خطبة عِيد الأَضحى المُبَاركِ 1439هـ

أحمد بن عبدالله الحزيمي
1439/12/07 - 2018/08/18 07:01AM

الركعة الأولى: تكبيرة الاحرام ثم الاستفتاح ثم ست تكبيرات

الركعة الثانية: تكبيرة الانتقال ثم خمس تكبيرات

 خُطبةُ عِيدِ الأَضحَى المُبَاركِ 1439هـ

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

اللهُ أَكْبَرُ خَلَقَ الْخَلْقَ وأَحصَاهُمْ عَدَدًا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا. اللهُ أَكْبَرُ عَزَّ رَبُّنَا سُلْطَانًا وَمَجْدًا، وَتَعَالَى عَظَمَةً وَحِلْمًا، عَنَتِ الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ، وَخَضَعَتِ الْخَلائِقُ لِقُدْرَتِهِ، اللهُ أكْبَرُ مَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَاللهُ أَكْبَرُ مَا هَلَّلَ الْمُهَلِّلُونَ وَكَبَّرَ الْمُكَبِّرُونَ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.

اللهُ أكْبَرُ عَدَدَ مَا أَحْرَمَ الْحُجَّاجُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَكُلَّمَا لَبَّى الْمُلَبُّونَ وَزِيدَ فِي الْحَسَنَاتِ، اللهُ أكْبَرُ عَدَدَ مَا دَخَلَ الْحُجَّاجُ مَكَّةَ وَمِنَىً وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَاتَ، اللهُ أكْبَرُ عَدَدَ مَا طَافَ الطَّائِفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرامِ وَعَظَّمُوا الْحُرُمََاتِ. وَاللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ ما ذَبَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الأُضحِياتِ.

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْعِبَادَةِ وَيَسَّرَ، وَتَابَعَ لَهُمْ مَوَاسِمَ الْخَيرَاتِ لِتَزْدَانَ أَوْقَاتُهُمْ بِالطَّاعََاتِ وَتُعَمَّرَ، وَلَهُ الْحَمْدُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَرُ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى آلائِهِ الَّتِي لَا تُقَدَّرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مَلَكَ فَقَهَرَ، وَتَأَذَّنَ بِالزِّيادَةِ لِمَنْ شَكَرَ، وَتَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ مَنْ جَحَدَ وَكَفَرَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، وَأَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَدِيدًا وَأَكْثَرَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا الْمُسلمون: نُبَارِكُ لَكُمْ عِيدَكُمُ السَّعِيدَ، وَيَوْمَكُمُ الْكَرِيمَ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ لِنَفْرَحَ فِيهِ بِعَوَائِدِ الإِحْسَانِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَزِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ، نَعَمْ إِنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ، يَوْمُ الْحَمْدِ وَالنِّعْمَةِ، وَتَرْسِيخِ قِيَمِ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ، وَنَشْرِ السَّعَادَةِ وَالْبَسْمَةِ، يَوْمٌ تُعْطَى فِيهِ الْهَدَايَا، وَتُسْتَعْظَمُ فِيهِ الْوَصَايَا، وَإِنَّ أَعْظَمَ وَصِيَّةٍ لِلنَّاسِ تُبْذَلُ، وَفِيهَا مَوَاعِظُ كَثِيرَةٌ، الْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ الْقَائِلِ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. 

واعْلَمُوا أَنَّ فِي هذَا اليومِ الْعَظِيمِ يَتَقَرَّبُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بِنَحْرِ ضَحَايَاهُمْ مُتَّبِعِينَ سُنَّةَ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَبْحِ وَلَدِهِ، ثَمرَةِ فُؤَادِهِ، فَاسْتَجَابَ لأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فجعَلَ اللهُ تعَالَى فِدَاءَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَبْشًا أَقْرَنَ عَظِيمَ الحَجْمِ والبَرَكَةِ، وَقَدْ أَحْيَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذِهِ السُّنَّةَ العَظِيمَةَ إِلى يَومِ الدِّينِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

تَجْتَمِعُ الْبَهْجَةُ وَالسُّرُورُ وَالْفَرْحَةُ وَالْحُبورُ عَلَى مُسْلِمِي الْعَالَمِ الْيَوْمَ بِاِجْتِمَاعِ مَرَاسِمِ بَهْجَةِ الْعِيدِ وَفَرْحَتِهِ, فَهَذِهِ الْأيَّامُ تَجْتَمِعُ فيها عِبَادََاتٌ جَلِيلَةٌ وَعَظِيمَةٌ, فَبِالأَمْسِ وَقَفَ النَّاسُ بِعَرَفَاتَ، وَقَبْلَهُ كَانَتِ الْأيَّامُ الْمُبَارَكَاتُ، وَالْيَوْمَ يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ صَلاَةَ الْعِيدِ، وَيَنْحَرُونَ ضَحَايَاهُمْ, وَيَجْتَمِعُ الْحَجِيجُ لإِكْمَالِ مَنَاسِكِهِمْ، هَذِهِ الْمُنَاسَبََاتُ الْعِظَامُ وَهَذِهِ الرَّحَمََاتُ الْجِسَامُ يَمُنُّ اللهُ بِهَا عَلَينَا، {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ}.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إلاَّ اللهُ، و اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

أُمَّةَ الإِسلامِ: في مِثلِ هَذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكةِ، قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا في النَّاسِ بِبَيتِ اللهِ الحَرَامِ فوَدَّعَ أَصحَابَهُ، وأَرْسَى قَواعِدَ الدِّينِ، وكَمَالَ الشَّريعَةِ، وبَيَّنَ تَمَامَ النِّعمَةِ، وأَنزَلَ اللهُ عَليهِ عَشِيَّةَ عَرفَةَ في يَومِ الجُمُعةِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قرَّر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خُطبَتِهِ التَّوحِيدَ، وحِفْظَ النُّفوسِ والأَموَالِ والأَعرَاضِ، وأَلغَى مَعَانِيَ العُنصُرِيَّةِ؛ فرَبُّنَا وَاحِدٌ، ونَبِيُّنَا وَاحِدٌ، وكِتَابُنَا وَاحِدٌ، وأَصلُ خِلْقَتِنَا وَاحِدٌ؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. وحَثَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خُطبَتِهِ على تَوحِيدِ الصَفِّ وجَمعِ الكَلِمَةِ، ونَبذِ الخِلافِ والفُرقَةِ.

وكَانَ مِمَّا قَالَهُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- في ذَلكَ اليَومِ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟"، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟"، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟"، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" رواهُ البُخَاريُّ.

أَيُّهَا المُوَحِّدُونَ: امْلَؤُوا قُلُوبَكُمْ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإجْلَالاً، واسْتَشْعِرُوا عَظَمَتَهُ فِي أَحْوَالِكُمْ كُلِّهَا، وَفِي عِبَادَاتِكُمْ جَمِيعِهَا، اسْتَشْعِروا عَظَمَتَهُ سُبْحَانَه وَأَنْتُم لَهُ تَرْكَعُونَ وَتَسْجُدُونَ، واسْتَشْعِروا عَظَمَتَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتُم لَهُ تَذْبَحُونَ وَتَنْسِكُونَ. واسْتَشْعِرُوا عَظَمَتَهُ، وَأَنْتُمْ تُقَلِّبُونَ أَبْصَارَكُمْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

عبادَ اللهِ:

يَسُنُّ إِذَا رَجَعَ الإِنْسانُ مِنَ الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ, وَمِنْ السُّنَّةِ كَذَلِكَ أَن لاَ يَأْكُلَ فِي هَذَا الْيَوْمِ إلاَّ مِنْ أُضحِيَتِهِ, وَأَنْ يُبَادِرَ بِذَبحِ أُضحِيَتِهِ بِنَفْسِهِ -إِنِ اسْتَطَاعَ- فَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، وَيَذْبَحُ. وَلْيُرِحِ الذَّبيحَةَ عِنْدَ اقْتِيادِهَا وَذَبْحِهَا. وَكُلْ -يا عَبْدَ اللهِ- مِنْ أُضْحِيَتِكَ وَتَصَدَّقْ وَاهْدِ وَادَّخِرْ, وَلاَ تُعْطِ الْجَزَّارَ أُجْرَتَهُ مِنْهَا. ويَمتَدُّ وَقتُ الذَّبْحِ -أَيهَا الإِخوةُ- إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثِ عَشَرَ، وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

أيهَا المُسلِمونَ:

أَظْهِرُوا الْبَهْجَةَ وَالسُّرُورَ بِعِيدِكُمْ، وَاجْتَنِبُوا مَا حَرَّمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ، وَاشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى الَّذِي هَدَاكُمْ وَأَعْطَاكُمْ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى آلاَئِهِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِطَاعَتِهِ، وأَنْ يَتوفَّانَا علَى سُنَّةِ نَبيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَاركَ اللهُ لِي ولَكُم ....

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للَهُ الَّذِي جَعَلَ خَاتِمَةَ الطَّاعَةِ عِيدًا، وَفَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ تَكْرِمَةً مِنْه وَفَضْلاً، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَه حَمْدًا خَالِصًا مَوْصُولاً، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

 أَمَّا بَعْدُ:

إِخوَةَ الإِسْلامِ: تَفَكَّرُوا فِي نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ، الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، فَكُلَّمَا تَذَكَّرَ الْعِبَادُ نِعَمَ اللهِ ازْدَادُوا شُكْرًا للهِ؛ تَذَكَّرُوا نِعْمَةَ الْإِسْلامِ أَعَظْمَ النِّعَمِ، وَتَحْكِيمَ الشَّرِيعَةِ وَتَطْبِيقَهَا. تَذَكَّرُوا أَمْنَكُمْ وَاسْتِقْرَارَكُمْ. تَذَكَّرُوا ارْتِبَاطَ قِيَادَتِكُمْ مَعَ مُوَاطِنِيهَا.. تَذَكَّرُوا هَذِهِ النِّعَمَ، وَتَفَكَّرُوا فِي حَالِ أَقْوَامٍ سُلِبُوا هَذِهِ النِّعَمَ. ادْعُوا رَبَّكُمْ أَنْ يُدِيمَ أَمْنَكُمْ وَاسْتِقْرَارَكُمْ وَاشْكُرُوا نِعَمَهُ يَزِدْكُمْ.

مَعَاشِرَ النِّساءِ الْعَابِدَاتِ الْقَانِتَاتِ الْمَُصَلِيَاتِ، بُشْرَاكُنَّ بقَوْلِ الْمُصْطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَاللهَ اللهَِ فِي طَاعَةِ الزَّوْجِ وَحُسْنِ التَبَعُّلِ لَهُ، اللهَ اللهَ فِي رِعايَةِ الْبَيْتِ الْمُسْلِمِ وَحُسْنِ تَرْبِيَةِ الْأَوْلاَدِ، قَالَ عليهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ: "المَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

تَأَمَّلِي مَاذَا يَقُولُ عَطَاءٌ، يَقُولُ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ"، قَالَتْ: بَلْ أَصْبِرُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

فَيَا سُبْحَانَ اللهِ! امْرَأَةٌ سَوْداءُ، تَحَمَّلَتِ الصَّرَعَ وَآلاَمَهُ، وَلَمْ تَرْضَ أَنْ تَتكَشَّفَ وَهِيَ مَعْذُورََةٌ شَرْعًا، فَمَا بَالُ بَعْضِ نِسَائِنَا شَغَلَتْهَا الدُّنْيا، فَرُبَّما وَقَعَتْ فِي الْمَحْذُورِ مُجَارَاةً لِلْمَوْضَةِ أَوِ للآخَرِينَ!

فَيَا أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ! أَنْقِذِي نَفْسَكَ، فَإِنَّ مَتَاعِ الدُّنْيا قَلِيلٌ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى، فَلَا تَغْتَرِّي بِمَالِكِ أو جَمَالِكِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُغنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيئًا.

عِبَادَ اللهِ: 

إِنْ كَانَ لِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ الْفَضْلِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، فَإِنَّ لأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَضْلَهَا وَمَكَانَتَهَا؛ فَهِي الأيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي أُمِرْنَا بِذِكْرِ اللهِ فِيهَا كَمَا قَالَ سُبْحَانَه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، وكَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وأيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلاثَةُ أيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ. وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِهَا فَيَنْبَغِي لَنَا اغْتِنَامُهَا بالذِّكْرِ والتَّكْبِيرِ وَأَلاَّ نَقْتَصِرَ عَلَى الْأَكْلِ والشُّرْبِ فَحَسْبُ، كَمَا وَأَنَّه يُشْرَعُ فِي هَذِهِ الأيَّامِ التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَكَبِّرُوا وَارْفَعُوا بِهَا أَصْوَاتَكُمْ وَأَحْيُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَقَبَّلَ اللهُ طَاعَاتِكُمْ وَصَالِحَ أَعْمَالِكُمْ، وَقَبِلَ صِيَامَكُمْ وصَدَقَاتِكُمْ وَدُعَاءَكُمْ، وَضَحَايَاكُمْ وَضَاعَفَ حَسَنَاتِكُمْ، وَجَعَلَ عِيدَكُمْ مُبَارَكًا وَأيَّامَكُمْ أَيَّامَ سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ وَفَضْلٍ وَإحْسَانٍ وَأَعَادَ اللهُ عَلَينَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرَكَاتِ هَذَا الْعِيدِ، وَجَعَلَنَا فِي الْقِيَامَةِ مِنَ الآمِنِينَ، وَحَشَرَنَا تَحْتَ لِوَاءِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.

اللَّهُمَّ احْفَظْ حُجَّاجَ بَيتِكَ الْحَرَامِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَسُوءٍ، اللَّهُمَّ أَعِدْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ؛ سَالِمِينَ غَانِـمِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَجَّهُمْ، وَاغْفِرْ ذُنُوبَهُمْ، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ جَزَاءَهُمْ، وتَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ العَمَلِ، الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 اللهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

اللهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، اللهُمَّ اخْلُفْهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ خَيْرًا، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، اللَّهُمَّ صَوِّبْ رَمْيَهُمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ عَدُوِّهِمْ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.



المرفقات

عيد-الفطر-المبارك-1439-3

عيد-الفطر-المبارك-1439-3

المشاهدات 2052 | التعليقات 1

جزاكم الله خيرا ياشيخ أحمد ..

الخطبة التي في الرابط لعيد الفطر الماضي 1439هـ