أهمية الصلاة

طلال شنيف الصبحي
1439/01/21 - 2017/10/11 20:38PM

أهمية الصلاة  16 / 1 / 1439ه

الحمد لله الذي أكرم قلوب المتقين بالإخبات إليه، وشرف وجوه العابدين بالسجود بين يديه، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خيرُ من صلى وصام ، وزكى وقام ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )

عبادَ الله، اعلموا أن الله جل وعلا خلقنا لعبادته، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ وإن من أعظم العبادات عند الله وأرفعها شأنا وأجلّها قدرا إقامة الصلاة، فالصلاة ركنُ الدين وفريضة الله على المسلمين ومعراجُ المؤمنين المتّقين، وهي الصلة بين العبد وبين ربه، وهي أفضل أعمال الإسلام، فلا دينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلام لمَن ترك الصّلاة, هي ثانيةَ أركان الإسلام ودعائمه العظام. هي بعد الشهادتين آكَدُ مفروض وأعظم معرُوض وأجلُّ طاعةٍ وأرجى بضاعة، من حفِظها حفِظ دينَه، ومن أضاعها فهو لما سواها أضيَع، هي عمودُ الدّيانة ورأسُ الأمانة، يقول النبيّ : ((رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة)) جعلها الله قرّةً للعيون ومفزعًا للمحزون، فكان رسول الهدى r إذا حزَبه أمرٌ فزع إلى الصلاة، ويقول عليه الصلاة والسلام ((وجُعِلت قرّةُ عيني في الصلاة))، وكان ينادي: ((يا بلال، أرِحنا بالصلاة)) فكانت سرورَه وهناءَةَ قلبه وسعادةَ فؤادِه، بأبي هو وأمّي صلوات الله وسلامه عليه. هي أحسنُ ما قصده المرءُ في كلّ مهِمّ، وأولى ما قام به عند كلِّ خطبٍ مدلهِمّ، خضوعٌ وخشوع، وافتقار واضطرار، ودعاءٌ وثناء، وتحميد وتمجيد، وتذلُّل لله العليِّ الحميد، يقول r: ((إنَّ أحدَكم إذا كان في الصلاة فإنّه يناجي ربّه)) متفق عليه ,

عباد الله، الصلاةُ هي سرُّ النجاح وأصلُ الفلاح وأوّلُ ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة من عمله، فإن صلَحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر. المحافظةُ عليها عنوان الصِدق والإيمان، والتهاون بها علامةُ الخذلان والخُسران. طريقُها معلوم، وسبيلُها مرسوم، من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافِظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة، وكان يومَ القيامة مع قارون وفرعونَ وهامان وأبيِّ بن خلف. من حافظ على هذه الصلواتِ الخمس ركوعهِنّ وسجودهن ومواقيتِهن وعلم أنهنّ حقٌّ من عند الله وجبت له الجنة.نفحاتٌ ورحمات، وهِبات وبركات، بها تَكفَّر السيئات وترفَع الدرجات وتضاعَف الحسنات، يقول r: ((أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمسَ مرّات، هل يبقى من درنه شيء؟!)) قالوا: لا يبقى من درنه، قال: ((فذلك مَثَل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهنّ الخطايا)) متفق عليه, عبادةٌ تشرِق بالأملِ في لُجّة الظلُمات، وتنقذ المتردّي في دَرب الضلالات، وتأخذ بيد البائِس إلى طريق النجاة والحياة، (وَأَقِمِ الصلاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ ذالِكَ ذِكْرَى لِلذكِرِينَ)

عباد الله، إنّ ممّا يندَى له الجبين ويحز في النفس تهاون  كثيرٍ من المسلمين في أمر الصلاة وتضييعهم لها، فمنهم التاركُ لها بالكلّيّة، ومنهم من يصلّي بعضًا ويترك البقيّة. لقد خفّ في هذا الزمانِ ميزانها وعظُم هُجرانها وقلّ أهلُها وكثُر مهمِلُها، يقول الزهري رحمه الله تعالى: دخلتُ على أنس بن مالك t بدمشقَ وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرفُ شيئًا مما أدركتُ على عهدِ رسول الله إلاّ هذه الصلاة، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعت. أخرجه البخاري ,وإنَّ من أكبر الكبائر وأبين الجرائر تركَ الصلاة تعمُّدًا وإخراجَها عن وقتها كسَلاً وتهاوُنًا، يقول النبي r:((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقَد كفر))، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل والكفر ـ أو الشرك ـ تركُ الصلاة)) أخرجه مسلم. وإنّ فوتَ صلاةٍ من الصلوات كمصيبةِ سلب الأموال والضّيعات وفَقد الزوجة والبنين والبنات. قال r ((من فاتته صلاة الغصر فكأنما وُتر أهله وماله)) ويقول عليه الصلاة والسلام محذِّرًا ومنذِرًا: ((لا تتركنَّ صلاةً متعمِّدًا، فمن فعل ذلك فقد برئت منه ذمّة الله وذمّةُ رسوله)) أخرجه الطبراني، ويقول عبد الله بن شقيق رحمه الله تعالى: كان أصحابُ رسول الله لا يرونَ شيئًا من الأعمال تركُه كفر غير الصلاة. أخرجه الترمذي ,

عباد الله، إنّ التفريطَ في أمر الصلاة من أعظم أسبابِ البلاء والشقاء،ضَنكٌ دنيويّ وعذاب برزخي وعِقاب أخرويّ، (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا)،ويقول النبيّ r في حديثِ الرؤيا: (إنّه أتاني الليلة آتيان،وإنهما ابتعثاني،وإنهما قالا لي:انطلِق،وإني انطلقتُ معهما،وإنا أتينا على رجلٍ مضطجِع،وإذَا آخرُ قائم عليه بصخرة،وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه،فيثلغ رأسه ـ أي: يشدقه ـ،فيتدهدَه الحجر ها هنا،فيتبع الحجَر فيأخذه،فلا يرجع إليه حتى يصحّ رأسُه كما كان،ثم يعود عليه فيفعل به مثلما فعل المرّةَ الأولى)،قال:قلت لهما: سبحان الله،ما هاذان؟ فقالا ـ في آخر الحديث إخبارًا لرسول الله r عمّا رأى ـ:أمّا الرجل الذي أتيتَ عليه يُثلغ رأسه بالحجر فإنّه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه،وينام عن الصلاة المكتوبة) أخرجه البخاري ,

فيا عبد الله، كيفَ تهون عليك صلاتُك وهي رأسُ مالك وبها يصحّ إيمانك؟!كيف تهون عليك وأنت تقرأ الوعيدَ الشديدَ في قول الله جل وعلا: (فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)!كيف تتّصف بصفةٍ من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم:(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاءونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) بارك الله لي ولكم

الخطبة الثانية:
عباد الله، إن الصلاةَ عبادةٌ عُظمى، لا تسقُط عن مكلَّف بحال، ولو في حال الفزع والقتال، ولو في حال المرض والإعياء، ما عدا الحائض والنفساء، يقول تبارك وتعالى: (حَافِظُواْ عَلَى الصلواتِ والصلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) أقيموا الصلاةَ لوقتِها، وأسبغوا لها وضوءَها، وأتمّوا لها قيامها وخشوعَها وركوعَها وسجودها، تنالوا ثمرتَها وبركتها وقوّتها وراحتها.

المشاهدات 1012 | التعليقات 1

عذراً 

هنا المرفق للخطبة

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/283898/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%a9-19

https://khutabaa.com/forums/رد/283898/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%a9-19