صنائع المعروف تقي مصارع السوء
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
1438/06/29 - 2017/03/28 15:14PM
صنائع المعروف تقي مصارع السوء
3/7/1438
الْحَمْدُ لِهَِِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَتَحَ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لِلْعَامِلِينَ، وَنَوَّعَ سُبُلَ الطَّاعَاتِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَشَرَعَ النَّوَافِلَ لِلْمُسَابِقِينَ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ، يُمْهِلُ الْعَاصِينَ، وَيُثِيبُ الطَّائِعِينَ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ: «مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً» وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ فَدَلَّهُمْ عَلَى مَوَارِدِ الْإِحْسَانِ لِيَرِدُوهَا، وَعَلَى صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ لِيَصْطَنِعُوهَا، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ أَبْوَابِ الشَّرِّ لِيَجْتَنِبُوهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ الدِّينَ بَيْنَ عِبَادِهِ كَمَا قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْحِسْبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَالنَّجْدَةِ وَالْإِغَاثَةِ. وَمَنْ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنَ الْخَيْرِ فَلْيَلْزَمْهُ، وَلْيَشْكُرِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِالْحِرْمَانِ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَعِيشُ حَيَاتَهُ مُقْتَصِدًا فِي الْخَيْرِ، مُسْرِفًا فِي الْإِثْمِ وَالشَّرِّ ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ [النَّجْمِ: 39 - 41].
أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ مَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَيَدْفَعُ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مَا يَعْلَمُهُ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ: بَذْلُ الْمَعْرُوفِ لِلنَّاسِ، وَمَحَبَّةُ الْخَيْرِ لَهُمْ، وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا نِتَاجَ قَلْبٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ يُحِبُّ الْخَيْرَ لِلْغَيْرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ أَصْحَابَ الْقُلُوبِ السَّلِيمَةِ، الرُّحَمَاءَ لِخَلْقِهِ «وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»، ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56]، ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الْحَجِّ:77].
وَاصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَبَذْلِ الْإِحْسَانِ لِلْخَلْقِ، وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ رَحْمَةِ الْغَيْرِ؛ وَلِذَا كَانَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ صَدَقَةً كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالْمَعْرُوفُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَجْمَعُ بَذْلَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانَ لِلنَّاسِ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ، كَبُرَ الْمَعْرُوفُ أَوْ صَغُرَ، كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَتْرُكَ بَذْلَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانَ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7]؛ فَمِنْ مَعْرُوفِ الْقَوْلِ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَالتَّوَدُّدُ بِجَمِيلِ اللَّفْظِ. وَهَذَا يَبْعَثُ عَلَيْهِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرِقَّةُ الطَّبْعِ. وَمِنْ مَعْرُوفِ الْفِعْلِ: بَذْلُ الْجَاهِ، وَالْإِسْعَادُ بِالنَّفْسِ، وَالْمَعُونَةُ فِي النَّائِبَةِ. وَهَذَا يَبْعَثُ عَلَيْهِ حُبُّ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لِلنَّاسِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ ضَرْبُ أَمْثِلَةٍ عَلَى ذَلِكُمُ الْمَعْرُوفِ الْمَبْذُولِ، وَهِيَ أَمْثِلَةٌ قَدْ يَسْتَقِلُّهَا النَّاسُ وَلَا يَأْبَهُونَ بِهَا، لَكِنَّهَا مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ...» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «تُعِينُ ضَايِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ».
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ بَذْلًا لِلْمَعْرُوفِ كَانَ أَكْثَرَ جَنْيًا لِثَمَرَاتِهِ، وَتَحْصِيلًا لِآثَارِهِ الَّتِي جَمَعَتْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ:
فَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: اسْتِدَامَةُ النِّعَمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ وَفِي عِبَادِهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ قَوْمًا يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَتَبَرَّمَ، فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ» فَأَقْوَى مَا تُحْفَظُ بِهِ نِعَمُ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْقُوَّةِ شُكْرُ الْمُنْعِمِ عَلَيْهَا، بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ بِهَا، وَبَذْلِهَا لِمَنْ يَحْتَاجُهَا. هَذَا عَدَا مَا يَنَالُهُ مِنْ دُعَاءِ مَنْ بَذَلَ لَهُمْ مَعْرُوفَهُ، وَصَنَعَ فِيهِمْ صَنِيعَتَهُ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: رَدُّ سُوءِ الْمَقَادِيرِ فِي النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْمَالِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ...» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: تَفْرِيجُ كُرَبِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَكُلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ يَجْمَعُهُ اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: مَحَبَّةُ النَّاسِ وَدُعَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ يَتَمَنَّى لَهَا الْخَيْرَ، وَيَصْنَعُ لَهَا الْمَعْرُوفَ، وَيَبْذُلُ لَهَا مَالَهُ وَجَاهَهُ وَوَقْتَهُ وَنَفْسَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ سُوءٌ إِلَّا أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ».
فَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَنْشُرُ الْمَوَدَّةَ وَالسُّرُورَ، وَتُقَرِّبُ الْقُلُوبَ، وَتُزِيلُ شَحْنَاءَ النُّفُوسِ، فَلَا يَتَقَاعَسُ عَنْهَا إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَحْرُومٌ.
جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الْمَعْرُوفِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِنَفْعِ النَّاسِ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِهََِم حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ، وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَإِسْعَافُ الْمَكْرُوبِ؛ وَبَذْلُ الْخَيْرِ، وَالسَّعْيُ فِي حَاجَةِ الْمُحْتَاجِ؛ كَانَ فِعْلَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا، وَدَعَوْا إِلَيْهَا.
وَقَدْ أَغَاثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي اسْتَغَاثَهُ، وَسَقَى لِلْفَتَاتَيْنِ لَمَّا عَجَزَتَا عَنِ السُّقْيَا لِوُجُودِ الرِّجَالِ.
وَلَمَّا تَكَلَّمَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَهْدِ قَالَ: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [مَرْيَمَ: 30- 31].
قَالَ مُجَاهِدٌ: «أَيْ: نَفَّاعًا لِلنَّاسِ أَيْنَمَا كُنْتُ» وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ بَذَلَ لِلنَّاسِ مَنْفَعَةً دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً فَهُوَ مُبَارَكٌ، وَهَذَا هُوَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ.
وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ حَتَّى حَطَمُوهُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَأَنَّهُمْ بِمَا حَمَّلُوهُ مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا مَحْطُومًا.
وَخَطَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «إِنَّا وَاللَّهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَسَارَ سَلَفُ الْأُمَّةِ عَلَى الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ فِي بَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَنَفْعِ النَّاسِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَاللَّهِ لَأَنْ أَقْضِيَ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ حَاجَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ».
وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَيُّ الدُّنْيَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ».
فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْذُلَ الْمَعْرُوفَ لِمَنْ يَعْرِفُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا دَأْبَهُ، وَلَا يَحْتَقِرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَرُبَّمَا دَرَأَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْعَبْدِ كَرِيهَاتِ الْقَدَرِ بِمَعْرُوفٍ بَذَلَهُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ رَدَّ أَمْرًا عَظِيمًا عَنْهُ.
هَذَا؛ وَالْعَالَمُ يُتَخَطَّفُ مِنْ حَوْلِنَا، وَقَدْ سَلَّمَنَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَعَلَّ هَذِهِ السَّلَامَةَ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي يَبْذُلُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ حُكُومَةً وَشَعْبًا لِلْبِلَادِ الْمَنْكُوبَةِ، وَلَيْسَ خَافِيًا عَلَى أَحَدٍ جُهُودُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ فِي إِنْقَاذِ الْيَمَنِ مِنَ السُّقُوطِ فِي بَرَاثِنِ الْمَدِّ الصَّفْوِيِّ الَّذِي اتَّخَذَ مِنَ الْحُوثِيِّينَ ذِرَاعًا لَهُ؛ لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِ، وَالسَّعْيِ الْحَثِيثِ لِإِعَادَةِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لِلْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمِنْطَقَةِ بِاقْتِلَاعِ الْمَخَالِبِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّتِي يَغْرِسُهَا الصَّفْوِيُّونَ فِي جَسَدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُثْخَنَةِ بِالْجِرَاحِ، وَإِعَادَةِ الْأَمَلِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ بِكَسْرِ الْمَشْرُوعِ الْبَاطِنِيِّ وَدَفْنِهِ، عَجَّلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِكَرَمِهِ وَمَنِّهِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
3/7/1438
الْحَمْدُ لِهَِِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَتَحَ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لِلْعَامِلِينَ، وَنَوَّعَ سُبُلَ الطَّاعَاتِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَشَرَعَ النَّوَافِلَ لِلْمُسَابِقِينَ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ، يُمْهِلُ الْعَاصِينَ، وَيُثِيبُ الطَّائِعِينَ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ: «مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً» وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ فَدَلَّهُمْ عَلَى مَوَارِدِ الْإِحْسَانِ لِيَرِدُوهَا، وَعَلَى صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ لِيَصْطَنِعُوهَا، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ أَبْوَابِ الشَّرِّ لِيَجْتَنِبُوهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ الدِّينَ بَيْنَ عِبَادِهِ كَمَا قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْحِسْبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَالنَّجْدَةِ وَالْإِغَاثَةِ. وَمَنْ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنَ الْخَيْرِ فَلْيَلْزَمْهُ، وَلْيَشْكُرِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِالْحِرْمَانِ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَعِيشُ حَيَاتَهُ مُقْتَصِدًا فِي الْخَيْرِ، مُسْرِفًا فِي الْإِثْمِ وَالشَّرِّ ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ [النَّجْمِ: 39 - 41].
أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ مَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَيَدْفَعُ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مَا يَعْلَمُهُ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ: بَذْلُ الْمَعْرُوفِ لِلنَّاسِ، وَمَحَبَّةُ الْخَيْرِ لَهُمْ، وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا نِتَاجَ قَلْبٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ يُحِبُّ الْخَيْرَ لِلْغَيْرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ أَصْحَابَ الْقُلُوبِ السَّلِيمَةِ، الرُّحَمَاءَ لِخَلْقِهِ «وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»، ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56]، ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الْحَجِّ:77].
وَاصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ فِعْلِ الْخَيْرِ، وَبَذْلِ الْإِحْسَانِ لِلْخَلْقِ، وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ رَحْمَةِ الْغَيْرِ؛ وَلِذَا كَانَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ صَدَقَةً كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالْمَعْرُوفُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَجْمَعُ بَذْلَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانَ لِلنَّاسِ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ، كَبُرَ الْمَعْرُوفُ أَوْ صَغُرَ، كَثُرَ أَوْ قَلَّ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَتْرُكَ بَذْلَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانَ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7]؛ فَمِنْ مَعْرُوفِ الْقَوْلِ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَالتَّوَدُّدُ بِجَمِيلِ اللَّفْظِ. وَهَذَا يَبْعَثُ عَلَيْهِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرِقَّةُ الطَّبْعِ. وَمِنْ مَعْرُوفِ الْفِعْلِ: بَذْلُ الْجَاهِ، وَالْإِسْعَادُ بِالنَّفْسِ، وَالْمَعُونَةُ فِي النَّائِبَةِ. وَهَذَا يَبْعَثُ عَلَيْهِ حُبُّ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لِلنَّاسِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ ضَرْبُ أَمْثِلَةٍ عَلَى ذَلِكُمُ الْمَعْرُوفِ الْمَبْذُولِ، وَهِيَ أَمْثِلَةٌ قَدْ يَسْتَقِلُّهَا النَّاسُ وَلَا يَأْبَهُونَ بِهَا، لَكِنَّهَا مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ...» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «تُعِينُ ضَايِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ».
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ بَذْلًا لِلْمَعْرُوفِ كَانَ أَكْثَرَ جَنْيًا لِثَمَرَاتِهِ، وَتَحْصِيلًا لِآثَارِهِ الَّتِي جَمَعَتْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ:
فَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: اسْتِدَامَةُ النِّعَمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ وَفِي عِبَادِهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ قَوْمًا يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَتَبَرَّمَ، فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ» فَأَقْوَى مَا تُحْفَظُ بِهِ نِعَمُ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْقُوَّةِ شُكْرُ الْمُنْعِمِ عَلَيْهَا، بِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ بِهَا، وَبَذْلِهَا لِمَنْ يَحْتَاجُهَا. هَذَا عَدَا مَا يَنَالُهُ مِنْ دُعَاءِ مَنْ بَذَلَ لَهُمْ مَعْرُوفَهُ، وَصَنَعَ فِيهِمْ صَنِيعَتَهُ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: رَدُّ سُوءِ الْمَقَادِيرِ فِي النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْمَالِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ...» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: تَفْرِيجُ كُرَبِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَكُلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ يَجْمَعُهُ اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ.
وَمِنْ آثَارِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ: مَحَبَّةُ النَّاسِ وَدُعَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ يَتَمَنَّى لَهَا الْخَيْرَ، وَيَصْنَعُ لَهَا الْمَعْرُوفَ، وَيَبْذُلُ لَهَا مَالَهُ وَجَاهَهُ وَوَقْتَهُ وَنَفْسَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ سُوءٌ إِلَّا أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ».
فَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَنْشُرُ الْمَوَدَّةَ وَالسُّرُورَ، وَتُقَرِّبُ الْقُلُوبَ، وَتُزِيلُ شَحْنَاءَ النُّفُوسِ، فَلَا يَتَقَاعَسُ عَنْهَا إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَحْرُومٌ.
جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الْمَعْرُوفِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِنَفْعِ النَّاسِ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِهََِم حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ، وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَإِسْعَافُ الْمَكْرُوبِ؛ وَبَذْلُ الْخَيْرِ، وَالسَّعْيُ فِي حَاجَةِ الْمُحْتَاجِ؛ كَانَ فِعْلَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا، وَدَعَوْا إِلَيْهَا.
وَقَدْ أَغَاثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي اسْتَغَاثَهُ، وَسَقَى لِلْفَتَاتَيْنِ لَمَّا عَجَزَتَا عَنِ السُّقْيَا لِوُجُودِ الرِّجَالِ.
وَلَمَّا تَكَلَّمَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَهْدِ قَالَ: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [مَرْيَمَ: 30- 31].
قَالَ مُجَاهِدٌ: «أَيْ: نَفَّاعًا لِلنَّاسِ أَيْنَمَا كُنْتُ» وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ بَذَلَ لِلنَّاسِ مَنْفَعَةً دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً فَهُوَ مُبَارَكٌ، وَهَذَا هُوَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ.
وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ حَتَّى حَطَمُوهُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَأَنَّهُمْ بِمَا حَمَّلُوهُ مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا مَحْطُومًا.
وَخَطَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «إِنَّا وَاللَّهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَسَارَ سَلَفُ الْأُمَّةِ عَلَى الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ فِي بَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَنَفْعِ النَّاسِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَاللَّهِ لَأَنْ أَقْضِيَ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ حَاجَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ».
وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَيُّ الدُّنْيَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ».
فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْذُلَ الْمَعْرُوفَ لِمَنْ يَعْرِفُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا دَأْبَهُ، وَلَا يَحْتَقِرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَرُبَّمَا دَرَأَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْعَبْدِ كَرِيهَاتِ الْقَدَرِ بِمَعْرُوفٍ بَذَلَهُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ رَدَّ أَمْرًا عَظِيمًا عَنْهُ.
هَذَا؛ وَالْعَالَمُ يُتَخَطَّفُ مِنْ حَوْلِنَا، وَقَدْ سَلَّمَنَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَعَلَّ هَذِهِ السَّلَامَةَ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي يَبْذُلُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ حُكُومَةً وَشَعْبًا لِلْبِلَادِ الْمَنْكُوبَةِ، وَلَيْسَ خَافِيًا عَلَى أَحَدٍ جُهُودُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ فِي إِنْقَاذِ الْيَمَنِ مِنَ السُّقُوطِ فِي بَرَاثِنِ الْمَدِّ الصَّفْوِيِّ الَّذِي اتَّخَذَ مِنَ الْحُوثِيِّينَ ذِرَاعًا لَهُ؛ لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِ، وَالسَّعْيِ الْحَثِيثِ لِإِعَادَةِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لِلْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمِنْطَقَةِ بِاقْتِلَاعِ الْمَخَالِبِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّتِي يَغْرِسُهَا الصَّفْوِيُّونَ فِي جَسَدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُثْخَنَةِ بِالْجِرَاحِ، وَإِعَادَةِ الْأَمَلِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ بِكَسْرِ الْمَشْرُوعِ الْبَاطِنِيِّ وَدَفْنِهِ، عَجَّلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِكَرَمِهِ وَمَنِّهِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
صنائع المعروف تقي مصارع السوء.doc
صنائع المعروف تقي مصارع السوء.doc
المشاهدات 3220 | التعليقات 10
سلمت يمينك وجزاك الله خيراً ..
وأحسب أن الشيخ إبراهيم ممن فتح الله عليه في باب الخطبة قوةً في الدليل من الوحيين .. وجمالاً في الأسلوب والعرض واللغة ..
ولعل هذه الخطبه وغيرها هي من صنائع المعروف لإخوانك الخطباء ..
كتب الله أجرك .. ورزقك الإخلاص في القول والعمل ..
جزاك الله خيرا وأحسن إليك وجعلك مباركا أينما كنت ومن يقرأ
جزاك ربي كل خير وبارك في علمك ونفع الله بك الإسلام والمسلمين
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ إبراهيم ونفع الله بكم
وحبذا لو كان لها ملف بصيغة pdF تسهيلا على من يخطب من الأجهزة الذكية
شكر الله تعالى لكم أجمعين ونفع بكم وجزاكم خيرا
جزاك الله خيرا شيخنا
استفدنا كثيرا
وإياك شيخ محمد
ونفع الله تعالى بك وسددك
ونفع الله تعالى بك وسددك
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
صنائع المعروف مشكولة في الملف الأسفل
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/3/5/صنائع%20المعروف%20تقي%20مصارع%20السوء.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/3/5/صنائع%20المعروف%20تقي%20مصارع%20السوء.doc
تعديل التعليق