خطبة عن حسن ختام العشر وفيها حديث عن فضل عرفة ويوم النحر

عبدالرحمن اللهيبي
1439/12/06 - 2018/08/17 05:21AM

هذه خطبة من منقولي لا من قولي وقد جمعت بتصرف أسأل الله أن ينفع بها

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله وكرمه تزداد الحسنات وتغفر الزلات ، أحمده سبحانه على ما أولى وهدى ، وأشكره على ما وهب وأعطى لا إله إلا هو العلي الأعلى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى ذو الخلُق الأسمىِ ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي النهى والتقى والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَبُّكُم حَكَمٌ عَدلٌ ، يَجزِي عَلَى الحَسَنَةِ أَضعَافًا مُضَاعَفَةً ، وَيَجزِي على السَّيِّئَةِ مِثلَهَا ، وَلا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً وَلا يَظلِمُ ربك أَحَدًا ، وَمِن عَدلِهِ أَنَّهُ لا يَستَوِي عِندَهُ مُجتَهِدٌ في الطاعة وآخر عنها فاتر ، ولا يستوي مجانب للمعصية وعنها محاذر وآخر في الإثم سادر بَل يَجزِي كُلاًّ  بما عَمِلَ كبيرا كَانَ أو صَغِيرًا "فَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ. وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" "

" مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَضَى مِن العَشرِ نصفها بل أكثر ، ها هي رحلت وانقضت أيامٌ هي من أفضل أيام الدنيا , اجتَهَدَ فِي أولها مَنِ اجتَهَدَ وَقَعَدَ عَنِ الخَيرِ فيها مَن قَعَدَ ، وجانب المعصية فيها من اتقى الله وعظم شعائره وآخرون غير مبالون ,, وفي المعاصي والغون , ولا يفرقون بين هذه الأيام وسواها , ووالله إنها لأيام معدودة قصيرة سَتَذهَبُ سريعا وَستَنقَضِي قريبا ستمضي بما أُودِعَ فِيهَا من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وَلا وَاللهِ لَن يَكُونَ مَن أَقبَلَ فِيهَا كَمَن أَدبَرَ ، فالله عدل لا يسوي بين مَن حَفِظَ الفَرَائِضَ وَحَافَظَ عَلَيهَا كَمَن ضيعها أَو قَصَّرَ ، وَلا مَن تَصَدَّقَ وَأَعطَى ، كَمَن بَخِلَ وَاستَغنى ، وَلا مَن ذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا كَمَن لم يَذكُرْهُ إِلاَّ قَلِيلاً .. لا وَاللهِ لا يَستَوُونَ " أَفَمَن كَانَ مُؤمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَستَوُونَ " " إِنَّ لِلمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتِ النَّعِيمِ . أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ . مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ

أيها المسلمون: إِنَّ مِنَ السَّارِّ المُبهِجِ أَن تَرَى مِمَّن حَولَكَ رِجَالاً وَنِسَاءً وَكِبَارًا وَصِغَارًا ، قَد بدأوا هذه العشر بجد في الطاعة واجتهاد في العبادة فصَامُوا تَطَوُّعًا مِن أول العَشرِ ، وَهُم عَازِمُونَ عَلَى إِتمَامِهَا ،

وَأَمثَالُ هَؤُلاءِ يُوَفَّقُونَ غالبا لأبواب أخرى في القربات ولأَعمَالِ صالحة متنوعات , ذَلِكُم أَنَّ الحَسَنَةَ تَدعُو لِلحَسَنَةِ وَتُرَغِّبُ فِيهَا ، وَهُؤَلاءِ الَّذِينَ يَصُومُونَ لله تَطَوُّعًا ، يُوَفَّقُونَ غالبا لِلصَّدَقَةِ وَالإِحسَانِ ، وَيَسهُلُ عَلَيهِمُ الذِّكرُ وتلاوة القُرآنِ ، وَيُفتَحُ عَلَيهِم في الذكر والدُّعَاءِ وغيرها من خصال الإيمان، وَأَمَّا المُؤلِمُ وَالمُوجِعُ حَقًّا فَهُوَ أَنَّ تَدخُلَ العَشرُ وَثَمَّةَ أقوام مِنَّا ليس لهم فيها نية صالحة ولا عزيمة على البر صادقة،  فلم يُغَيِّرُوا شَيئًا في حَيَاتِهِم ، وَلم يُجَدِّدُوا العهد برَبِّهِم ، لم يُغَيِّرُوا قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا ، لم يُحدِثُوا تَوبَةً وَلا عَجَّلُوا بِأَوبَةٍ ..

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، والله إِنَّهَا لَخَسَارَةٌ أَن تَمَرَّ بَعضُ مَوَاسِمِ الخَيرِ وَالنَّاسُ في إِجازَة وَفَرَاغٍ مِنَ الأَعمَالِ وَالوَظَائِفِ ، فَلا يَستَثمِرُونَ ذَلِكَ إِلاَّ في السَّهرِ عَلَى مَا لا فَائِدَةَ فِيهِ ، بَل قَد يَكُونُ السهر على مُحَرَّم ، ثم النَّومِ نَهَارًا عَنِ الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَةِ .

وإنك لا تعلم -يا عبد الله- أيَّ يوم تُظِلُّك فيها الرحمات، وتَطالُك فيه النَّفَحات، فبادر يا عبد الله والحَق بركبِ الأبرار، ولن يمَلَّ مُوفَّقٌ من خيرٍ حتى يكون مُنتهاهُ الجنة. وَالأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ

فيَا قَومِ ، أَلا بَاكٍ عَلَى مَا ظَهَرَ مِن عُيُوبِهِ ! أَلا رَاغِبٌ إِلى اللهِ في غُفرَانِ ذُنُوبِهِ ! ألم يأن لنا أن نعيش حياة نودع فِيهَا ذَنُوبًا طَالَمَا اقترفناها ، ونبادر فِيهَا صَالِحَاتٍ طَالَمَا هجرناها ..

عَبدَ اللهِ ، مَا الَّذِي يَصرِفُكَ عَنِ اغتِنَامِ هذه الأيام المباركات ؟ أما علمت فضلها وأَنتَ تَتَعَامَلُ مَعَ رَبٍّ رَحِيمٍ جَوَادٍ كَرِيمٍ فكيف تعرض عنه وأنت الفقير إليه وهو الغني عنك؟

 كيف تعرض عنه في أيام يحب الله فيها منك أن تعمل له صالحا؟

أما علمت فضل ربك عليك وهو الذي خلقك وسواك وأطعمك وسقاك ومن كثير من الأمراض عافاك ورزقك وقواك

ها هو ربك يتودد إليك بالنعم وتتبغض إليه بالغفلة والصدود أما يستحق ربك منك الإجلال والشكر , وشكره يكون بطاعته واجتناب معصيته أَلا فَلا تُضَيِّعِ الوَقتَ ـ رَحِمَكَ اللهُ ـ وَإِنْ كُنتَ قَد قَصَّرتَ في بِدَايَةِ العشر وَفَرَّطتَ ، أَو أَسَأتَ في أَوَّلِهِا وَتَعَدَّيتَ ، فَأَحسِنِ العَمَلَ فيما بقي منها وَاصدُقِ الطَّلَبَ في حاضرها ، وما بقي منها خير مما مضى فاجعَلْ مِن هَذِهِ الأيام القَلِيلَةِ مَطِيَّتَكَ إِلى الجِنَانِ ، وَسَابِقْ في الخيرات وسارع إلى الطاعات ، فَعَسَى أَن تَكُونَ مِمَّن قِيلَ فِيهِم : " وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ "

واحذر أن تحتقر فيها عملا صالحا مهما قلّ فإنه ما عملٌ أزكى إلى الله وأحب إليه من عمل يُعمل في هذه الأيام, وإياك أن تستصغر فيها ذنبا فرب ذنبا أورث حرمانا وعن رحمة الله كان حجابا

يا مسلمون تَصَرَّمَت أَيَّامُنا  وَتَتَابَعَت أَعوَامُنا ، وما زلنا عن ربنا غافلون ولمعاصيه مقترفون ، إِنَّهَا لَمُصِيبَةٌ وَأَيُّ مُصِيبَةٍ أَن يَقِفَ العبد عَلَى شَفَا الهَلاكِ وَالخَسَارَةِ ، بِتَفرِيطِ في الصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ ، وانتهاك للمحرمات المحذورة .. فَأَيُّ عَبدٍ للهِ هَذَا ؟! وَأَيُّ تَزَوَّدٍ لِلآخِرَةِ لَدَى مَن هَجَرَ المَسَاجِدَ وَفَرَّطَ في الجَمَاعَاتِ وقارف المعاصي والخطيئات

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَتَزَوَّدْ مِن خَيرِ الأعمال في أَعظَمِ الأَيَّامِ ، وأكثروا من ذكر الله في هذه الأيام, ولا يكن حَظُّ أَحَدِنَا مِنَهَا مُجَرَّدَ السَّمَاعِ بِفَضَائِلِهَا في خُطبَةٍ أَو مَوعِظَةٍ ، أَو فِيمَا يُرسَلُ إِلَيهِ مِن رَسَائِلَ ، ثم يَكتَفِي بِإِرسَالِهَا إِلى غَيرِهِ فَحَسبُ

فاستدركوا ـ رحمكم الله ـ بقية هذه الأيام الفاضلة بالمسارعة إلى الخيرات، واغتنامِ الفضائل والقربات فمن كان قد أحسنَ فعليه بالتمام، ومن فرّط فعليه أن يغير فيما بقي من الأيام .. والمقبل منها خير مما أدبر .. فإن فيما بقي يوم عرفة ويوم النحر .

فيا لحسن الفائرين الذين ختموا هذه الأيام المباركة بأكمل وجه من صلاة وصيام وقيام وصدقة ونافلة

فلعل الله قد نظر إليك وأنت تتقرب إليه بألوان الطاعات وجليل القربات فغفر لك واجتباك وكتب لك في الجنة أعالي الدرجات  

ويا لخسارة المفرطين الذين لم يعرفوا قدر هذه الأيام فأمضوا وقتهم بالملهيات واشغلوا أنفسهم بحظوظ الدنيا والشهوات ونظر إليهم ربهم في هذه العشر وهم على أسوأ حال .

والله يقول: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "

أقول قول هذا...

 

 

 

 

 

 

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ وَلا تَنسَوهُ " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ "

عباد الله يقبل عليكم بعد يومين يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة ، ذَلِكَ الْيَوْمُ الْعَظِيْمُ الَّذِيْ أَكْمَلَ اللهُ فِيْهِ الْدِّيْنَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا بِهِ الْنِّعْمَةَ؛ حَيْثُ نَزَلَ فِيْهِ قَوْلُهُ تَعَاْلَى:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا). ذلك اليوم العظيم الذي ودع فيه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال في خطبة عرفة لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ثم استشهد الناس على بلاغه فقال ألا هل بلغت اللهم فاشهد

يَوْمُ عَرَفَةَ وما أدراك ما يوم عرفة يوم تُغْفَرُ فِيْهِ الزَّلَاْتُ، وَتُكَفَّرُ فِيْهِ الْسَّيِّئَاتُ، وَيَعْتِقُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَاْءَ مِنْ عِبَاْدِهِ مِنَ الْنَّارِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ " رَوَاهُ مُسْلِمُ .

واعلموا يا مسلمون أن عتق الرقاب وإجابة الدعاء وغفران الذنوب والأوزار ليس خاص بالحجيج بل هو عام للواقفين بعرفة ولغيرهم من أهل الأمصار في كل مكان

وإنه ليُشَرَّعُ فِيْه لغير الحاج صِيَاْمُه ، فَفِيْ صيام يَوْمِ عَرَفَة الْأَجْرُ الْعَظِيْمُ، قَاْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَة:(أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ عباد الله : خيرُ الدعاء دعاءُ يوم عرفة؛ فأظهِروا في ذلك اليوم المبارك العظيم التوبةَ والاستغفار، والتذلُّلَ والانكِسار، والندامةَ والافتقار، والحاجةَ والاضطرار , ولو بقيتم عصر يوم عرفة في المسجد حتى غروب الشمس لم يكن هذا كثيرا ففي ذلك اليوم من الفضائل والرحمات والخيرات والبركات ما تستحق لأجلها أن تبذل له الأوقات. وقد ورد الجلوس في المساجد يوم عرفة من ابن عباس وغيره رضي الله عنهم

عباد الله: من أحب أن يكون من النار عتيقاً، ومن أسر الذنوب طليقاً؛ فليضرع إلى ربه بالدعاء في يوم عرفة، وليُسبل دموع الحزن والرجاء، وليستغفر ربه من ذنوب طالما ارتكبها، وطالما تساهل بها حتى اجتمعت عليه فكدرت عليه معيشته وحالت بينه وبين ربه. 

فيا من يطمع في العتق من عذاب النار ، والعافية من الذنوب والأوزار لا تحل بينك وبين رحمة ربك بالمعاندة والإصرار ، تالله ما نصحتَ لنفسك بإعراضك وصدودك، أوبقت نفسك بجليل المعاصي والآثام، وأبيت التوبة والإنابة في مثل هذه الأيام , فإذا حُرمْتَ المغفرة قلتَ أنَّى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم.

أيها المسلمون: وإن من شعائر ديننا صلاة عيد الأضحى، وإننا سوف نؤديها في هذا الجامع فاحرصوا على أدائها وحاذروا تفويتها ومروا أولادكم وأهليكم بها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بالخروج لها وإن صلاة عيد الأضحى تقام بعد وقت الإشراق بعشر دقائق إلى ربع ساعة بإذن الله .

وَإِنَّ يوم النحر هو أفضل الأيام عند الله تعالى ومِنَ الأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بذلك الْيَوْمِ : أَنَّهُ أَفْضَلُ أَيَّامِ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ مِنَ الْعَشْرِ المفضلة, وَالْعَمَلُ فِي العشر مُضَاعَفٌ وَيَمْتَدُّ هَذَا الْفَضْلُ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ ذلك اليَوْم ,

فالأضحية يا مسلمون من أعظم شعائر الدين فطيبوا بها نفسا وتخيروا أنفسها وتحروا وقتها .. ووقتها من بعد صلاة العيد إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ومن ذبح أضحيته قبل صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات وعليه إن أراد أن يضحي أن يذبح أخرى بعد الصلاة .

وَكَذَلِكَ من أحكام ذلك اليوم أعني يوم النحر أنه يبدأ فِيهِ بعد صلاة الظهر التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ بأدبار الصلوات وهذا للحاج وأما غير الحاج فيبدأ في التكبير المقيد بعد صلاة الفجر من يوم عرفة, كما يستمر التكبير مطلقا ومقيدا بأدبار الصلوات إلى آخر أيام التشريق !وهي الأَيَّامَ الثَّلاثَةَ التِي بَعْدَ الْعِيدِ, وكلها وَقْتٌ لِذَبْحِ الأَضَاحِي فِي نَهَارِهَا وَلَيْلِهَا ويَحْرُمُ صَوْمُهَا إِلَّا لِلْحاَجِّ الْمُتَمَتِّعَ أَوِ الْقَارِنِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، ها هي أَيَّامٌ مُضِيَئَةٌ مُبَارَكَةٌ قد أوشكت على التمام، وتوشك أن تطوي بِخَيرَاتِهَا وَبَرَكَاتِهَا , صَامَ فيها مَن صَامَ ، وَتَصَدَّقَ مَن تَصَدَّقَ وَعَجَّ بِالتَّكبِيرِ مَن هلل وكبر ، وَسَبَقَ مَن سَبَقَ ممَّن سَارَعَ وَتَقَدَّمَ ، وَتَأَخَّرَ مَن تَأَخَّرَ ممَّن تَبَاطَأَ وَأَحجَمَ ،

وَهَكَذَا هِيَ مَوَاسِمُ الفَضِل والبركات وَأزمنةُ الخير والرحمات ، تَمُرُّ كَلَمحِ البَصَرِ أَو هِيَ أَعجَلُ  يَتَزَوَّدُ مِنهَا من وُفق فَيَنَالُ بِفَضلِ رَبِّهِ الأَجرَ المُضَاعَفَ وَيَكسِبُ الحَسَنَاتِ الكَثِيرَةَ ، وَيَتَقَاعَسُ مُفَرِّطٌ فَيَحرِمُ نَفسَهُ مَا لَو قَدَّمَهُ لَوَجدَهُ عِندَ رَبِّهِ وَافِيًا .

قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " مَن يَعمَلْ سُوَءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا . وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمُونَ نَقِيرًا "

وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ قَالَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ : " يَا عِبَادِي ، إِنَّمَا هِيَ أَعمَالُكُم أُحصِيهَا لَكُم ثُمَّ أُوَفِّيكُم إِيَّاهَا ، فَمَن وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحمَدِ اللهَ ، وَمَن وَجَدَ غَيرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ "

المشاهدات 1038 | التعليقات 0