خطبة : ( وما تناكر منها اختلف )

عبدالله البصري
1439/03/05 - 2017/11/23 20:20PM
وما تناكر منها اختلف       6 / 3 / 1439
 
 
 
الخطبة الأولى :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الإِنسَانُ اجتِمَاعِيٌّ بِطَبعِهِ ، مَيَّالٌ إِلى بَني جِنسِهِ بِفِطرَتِهِ ، وَالأَروَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، مَا تَعَارَفَ مِنهَا ائتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنهَا اختَلَفَ . وَقَد بَنَى الإِسلامُ العِلاقَةَ بَينَ المُسلِمِينَ عَلَى الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ وَالمَحَبَّةِ في اللهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ قَامَ مُجتَمَعُ المُؤمِنِينَ مُنذُ صَدرِ الإِسلامِ ، وَمَا زَالَ المُسلِمُونَ عَلَى مَرِّ العُصُورِ يَتَحَابُّونَ في اللهِ ، وَيَرعَونَ حُقُوقَ الأُخُوَّةِ وَيَحفَظُونَ عُهُودَهَا ، وَيَتَوَاصَونَ بِالحَقِّ وَيَتَنَاصَحُونَ ، وَيَصبِرُ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ وَيَتَحَمَّلُ كُلٌّ مِنهُمُ الآخَرَ ، حَتَّى جَاءَت هَذِهِ السَّنَوَاتُ المُتَأَخِّرَةُ ، الَّتِي تَعَلَّقَ النَّاسُ فِيهَا بِالدُّنيَا تَعَلُّقًا شَدِيدًا ، وَأَحَبُّوهَا حَبًّا ضَعُفَت مَعَهُ الرَّوَابِطُ وَالعِلاقَاتُ ضَعفًا بَيِّنًا ، حَتَّى غَدَت هَزِيلَةً وَاهِيَةً ، تُمَزِّقُهَا الأَهوَاءُ المُختَلِفَةُ ، وَيَخرِقُهَا ذَهَابُ المَصَالِحِ القَلِيلَةِ ، وَلا تَتَجَاذَبُ فِيهَا القُلُوبُ إِن تَجَاذَبَت إِلاَّ لِغَايَاتٍ دُنيَوِيَّةٍ أَو شَهَوَاتٍ شَيطَانِيَّةٍ . وَايمُ اللهِ إِنَّ ذَلِكَ لَنَتِيجَةٌ مِن نَتَائِجِ ضَعفِ الإِيمَانِ وَثَمَرَةٌ مِن ثَمَرَاتِ قَسوَةِ القُلُوبِ ، وَإِلاَّ فَلَو صَحَّ إِيمَانُ عَبدٍ وَطَهُرَ قَلبُهُ وَزَكَت نَفسُهُ ، لَكَانَ أَن يَفقِدَ كَثِيرًا مِن مَكَاسِبِ دُنيَاهُ وَيَتَنَازَلَ عَمَّا يُحِبُّهُ مِنهَا أَهوَنَ عِندَهُ مِن أَن يَفقِدَ أَخًا لَهُ أَو يَقطَعَ عِلاقَتَهُ بِهِ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ : أَن يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لا يُحِبُّهُ إِلا للهِ ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ في الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ في النَّارِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . أَجَلْ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ لَتَدَهوُرٌ في الإِيمَانِ كَبِيرٌ أَن يَستَعجِلَ امرؤٌ فَيَهجُرَ أَخَاهُ المُسلِمَ لأَتفَهِ سَبَبٍ ، غَيرَ مُبَالٍ بِقَولِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – كَمَا في الصَّحِيحَينِ : " لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثٍ " كَيفَ إِذَا كَانَ هَذَا الهَجرُ لَيسَ في ذَاتِ اللهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِهَوًى في النَّفسِ ، أَو لاختِلافٍ في وُجُهَاتِ النَّظَرِ ، أَو لخِلافٍ في الرَّأيِ حَولَ قَضيِةٍ مَا ، أَو لِتَقصِيرِ أَخِيهِ في أَمرٍ دُنيَوِيٍّ ، أَوِ امتِنَاعِهِ عَن مُسَاعَدَتِهِ لِعَدَمِ قُدرَتِهِ ، فَيَفسُدُ الوُدُّ ، وَيَتَمَزَّقُ ثَوبُ الإِخَاءُ ، وَتَنقَطِعُ العِلاقَةُ ، وَتَتَّسِعُ الفَجوَةُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ نَتِيجَةٌ لِضَعفٍ في الإِيمَانِ وَقَسوَةٍ في القُلُوبِ وَرُكُونٍ شَدِيدٍ إِلى الدُّنيَا ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ لَو قَوِيَ الإِيمَانُ في القُلُوبِ لارتَفَعَت فَوقَ مُستَوَى الخِلافَاتِ في الآرَاءِ ، وَلَحَلَّقَت بَعِيدًا عَنِ الغَضَبِ لأَجلِ الدُّنيَا .
وَمِن أَسبَابِ تَنَافُرِ القُلُوبِ وَفَسَادِ الوُدِّ الَّتِي بَرَزَت في عَصرِنَا ، سُوءُ الظَّنِّ ، حَيثُ يَأتي الشَّيطَانُ فَيُسَوِّلُ لِشَخصٍ ظُنُونًا فَاسِدَةً ، وَيُقَلِّبُهَا في ذِهنِهِ يَمِينًا وَشِمَالاً ، وَيُكَبِّرُهَا في عَينِهِ ، وَيُوهِمُهَ أَنَّ فُلانًا مَا قَصَدَ بِتَصَرُّفِهِ إِلاَّ كَذَا وَكَذَا وَكَيتَ وَكَيتَ ، وَلا يَزَالُ يُبحِرُ بِهِ في التَّفسِيرَاتِ السَّيِّئَةِ ، وَيُورِدُها عَلَى بَالِهِ وَيُقنِعُهُ بِهَا ، حَتَّى يَعزُبَ عَنهُ الظَّنُّ الحَسَنِ ، وَيُجَانِبَ التَّفسِيرَ الَّذِي قَد يَكُونُ هُوَ الصَّحِيحَ أَوِ القَرِيبَ مِنَ الوَاقِعِ  ، وَلِذَلِكَ نَبَّهَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - المُؤمِنِينَ إِلى اجتِنَابِ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ فَقَالَ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ "
وَمِن أَسبَابِ تَنَافُرِ القُلُوبِ في زَمَانِنَا ، وَالَّتِي مَبعَثُهَا الجَاهِلِيَّةُ المَقِيتَةُ ، وَالتَّعَلُّقُ الشَّدِيدُ بِالدُّنيَا ، أَن يَكرَهَ الشَّخصُ أَخَاهُ المُسلِمَ وَيَنفِرَ مِنهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِن طَبَقَةٍ دُونَ طَبَقَتِهِ اجتِمَاعِيًّا ، أَو دُونَهُ في نَسَبٍ أَو حَسَبٍ أَو جَاهٍ ، أَو أَقَلُّ مِنهُ مَالاً وَعَشِيرَةً ، أَو تَحتَهُ في دَرَجَةٍ وَظِيفِيَّةٍ ، أَو أَضعَفُ مِنهُ في مُستَوًى دِرَاسِيِّ أَو ثَقَافِيٍّ ، أَجَلْ – أَيُّهَا الإِخوَةُ – لَقَد أَضحَى كَثِيرُونَ لا يُقِيمُونَ لِلأُخُوَّةِ الإِسلامِيَّةِ وَزنًا ، وَلا يَبنُونَ عَلَى أَسَاسِ الإِيمَانِ عِلاقَةً ، وَإِنَّمَا هُم يَتَقَارَبُونَ بِنَاءً عَلَى طَبَقِيَّةٍ اجتِمَاعِيَّةٍ ، أَو رَوَابِطَ قَبَلِيَّةٍ ، أَو عِلاقَاتٍ مَادِّيَّةٍ ، ، أَو لِتَقَارُبٍ في غِنًى وَثَرَاءٍ ، أَو اشتِرَاكٍ في مِهنَةٍ أَو صَنعَةٍ أَو بَيعٍ وَشِرَاءٍ ، وَتَرَى أَحَدَهُم لِذَلِكَ يَجِدُ في نَفسِهِ حَرَجًا أَو يَعُدُّهُ نَقصًا في حَقِّهِ ، أَن يُمَاشِيَ مَن هُوَ أَقَلُّ مِنهُ أَو يُجَالِسَ الضَّعِيفَ ، وَيَرَاهُ لِزَامًا عَلَيهِ أَن يُصَاحِبَ أَشخَاصًا مُتَفَوِّقِينَ أَو كُبَرَاءَ أَو أَغنِيَاءَ أَو أَقوِيَاءَ ، وَهَذَا – لَعَمرُ اللهِ - خِلافُ مَا كَانَ عَلَيهِ مُجتَمَعُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – وَصَحبِهِ ، بَل وَخِلافُ أَمرِهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَخُلُقِهِ ، فَقَد تآخَى في مُجتَمَعِهِ العَظِيمِ أَثرَى النَّاسِ وَأَفقَرُهُم ، وَاجتَمَعَ في مَجلِسِهِ أَشرَفُ أَصحَابِهِ وَأَدنَاهُم نَسَبًا ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " اُبغُونِي ضُعَفَاءَكُم ؛ فَإِنَّكم إِنَّمَا تُنصَرُونَ وَتُرزَقُونَ بِضُعَفَائِكُم " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : أَوصَاني خَلِيلِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِخِصَالٍ مِنَ الخَيرِ ، أَوصَاني أَلاَّ أَنظُرَ إِلى مَن هُوَ فَوقِي وَأَنظُرَ إِلى مَن هُوَ دُوني ، وَأَوصَاني بِحُبِّ المَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنهُم ، وَأَوصَاني أَن أَصِلَ رَحِمِي وَإِن أَدبَرَت " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " اللَّهُمَّ أَحَيِنِي مِسكِينًا وَتَوَفَّنِي مِسكِينًا ، وَاحشُرنِي في زُمرَةِ المَسَاكِينِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَمِن أَسبَابِ تَنَافُرِ القُلُوبِ حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَالرَّغبَةُ الشَّدِيدَةُ في التَّزَعُّمِ ، وَهِيَ شَهوَةٌ يُبلَى بِهَا مَن يُطلِقُ لِنَفسِهِ العِنَانَ وَيَشغَلُ فِكرَهُ بِشَهَوَاتِ الدُّنيَا ، وَيَمُدُّ عَينَيهِ إِلى مَا مُتِّعَ بِهِ المُترَفُونَ وَاغتَرَّ بِهِ الجَاهِلُونَ مِن زَهرَتِهَا الفَانِيَةِ . وَقَد استَخَفَّ الكِبرُ في زَمَانِنَا أُنَاسًا مِمَّن قَلَّ بِاللهِ عِلمُهُم ، فَصَارَ أَحَدُهُم يُرِيدُ أَن تَكُونَ لَهُ القِيَادَةُ وَالرِّيَادَةُ ، وَيُحِبُّ أَن يُمسِكَ بِيَدِهِ زِمَامَ المَسؤُولِيَّاتِ وَلَو كَثُرَت وَكَبُرَت . وَعِندَمَا يَجتَمِعُ اثنَانِ مِمَّن يُحِبُّونَ الزَّعَامَةَ ، وَيُرِيدُ كَلٌّ مِنهُمَا أَن تَكُونَ لَهُ الكَلِمَةُ وَالغَلَبَةُ ، فَإِنَّهُ يَحدُثُ التَّنَافُرُ بَينَهُمَا إِذْ ذَاكَ ، وَيَحتَدِمُ الصِّرَاعُ وَيَطُولُ الخِصَامُ ، وَتَمتَلِئُ القُلُوبُ ضَغِينَةً وَبَغضَاءَ وَشَحنَاءَ ، وَيَحمِلانِ مِنَ الحِقدِ عَلَى بَعضِهِمَا قَدرًا كَبِيرًا ، حَتَّى يَهدِيَ اللهُ أَحَدَهُمَا أَو يُوَفِّقَهُمَا جَمِيعًا ، فَيَعُودَا إِلى رُشدِهِمَا وَيُبصِرَا طَرِيقَهُمَا .
وَمِن أَسبَابِ تَنَافُرِ القُلُوبِ وَتَنَاكُرِهَا الذُّنُوبُ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثنَانِ فَيُفَرَّقُ بَينَهُمَا إِلاَّ بِذَنبٍ يُحدِثُهُ أَحَدُهُمَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَمِن أَخبَثِ أَسبَابِ تَنَافُرِ القُلُوبِ عَلَى سُهُولَةِ وَقُوعِهِ بَلْ عَجَلَةِ الشَّيطَانِ عَلَى إِيقَاعِهِ بَينَ النَّاسِ وَأَزِّهِم إِلَيهِ أَزًّا ، الكَلِمَةُ السَّيِّئَةُ ، وَالغِلظَةُ في القَولِ ، وَسَلاطَةُ اللِّسَانِ وَقُبحُ الكَلامِ ، قَالَ – تَعَالى - : " وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن نَبنِيَ عِلاقَاتِنَا عَلَى المَصَالِحِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ ، وَلْنَحرِصْ عَلَى أَن نُؤَسِّسَهَا عَلَى الإِيمَانِ وَالتَّآخِي في اللهِ ، وَالعَمَلِ الصَّالِحِ وَالتَّنَاصُحِ ، وَالتَّوَاصِي عَلَى الحَقِّ وَالصَّبرِ ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى ، وَلْنَحذَرِ التَّمَادِيَ مَعَ الخِلافَاتِ أيًّا كَانَ سَبَبَهَا ، وَالاستِسلامَ لِلشَّيطَانِ لإِيقَاعِنَا في القَطِيعَةِ وَالهِجرَانِ ، فَإِنَّهَا مِن أَسبَابِ الفَشلِ وَالضَّعفِ ، قَالَ – تعالى - : " وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
 
 
 
الخطبة الثانية :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ وَإِن كَانَ تَنَافُرُ القُلُوبِ خَطِيرًا وَلَهُ آثَارٌ سَيِّئَةٌ عَلَى الأَفرَادِ وَالمُجتَمَعَاتِ ، فَإِنَّ تَجَاذُبَهَا وَالتِقَاءَهَا لأَجلِ حُطَامِ الدُّنيَا الفَاني ، وَرَغبَةً في شَهَوَاتِهَا وَطَلَبًا لمَنَافِعِهِا القَلِيلَةِ ، لا يَقِلُّ في خَطَرِهِ عَن ذَاكَ التَّنَافُرِ ، ذَلِكُم أَنَّهُ مَا اجتَمَعَ قَومٌ عَلَى مَصلَحَةٍ دُنيَوِيَّةٍ مَادِّيَّةٍ ، أَو لِمَنَافِعَ مُتَبَادَلَةٍ ، أَو رَجَاءَ قَضَاءِ حَاجَاتٍ في المُستَقبَلِ ، أَو لِمُجَرَّدِ تَشَابُهٍ في الظَّاهِرِ أَو تَقَارُبٍ في الاهتِمَامَاتِ ، أَو لِتَعَلُّقٍ وَإِعجَابٍ وَشَهوَةٍ ، إِلاَّ انقَطَعَت عِلاقَاتُهُم يَومًا مَا بِانقِطَاعِ سَبَبِهَا وَمُوجِبِهَا ، فَكَيفَ إِذَا كَانَت العِلاقَةُ عَلَى مَعَاصٍ وَمُحَرَّمَاتٍ وَمُنكَرَاتٍ ؟! إِنَّ هَذَا النَّوعَ مِنَ العِلاقَاتِ يُعَدُّ أَسوَأَهَا عَاقِبَةً وَشَرَّهَا مآلاً ، إِذ إِنَّهُ يَنقَلِبُ يَومَ القِيَامَةِ إِلى عَدَاوَةٍ وَخِصَامٍ وَتَلاحٍ وَتَلاوُمٍ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " الأَخِلاَّءُ يَومَئِذٍ بَعضُهُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المُتَّقِينَ "
المرفقات

تناكر-منها-اختلف

تناكر-منها-اختلف

تناكر-منها-اختلف-2

تناكر-منها-اختلف-2

المشاهدات 2103 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا