خطبة مختصرة عن صلة الرحم

طلال شنيف الصبحي
1439/05/21 - 2018/02/07 00:11AM

الحث على صلة الرحم 23 / 5 / 1439ه

الحمد لله الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وأوجب صلة الأنساب وأعظم في ذلك الأجرا ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أمر بصلة الرحم وإن قطعت ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
عباد الله : اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أمرنا بصلة الرحم كما أمر من سبقنا من الأمم وهي من الميثاق الذي أخذ على بني إسرائيل قال عز وجل {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ولما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلع رسالته ماذا يأمركم به ؟ قال: يقول: أعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباءكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. ولقد قرن الله الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك والإحسان إلى الوالدين والأقربين فقال عز وجل {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى} فصلة الأرحام حق لكل من يمت إليك بصلة نسب أو قرابة وكلما كان أقرب كان حقه ألزم وأوجب، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية وأحقهم بالعناية وأجدرهم بالإكرام والحماية ،وأساس التواصل هو التواد والتراحم وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال قال عز وجل {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}ويقول النبي صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) صلة الرحم محبة في الأهل ومثراة في المال ومنسأة في الأثر وبركة في الرزق وتوفيق في الحياة وعمار للديار، يكتب الله بها العزة وتمتلئ بها القلوب إجلالا وهيبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أجله ،فليصل رحمه ) أفضل النفقة: النفقة على الأقارب قال سبحانه {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين} ولقد جعل الله لذي القربى حق في الأعناق يوفى بالإنفاق {وآت ذا القربى حقه}
بصلتهم تقوى المودة وتزيد المحبة وتتوثق عرى القرابة وتزول العداوة و الشحناء. صلة الرحم والإحسان إلى الأقربين ذات مجالات واسعة ودروب شتى فمن بشاشة عند اللقاء ولين في المعاملة إلى طيب في القول وطلاقة في الوجه زيارات وصلات وتفقد وهبات, صلة الرحم أمارة على كرم النفس وحسن الوفاء سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم) فضائل عديدة وعوائد عظيمة عباد الله: ومع كل تلك الآيات والأحاديث فإن في الناس من تموت عواطفه ويغفل عن الرشد فؤاده، فلا يلتفت إلى أهل ولا يسأل عن قريب، إن أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم ، ومع هذا ترى من يسارع إلى قطع الرحم لنزاع في وصية أو على شبر من الأرض أو خلاف على أبناء أو لكلمة تفوه بها قريبه لو نطق بها عدوه لما عاتبه عليها ، إن ذوي الرحم ليسوا معصومين يتعرضون للزلل وينطقون بالخطأ وتصدر منهم الهفوة ويقعون في الزلة فإن بدر منهم شيء من ذلك فألزم جانب العفو معهم فإن العفو من شيم المحسنين وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وقابل إساءتهم بالإحسان واقبل عذرهم إذا أخطأوا ، لقد فعل إخوة يوسف مع يوسف ما فعلوا وعند ما اعتذروا قبل عذرهم وصفح عنهم الصفح الجميل ولم يوبخهم بل دعا لهم وسأل الله المغفرة لهم قال عز وجل عنه {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}غض عن الهفوات وعفو عن الزلات وإقالة للعثرات ود وإخاء لين وصفاء شهامة ووفاء، مداومة على صلة الرحم ولو قطعوا، ومبادرة بالمغفرة وإن أخطأو، وإحسان إليهم وإن أساءوا، إن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافئة ومجازاة ولكن الواصل من يتفضل على صاحبه ولو أساء إليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ) وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك ) إن الصفح عنهم ونسيان معايبهم وإن لم يعتذروا من كرم النفس وعلو الهمة. فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم وقدموا لهم الخير ولو جفوا، وصلوهم وإن قطعوا، يدم الله عليكم بركاته ويبسط لكم في أرزاقكم ويبارك لكم في أعمالكم وأعماركم {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
عباد الله: معاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيه خاسر، والمنتصر مهزوم، وذات البين إذا لم تُصلَح ويبادر إلى إصلاحها فشرها يستطير وبنار بلاءها يكتوي الجميع, وإن من الكبائر أن يقطع المرء رحمه ولا يصل قرابته، لقد قرن الله ذلك بالإفساد في الأرض فقال {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم(22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} فالصفات المذمومة تتوالى على قاطع الأرحام وهاجر الأقارب تارة من الفاسقين وتارة من الخاسرين إذا كانوا كما وصفهم الله بقوله {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين(26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون}
قطيعة الرحم ذنب عظيم تفصم الروابط وتبعث على التناحر وتشيع البغضاء والشأناء مزيلة للألفة والمودة مؤذنة بزوال النعمة وسوء العاقبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم
عقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم
. فإذا كان هذا الوعيد الشديد بين من كانت بينه وبين أخيه المسلم شحناء وبغضاء فكيف بمن كان بينه وبين قرابته وذوي رحمه قطيعة فالأمر أشد وأنكى. قاطع الرحم يشعر بقطيعة الله له مهما صادف من مظاهر التبجيل ، بالقطيعة تتفكك العرى وتنحل الروابط, وكان ابن مسعود رضي الله عنه جالسا في حلقة بعد الصبح فقال: أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعوا ربنا وإن أبواب السماء مرتجة أي مغلقة دون قاطع رحم .
عباد الله : إن لحسن الخلق تأثيرا في الصلة وله أثر عظيم فيها فتعاهد أقاربك، أكرم كريمهم، وعد سقيمهم ،ويسر على معسرهم، ولا يكن أهلك وإخوانك وأقاربك أشقى الخلق بك، فاتقوا الله عباد الله وصلوا أرحامكم فحق القريب رحم موصولة، وحسنات مبذولة، وهفوات محمولة، وأعذار مقبولة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : يأيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام وصِلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام )
عباد الله : {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}

المشاهدات 28731 | التعليقات 1

المرفق هنا

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/295786/attachment/%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b5%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%ad%d9%85-%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84

https://khutabaa.com/forums/رد/295786/attachment/%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b5%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%ad%d9%85-%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84