خطبة: زكاة الفطر وأحكام العيد

أبو ناصر فرج الدوسري
1439/09/21 - 2018/06/05 11:48AM

أَمَا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عباد الله:ها هو شهركم قد تصرّم، وصدق الله لما قال: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ. يعني: سرعان ما تنقضي، فها قد ذهب أكثر الشهر، فسبحان مكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل. ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ

وإن من رحمة الله أن شرع عبادات جليلة في آخر الشهر يزداد بها الإيمان و يجبر بها ماحصل في الصيام من خلل أو نقصان، فمنها زكاة الفطر فهي فريضة على كل مسلم.

قال ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ. متفق عليه.

وَيُؤدِّي الرَّجُلُ الزَّكَاةَ عَنهُ وَعَمَّن تَكفَّلَ بِنَفَقَتِهِ وَلَابُدَّ لَهُ مِن أنْ يُنفِقَ عَلَيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: أمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِصَدَقَةِ الفِطرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالحُرِّ وَالعَبدِ مِمَّن تَمُونُونَ.

فهذا الحديث يدل على أن زكاة الفطر فريضة على كل مسلم، ولو كان مجنونًا لاعقل له أو صغيراً لم يبلغ فإنها تجب الزكاة عنهم ويخرجها وليهم، وَلَا يَجبُ فِي جَنِينِ الحَامِلِ؛ لأنَّهُ لَيسَ مِن أهْلِ رَمَضَانَ حَقِيقَةً، بل تستحب لفعل عثمان رضي الله عنه إلا إذا وُلد قبل العيد فتجب عليه زكاة الفطر.

ولا تجب زكاة الفطر إلا على المسلم أما الكافر فليس من أهل الزكاة حتى يسلم، فالمسلم إذا كان عنده عامل أو خادمة أو ولد كافر لا يزكي عنه؛ لأنه خبيث بالكفر لا تطهره الزكاة، فلا زكاة إلا على المسلم.

وإذا كان العامل أو الخادمة مسلم فلا يزكى عنه إلا إذا شرط عليه العامل أن تكون زكاة الفطر على الكفيل، ويجوز للكفيل أن يتبرع عن مكفوله بزكاة الفطر ويجب أن يخبره بذلك.

ولا يجزئ دفع زكاة الفطر إلا للفقراء خاصة، والواجب أن تصل إلى الفقير، أو وكيله في وقتها، ويجوز للفقير أن يوكّل شخصًا في قبض ما يُدفع إليه من زكاة، فإذا وصلت الزكاة إلى يد الوكيل، فكأنها وصلت إلى يد موكله، فإذا كنت تحب أن تدفع فطرتك لشخص، وأنت تخشى أن لا تراه وقت إخراجها، فمره أن يوكل أحدًا يقبضها منك، أو يوكلك أنت في القبض له من نفسك، فإذا جاء وقت دفعها، فخذها له بكيس أو غيره، وابقها أمانة عندك حتى يأتي.

ومن يأخذ زكاة الفطر يُخرج زكاة فِطره مما يأتيه من الناس، إلا أن يكون لا يوجد عنده مايكفي.

وأفاد الحديثُ مقدار زكاة الفطر عن الشخص الواحد، أنها محدودة بصاع، لم يرهق الشرع الناس، ما فرض عليهم أكثر من صاع عن كل شخص، وهذا الصاع وحدة حجمية، يختلف وزنه بحسب ما يوضع فيه، فوزن صاع التمر يختلف عن وزن صاع القمح، يختلف عن وزن صاع الأرز، وهكذا وإن كان هناك تقارب، فهي لا تتجاوز ثلاثة كيلو غرامات من الطعام الموضوع في الصاع.

وأما وقتها فالأفضل أن تُخرج يوم العيد قبل صلاة العيد فقد قال ابن عمر رضي الله عنهما في الحديث السابق: وَأَمَرَ بِهَا - يعني الرسول ﷺ - أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين فللمسلم أن يخرجها يوم التاسع والعشرين أو الثامن والعشرين.

ويحرم تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد لقول ابنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، مَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. وزكاة الفطر كما في الحديث تجبر ما يكون في الصوم من نقص وخلل.

وزكاة الفطر، تطهر الصائم مما وقع في صومه من النقص وتكمله، قال بعض السلف: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة تجبر نقصان الصيام كما يجبر سجود السهود نقصان الصلاة .ا.هـ

عباد الله زكاة الفطر عبادة من العبادات يجب أن نلتزم فيها بما ورد عن النبي ﷺ من إخراجها صاعاً من الطعام كالتمر والأرز والطحين، وذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد) إلى أنه لا يجوز دفع زكاة الفطر قيمة ، بل الواجب أن تخرج طعاما كما فرضها رسول الله ﷺ.

فلا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقوداً بأي حال من الأحوال ، بل تدفع طعاماً ، والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه ، أما المزكي فلابد أن يدفعها من الطعام ، ولا فرق بين أن يكون من الأصناف التي كانت على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو من طعام وجد حديثاً ، فالأرز في وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من البر.

وزكاة الفطر تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه وقت الإخراج سواء كان محل إقامته أو غيره من بلاد المسلمين، فإن كان في بلد ليس فيه من يدفع إليه أو كان لا يعرف المستحقين فيه، وكّل من يدفعها عنه في مكان فيه مستحق. وبناء على ذلك فمن أقام في بلده أكثر رمضان، ثم سافر إلى بلد آخر في أواخر رمضان فالأولى له أن يدفع زكاة الفطر في البلد الذي سافر إليه لأنه البلد الذي غرب عليه فيه شمس آخر يوم من رمضان،

وإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم ، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين ، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده.

ويجوز نقل زكاة الفطر إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين

أما بعد فاتقوا الله ياعباد الله وتزودا بالعمل الصالح فيما بقي من هذا الشهر المبارك ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ

عباد الله: قال تعالى في آيات الصيام من سورة البقرة ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُم﴾ أي: ولتذكروا الله بالتكبير عند انقضاء عبادة الصيام.

فيُسنُ الجهر بتالكبير والتهليل للرجال في المساجد والأسواق والبيوت، إعلانًا لتعظيم الله، وإظهارًا لعبادته وشكره.

ويكون هذا بغروب شمس آخر يوم من رمضان، في المساجد والبيوت والأسواق ، ويتأكد هذا التكبير والجهر به عند الخروج إلى صلاة العيد فيكبر الناس ليلة العيد إلى دخول الإمام لصلاة العيد ويكبرون أيضاً بتكبير الإمام أثناء خطبة العيد.

ومن صيغ التكبير: اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

ويتأكد التكبير جهراً من حين الخروج من البيت لصلاة العيد ويكبر في المصلى حتى دخول الإمام ، ثم يكبر إذا كبر الإمام في الخطبة وينصت فيما سوى ذلك.

وتُصلى تحيةُ المسجد إذا كانت الصلاة في الجوامع.

وصلاة العيد ركعتان يكبر في الأولى ستاً بعد تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً بعد تكبيرة القيام . فإذا فاتت المصلي ركعة فيقضيها على صفتها وعلى هذا فيكبر في الركعة الثانية التي يقضيها خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ولو قضاها من غير هذه التكبيرات صحت.

وإذا دخل مع الإمام في أثناء التكبيرات الزوائد فيكبر للإحرام أولاً ثم يتابع الإمام فيما بقي ويسقط عنه مامضى.

وإن أدرك الإمام وهو يقرأ أو راكعا فيكبر تكبيرة الإحرام ، ويدخل معه في صلاته ولايكبر التكبيرات الزوائد.

وإذا وجد الإمام قد سلم من صلاة العيد فيستحب له أن يستمع لخطبة العيد ويؤمن على الدعاء.

وإذا بدأ الإمام في القراءة ونسي التكبيرات الزوائد سقطت لأنها سنة فات محلها.

وَصَلاةِ الْعِيدِ: وَاجِبَةٌ وُجُوبَاً عَيْنِيَّاً عَلَى الرِّجَالِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيّضُ اَلْمُصَلَّى" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ ابْنُ بَازٍ وَابْنُ عُثَيْمِينَ -رَحِمَهُمَا اللهُ- بِوُجُوبِهَا عَلَى الرِّجَالِ، وَعَلَى هَذَا فَلْيَحْذَرْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ صَلاةِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.

لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ النِّسَاءُ، بَلْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ البنات الصغار، بَلْ وَالْحُيّضُ، مَأْمُورَاتٍ بِالْخُرُوجِ! فَكَيْفَ بِالرِّجَالِ الأَشِدِّاءِ؟! فَلا يَحِلُّ لَهُمُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ.

والسنة أن يأكل قبل الخروج إلى المصلى تمراتٍ وتْرًا، ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر إن أحب ويقطعهن على وتر؛ لفعل النبي ﷺ.

واخرجوا إلى هذه الصلاة مشيًا إلا من عذرٍ كعجز أو بُعد؛ لقول علي رضي الله عنه: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا.

اخرجوا إلى صلاة العيد متنظفين متطيبين، والبسوا أحسن الثياب، وأخرجوا لها نساءكم وأطفالكم ومَن تحت أيديكم.

وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ وَلَا مُتَزَيِّنَةٍ، وَعَلَى وَلِيِّ أَمْرِهَا مَسْؤُولِيّةٌ فِي ذَلِكَ.

وأدوها بخشوع وحضور قلب، وتذكروا بجمعكم اجتماع الناس في يوم الجمع الأكبر: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

والتجمل للعيد عبادة فلا يتجمل بفعل الحرام كحلق اللحية أو لبس الطويل أو لبس القصير للبنات .

اخرجوا إلى صلاة العيد أيها الإخوة: امتثالاً وطاعة لأمر رسول الله ﷺ وابتغاء الخير، ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المصلى من خيرات تنزل، وجوائز من الرب الكريم تحصل، ودعوات طيبات تقبل.

بلَّغَنا الله يوم العيد من عمر مديد بطاعة الله، ومنَّ علينا بالقبول، إنه جواد كريم.

ونسأل الله أن يختم لنا ولكم بعمل صالح وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ويتجاوز عن تقصيرنا وزللنا ،

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن تقصيرنا و زللنا، اللهم بلغنا ختام الشهر وأعده علينا بخير في ديننا ودنيانا يارب العالمين اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا يارب العالمين

اللهم أنصر إخواننا المستضعفين في فلسطين اللهم عليك باليهود الظالمين المعتدين

اللهم أنصر إخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين

اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وجميع بلاد المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا واستعمل علينا خيارنا

واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

http://fnaldossary.blogspot.com/2018/06/blog-post.html

https://docs.google.com/document/d/1FRGaVDe_p8rfmRziF7fUPcRFsWh68qHZ8POxOfmEFBM/edit?usp=sharing

المشاهدات 8511 | التعليقات 0