خطبة عيد الأضحى 1439

عبدالله البصري
1439/12/06 - 2018/08/17 17:27PM

خطبة عيد الأضحى          1439

 

الخطبة الأولى :

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ . اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا ، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا ، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً . الحَمدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدَانَا اللهُ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَلِيلِهِ وَمُصطَفَاهُ ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدِ بنِ عَبدِاللهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالاهُ ، وَمَن تَبِعَ سُنَّتَهُ وَاهتَدَى بِهُدَاهُ .

أَمَّا بَعدُ ، فَإِنَّ خَيرَ وَصِيَّةٍ لِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ ، مَا أَوصى بِهِ رَبُّ البَرِيَّاتِ وَعَالِمُ الخَفِيَّاتِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكفُرُوا فَإِنَّ للهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا " إِنَّكُم في يَومٍ عَظَّمَهُ اللهُ فَعَظِّمُوهُ " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ " قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثُمَّ يَومُ القَرِّ " اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مُجتَمَعُ المُسلِمِينَ وَهُوَ مُجتَمَعُ الفِطرَةِ ، يَتَكَامَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، فَيَتَعَاوَنُونَ فِيمَا يَنفَعُهُم ، وَيَتَشَاطَرُونَ مُهِمَّاتِ حَيَاتِهِم ، وَيَعرِفُ كُلٌّ مِنهُم مَا لَهُ وَمَا عَلَيهِ ، فَلا يَتَزَاحَمُونَ وَلا يَتَنَازَعُونَ ، وَلا يَتَضَادُّونَ وَلا يَتَجَاذَبُونَ ، لِلرِّجَالِ ثُغُورٌ لا يَسُدُّهَا غَيرُهُم ، وَأَمَاكِنُ لا تَصلُحُ إِلاَّ لَهُم ، وَلِلنِّسَاءِ وَظَائِفُهُنَّ الَّتِي تُنَاسِبُهُنَّ ، وَأَعمَالُهُنَّ الَّتي لا يَصبِرُ عَلَيهَا سِوَاهُنَّ ، وَثَمَّةَ مُشتَرَكَاتٌ وَنِقَاطُ التِقَاءٍ بَينَ الجِنسَينِ ، فَرَضَتهَا عَلَى الجَمِيعِ مَطالِبُ الحَيَاةُ ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌ في غِنًى عَنهَا مِن حَضَرٍ أَو بُدَاةٍ ، وَلِهَذَا فَقَد كَانَت نِسَاءُ العَرَبِ وَالمُسلِمِينَ مِن أَهلِ المَدَرِ وَالوَبَرِ ، يُشَارِكْنَ أَزَوَاجَهُنَّ في حَملِ أَعبَائِهِم مِن سَقيِ زَرَاعَةٍ أَو رَعيِ أَنعَامٍ ، أَو تَدبِيرِ شُؤُونٍ مَنزِلٍ أَو طَبخِ طَعَامٍ ، أَو إِكرَامِ ضَيفٍ أَو مُسَاعَدَةِ جَارٍ .

وَفي صُورَةٍ مُوجَزَةٍ مُعَبِّرَةٍ ، مِن حَيَاةِ خَيرِ مَن عَرَفَتهُمُ الأَرضُ وَعَاشُوا عَلَيهَا ، فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَن أَسمَاءَ بِنتِ أَبي بَكرٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهَا وَعَن أَبِيهَا - قَالَت : تَزَوَّجَنِي الزُّبَيرُ وَمَا لَهُ في الأَرضِ مِن مَالٍ وَلا مَملوكٍ وَلا شَيءٍ ، غَيرَ نَاضِحٍ وَغَيرَ فَرَسِهِ ، فَكُنتُ أَعلِفُ فَرَسَهُ ، وَأَستَقِي المَاءَ ، وَأَخرِزُ غَربَهُ ، وَأَعجِنُ ، وَلَم أَكُنْ أُحسِنُ أَخبِزُ ، وَكَانَ يَخبِزُ جَارَاتٌ لي مِنَ الأَنصَارِ ، وَكُنَّ نِسوَةَ صِدقٍ ، وَكُنتُ أَنقُلُ النَّوَى مِن أَرضِ الزُّبَيرِ الَّتي أَقطَعَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَأسِي ، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَي فَرسَخٍ ، فَجِئتُ يَومًا وَالنَّوَى عَلَى رَأسِي ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنصَارِ فَدَعَاني ثُمَّ قَالَ : إِخْ إِخْ . لِيَحمِلَنِي خَلفَهُ ، فَاسَتَحيَيتُ أَن أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ ، وَذَكَرتُ الزُّبَيرَ وَغَيرَتَهُ وَكَانَ أَغيَرَ النَّاسِ ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي استَحيَيتُ فَمَضى ، فَجِئتُ الزُّبَيرَ فَقُلتُ : لَقِيَني رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى رَأسِي النَّوَى ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِن أَصحَابِهِ ، فَأَنَاخَ لأَركَبَ ، فَاستَحيَيتُ مِنهُ وَعَرَفتُ غَيرَتَكَ ، فَقَالَ : وَاللهِ لَحَملُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِن رُكُوبِكِ مَعَهُ ، قَالَت : حَتَّى أَرسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكرٍ بَعدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ ، فَكَأَنَّمَا أَعتَقَني ...

هَذِهِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ وَالأَخوَاتُ – صُورَةٌ مِمَّا كَانَت عَلَيهِ بُيُوتُ المُسلِمِينَ وَمَا زَالَت إِلى عَهدٍ قَرِيبٍ ، احتِمَالٌ مِنَ النِّسَاءِ لأَعمَالٍ جَلِيلَةٍ ، وَحَملُ أَعبَاءٍ ثَقِيلَةٍ ، كُنَّ لا يَشتَغِلنَ بِشَيءٍ غَيرِ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَرغَبنَ في عَمَلٍ غَيرِ خِدمَةِ أَزوَاجِهِنَّ ، أَوِ الإِحسَانِ إِلى مَن حَولَهُنَّ وَمُسَاعَدَةِ جَارَاتِهِنَّ ، يُذهِبْنَ في هَذِهِ الوَظَائِفِ أَوقَاتَهُنَّ ، وَيَصرِفْنَ فِيهَا أَعمَارَهُنَّ ، لِيَبنِينَ لِرِجَالِهِنَّ عِزًّا وَمَجدًا ، وَيُورِثنَ مُجتَمَعَاتِهِنَّ استِقرَارًا وسَعدًا ، غَيرَ مَا اختَصَهُنَّ اللهُ بِهِ مِن حَملٍ وَإِرضَاعٍ ، وَصَبرٍ عَجِيبٍ عَلَى التَّربِيَةِ ، فَهَا هِيَ أَسمَاءُ تَتَزَوَّجُ الزُّبيرَ ، لا لِمَالٍ كَانَ مَعَهُ ، وَلا طَلَبًا لِلرَّاحَةِ بِجِوَارِهِ ، فَقَد كَانَ لا مَالَ لَهُ وَلا خَادِمَ ، فَتَتَوَلَّى هِيَ خِدمَتَهُ ، تَعلِفُ فَرَسَهُ ، وَتَستَقِي المَاءَ ، وَتَخرِزُ الغَرْبَ ، وَهُوَ وِعَاءٌ مِنَ الجِلدِ كَانُوا يُخرِجُونَ بِهِ المَاءَ مِنَ الآبَارِ ، وَتَعجِنُ لِتُعِدَّ الطَّعَامَ ، وَتَنقُلُ النَّوَى وَهُوَ عَجَمُ التَّمرِ ، تَحمِلُهُ عَلَى رَأسِهَا مِن مَسَافَةٍ تُقَدَّرُ بِأَكثَرَ مِن ثَلاثَةِ أَكيَالٍ ، فَأَيَّ امرَأَةٍ كَانَت هَذِهِ الصَّحَابِيَّةُ الجَلِيلَةُ ؟! إِنَّهَا وَاللهِ لم تَكُنْ بِلا قَلبٍ وَلا شُعُورٌ ، ولم تُخلَقْ عِظَامُهَا مِن حَجَرٍ أَو صُخُورٍ ، وَلَكِنَّهُ الصَّبرُ وَالتَّجَلُّدُ وَالتَّحَمُّلُ ، وَتَقدِيرُ الزَّوجِ وَإِجلالُهُ وَالقِيَامُ بِحَقِّهِ ، مَعَ مَا هِيَ عَلَيهِ مِنَ الحَيَاءِ وَصِيَانَةِ النَّفسِ عَمَّا يُغضِبُ ذَلِكَ الزَّوجَ أَو يُثِيرُ حَفِيظَتَهُ وَيُهَيِّجُ غَيرَتَهُ ، وَلِهَذَا فَضَّلَت أَن تَحمِلَ النَّوَى الثَّقِيلَ فَوقَ رَأسِهَا وَتَسِيرَ بِهِ مَسَافَةً طَوِيلَةً عَلَى أَن تَركَبَ مَعَ رَجُلٍ ، وَلَو كَانَ ذَاكَ الرَّجُلُ هُوَ وَلِيَّ المُؤمِنِينَ وَأَمِينَ وَحيِ رَبِّ العَالِمِينَ ، فَللهِ دَرُّهَا مِن زَوجَةٍ صَابِرَةٍ ، وَللهِ دَرُّ تِلكَ الجَارَاتِ المُؤمِنَاتِ ، اللاَّتي كُنَّ يَخبِزنَ لَهَا وَيَعضُدنَهَا في إِكمَالِ مُهِمَّتِهَا ، وَللهِ دَرُّ المُؤمِنَاتِ العَفِيفَاتِ الطَّاهِرَاتِ ، اللاَّتي لَزِمنَ بُيُوتَهُنَّ لِخِدمَةِ أَزواجِهِنَّ وَتَربِيَةِ أَبنَائِهِنَّ ، وَتَدبِيرِ شُؤُونِ تِلكَ البُيُوتِ ، وَعِمَارَتِهَا بِمَا خُلِقنَ لأَجلِهِ ، وَلم يَخرُجنَ مِنهَا إِلاَّ لِمَا لا بُدَّ لَهُنَّ مِنهُ مِن بِرِّ وَالِدٍ أَو صِلَةِ رَحِمٍ ، أَو حَاجَةٍ مَاسَّةٍ أَو ضَرُورَةٍ مُلِحَّةٍ .

وَتَفرَحُ أَسمَاءُ لَمَّا وَهَبَهَا أَبُوهَا خَادِمًا يَحمِلُ عَنهَا سَيَاسَةَ الفَرَسِ ، وَهَكَذَا يَكُونُ أَهلُ الشَّهَامَةِ مِنَ الآبَاءِ في كُلِّ حِينٍ ، يُعِينُونَ بَنَاتِهِم عَلَى مَا تَستَقِرُّ بِهِ حَيَاتُهُنُّ ، وَيَتَحَمَّلُونَ عَنهُنَّ مَا يُوَفِّرُ لَهُنَّ شَيئًا مِن كَرِيمِ العَيشِ ، وَلا يَكُونُونَ هُم وَلا الأُمَّهَاتُ مَوَاقِدَ شَرٍّ لِلفِتنَةِ بَينَ الأزَواجِ وَالزَّوجَاتِ ، كَمَا قَد يَفعَلُهُ بَعضُ مَن لا دِينَ يَردَعُهُ وَلا عَقلَ يَمنَعُهُ ، وَخَاصَّةً في زَمَانِ الفِتَنِ وَانتِصَارِ الشَّهَوَاتِ . اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَالمُسلِمَاتُ ، لَقَد خَلَقَ اللهُ الذَّكَرَ وَالأُنثَى لِيُكمِلَ أَحَدُهُمَا قَرِينَهُ ، لا لِيَتَمَنَّى كُلٌّ مِنهُمَا مَا فُضِّلَ بِهِ الآخَرُ أَو يَحسُدَهُ عَلَيهِ  ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَلا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ وَاسأَلُوا اللهَ مِن فَضلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمًا " وَإِذْ يُؤمِنُ المُسلِمُونَ وَالمُسلِمَاتُ بِقَولِ اللهِ – سُبحَانَهُ : " وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنثى " وَقَولِهِ – عَزَّ وَجَلَّ - : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم " فَإِنَّهَا لا تَرُوجُ في مُجتَمَعَاتُهُم أَيُّ دَعوَةٍ تَزعُمُ مُسَاوَاةَ الرَّجُلِ بِالمَرأَةِ ، وَلا يَنسَاقُونَ لأَيِّ فِتنَةٍ تَهدِفُ لإِلغَاءِ وِلايَةِ الرَّجُلِ أَو قِيَامِهِ عَلَيهَا ، فَهُم يُؤمِنُونَ إِيمَانًا تَامًّا وَيُصَدِّقُونَ تَصدِيقًا عَمِيقًا مَا قَرَّرَهُ الخَلاَّقُ العَلِيمُ في كِتَابِهِ الكَرِيمِ " وَرَبُّكَ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبحَانَ اللهِ وَتَعَالى عَمَّا يُشرِكُونَ " أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ وَالأَخَوَاتُ - إِنَّ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ يَعلَمُونَ أَنَّ وَاجِبَهُم في هَذِهِ الحَيَاةِ ، أَن يَعبُدُوا رَبَّهُم كَمَا أَمرَهُم ، وَهُوَ الَّذِي يَرزُقُهُم وَيَحفَظُ لَهُم حَقَّهُم كَمَا وَعَدَهُم وَلا يُضِيعُ عَمَلَهُم ، قَالَ – تَعَالى - : " فَاستَجَابَ لَهُم رَبُّهُم أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنكُم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى بَعضُكُم مِن بَعضٍ " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ " وَالمَرأَةُ المُسلِمَةُ يا مُسلِماتُ ، صَيِّنةٌ دَيِّنَةٌ ، عَفِيفَةٌ شَرِيفَةٌ ، لَطِيفَةٌ نَظِيفَةٌ ، جُفُونُهَا وَسِنَةٌ ، وَأَلفَاظُهَا حَسَنَةٌ ، لَيسَت صَخَّابَةً ولا كَذَّابَةً ، وَلا خَرَّاجَةً وَلاَّجَةً ، وَلا حَنَّانَةً مَنَّانَةً ، تَقنَعُ بِالقَلِيلِ ، وتَحفَظُ الجَميلَ ، تُصَلِّي خَمسَهَا ، وَتَصُومُ شَهرَهَا ، وَتَحفَظُ فَرجَهَا وَتُطِيعُ زَوجَهَا . وَالرَّجُلُ الصَّالِحُ - أَيُّهَا الرِّجَالُ - لَيِّنٌ في غَيرِ ضَعفٍ ، حَازِمٌ في غَيرِ قَسوَةٍ ، كَرِيمٌ حَلِيمٌ رَحِيمٌ ، عَذبُ اللِّسَانِ كَثِيرُ الإِحسَانِ ، يُطعِمُ امرَأَتَهُ وَيَكسُوهَا بِالمَعرُوفِ ، وَلا يُخَاطِبُهَا إِلاَّ سَلامًا ، وَلا يُعَامِلُهَا إِلاَّ إِكرَامًا ، لا يَضرِبُ الوَجهَ وَلا يُقَبِّحُ ، وَلا يُهِينُهَا في نَفسِهَا أَو أَهلِهَا ، وَالعِلاقَةُ بَينَ الرَّجُلِ وَالمَرأَةِ عِلاقَةُ مَوَدَّةٍ وَرَحمَةٍ ، وَالصِّلَةُ بَينَ الزَّوجَينِ عَظِيمَةٌ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - " وَمِن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزوَاجًا لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ " وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم وَأَنتُم لِبَاسٌ لَهُنَّ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رِجَالاً وَنِسَاءً ، وَتَمَسَّكُوا بِفِطرَةِ اللهِ وَارضَوا بما قَسَمَهُ اللهُ ، وَلْيَبقَ كُلٌّ مِنكُم في ثَغرِهِ ، وَلْيُؤَدِّ عَمَلَهُ الَّذِي كُلِّفَ بِهِ وَهَيَّأَهُ اللهُ لَهُ ، وَاحرِصُوا عَلَى تَكوِينِ أُسَرٍ مُتَمَاسِكَةٍ مُتَعَاوِنَةٍ ، تَعمَلُ بِأَمرِ اللهِ وَتَنتَهِي عَمَّا نَهَاهَا عَنهُ ، رَبُّوا أَبنَاءَكُم وَبَنَاتِكُم عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاةِ وَحُبِّ الفَضِيلَةِ ، وَجَنِّبُوهُمُ الشَّهَوَاتِ وَمَسَالِكَ الرَّذِيلَةِ ، وَمُرُوا بِالمَعرُوفِ وَتَنَاهَوا عَنِ المُنكَرِ ، فَبِذَلِكَ تُنَالُ رَحمَةُ اللهِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . وَعَدَ اللهُ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدنٍ وَرِضوَانٌ مِنَ اللهِ أَكبَرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

 

 

الخطبة الثانية :

الحَمدُ للهِ ذِي الفَضلِ وَالإِنعَامِ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ الأَنَامِ ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحبِهِ الكِرَامِ . اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ . اِفرَحُوا بِعِيدِكُم ، وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسرِفُوا ، وَتُوبُوا إِلى رَبِّكُم وَأَنِيبُوا إِلَيهِ وَاعتَصِمُوا بِحَبلِهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ، كُونُوا إِخوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ ، تَعَانَقُوا وَتَصَافَحُوا ، وَتَوَاصَلُوا وَتَسَامَحُوا ، تَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى ، وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِمَّا يُحَاكُ ضِدَّكُم وَيُرَادُ بِهِ تَفرِيقُ صَفِّكُم وَإِيقَاعُ الفِتنَةِ بَينَكُم .

ضَحُّوا ضَحَايَاكُم تَقَبَّلَ اللهُ مِنكُم ، وَاستَسمِنُوهَا وَاختَارُوا أَكمَلَهَا وَأَجمَلَهَا ، وَاجتَنِبُوا مَا نُهِيتُم عَنهُ بِقَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " أَربَعٌ لا يُجزِينَ في الأَضَاحِي : العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالعَرجَاءُ البَيِّنُ ظَلعُهَا ، وَالعَجفَاءُ الَّتي لا تُنقِي " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَاعلَمُوا أَنَّ الذَّبحَ مُمتَدٌّ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ إِلى غِيَابِ الشَّمسِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ لَيلاً وَنَهَارًا ، وَأَنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَكُلُوا وَأَهدُوا وَتَصَدَّقُوا ، وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا وَلا تَغفُلُوا ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَ رَبِّكُم وَأَخلِصُوا لَهُ أَعمَالَكُم " وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ لَكُم فِيهَا خَيرٌ فَاذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَيهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَت جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرنَاهَا لَكُم لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ . لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَبَشِّرِ المُحسِنِين " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

المرفقات

الأضحى-1439

الأضحى-1439

الأضحى-1439-2

الأضحى-1439-2

المشاهدات 1958 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا