خطبة : ( اليوم عيد الفطر )

عبدالله البصري
1439/09/30 - 2018/06/14 17:30PM
اليوم عيد الفطر    1 / 10 / 1439
 
 
الخطبة الأولى :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم – أَيُّهَا النَّاسُ – وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، أَمسِ كُنَّا في رَمَضَانَ ، وَاليَومَ نَحنُ في عِيدِ الفِطرِ السَّعِيدِ ، أَمسِ كَانَ الصَّومُ وَاجِبًا عَلَينَا وَالفِطرُ حَرَامًا ، وَاليَومَ الفِطرُ عَلَينَا وَاجِبٌ وَالصَّومُ حَرَامٌ ، فَمَنِ الَّذِي أَمَرَ بِهَذَا وَذَاكَ فَشَرَعَ الفِطرَ هُنَا وَالصَّومَ هُنَاكَ ؟! مَنِ الَّذِي فَرَّقَ بَينَ يَومَينِ فَقَدَّرَ أَن يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِن رَمَضَانَ وَالآخَرُ مِن شَوَّالٍ ؟! إِنَّهُ اللهُ العَلِيمُ الحَكِيمُ ، الَّذِي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وَالاختِيَارُ ، قَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَرَبُّكَ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبحَانَ اللهِ وَتَعَالى عَمَّا يُشرِكُونَ . وَرَبُّكَ يَعلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُم وَمَا يُعلِنُونَ . وَهُوَ اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الحَمدُ في الأُولى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكمُ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ " وَأَمَّا نَحنُ فَعِبَادٌ للهِ ، عَلَينَا الطَّاعَةُ وَالامتِثَالُ وَالتَّسلِيمُ لأَمرِهِ وَنَهيِهِ ؛ لأَنَّه - تَعَالى - خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ ، قَالَ – تَعَالى - : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ " أَجَل – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – نَحنُ مَأمُورُونَ وَوَاجِبُنَا الامتِثَالُ وَلَيسَ لَنَا خِيَارٌ ، وَلَكِنَّنَا إِذَا امتَثَلنَا وَأَطَعنَا وَسَلَّمنَا ، فَلَنَا عَظِيمُ الأَجرِ عِندَ اللهِ وَجَزِيلُ الثَّوَابِ وَحُسنُ العَاقِبَةِ ، وَأَمَّا العَاصِي وَالمُخَالِفُ وَالمُتَكَبِّرُ فَهُوَ في ضَلالٍ ، وَالكَافِرُ مَآلُهُ النَّارُ وَبِئسَ القَرَارُ ، قَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا " وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا " وَالمَقصُودُ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – أَنَّنَا أُمِرنَا بِالصِّيَامِ فَصُمنَا ، وَأُمِرنَا بِالفِطرِ فَأَفطَرنَا ، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنَا لأَمرِهِ مُمتَثِلِينَ ، وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُتَّبِعِينَ ، وَهَذَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – مَنهَجٌ يَجِبُ أَن نَكُونَ عَلَيهِ في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِ حَيَاتِنَا صَغُرَ أَو كَبُرَ ، نَأتَمِرُ بِالأَمرِ وَنَنتَهِي عَنِ النَّهيِ ، وَنَتَأَدَّبُ بِالآدَابِ الَّتي جَاءَت في كِتَابِ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا ، فَذَاكَ خَيرٌ لَنَا ، وَثَبَاتٌ لِقُلُوبِنَا ، وَأَجرٌ نَنَالُهُ في مَوَازِينِ حَسَنَاتِنَا ، وَهِدَايَةٌ لِلصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، وَإِكرَامُ لَنَا بِمُرَافَقَةِ خِيَارِ الخَلقِ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَلَو أَنَّهُم فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبِيتًا . وَإِذًا لآتَينَاهُم مِن لَدُنَّا أَجرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَينَاهُم صِرَاطًا مُستَقِيمًا . وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا . ذَلِكَ الفَضلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا " نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ الَّذِي أَوجَبَ صَومَ رَمَضَانَ فَأَطَعنَاهُ وَصُمنَا ، وَأَوجَبَ إِفطَارَ يَومِ العِيدِ فَامتَثَلنَا وَأَفطَرنَا ، هُوَ الَّذِي أَوجَبَ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ خَمسَ صَلَوَاتٍ ، وَأَمَرَنَا بِأَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ ، وَهُوَ الَّذِي أَوجَبَ في المَالِ الزَّكَاةَ ، وَجَعَلَ الحَجَّ خَامِسَ أَركَانِ الإِسلامِ ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَنَا بِبِرِّ الوَالِدَينِ وَصِلَةِ الأَرحَامِ وَإِكرَامِ الضُّيُوفِ وَالجِيرَانِ ، وَنَهَانَا عَنِ العُقُوقِ وَالقَطِيعَةِ وَالظُّلمِ وَأَكلِ الحَرَامِ ، وَلَهُ في كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَوَامِرُ وَنَوَاهٍ وَحُدُودٌ ، فَكَانَ مُقتَضَى عُبُودِيَّتِنَا لَهُ أَن نُطِيعَهُ في كُلِّ أَمرٍ وَنَهيٍ ، وَأَن نَقِفَ عِندَ حُدُودِهِ وَلا نَتَعَدَّاهَا ، وَأَمَّا أَن يَكُونَ تَعَبُّدُ أَحَدِنَا انتِقَاءً وَاختِيَارًا بِنَاءً عَلَى مَا يُملِيهِ عَلَيهِ الهَوَى ، أَو عَمَلاً بِمَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ وَيَقُودُهُ إِلَيهِ مِزَاجُهُ ، فَتِلكَ في الحَقِيقَةِ عُبُودِيَّةٌ لِلنَّفسِ وَالهَوَى ، وَلَيسَت عُبُودِيَّةً للهِ – جَلَّ وَعَلا - ، بَل هِيَ سَدٌّ لأَبوَابِ الهِدَايَةِ وَفَتحٌ لأَبوَابِ الغِوَايَةِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهدِيهِ مِن بَعدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " وَقَد ذَمَّ اللهُ اليَهُودَ بِهَذِهِ الانتِقَائِيَّةِ ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا مِن أَسبَابِ الخِزيِ في الدُّنيَا وَالعَذَابِ في الآخِرَةِ ، فَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " أَفَتُؤمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَتَكفُرُونَ بِبَعضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم إِلَّا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَومَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ اشتَرَوُا الحَيَاةَ الدُّنيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذَابُ وَلا هُم يُنصَرُونَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنُطِعِ الأَمرَ وَلْنَنتَهِ عَنِ النَّهيِ وَلْنَقِفْ عِندَ الحُدُودِ " تِلكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ . وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ "
 
 
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، اليَومَ عِيدٌ ، وَيَومٌ لِلسَّعَادَةِ جَدِيدٌ ، فَلْنَعِشِ السَّعَادَةَ فِيهِ بِأَجملِ صُوَرِهَا وَأَبهَى أَلوَانِهَا ، بَل لِنَكُنْ مَصدَرًا لَهَا وَمَنبَعًا وَمِفتَاحًا ، لِنَصِلْ مَن قَطَعَنَا وَصَرَمَنَا ، وَلْنُعطِ مَن مَنَعَنَا وَحَرَمَنَا ، وَلْنُقبِلْ عَلَى مَن أَدبَرَ عَنَّا ، وَلْنَزُرْ مَن هَجَرَنَا وَلْنَتَذَكَّرْ مَن نَسِيَنَا ، فَذَلِكُم وَاللهِ هُوَ الحَظُّ العَظِيمُ وَالسَّعدُ الجَزِيلُ لِمَن آتَاهُ اللهُ إِيَّاهُ وَهَدَاهُ إِلَيهِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَلا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّنَا اليَومَ في عِيدٍ ، وَسَنَلقَى كَثِيرًا مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَصدِقَاءِ وَالزُّمَلاءِ وَالجِيرَانِ ، مِمَّن قَد يَكُونُ العَهدُ بِهِم بَعُد وَحَالَت بَينَنَا وَبَينَهُم أَحوَالٌ ، فَلْيَكُنْ عَلَى البَالِ أَمرَانِ اثنَانِ ، أَمرَانِ يَكُونُ العِيدُ بِهِمَا أَكثَرَ سَعَادَةً وَسُرُورًا ، أَمَّا الأَوَّلُ فَهُوَ طِيبُ الكَلامِ وَلِينُ القَولِ ، وَاختِيَارُ أَجمَلِ الكَلِمَاتِ وَانتِقَاءُ أَلطَفِ العِبَارَاتِ ، وَالبُعدُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِن آفَاتٍ ، مِن غِلظَةٍ في القَولِ أَو حِدَّةٍ في الكَلامِ ، أَو جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَخِصَامٍ ، أَو ثَرثَرَةٍ وَتَشَدُّقٍ وَتَفَيهُقٍ ، وَاسمَعُوا إِلى رَبِّنَا وَالعَالِمِ بِدَوَاخِلِ نُفُوسِنَا ، حَيثُ يَقُولُ – سُبحَانَهُ - : " وَقُلْ لِعَبَادِي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم " أَوَعَيتُم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – لَقَد أَمَرَنَا رَبُّنَا لَيسَ بِقَولِ الحُسنَى فَحَسبُ ، بَل بِأَن نَقُولَ الَّتي هِيَ أَحسَنُ ؛ وَمَا ذَلِكُم إِلاَّ لأَنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَنَا إِذَا كَلَّمَ بَعضُنَا بَعضًا بِغَيرِ الَّتي هِيَ أَحسَنُ . وَرُبَّ حَربٍ وَقُودُهَا جُثَثٌ وَهَامٌ ، أَهَاجَهَا القَبِيحُ مِنَ الكَلامِ ، وَرُبَّ قَطِيعَةٍ دَامَت سَنَوَاتٍ ، كَانَ مَبدَؤُهَا كَلِمَاتٍ سَاخِنَاتٍ ؛ فَاللهَ اللهَ بِالكَلِمَةِ الطَّيَّبَةِ ، فَقَد قَالَ نَبِيُّنَا – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَأَمَّا الأَمرُ الآخَرُ الَّذِي يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَى البَالِ ، وَهُوَ مِمَّا يَزِيدُ العِلاقَةَ مَتَانَةً وَقُوَّةً وَحُسنًا ، وَيَزِيدُ في مَحَبَّةِ النَّاسِ لِبَعضِهِم وَرِضَا كُلٍّ مِنهُم عَنِ الآخَرِ ، فَهُوَ التَّقلِيلُ مِن عِتَابِ الآخَرِينَ ، وَالتَّرَفُّعُ عَن لَومِهِم ، فَإِنَّ العَاقِلَ لا يَرَى لَهُ عَلَى أَحَدٍ حَقًّا ، وَلا يَشهَدُ لَهُ عَلَى غَيرِهِ فَضلاً ، وَلِذَلِكَ فَهُو لا يُعَاتِبُ وَلا يُطَالِبُ وَلا يُخَاصِمُ ، لِعِلمِهِ أَنَّ المُخَاصَمَةَ لِحَظِّ النَّفسِ تُطفِئُ نُورَ الرِّضَا وَتُذهِبُ بَهجَتَهُ ، وَتُكَدِّرُ صَفوَهُ وَتُبَدِّلُ بِالمَرَارَةِ حَلاوَتَهُ ، وَالعِيدُ فُرصَةٌ لِلسَّلامِ وَالاحتِفَاءِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الحَالِ ، وَلَيسَ مَجَالاً لِلَّومِ وَالعَذلِ وَالعِتَابِ ، فَكَيفَ بِالتَّوبِيخِ وَالتَّقرِيعِ وَتَشدِيدِ النَّكيرِ ؟! وَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا قَد يَرَى مِنَ النَّاسِ تَقصِيرًا في حَقِّهِ ، فَلْيَتَأَمَّلْ نَفسَهُ ؛ فَإِنَّ فِيهِ وَلا شَكَّ شَيئًا مِمَّا عَابَهُم بِهِ ، وَكُلٌّ مِنَّا مُقَصِّرٌ وَخَطَّاءٌ ، فَمَا أَجمَلَ أَن يَغُضَّ كُلٌّ مِنَّا الطَّرفَ عَنِ الآخَرِ ، وَأَن يَشِيعَ التَّسَامُحُ وَالعَفوُ بَينَ الجَمِيعِ ، وَأَن يُنسَى مَا مَضَى وَتُفتَحَ صَفحَةٌ جَدِيدَةٌ لِلتَّوَاصُلِ وَالتَّآلُفِ ، نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – اِضرِبُوا صَفحًا عَنِ قَدِيمِ الإِسَاءَاتِ ، وَتَجَاوَزُوا عَن مَاضِي الهَفَوَاتِ ، وَأَقِيلُوا العَثَرَاتِ وَأَغْضُوا عَنِ الزَّلاَّتِ ، اُبسُطُوا الوُجُوهَ ، وَوَسِّعُوا الصُّدُورَ ، وَافتَحُوا القُلُوبَ ، وَخُذُوا الأُمُورَ بِالمُلايَنَةِ وَالمُلاطَفَةِ وَالمُسَامَحَةِ ، وَاغفِرُوا يَغفِرِ اللهُ لَكُم " وَلا يَأْتَلِ أُولُو الفَضلِ مِنكُم وَالسَّعَةِ أَن يُؤتُوا أُولي القُربى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ في سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعفُوا وَلْيَصفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَعَادَ اللهُ عَلَينَا وَعَلَيكُم العِيدَ وَنَحنُ في أَمنٍ وَعَافِيَةٍ وَرَخَاءٍ ، وَبَلَّغَنَا رَمَضَانَ أَعوَامًا عَدِيدَةً وَأَزمِنَةً مَدِيدَةً .
المرفقات

عيد-الفطر-3

عيد-الفطر-3

عيد-الفطر-4

عيد-الفطر-4

المشاهدات 1364 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا