الْحَجُّ فِي العُمر مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ

محمد البدر
1439/11/04 - 2018/07/17 06:28AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران:97] .
أي: يجب على كل مسلم ملك الزاد والراحلة ولديه الاستطاعة المبادرة إلى الحجِّ ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ »رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.‌
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ: إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. اذ كيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه واستطاعته بماله وبدنه وهو يعلم أنه ركن من أركان الإسلام وفرائضه وهو من أجلّ القربات إلى الله تعالى ، فرضه الله في العمر مرة واحدة فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : « بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فالبدار البدار فلعل حاجا رجع من حجه كيوم ولدته أمه، ثم دهمته المنية بعد حجه فلقي الله تعالى على أحسن حال، ولعل مسرفا على نفسه بالعصيان والذنوب جأر إلى الله تعالى بالدعاء والتوبة النصوح في تلك البقاع الطاهرة فاستجيب له فترك من ذنوبه وموبقاته بحجه ما عجز عن تركه عشرات السنين؛ واعلموا يا عِبَادَ اللَّهِ أن الحج يهدم ما كان قبله قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن للحج فضائل ومنافع منها أنه من أسباب دخول الجنات وتكفير السيئات؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «  تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ومن الفضائل أن الحج من أفضل الأعمال فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أيُّ العملِ أفضلُ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الجهادُ في سَبيلِ اللهِ قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» متفقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ قَالَ :لاَ لَكُنَّ أَفْضَل الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: « الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَمَنْ مَاتَ فِي إِحرامه بَعثه الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» متفقٌ عَلَيْهِ .
فالبدار البدار يا عباد الله إلى حج بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً والله الله بالمسارعة إلى ذلك .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
 
 
 
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: كان السلف الصالح تهفوا أرواحهم، وتطير قلوبهم، وتشتاق نفوسهم، وتدمع عيونهم في مثل هذه الأيام شوقا للحج إلى بيت الله الحرام فالحج كما تعلمون في العمر مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ: «بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .ومن أراد أن يحج نافلة فعليه أن يلتزم بالأنظمة التي وضعتها الدولة وفقها الله مراعاة للمصلحة العامة، ومنها عدم الافتراش والحذر من المدافعة والمزاحمة واخذ تصريح بالحج لكل خمسة سنوات واياكم والتحايل ولا ينبغي فعل معصية لتحصيل نافلة ...الا و صلوا...
المشاهدات 839 | التعليقات 0