المبالغة في ارتفاع مبلغ الديات – سداد الدين قبل الحج

محمد البدر
1439/11/20 - 2018/08/02 11:13AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[178 - 179]وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جِيءَ بِرَجُلٍ قَاتِلٍ فِي عُنُقِهِ النِّسْعَةُ قَالَ فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ فَقَالَ « أَتَعْفُو » قَالَ لاَ. قَالَ « أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ »قَالَ لاَ. قَالَ « أَفَتَقْتُلُ »قَالَ نَعَمْ.قَالَ « اذْهَبْ بِهِ »فَلَمَّا وَلَّى قَالَ « أَتَعْفُو »قَالَ لاَ. قَالَ « أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ »قَالَ لاَ. قَالَ « أَفَتَقْتُلُ »قَالَ نَعَمْ. قَالَ « اذْهَبْ بِهِ »فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ « أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ »قَالَ فَعَفَا عَنْهُ. قَالَ فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ النِّسْعَةَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
والنِّسْعَةَ : قطعة جلد تجعل زماما للبعير.
عِبَادَ اللَّهِ: إن تطبيق الحدود الشرعية صمام أمان وسد منيع لكل الجرائم ،والأمن مطلب شرعي، فكل جريمة وكل ذنب رُتَّبَ عليه حد، فالحد مناسب وملائم لتلكم الجريمة، على اختلاف آثارها وانواعها.
قَالَ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيِّ يرحمه الله - وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القودُ في القتل، وأن الدية بدل عنه، فلهذا قَالَ : ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه يسقط القصاص، وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي فإذا عفا عنه وجب على الولي[أي: ولي المقتول] أن يتبع القاتل ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب، ولا يحرجه. فإذا عفا عنه وجب على الولي، [أي: ولي المقتول] أن يتبع القاتل ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب، ولا يحرجه ،وعلى القاتل ﴿أَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ من غير مطل ولا نقص، ولا إساءة فعلية أو قولية، فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو، إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق، بالأداء بإحسان. وفي قوله: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ ﴾ ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا -دون مقابل مادي – ...إلى أن قال: بَينَ تعالى حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾أي: تنحقن بذلك الدماء، وتنقمع به الأشقياء، لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رُئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل، لم يحصل انكفاف الشر، الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية، فيها من النكاية والانزجار .....إلخ
عِبَادَ اللَّهِ: ينبغي أن نتعاون وان نحث وندل أهل المقتول على أن العفوا هو الأفضل وإن اتفقوا على الدية فلا بأس ومن حقهم ولكن لا ينبغي استغلال الدية في أغراض ليست صحيحة ولا أن تكون وسيلة لإذلال القاتل وأهله واثقال كاهلهم وتعجيزهم وحملهم على فعل أشياء قد تضر بهم او بغيرهم أو تخالف الشرع وخاصة من هم مساكين او فقراء أو من ذوي الدخل المحدود ونحن نسمع ونقرأ عبر وسائل الاعلام المختلفة أو الواتس اب والتويتر والفيس بوك و السنابات وغيرها اعلانات تحث على عتق رقبة لمن حكم عليه بالدية وسرد سيرته وقصة ما حدث واستدرار عطف الناس بالملايين وللعلم أن هذا الاعلان بسبب الغلوا في مبالغ الديات عليه بعض الملاحظات منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- يضطر أهل القاتل إلى سؤال الناس والتذلل لهم وتحمل المشقة لتوفير مال الدية والله المستعان.
2- فتح مجال لضعاف النفوس لجمع المال بغير حق بقصص وهمية واستغلال لهذه المواقف.
3- استعطاف بعض الناس إلى جانب القاتل وأن أهل المقتول لا يخافون الله من خلال سرد سيرت القاتل وتصويره بأنه مظلوم حتى لو ثبت غير ذلك.
4- فتح مجال للتجارة من قبل أهل المقتول ودخول السماسرة والشريطية والوسطاء للفائدة المادية.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ  ﴾[الحج :27- 28].
عِبَادَ اللَّهِ: من أراد الحج وعزم على أداء هذه الشعيرة عليه أن يسارع لسداد ما عليه من ديون وحقوق للآخرين الحالةَ فهو بذلك لست مستطيع للحج فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ  الا وصلوا ..
المشاهدات 2133 | التعليقات 0