شَهْرُ شَعْبَانَ، وَوَصَايَا قَبْلَ رَمَضَان

مبارك العشوان 1
1439/08/03 - 2018/04/19 11:31AM

الحَمْدُ لِلهِ...أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ... مُسْلِمونَ.

عِبَادَ اللهِ: وَأَنْتُمْ فِي أَوَّلِ شَهْرِ شَعْبَانَ؛ فَلْتَعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ مَيَّزَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِكَثْرَةِ الصِّيَامِ؛ تَقُولُ عَائِشَةُ رِضِيَ اللهُ عَنْهَا،: (  وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايةٍ لِمُسْلِمٍ: ( وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) .

وَقَدْ ذَكَرَ العُلَمَاءُ فِي هَذَا بَعْضَ الحِكَمِ: مِنْهَا أَنَّ فِي صِيَامِهِ تَمْرِينٌ عَلَى هَذِهِ العِبَادَةِ؛ فَيَعْتَادُ الصِّيَامَ قَبْلَ رَمَضَانَ لِيَدْخُلَ فِي رَمَضَانَ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ، وَإِقْبَالٍ عَلَى الطَّاعَةِ، وَلَا يَجِدَ فِيهِ كُلْفَةً وَمَشَقَّةً.

وَمِنَ الحِكَمِ: قَالُوا لِأَنَّ شَعْبَانَ فِي مُقَدِّمَةِ رَمَضَانَ؛ فَالصِّيَامُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ كَمَا أنَّ صِيَامَ سِتٍّ مِنْ شَوَّالَ بَعْدَ رَمَضَانَ بِمَنْزِلَةِ السُّنَنِ البَعْدِيَّةِ لِلصَّلَاةِ.

فَلْتَحْرِصُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الصِّيَامِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؛ وَلْتَعْلَمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ الذِي ثَبَتَتْ بِهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

أَمَّا مَا جَاءَ فِي لَيلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؛ فَقَدْ كَتَبَ الشَّيْخُ ابنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ رِسَالَةً عَنْ هَذَا، قَالَ فِيهَا: وَمِنَ البِدَعِ التِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ النَّاسِ: بِدْعَةَ الاحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَتَخْصِيصَ يَوْمِهَا بِالصِّيَامِ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ يَجُوزُ الاعْتِمَادُ عَلَيهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ لَا يَجُوزُ الاعْتِمَادُ عَلَيهَا...وَالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيهِ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ أنَّ الاحْتِفَالَ بِهَا بِدْعَةٌ، وَأَنَّ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِي فَضْلِهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ، وَبَعْضُهَا مَوضُوعٌ..  الخ.

عِبَادَ اللهِ: وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ رَمَضَانَ؛ يَحْسُنُ بِنَا ذِكْرُ بِعْضِ الوَصَايَا وَالتَّنْبِيهَاتِ؛ وَنَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ القَولَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ.

أَخِي المُسْلِم: إِنْ كَانَ عَلَيْكَ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ المَاضِي فَبَادِرْ بِقَضَائِهَا؛ وَاعْلَمْ أنَّهُ لَا يَجُوزُ  تَأْخِيرُهَا إِلَى رَمَضَانَ الثَّانِي بِدُونِ عُذْرٍ.

وَهَكَذَا ذَكِّرْ أَهْلَكَ وَأَوْلَادَكَ بِأَهَمِّيَّةِ المُبَادَرَةِ، وَحُثَّهُمْ عَلَيهَا قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُمُ الوَقْتُ وَفِي ذِمَمِهِمْ شَيءٌ مِنْ رَمَضَانَ المَاضِي.

عِبَادَ اللهِ: تَعَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَحْكَامَ الصِّيَامِ الفِقْهِيَّةِ، وَآدَابَهُ وَتَدَارَسُوهَا فِي مَجَالِسِكُمْ، وَمَسَاجِدِكُمْ، وَعَلِّمُوهَا أَهْلَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ وَعُمَّالَكُمْ وَخَدَمَكُمْ، لِيُؤَدِّيَ الجَمِيعُ هَذِهِ العِبَادَةَ العَظِيمَةَ، وَهَذَا الرُّكْنَ مِنْ أرْكَانِ الإِسْلَامِ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ؛ فَيَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَاللهُ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَلِشَرْعِهِ جَلَّ وَعَلَا مُوِافِقًا.

بَارَكَ اللهُ ... وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...

 

 الخطبة الثانية: 

الحَمْدُ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ: فَمَنْ كَانَ لَدَيهِ أوْلَادٌ أوْ بَنَاتٌ أو إخْوَةٌ أو أخَوَاتٌ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَبْلُغُوا سِنَّ الرُّشْدِ وَلَا يَشُقُّ عَلَيهِمْ الصِّيَامُ فَلْيَحُثَّهُمْ عَلَيهِ لِيَعْتَادُوهُ، وَلَا يُلْزِمْهُمْ بِهِ، تَقُولُ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ يَومِ عَاشُورَاءَ: ( فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

أمَّا إِذَا بَلَغُوا سِنَّ الرُّشْدِ وَصَارُوا مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ فَلْيَأْمُرْهُمْ بِالصِّيَامِ، وَلْيُلْزِمْهُم بِهِ، وَلْيُبَيِّنْ لَهُمْ أنَّ الصَّومَ وَاجِبٌ عَلَى المُسْلِمِ البَالِغِ العَاقِلِ القَادِرِ المُقِيمِ؛ يَجِبُ عَلَيهِ صَومُ الشَّهْرِ كَامِلًا، وَلَيسَ مُخَيَّرًا بِأَنْ يَصُومَ أيَّامًا وَيُفْطِرَ أيَّامًا.  

أوْلَادُكُمْ أيُّهَا النَّاسُ أَمَانَةٌ فِي رِقَابِكُمْ، وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ رِعَايَتِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ، وَتَعْلِيمِهِمْ أُمُورَ دِينِهِمْ؛ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ... ) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

عِبَادَ اللهِ: سَلُوا اللهَ تَعَالَى أنْ يُبَلِّغَكُمْ رَمَضَانَ وَيُوَفِّقَكُمْ لِاغْتِنَامِهِ وَيُعِينَكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ تَعَالَى وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ؛ فَقَدْ قَالَ جَلَّ وَعَلَا : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة 186

اعْقِدُوا العَزْمَ رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى الجِدِّ فَي شَهْرِكُمْ وَالتَّفَرُّغِ فِيهِ لِعِبَادَةِ رَبِّكُمْ؛ احْرِصُوا عَلَى كَسْبِ هَذِهِ الفُرْصَةِ، وَاسْتِغْلَالِ هَذَا المَغْنَمِ، تَهَيَّؤُا لِحِفْظِ  أيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ، لِتَمْلَؤُهَا بِالطَّاعَاتِ؛ فَلَا يَدْرِي أَحَدُنَا مَا يَعْرِضُ لَهُ.

مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا سَيَشْغَلُهُ فِي رَمَضَانَ وَيُمْكِنُ إِنْجَازُهُ هَذِهِ الأَيَّامَ فَلْيُنْجِزْهُ، وَمَا كَانَ مِنْهَا يُمْكِنُ تَأْجِيلُهُ بَعْدَ رَمَضَانَ فَلْيُؤَجِّلْهُ؛ فَرَمَضَانُ أيَّامٌ مَعْدُودَةٌ لَا تُفَرِّطُوا فِيهَا.

نَظِّمْ أَخِي المُسْلِمُ وَقْتَكَ مِنَ السَّحَرِ إِلَى السَّحَرِ، وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ يَضِيعَ نَهَارُكَ فِي نَوْمٍ وَلَيلُكَ فِي سَهَرٍ.

ثُمَّ صَلُّوا عِبَادَ اللهِ وَسَلِّمُوا...

اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ ... اللهم أصلِحْ أئِمَّتَنَا...

عبادَ الله: اذكُروا اللهَ...

 

 

المشاهدات 2554 | التعليقات 0