خِيرَةُ اللَّهِ لَكَ

يوسف العوض
1439/07/12 - 2018/03/29 12:48PM
 الخطبة الأولى :
الحَمْدُ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، يَخلُقُ ما يَشاءُ ويَختَارُ،جَعَلَ بَعْضَ خَلْقِهِ لِبَعْضٍ فِتْنَةً، وله في كُلِّ تَصرِيِفٍ أَمْرٌ وحِكْمَةٌ،ونشهدُ ألاَّ إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له،ذو الغَلَبَةِ والاقتِدَارِ, وَنَشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه,صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَاركَ عليهِ ومن تبَعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ القَرارِ.
(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً أيُّها المُؤمِنُونَ).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقَعُ لَهُ شَيءٌ مِنْ الْأَقْدَارِ الْمُؤْلِمَةِ، وَالْمَصَائِبِ الْمُوجِعَةِ ، الَّتِي تَكْرَهُهَا نَفْسُهُ، فَرُبَّما جَزِعَ أَوْ أَصَابَهُ الْحُزْنُ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقْدُورَ هُوَ الضَّرْبَةُ الْقَاضِيَةُ  وَالْفَاجِعَةُ الْمُهْلِكَةُ ، لِآمَالِهِ وَحَيَاتِهِ، فَإِذَا بِذَلِكَ الْمَقْدُورِ مِنْحَةٌ فِي ثَوْبِ مِحْنَةٍ، وَعَطِيَّةٌ فِي رِدَاءِ بَلِيَّةٍ، وَفَوَائِدٌ لِأَقْوَامٍ ظَنُّوهَا مَصَائِبَ، وَكَمْ أَتَى نَفْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ !
عَبْدُ اللَّهِ: كَمْ مِنْ أَمْرٍّ بَذَلْتَ فِيهِ الْجُهْدَ وَحَاوَلْتَ أَنْ تَنَالُهُ بِكَلِّ طَاقَتِكَ، وَلَكِنْ مَنَعَهُ اللَّهُ عَنكَ لِحكمةٍ مَا، فَأَصَابَكَ الْهَمُّ وَالْغَمُّ وَبَعْدَ فَتْرةٍ شَعَرْتَ أَنَّ هَذَا الْأَمَرَّ لَمْ يَكِنْ فِيهِ خَيْرٌ لَكَ، فَحَمِدْتَ اللَّهَ عَلَى صَرْفِهِ عَنكَ وَعَرَفْتَ أَنَّ الْخَيِّرَةَ فِيمَا اِخْتَارَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ فِيمَا اِخْتَرْتَهُ أَنْتَ.
وَلِهَذِهِ الْجُمْلَةِ قِصَّةٌ ذَكَرَهَا الْإمَامُ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهِي تَحْكِي عَنْ مَلِكٍ كَانَ لَهُ وَزِيرٌ صَالِحٌ يَرْضَى دَائِمًا بِقَضَاءِ اللَّهِ فَمَا كَانَ يَحْدُثُ أَمرٌ خَيِّرًا كَانَ أَوْ شَرًّا إلا وَحَمِدَ اللَّهَ وَرِضَا بِقَضَائِهِ قَائِلًا الْخِيرَةُ فِيمَا اِخْتَارَهُ اللَّهُ.
وذاتَ مَرَّةٍ كَانَ الْمَلِكُ يَأْكُلُ بَعْضًا مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَجَرَحَ إِصْبَعَهُ السِّكِّينُ، فَقَالَ الْوَزِيرُ الصَّالِحُ كَلِمَتَهُ الْمَعْهُودَةَ(الْخِيرَةُ فِيمَا اِخْتَارَهُ اللَّهُ)، فَغَضِبَ الْمَلِكُ كَثِيرًا لِهَذَا الْأَمْرِ، وَقَالَ أَيُّ خِيرَةٍ فِي مَكْرُوهٍ أَصَابَنِي فَقَدْ جَرَحَ السِّكِّينُ يَدِيَّ وَسَالَ مِنهَا الدَّمُ الْكَثِيرُ، وَأَمَرَ الْمَلِكُ بِأَنْ يُجَرِّدَ الْوَزِيرُ مِنْ مَنْصِبِهِ وَيَزْجَ بِهِ فِي السِّجْنِ عِقَابًا لَهُ عَلَى فِعْلَتِهِ، وَبَعْدَ أيَّامٍ قَلِيلَةٍ خَرَجَ الْمَلِكُ فِي رحلةِ صَيْدٍ وَأَنْسَاهُ الصَّيْدُ مُرُورَ الْوَقْتِ فَابْتَعَدَ كَثِيرًا عَنْ بَلَدِهِ، وَدَخْلَ فِي أَرْضٍ تَعْبَدُ النَّارَ فَلمَّا رَأوه أهْلُ الْقَرِيَّةِ أَمْسَكُوا بِهِ وَقَرَّرُوا تَقْدِيمَهُ كَقُرْبَانٍ لِآلِهَتِهِمْ، وَكَانَتْ هَذِهِ عَادَةً مُتَّبَعَةً عِنْدَهُمْ.
وَلَمَّا جَرَّدُوهُ مِنْ مَلَاَبِسِهِ حَتَّى يَقْذِفُونَهُ فِي النَّارِ، رَأَوْا الجرحَ الْغَائِرَ فِي إِصْبَعِهِ فَاِسْتَبْعَدُوهُ وَأَخْلَوا سَبِيلَهُ، لِأُنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقُرْبَانِ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مُعَاَفَىً لَيْسَ بِهِ شَائِبَةٌ، وَاِعْتَبَرُوا الْجُرْحَ فِي يَدِهِ عَيْبًا ونَقْصًا فِيهِ لِذَا تَرْكُوهُ، فَعَادَ إِلَى بَلَدِهِ وَتَذَكُّر كَلَامَ الْوَزِيرِ أَنَّ الْخِيرَةَ فِيمَا اِخْتَارَهُ اللَّهُ.
وَأَمَرَ بِأَنْ يُؤتى بِالْوَزِيرِ وَيُعَادَ إِلَى مَنْصِبِهِ وَلَمَّا رآه قَال لَقَدْ عَرَفْتُ الْخِيرَةَ فِيمَا حَدَثَ لِي، وَأَنَّ اللَّهَ اِخْتَارَ لِي مَا يُنَجِّيَنِي مِنَ الْمَوْتِ، أَمَّا أَنْتَ فَمَا هِي الْخِيرَةُ مِنْ دُخُولِكَ السِّجْنَ، فَقَالَ الْوَزِيرُ لَوْ لَمْ أَدْخَلْ السِّجْنَ لِكُنْتُ جِئْتُ مَعكَ فِي رحلةِ الصَّيْدِ وَكُنْتُ سَأُكُونُ أَنَا بَديلَكَ فِي النَّارِ.
فَأَنَا صَحِيحٌ مُعَاَفَىً، وَكَانُوا سَيَتَقَرَّبُونَ بِي لِأَلَهَتِهِمْ، وَأَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّى كُنْتُ فِي السِّجْنِ حِينهَا، فَقَدْ كَانَ سِجْنِي خِيرَةً اِخْتَارَهَا اللَّهُ لِحِمَايَتِي مِنَ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ تُوَضِّحُ مَدَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرِفْقِهِ بِعِبَادِهِ فَهُوَ دَائِمَاً يَخْتَارُ لَهُمْ الْخَيْرَ.
وَقولُ اللَّهِ أَبْلَغُ وَأَوْجَزُ وَأَعْجَزُ، وَأَبْهَى مَطَّلِعَا وَأَحْكَمُ مَقْطَعًا{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .
وَلَوْ قَلَّبْنَا قَصَصَ الْقُرْآنِ، وَصَفَحَاتِ التَّارِيخِ، أَوْ نَظَرْنَا فِي الْوَاقِعِ لَوَجَدْنَا مِنْ ذَلِكَ عِبَراً وَشوَاهِدَ كَثِيرَةً، لَعَلّنَا نَذَكِّرُ بِبَعْضٍ مِنهَا، عَسَى أَنْ يَكْونَ فِي ذَلِكَ سَلْوَةٌ لِكَلِّ مَحْزُونٍ، وَعَزَاءٌ لِكَلِّ مَهْمُومٍ واللَّهُ المُسْتَعَانُ ..
أَوَلَا: قِصَّةُ إِلْقَاءِ أُمِّ مُوسَى لِوَلَدِهِا فِي الْبَحْرِ ! فَأَنْتَ إذاَ تَأَمَّلْتَ وَجَدْتَ أَنّهُ لَا أَكْرَّهُ لِأُمِّ مُوسَى مِنْ وُقُوعِ اِبْنِهَا بِيَدِ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَعَ ذَلِكَ سَاقَ اللَّهُ مُوسى فِي التَّابُوتِ إِلَى قَصَرِ فِرْعَوْنَ لِيَتَرَبَّى بِينَ يَدِيِّهِ وَيَأْنَسَ إِلَيْهِ وَمِنْ مَأْمَنِهِ يُؤْتَى الْحَذِرُ !! وَقَدْ ظَهَرَتْ عوَاقبُهُ الْحَمِيدَةُ ، وَآثَارُهُ الطَّيِّبَةُ فِي مُسْتَقْبِلِ الْأيَّامِ وَصَدَقَ رَبُّنَا:{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
ثانيا: وَتَأَمَّلْ أيْضَاً فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيهِ الصَّلَاَةُ وَالسّلَامُ تَجِدُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُنطَبقةٌ تمَامَ الْاِنْطِبَاقِ عَلَى مَا جَرَى مِنْ فِرَاقِ يُوسفَ لِأَبِيهِ يَعْقُوبَ عَلَيهِمَا الصَّلَاَةُ وَالسّلَامُ وَاِنْتِقَالِهِ لِمِصْرَ عَبْدًا وَدُخُولِهِ السِّجْنَ مَظْلُومًا ثُمَّ صَارَ عَزِيزَ مِصْرَ وَالسَّيِّدَ فِي الْقَصَرِ وَالْحَاكِمَ فِي الْخَلْقِ.
ثالثا: وَتَأَمَّلْ أيْضَاً فِي قِصَّةِ الْغُلَاَمِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنّهُ عَلَّلَ قَتْلَهُ بِقَوْلِهِ:{ وَأَمَا الْغُلَاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنهُ زَكَاةً وَأقْرَبَ رُحْمًا} تَوَقَّفُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عِنْدهَا قَلِيلًا !
كَمْ مِنْ إِنْسَانٍ لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ بِالْوَلَدِ، فَضَاقَ ذَرْعَاً بِذَلِكَ وَاهْتَمَّ وَاغْتَمَّ وَصَارَ ضَيِّقَاً صَدْرُهُ وَهَذِهِ طَبِيعَةُ الْبَشَرِ لَكِنَّ الَّذِي لَا ينبغي أَنْ يَحْدُثَ هُوَ الْحُزْنُ الدَّائِمُ، وَالشُّعُورُ بِالْحِرْمَانِ الَّذِي يَقْضِي عَلَى بَقِيَّةِ مَشَارِيعِهِ فِي الْحَيَاةِ !
وَلِّيْتَ مِنْ حُرَمَ نِعْمَةَ الْوَلَدِ أَنْ يَتَأَمَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ لَا لِيَذْهَبَ حُزْنُهُ فَحَسْبُ، بَلْ لِيَطَمَئِنَ قَلْبُهُ، وَيَنْشَرِحَ صَدْرُهُ، وَيَرْتَاحَ خَاطِرُهُ ويَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رُبَّما صَرَفَ هَذِهِ النِّعْمَةَ رَحْمَةً بِهِ ! وَمَا يُدْرِيهِ ؟ لَعَلَّهُ إِذَا رُزِقَ بِوَلَدٍ صَارَ- هَذَا الْوَلَدُ- سَبَبَا فِي شَقَاءِ وَالِدْيهِ، وَتَعاسَتِهِمَا، وَتَنْغِيصِ عَيْشِهِمَا !
عِبَادَ اللهِ :وَفِي السُّنَةِ النَّبَوِيَّةِ نَجِدُ هَذَا فلَمَّا مَاتَ أَبُو سلمةَ زَوْجُ أُمِّ سلمةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمْ جَمِيعًا، تَقُولُ أُمُّ سلمةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« مَا مِنْ مُسْلِمِ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ : إنَّا للهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمِّ أَجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخْلُفْ لِي خَيْرَاً مِنهَا.
إلاَّ أَخَلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرَاً مِنهَا».
قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلمةَ ، قُلَّتُ : أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيرٌ مِنْ أَبَى سلمةَ ؟ فَهُمْ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ !!  ثُمَّ إِنّي قُلَّتُهَا فَأُخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ !
وَهَكَذَا الْمُؤْمِنَةُ .. يَجُبُّ عَلَيهَا أَنْ لَا تَخْتَصِرَ سَعَادَتَهَا، أَوْ تَحْصُرَهَا فِي بَابٍ وَاحِدٍ مِنْ أَبْوَابِ الْحَيَاةِ، نَعَم ، الْحُزْنُ الْعَارِضُ شَيْءٌ لَمْ يَسْلَمْ مِنهُ أحَدٌ وَلَا الْأنبيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ ! بَلْ الْمرَادُ أَنْ لَا نَحْصَرَ الْحَيَاةَ أَوْ السَّعَادَةَ فِي شَيءٍ وَاحِدٍ، أَوْ رَجُلٍ، أَوْ اِمْرَأَةٍ ، أَوْ شَيْخٍ  أو وَظِيفَةٍ أو غَيرِهَا !
وَفِي الْوَاقِعِ قِصَصٌ كَثِيرَةٌ جِدَا، أَذْكُرُ مِنهَا مَا ذَكَرَهُ الطَّنْطاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ: أُنَّ رَجُلَا قَدِمَ إِلَى الْمَطَارِ،وَكَانَ حَرِيصًا عَلَى رِحْلتِهِ، وَهُوَ مُجْهَدٌ بَعْضَ الشَّيْءِ، فَأَخَذَتْهُ نَوْمَةٌ تَرَتَبَ عَلَيهَا أَنْ أَقَلِعَتْ الطَّائِرَةُ، وَفِيهَا رُكَّابٌ كَثِيرُونَ يَزِيدُونَ عَلَى ثَلَاثِةِ مِئَةِ رَاكِباً ، فَلْمَّا أفَاقَ إِذَا بِالطَّائِرَةِ قَدْ أَقَلِعَتْ قَبْلَ قَلِيلٍ، وَفَاتَتْهُ الرِّحلةُ، فَضَاقَ صَدْرُهُ، وَنَدِمَ نَدَمَا شَدِيدًا وَلَمْ تَمِضْ سُوَيْعَةٌ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيهَا حَتَّى أُعْلِنَ عَنْ سُقُوطِ الطَّائِرَةِ وَاِحْتِرَاقِ مَنْ فِيهَا بِالْكَامِلِ !
وَالسُّؤَالُ أَخِي: أَلَمْ يَكُنْ فَوَاتُ الرِّحْلةِ خَيْرَاً لِهَذَا الرَّجُلِ ؟! وَلَكِنَّ أَيْنَ الْمُعْتَبَرُونَ والمُتَعِظُون ؟
الخطبة الثانية:
الحَمدُ للَّهِ وكَفى والصَّلاةُ والسَّلام ُعلى المُصطَفى :
عِبَادَ اللَّه: إِنَّ الْمُؤْمِنَ عَلَيهِ:
أَنْ يَسْعَى إِلَى الْخَيْرِ جُهْدَهُ    وَلَيْسَ عَلَيهِ أَنْ تَتِمَّ الْمَقَاصِدُ
وَأَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّه، وَيَبْذُلَ مَا يَسْتَطِيعُ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ، فَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ عَلَى خِلَاَفِ مَا يُحِبُّ،فَلَيَتَذَكَّرُ{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وَمِنْ أَلطَافِ اللَّه الْعَظِيمَةِ أَنّهُ لَمْ يَجْعَلْ حَيَاةَ النَّاسِ وَسَعَادَتَهُمْ مُرْتَبِطَةً اِرْتِبَاطَا تَامَّا إلا بِهِ سُبْحَانهُ وَتَعَالَى، وَبَقِيَّةُ الْأَشْيَاءِ يُمْكِنُ تَعْوِيضُهَا، أَوْ تَعْوِيضُ بَعْضِهَا:
مِنْ كُلِّ شَيْءٌ إِذَا ضَيْعَتَهُ عِوَضٌ    وَمَا مِنَ اللَّهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ
اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءةِ نقمتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ..
المشاهدات 6586 | التعليقات 0