إغتنموا خمسا قبل خمس

  • إغتنموا خمسا قبل خمس
    الحمد لله قضى ألا تعبدوا إلا إياه، لا يكشف السوء سواه، ولا يجيب المضطر إلا إياه، نعوذ من سخطه برضاه، وننزل فقرنا بغناه، نستغفره ومن يغفر الذنوب إلا الله، نحمده والحمد من إنعامه، إذْ ذكْرُنا إياه من إلهامه، سبحانه أحصى كل شيء عدداً، ووسع كل شيء علماً، وأحاط بكل شيء رحمةً وعلماً، فلق البحر لموسى الكليم، وجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَ اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شيء مثلُه، ولا شيء يعجزُه، ولا إلهَ غيرُه، أولٌ بلاَ ابتداء دائمٌ بلا َانتهاء لايفنى ولا يبيدُ،ولا يكونُ إلا ما يريد، لا تبلغُه الأوهامُ ولا تدركُه الأفهامُ، ولا يشبهُ الأنامَ، حيٌّ لا يموت، قيومٌ لا ينامُ، وأشهدُ أنَ محمداً عبدهُ ورسولهُ وصفيهُ منْ خلقهِ وحبيبهُ وخليِلُه صلَّى عليه بارئُ العباد، ما جرت الأقلام بالمداد، وما أمطرت سحبٌ وسال وادِ وآله وصحبه ومن سلك سبيلهم ما دار نجم في فلك ثُمَ أمَا بعد:
    فقد أخرج البيهقي بسند صحيح عن عَمْرُو بْن مَيْمُونٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ " قال الحسن البصري: إن أقواماً غرتهم الحياة الدنيا فخرجوا منها بلا رصيد من الحسنات، يقولون: إننا نحسن الظن بالله، قال: وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، قال الله عنهم: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
    " شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ " فالشباب هو وقت القدرة على الطاعة، وهو ضيف سريع الارتحال، فإن لم يغتنمه العاقل تقطعت نفسه حسرات قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما آتى الله عز وجل عبداً علماً إلا شاباً والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله جل في علاه: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وقوله سبحانه: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} حكى المسعودي في شرح المقامات: أن المهدي العباسي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية وهو صبي، وخلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة وإياس يتقدمهم، فقال المهدي: أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم إن المهدي التفت إليه وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني أطال الله بقاء الأمير سن أسامة بن زيد لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم أبو بكر وعمر، فقال المهدي: تقدم بارك الله فيك. فالشباب هم روح الأمة، وهم حملة الراية، ولن تقوم للأمة قائمة إلا على أكتاف الشباب الذين يريدون ما عند الله والدار الآخرة. قال أبو عياش: كانت امرأة بالبصرة متعبدة يقال لها منيبة، وكان لها ابنة أشد عبادة منها، فكان الحسن ربما سمع وتعجب من عبادتها على صغر سنها، فبينا الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آت فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت، فوثب الحسن فدخل عليها، فلما نظرت الجارية إليه بكت، فقال لها: ما يبكيك يا صغيرتي؟ قالت له: يا أبا سعيد! التراب يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، يا أبا سعيد! انظر إلى والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبراً واسعاً، وكفنها بكفن حسن، والله يا أبا سعيد! لو كنت أجهز إلى مكة لطال بكائي، فكيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها، وبيت الظلمة والدود. وهاهو خيثمة بن الحارث كان له ابن يسمى سعد بن خيثمة بن الحارث ، ولما أراد المسلمون النفور إلى بدر ، وأرادوا الجهاد في سبيل الله؛ فما كان من هذا الرجل إلا أن قال لابنه: يا بني! تعلم أنه ليس مع النساء من يحميهن، وأريد أن تبقى معهن. ورأى هذا الشاب أن هذه فرصة لا تتعوض للجهاد في سبيل الله، قال: والله يا أبتاه! لا أجلس مع هؤلاء النساء. للنساء رب يحميهن، والله! ما في الدنيا شيء تطمع به نفسي دونك، والله! لو كان غير الجنة -يا أبتاه- لآثرتك به، ولكنها الجنة، والله لا أوثر بها أحداً،ثم ذهب الشاب، وترك الشيخ الكبير مع هؤلاء النساء، ذهب يطلب ما عند الله، فاستشهد في سبيل الله -بإذن الله نحسبه شهيداً، ولا نزكي على الله أحداً- يقول أبوه بعد ذلك: والله! لقد كان سعد أعقل مني، أواه أواه! لقد فاز بها دوني، والله! لقد رأيته البارحة في المنام: يسرح في أنهار الجنة وثمارها، ويقول: أبتاه! الْحقْ بنا فإنَّا قد وجدنا ما وعد ربنا حقَّا. روي بن حبان في صحيحه بسند حسنه الألباني عن أبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ "
    " وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ " أي اغتنم العمل حال الصحة فقد يمنع مانع كأن يمرض العبد وتتحول صحته إلي مرض فيظل أسيرا علي الأسرة البيضاء يتمني أن يعافي ليصلي قائما أو يمشي إلي المساجد أو يتقفد المنكوبين لذا أمر النبي أن يعجل العبد إلي أداء فريضة الحج فقد يمرض وقد يفتقر صحح الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " ( تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي ما يَعْرُضُ لَهُ ) فاغتنم صحتك في طاعة الله حتي إذا ما نزل بك المرض كتب الله لك ما كنت تعمل وأنت صحيح معافي في صحيح البخاري عن أبي موسي قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا »
    " وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ " أن يسخر الإنسان ماله لطاعة الله ومحبة الله، أنفق ينفق الله عليك، أنفق من مالك طيبة به نفسك، استر به عورات المؤمنين، وفرج به كربات عباد الله،في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِى مَالِى إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ » يمر الصديق أبو بكر رضي الله عنه يوماً من الأيام على بلال رضى الله عنه وأرضاه وهو يُعذب في رمضاء مكة ، وبه من الجَهد ما به، وهو يعذب من قبل سيده أمية بن خلف وهم يعذبون ويقولون له إذكر ألهتنا بخير ونخلي سبيلك وهو يقول: أَحَدٌ أحدٌ.فيقول له أمية لئن لم تذكر ألهتنا بخير لأجعلنك للعبيد نكالا فيقول بلال أحد أحد لو أعلم كلمة أغيظ منها لقلتها لكم فيمر عليه أبو بكر فيقول يا بلال : ينجيك الله الواحد الأحد. ويرى أنها فرصة لا تتعوَّض لإنقاذ هؤلاء الضعفاء؛ لئلا يُفتنوا في دينهم فيصفي تجاراته، ويصفي أمواله، ويأتي إلى أمية بن خلف ، ويقول: أتبيعُني بلالاً ؟ قال: أبيعه فلا خير فيه، فيعطيه خمس أواقٍ ذهباً، فيأخذ هذه الخمس، ويقول: والله لو أبيت إلا أوقية واحدة لبعتك بلالاً . قال: ووالله لو أبيت -يا أمية - إلا مائة أوقية لأخذته منك؛ لأن لـ أبي بكر موازين ومقاييس ليست لهذا ولا لغيره من البشر، يقول أبوه: إن كنت ولابد منفقاً أموالك فأنفقها على رجالٍ أشداء ينفعونك في وقت الشدائد، فيقول: أبتاه! إنما أنفق مالي إبتغاء وجه الله والدار الآخرة، يقول أناس: ما أعتق بلالاً إلا ليدٍ كانت له عند بلال ؛ يعني: لمعروف أسداه بلال إليه، فأراد أن يكافئَه بذلك، فيتولى الله سبحانه الرد من فوق سبع سماوات: { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
    قدم لنفسك خيرا وأنت مالك مالك قبل أن تصبح فردا ولون حالك حالك ولست والله تدري أي المسالك سالك إما لجنات عدن أو في المهالك هالك
    " وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ " إغتنم وقت الفراغ في ذكرك لله ولا تدع نفسا يخرج منك بلا فائدة إملء صحيفة أعمالك بالذكر والإستغفار فطوبي لمن وجد في صحيفته إستغفارا كثيرا رَوي مُسْلِمٌ في صحيحه عن عَائِشَة تَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِى آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثُلاَثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ عَزَلَ شَوْكَةً عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلاَثِ مِائَةٍ السُّلاَمَى فَإِنَّهُ يُمْسِى يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ».الإنسان منا يظل طول عمره يعمر بيته في الدنيا ويجمله وينفق عليه الأموال الطائلة وتغافلنا عن قصور الجنة التي هي من الذهب الخالص واللؤلؤ المجوف في مسند أحمد بسند حسنه الألباني عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِىِّ، صَاحِبِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَن أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِى الْجَنَّةِ" لذا لما علم السلف قيمة الوقت تسابقوا إلي جنة الله تعالي روى ابن المبارك في الزهد عن مولى لـ أبى ريحانة قال: قفل أبو ريحانة من بعث غزا فيه، فلما انصرف أتى أهله فتعشى من عشائهم ثم دعا بوضوء فتوضأ منه ثم قام إلى مسجده -يعني مصلاه في بيته- فقرأ سورة ثم أخرى، ولم يزل كذلك كلما فرغ من سورة افتتح الأخرى حتى إذا أذن المؤذن من سحر شد عليه ثيابه، فأتته امرأته فقالت: يا أبا ريحانة قد غزوت فتعبت في غزوتك ثم قدمت إلي فلم يكن لي منك حظ ولا نصيب، فقال: بلى والله ما خطرت لي على بال، ولو ذكرتك لكان لك علي حق، قالت: فما الذي شغلك عنا يا أبا ريحانة؟ قال: لم يزل قلبي يهيم فيما وصف الله في جنته من لباسها وأزواجها ونعيمها ولذاتها حتى سمعت المؤذن. الله أكبر! لما سمع القوم قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} ، وقوله: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}روي مسلم في صحيحة عن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الأَسْلَمِيّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: "سَلْ" فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنّةِ. قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟" قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: "فَأَعِنّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السّجُودِ".قال ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي ساعة الاحتضار، فقال: يا بني! دعني فإني في وِردي من القرآن أريد أن أنتهي منه فالآن تطوى صحيفتي.
    "وحياتك قبل موتك" فيا من قد بقي من عمره القليل، ولا يدري متى يقع الرحيل، يا من تُعد عليه أنفاسه استدركها، يا من ستفوت أيامه أدركها، نفسك أعزُّ ما عليك فلا تهلكها، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها)فيا من أقعده الحرمان، يا من أركسه العصيان، كم ضيّعت من أعوام، وقضيتها في اللهو والمنام، كم أغلقت باباً على قبيح، كم أعرضت عن قول النصيح، كم صلاةٍ تركتها، ونظرة أصبتها، وحقوق أضعتها، ومناهي أتيتها، وشرور نشرتها، أنسيت ساعة الاحتضار؟! حين يثقل منك اللسان، وترتخي اليدان، وتشخصُ العينان، ويبكي عليك الأهل والجيران، أنسيت ما يحصل للمحتضر حال نزع روحه؟! حين يشتد كربه، ويظهر أنينه، ويتغيّر لونه، ويعرق جبينه، وتضرب شماله ويمينه، هذا رسول الله ، وليس أكرم على الله من رسوله، إذ كان صفيه وخليله، حين حضرته الوفاة، كان بين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يُدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)) رواه البخاري. عباد الله، أين من عاشرناه كثيراً وألفنا، أين من ملنا إليه بالوجدان وانعطفنا، كم أغمضنا من أحبابنا جَفْناً، كم عزيز دفنّاه وانصرفنا، كم قريب أضجعناه في اللحد وما وقفنا، فهل رحم الموت منا مريضاً لضعف حاله وأوصاله؟! هل ترك كاسباً لأجل أطفاله؟! هل أمهل ذا عيال من أجل عياله؟! أين من كانوا معنا في الأعوام الماضية؟! أتاهم هادم اللذات، وقاطع الشهوات، ومفرّق الجماعات، فأخلى منهم المجالس والمساجد، تراهم في بطون الألحاد صرعى، لا يجدون لما هم فيه دفعاً، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ينتظرون يوماً الأمم فيه إلى ربها تُدعى، والخلائق تُحشر إلى الموقف وتسعى، والفرائص ترعد من هول ذلك اليوم والعيون تذرف دمعاً، فأحسن فيما بقي، يُغفر لك ما مضى، "ياأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً وَيَصْلَى سَعِيراً إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً" هذا وصلى الله على نبيا محمد صلى الله عليه وسلم.
المشاهدات 2018 | التعليقات 0