَةِ مَوَاقِعَ إِخَبَارِيَّةٍ تَصِفُ حَالَةَ الجَوِّ وَتَهتَمُّ بِهِ، وَتَرَى النَّاسَ في مَجَالِسِهِم وَأَسوَاقِهِم يَتَسَاءَلُونَ، وَبِأَخبَارِ الغَيثِ يَتَبَاشَرُونَ، وبرحمة الله يفرحون.

 قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ اللهُ الَّذِي يُرسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبسُطُهُ في السَّمَاءِ كَيفَ يَشَاءُ وَيَجعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ إِذَا هُم يَستَبشِرُونَ. وَإِن كَانُوا مِن قَبلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيهِم مِن قَبلِهِ لَمُبلِسِينَ. فَانظُرْ إِلى آثَارِ رَحمَةِ اللهِ كَيفَ يُحيِي الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحيِي المَوتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ 

عباد الله علينا شكر المُنْعِم سبحانه الذي أنزل علينا الغيث والخيرات وأحيا الأرض بعد موتها , والشكر عند تجدد النعم وشُكْر النعم يَضمن بقاءها وزيادتها، وسلامة من عذاب الله الشديد؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ 
عباد الله : لقد عشنا زمناً طويلا نسمعُ بنزول الغيثِ من حولنا، ولا نرى إلا سحابًا عابرًا، ثم حلَّ بيننا كرمُ الله تفضلاً منه وإحسانًا، فالشكرُ لك يا مولانا عددَ خلقِك وزنةَ عرشك وعدد ذرات مداد كلماتك، فواجبٌ علينا الشكر، ولا دوامَ لجميع النِعم إلا بشكرِ المُنْعِم، ولا انتفاعَ بالنعمة إلا بشكر المُنْعِم سبحانه.

اعلموا أنَّ كلَّ نعمة لنا في هذه الحياةِ إنما تصلنا من واحدٍ أحد سبحانه هو الذي قال - ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ 
وهو الذي قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا 
ويجب علينا أن تمتلئ قلوبنا محبة لله عز وجل وننفذ ما أمرنا اللهُ بتنفيذِه، ونطبق ما أمرَنا الله بتطبيقِه، و أن نستقيم على طاعة الله قال تعالى  )) وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ (( 

فلنشكر الله يا عباد الله، وليكن شكرنا شكرا حقيقيا، نشكره بألسنتنا، ونشكره بأعمالنا، أليس هو القائل: { اعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ } [سبأ:13].
ولنحذر من كفران النعم، فإن النعم إذا شكرت زادت ودامت ونفع الله بها، وأما إذا كفرت فإنها تزول وتنتهي، نسأل الله السلامة.
عباد الله ومن شكر نعمة المطر الاقتداء بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم عند نزول الأمطار ومن ذلك , ما جاء في بعض الرخص المتعلقة بنزول المطر، ومن هذه الرُّخص الجمع بين الصلاتين، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين الصلاتين في المسجد، رفعاً للمشقة عن أمته، عدا الجمع بين الجمعة والعصر ، لأنه لم يرد .

عباد الله : ومن السنن النبوية المتعلقة بالمطر , فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كما يروي البخاري إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيِّبا نافعا)). 
وعندما يتوقف المطر يقول: ((مُطِرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخِيف منه الضرَر دعا وقال: ((اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ))
وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: (( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ))
 وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير أَنَّهُ كَانَ ‏إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ .
ومن سنن المطر، الدعاء ، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة،
ومن السنن المأثورة عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وعنما سُئل رسول الله  لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهدٍ بربه((
فليحرص المسلم على هذه الأذكار والسنن، وكم هو جميل أن يعلّمها أهله وأطفالَه، ويرغبهم في حفظها والعمل بها .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية : الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلإ الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرًا

 أما بعد

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وانسبوا النعم إلى الله الذي أنزلها، لا تنسبوه إلى ما ينسبه إليه الذين يجحدون نعمة الله، فيقولون هذه الأمطار بسبب الانخفاض الجوي، أو بسبب المناخات، أو هي من فعل الطبيعة، طبيعة البلاد والمواقع، أو ما أشبه ذلك وينسون أنها من الله عز وجل، أصاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مطرٌ في الحديبية، موضع قريب من مكة أصابهم المطر في الليل، فلما صلّى عليه الصلاة والسلام بأصحابه صلاة الفجر، وانصرف إلى الناس ، قال:  أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , فَقَالَ : " قَالَ اللَّهُ : أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي , فَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ , وَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي ))، لأن بعض الناس خصوصاً في الجاهلية كانوا ينسبون الأمطار إلى النجوم في طلوعها، وغروبها، ينسبونه إلى النجوم، ولا ينسبونه إلى الله سبحانه وتعالى، وهو القائل (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ)، 

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....

المرفقات

الحث-على-شُكر-المُنعم-سبحانه-لمناسبة-ه

الحث-على-شُكر-المُنعم-سبحانه-لمناسبة-ه

المشاهدات 1109 | التعليقات 0