الظفر ببقية العشر ومايسن في نهاية الشهر

أيّها المسلمون، مع متغيِّرات الزّمَن وتقلّبات الأحوال ومُثيرات الشَّهَوات وفِتَن الشّبهات ثمّ مع حلولِ مواسمِ الخيرات وفُرَص النَّفَحات كَم قلوبُ العباد بحاجةٍ لذكرى وعِظات، تلين لها قلوب المخبِتين، وتَرِقّ لها أفئدة الخاشعين، وتنقشع بها غيوم الغفلة عن الغافلين، وترتفع بها سَواتِر الحجُب عن اللاّهين والسادِرين. أين يفِرّ الفارّون من الله وكلُّهم في قَبضَتِه؟! وكيف يُشكَر غَيرُ الله وما بِالخلائق من نِعمةٍ فمن جودِه وكَرَمِه؟! وإلى مَن يلجَأ الخائفون وكلُّهم محفوظٌ بعنايتِه ورحمته؟! لو علم القاعدون مَاذا أَضاعوا وكَم أضاعوا، كَم من قريبٍ أبعدَه التباعُدُ، ولا يَزال قومٌ يتأخَّرون حتى يؤخِّرَهم الله. أيّها المسلمون، استعيذوا بالله أن تمرَّ بكم مواسم الخيرات وساعاتُ النفحات ثم لا تَزدادون هدًى ولا ترتَدِعون عن ردى، وحذارِ ثم حذارِ أن يكون المرءُ ممّن طبَع الله على قلبه وعلى سمعِه وجعل على بصرِه غِشاوة، فمن يهديه من بعد الله؟! عباد الله لقد أنقضى ثلث العشر الأواخر ولم يتبقى غير الثلثين فماذا أنتم صانعون ؟

الموفق من وفقه الله لطاعته والمحروم من حرم الخير ، عباد الله هذا أوان اجتهادكم وتشميركم وتنافسكم في طاعة ربكم وماهي إلا ليال وتنقضي فماذا أنتم صانعون ؟يا عبدَ الله، لن تجِدَ طعمَ العافية حتى تكونَ على الطاعةِ مقيمًا ولِذِكر الله مُديمًا، فعالِج مرضَ المخالفة بالتوبة، وداوِ داءَ الغفلة بالإنابَة. لا يؤنِس في وحشةِ القبر إلا العمل الصالح، ولا يقِي من عذاب النار بإذنِ الله إلا نورُ الإيمان، ولا تثبُتُ القدم على الصراطِ إلا بالاستقامة على الهدى

أيها المسلمون، لقد شرع الله لكم في ختام هذا الشهر المبارك أعمالاً تفعلونها: من ذلك إخراج زكاة الفطر وهي صدقة عن البدن والنفس. يخرجها المسلم قبل صلاة العيد شكراً لله تعالى على نعمة التوفيق لصيام رمضان وقيامه يختم بها المسلم عمل رمضان. يخرجها المسلم من غالب قوت البلد، و زكاة الفطر إحسان إلى الفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد وهي تطهير للصائم مما يحصل في صيامه من نقص ولغو وإثم. وتجب زكاة الفطر بغروب الشمس ليلة العيد والوقت الفاضل لإخراجها صباح العيد قبل الصلاة، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين لما ثبت عن نافع قال كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير حتى إنه كان يعطي عن بنيّ وكان يعطيها الذين يقبلونها وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين.ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد فإن أخرها فهي صدقة من الصدقات.أيها المسلمون، وتجب زكاة الفطر على الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين) رواه البخاري ومسلم. وتستحب عن الجنين  فيخرجها عن نفسه وعمن تلزمه مؤونته من زوجة أو قريب والواجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت أهل البلد من بر أو شعير أو أرز أو تمر أو زبيب أو أقط، وكلما كان أجود كان أفضل بعكس ما يفعله بعض الناس من البحث عن الرخيص فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ويخرجها في البلد الذي غربت عليه فيه شمس آخر يوم من رمضان وإن دفعها الى فقراء بلده الذي يقم فيه أجزأته ولكنه خلاف الأَولى.وزكاة الفطر خاصة بالفقراء والمساكين، ولا تصرف لبقية المصارف الثمانية التي تصرف لها الزكاة إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك أو رأى الإمام أو نائبه ذلك. والأولى أن تصرف على فقراء نفس البلد إلا أن يكون في غيره من هو أشد حاجة فلا حرج حينئذ من نقله.ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً وإن أفتى به بعض المنتسبين إلى العلم، فإن هذا خلاف الصحيح كما قال أهل التحقيق من أهل العلم. وهو ما عليه الفتوى من علماء هذه البلاد،.نفعني الله وإياكم بهدي كتابه..

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بين لأمته طرق النجاة وحذر من طريق الغيّ والهلكات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً مزيداً.أما بعد: أيها المسلمون، أما الأمر الثاني: الذي شرع لكم في ختام هذا الشهر فهو التكبير قال الله تعالى: وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185].ويبتدأ التكبير من غروب الشمس ليلة العيد، حتى حضور الإمام لصلاة العيد ويكبر المسلمون ذكوراً وإناثاً، ويسن في حق الرجال الجهر بالتكبير في المساجد والأسواق والبيوت، إعلاناً لتعظيم الله وشكره وأما النساء فإنهن يكبرن سراً لأنهن مأمورات بالتستر فلا يجهرن بالتكبير وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.وأما الأمر الثالث: الذي شرع لكم في ختام شهركم هذا فهو صلاة العيد.وصلاة العيد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى النساء أمرهن أن يخرجن ولم يأمر عليه الصلاة والسلام النساء بالخروج لأي شيء سوى صلاة العيد تقول أم عطية رضي الله عنها: أُمرنا أن نخرج الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحيض أن يعتزلن المصلى، ولكن أمرهن باستماع خطبة العيد وحضورهن دعوة المسلمين ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن صلاة العيد فرض عين، وإن قال بعض العلماء بأنها فرض كفاية، ومن السنة أن تصلى خارج البلد وذلك لإظهار هذه الشعيرة، وكذلك من السنة أن يذهب الإنسان من طريق وأن يعود من طريق آخر وذلك لنشر هذه الشعيرة في جميع أسواق البلد وشوارعها.ومن المستحب أن يخرج المسلم إليها متطيباً متجملاً،

 

المرفقات

ببقية-العشر-ومايسن-في-نهاية-الشهر

ببقية-العشر-ومايسن-في-نهاية-الشهر

المشاهدات 1418 | التعليقات 0