الكسل وعلو الهمة-8-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف
محمد بن سامر
1437/02/08 - 2015/11/20 06:07AM
[align=justify]
أمابعد:فقدْ كانَ الصحابةُ-رضيَ اللهُ عنهم-على درجةٍ عاليةٍ من الهمةِ والنشاطِ، وعندما رأى رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-عُلوَ همتِهم خشيَ عليهم ورحمَهمْ فقالَ لهم: "خذوا منَ العملِ ما تطيقونَ"، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-لأصحابِه يومًا: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال فمن تبع منكم اليومَ جنازةً؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليومَ مسكينًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: فمن عاد منكم اليومَ مريضًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، فقال رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّمَ-: ما اجتمَعْنَ في امرئٍ إلا دخلَ الجنَّةَ". فانظرْ إلى عُلُوِ هِمةِ أبي بكرٍ في العبادةِ، وفي هذا الزمنِ ضعُفتْ الهممُ والعزائمُ، وكثرتِ المثبطاتُ عن نيل المرادِ، وصارَ بعضُ الناسِ حينَ يُطالَبُ بأداءِ الواجباتِ والفرائضِ يجيبُ بقوله: أنا عاجزٌ، أو أنا كسلانُ. وقدْ قالوا: من مالَ إلى الراحةِ والكسلِ فقدَ الراحةَ، وقالوا: إنْ أردتَ ألا تتعبَ فاتعبْ حتى لا تتعبْ. فمنْ جدَّ وثابرَ واجتهدَ في دراستهِ حتى تخرجَ من الجامعةِ بمعدلٍ عالٍ، ثم عملَ في وظيفةٍ محترمةٍ مرموقةٍ، ينفعُ بها نفسهَ ومجتمعَه وأمتَه، ويكسبُ منها مالًا حلالًا يستعينُ به على ما يُرضي اللهَ في أمورِ دينهِ ودنياهُ، فإذا كبُرَ سِنُّه، وتقاعدَ عنِ العملِ، ارتاحَ وتقاضى تقاعدًا دخلًا شهريًا جيدًا وهو جالسٌ في بيتِه. قالَ أحدُ الحكماءِ: "إذا أردتَ أنْ تكونَ ناجحًا في هذا العالمِ، فعليكَ أنْ تتغلبَ على أُسسِ الفقرِ الستةِ: النومِ، والتراخي، والخوفِ، والغضبِ، والكسلِ، والمماطلةِ.
إخواني الكرامُ: الكسلُ مرضٌ خفيٌ، وداءٌ مُهْلِكٌ، يعوقُ نهضةَ الأممِ والشعوبِ، ويمنعُ الأفرادَ منَ العملِ النافعِ، والبذلِ والعطاءِ، ما أصابَ الكسلُ أمةً ولا شعبًا ولا فردًا إلا حلَّ بهم الضعفُ والجهلُ، والتأخرُ والفشلُ، والفقرُ والذُّلُ، قالَ لقمانَ-رحمَهُ اللهُ تعالى- لابنِهِ: "يا بُنَيَّ: إياكَ والكسلَ والضجرَ، فإنَّك إذا كَسِلْتَ لم تؤدِّ حقًا، وإذا ضَجِرْتَ-مَلَلْتَ-لمْ تصبرْ على حقٍّ، يا بُنَيَّ: استغنِ بالكسبِ الحلالِ، فإِنَّه ما افتقرَ أحدٌ إلا أُصيبَ بثلاثِ خصالٍ: رقةٍ في دينِه، وضُعفٍ في عقلِه، وذهابِ مروءتِه، وأعظمُ من ذلك استخفافُ الناسِ بهِ".
أيها الأحبابُ: كانَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ- يتعوذُ باللهِ من العجزِ والكسلِ، ويأمرُ أصحابهَ بذلكَ فيقولُ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِك منَ العَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والهرَمِ، وأعوذُ بِك من عذابِ القبرِ، وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المَحيا والمماتِ"، فمنْ أرادَ فعل الخيرِ ولكنهُ لم يستطع لمرضٍ أو غيرِه فهو عاجزٌ، ومن استطاعَ فعل الخيرِ ولكنُه لم يُردْ فهو كسلانُ.
ولو تأملتَ أحوالَ الناسِ الذين فاتهم كثيرٌ من الخيرِ لوجدت أنَّ السببَ الأكبرَ هو الكسلُ.
أيها السعداءُ: لقدْ ذمَّ اللهُ الكسلَ، ووصفَ بهِ المنافقينَ، قالَ–سبحانه-: [قل أنفقوا طوعًا أو كَرهًا لن يُتَقَبَّلَ منكم إنكم كنتم قومًا فاسقين*وما مَنعهمْ أنْ تُقْبَلَ منهم نفقاتُهم إلا أَنَّهم كفروا باللهِ ورسولِه ولا يأتونَ الصلاةَ إلا وهم كُسالى ولا يُنفقونَ إلا وهم كارهونَ]، وقال رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ: "المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ، وفي كُلِّ خيرٌ، احرصْ على ما ينفعُك، واستعنْ باللهِ ولا تعجزْ وإنْ أصابَك شيءٌ فلا تقلْ لو أني فعلتُ كذا لكانَ كذا، ولكنْ قُلْ قدَّرَ اللهُ وما شاءَ فعلَ، فإنْ لو تَفْتَحُ عملَ الشيطانِ".
أيها المباركونَ: للكسلِ أسبابٌ كثيرةٌ منها:
1-ارتكابُ الذنوبِ والمعاصي، قال ابنُ عباسٍ-رضيَ اللهُ عنهما-: "إن للسيئةِ وهنًا-ضعفًا-في البدنِ".
2-تركُ الصلواتِ خاصةً صلاةَ الفجرِ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-: "يَعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم-إذا هو نامَ-ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ كُلَّ عقدةٍ: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقدْ، فإنِ استيقظَ فذكرَ اللهَ انحلتْ عُقدةٌ، فإنْ توضأَ انحلتْ عُقدةٌ، فإن صلى انحلتْ عُقدهُ كلُها، فأصبحَ طيبَّ النفسِ، وإلا أصبحَ خبيثَ النفسِ كسلانَ".
3-قِلَّةُ ذكرِ اللهِ قالَ-سبحانه-: "إنَّ المنافقينَ يُخادعونَ اللهَ وهو خادِعُهم وإذا قاموا إلى الصلاةِ قاموا كُسالى يُراءونَ الناسَ ولا يذكرونَ اللهَ إلا قليلًا".
4-كثرةُ الأكلِ قالَ لقمانُ-رحمه اللهُ-لابنه: "يا بُنَيَّ إذا امتلأتِ المعدةُ نامتِ الفكرةُ، وخَرَسَتِ الحكمةُ، وقعدتِ الأعضاءُ عن العبادةِ"، وقالوا: "منْ كَثُرَ طعامُه كَثُرَ شُربُه، ومن كَثُرَ شُربُه كَثُرَ نومُه".
5-كثرةُ النومِ بالنهارِ والسهرُ بالليلِ، وهذا مخالفٌ للفطرةِ، قال-سبحانه-: "فالقُ الإصباحِ وجعلَ الليلَ سكنًا"، قالَ الأطباءُ: "نومُ ساعةٍ في الليلِ بعدَ العشاءِ تَعْدِلُ ثلاثَ ساعاتٍ في النهارِ". ومنْ أضرارِ السهرِ النومُ عن صلاةِ الفجرِ، وحرمانُ وقتِ البركةِ البُكُورِ، فعن صخرٍ الغامديِ-رضي اللهُ عنهُ-عن النبيِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-أنَّه قالَ: "اللهمَّ باركْ لأمتي في بُكورِها"، وكان صخرٌ تاجرًا، وكان يتاجرُ أولَ النهارِ فيكثرُ مالُه.
6-طولُ الأملِ أن يعيشَ أكثرَ، ويكونَ عُمْرُهُ أطولُ، قالَ بعضُ الحكماءِ يا بُنَيَّ: "إياكَ والتسويفَ لما تَهُمُ به منْ فعلِ الخيرِ، فإنَّ وقتَه إذا زالَ لمْ يَعدْ إليكَ، وإياكَ وطولَ الأملِ فإنَّه هلاكُ الأمُمِ".
7-مصاحبةُ أهلِ الكسلِ والبطالةِ، قال رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَّ-: "المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم منْ يُخاللْ"، فعلى المؤمنِ أنْ يصاحبَ الصالحينَ أصحابَ الهممِ العاليةِ، قال ابنُ القَيِّمِ-رحمه الله-: "مجالسةُ الصالحينَ تُحَوِّلُكُ من سِتٍّ إلى سِتٍّ: منِ الشكِّ إلى اليقينِ، ومن الرياءِ إلى الإخلاصِ، ومن الرغبةِ في الدنيا إلى الرغبةِ في الآخرةِ، ومن الغفلةِ إلى الذكرِ، ومن الكِبْرِ إلى التواضعِ، ومن سوءِ النيةِ إلى النصيحةِ".
أيها الكرامُ: كيف نعالجُ الكسلَ؟ نُعالجُهُ بعكسِ أسبابهِ المتقدمةِ بـ:
1-فعلِ الطاعاتِ والحسناتِ، قالَ ابنُ عباسٍ-رضيَ اللهُ عنهما-: "وإنَّ للحسنةِ قوةً في البدنٍ".
2-المحافظةِ على الصلواتِ وخصوصًا صلاةَ الفجرِ في وقتِها مع الجماعةِ، فإنَّ الصلاةَ مُذْهبةٌ للكسلِ.
3-الإكثارِ منَ الذكرِ والاستغفارِ والصلاةِ على النبيِ-صلى اللهُ عليه وآلِه وسلمَّ-، كان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رحمه اللهُ-يجلسُ-بعدَ صلاةِ الصبحِ-يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ويقول: "هذه غَدوتي أستعينُ بها على عملِ يومي، فإنْ تركتُها خارتْ-ضَعُفَتْ-قواي"، وجاءت فاطمةُ-رضي اللهُ عنهه-تطلبُ منْ رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-خادمٍا تعينُها فقالَ لها: سبحي اللهَ عندَ النومِ ثلاثًا وثلاثينُ، واحمدي اللهَ ثلاثًا وثلاثين، وكبري اللهَ أربعًا وثلاثين، فهذا خيرٌ لك من خادمٍ"، قالَ أهلُ العلمِ: "إنَّ أصحابَ المِهنِ الشاقةِ إنْ اعتادوا على هذا الذكرِ استعانوا على قضاءِ أعمالِهم الشاقةِ بكلِّ سهولةٍ ويُسرٍ.
4-التقليلِ من الأكلِ والسهرِ، والنومِ بالليلِ، والخروجِ للعملِ مبكرًا.
5-قِصَرِ الأملِ، وهو اليقينُ بأن العمرَ قصيرٌ يجبُ شغلُه بطاعةِ اللهِ، والبعدِ عن معصيتِهِ.
6-مصاحبةِ الصالحينَ والأخيارِ، وأهلِ النشاطِ والهممِ العاليةِ.
7-الصبرِ، قال الشاعر:
لا تحسبِ المجدَ تمرًا أنت آكلُه*لن تَبلغَ المجدَ حتى تَلعقَ الصَبِرا
[/align]
أمابعد:فقدْ كانَ الصحابةُ-رضيَ اللهُ عنهم-على درجةٍ عاليةٍ من الهمةِ والنشاطِ، وعندما رأى رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-عُلوَ همتِهم خشيَ عليهم ورحمَهمْ فقالَ لهم: "خذوا منَ العملِ ما تطيقونَ"، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-لأصحابِه يومًا: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال فمن تبع منكم اليومَ جنازةً؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليومَ مسكينًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، قال: فمن عاد منكم اليومَ مريضًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا، فقال رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّمَ-: ما اجتمَعْنَ في امرئٍ إلا دخلَ الجنَّةَ". فانظرْ إلى عُلُوِ هِمةِ أبي بكرٍ في العبادةِ، وفي هذا الزمنِ ضعُفتْ الهممُ والعزائمُ، وكثرتِ المثبطاتُ عن نيل المرادِ، وصارَ بعضُ الناسِ حينَ يُطالَبُ بأداءِ الواجباتِ والفرائضِ يجيبُ بقوله: أنا عاجزٌ، أو أنا كسلانُ. وقدْ قالوا: من مالَ إلى الراحةِ والكسلِ فقدَ الراحةَ، وقالوا: إنْ أردتَ ألا تتعبَ فاتعبْ حتى لا تتعبْ. فمنْ جدَّ وثابرَ واجتهدَ في دراستهِ حتى تخرجَ من الجامعةِ بمعدلٍ عالٍ، ثم عملَ في وظيفةٍ محترمةٍ مرموقةٍ، ينفعُ بها نفسهَ ومجتمعَه وأمتَه، ويكسبُ منها مالًا حلالًا يستعينُ به على ما يُرضي اللهَ في أمورِ دينهِ ودنياهُ، فإذا كبُرَ سِنُّه، وتقاعدَ عنِ العملِ، ارتاحَ وتقاضى تقاعدًا دخلًا شهريًا جيدًا وهو جالسٌ في بيتِه. قالَ أحدُ الحكماءِ: "إذا أردتَ أنْ تكونَ ناجحًا في هذا العالمِ، فعليكَ أنْ تتغلبَ على أُسسِ الفقرِ الستةِ: النومِ، والتراخي، والخوفِ، والغضبِ، والكسلِ، والمماطلةِ.
إخواني الكرامُ: الكسلُ مرضٌ خفيٌ، وداءٌ مُهْلِكٌ، يعوقُ نهضةَ الأممِ والشعوبِ، ويمنعُ الأفرادَ منَ العملِ النافعِ، والبذلِ والعطاءِ، ما أصابَ الكسلُ أمةً ولا شعبًا ولا فردًا إلا حلَّ بهم الضعفُ والجهلُ، والتأخرُ والفشلُ، والفقرُ والذُّلُ، قالَ لقمانَ-رحمَهُ اللهُ تعالى- لابنِهِ: "يا بُنَيَّ: إياكَ والكسلَ والضجرَ، فإنَّك إذا كَسِلْتَ لم تؤدِّ حقًا، وإذا ضَجِرْتَ-مَلَلْتَ-لمْ تصبرْ على حقٍّ، يا بُنَيَّ: استغنِ بالكسبِ الحلالِ، فإِنَّه ما افتقرَ أحدٌ إلا أُصيبَ بثلاثِ خصالٍ: رقةٍ في دينِه، وضُعفٍ في عقلِه، وذهابِ مروءتِه، وأعظمُ من ذلك استخفافُ الناسِ بهِ".
أيها الأحبابُ: كانَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ- يتعوذُ باللهِ من العجزِ والكسلِ، ويأمرُ أصحابهَ بذلكَ فيقولُ: "اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِك منَ العَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والهرَمِ، وأعوذُ بِك من عذابِ القبرِ، وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المَحيا والمماتِ"، فمنْ أرادَ فعل الخيرِ ولكنهُ لم يستطع لمرضٍ أو غيرِه فهو عاجزٌ، ومن استطاعَ فعل الخيرِ ولكنُه لم يُردْ فهو كسلانُ.
ولو تأملتَ أحوالَ الناسِ الذين فاتهم كثيرٌ من الخيرِ لوجدت أنَّ السببَ الأكبرَ هو الكسلُ.
أيها السعداءُ: لقدْ ذمَّ اللهُ الكسلَ، ووصفَ بهِ المنافقينَ، قالَ–سبحانه-: [قل أنفقوا طوعًا أو كَرهًا لن يُتَقَبَّلَ منكم إنكم كنتم قومًا فاسقين*وما مَنعهمْ أنْ تُقْبَلَ منهم نفقاتُهم إلا أَنَّهم كفروا باللهِ ورسولِه ولا يأتونَ الصلاةَ إلا وهم كُسالى ولا يُنفقونَ إلا وهم كارهونَ]، وقال رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ: "المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ، وفي كُلِّ خيرٌ، احرصْ على ما ينفعُك، واستعنْ باللهِ ولا تعجزْ وإنْ أصابَك شيءٌ فلا تقلْ لو أني فعلتُ كذا لكانَ كذا، ولكنْ قُلْ قدَّرَ اللهُ وما شاءَ فعلَ، فإنْ لو تَفْتَحُ عملَ الشيطانِ".
أيها المباركونَ: للكسلِ أسبابٌ كثيرةٌ منها:
1-ارتكابُ الذنوبِ والمعاصي، قال ابنُ عباسٍ-رضيَ اللهُ عنهما-: "إن للسيئةِ وهنًا-ضعفًا-في البدنِ".
2-تركُ الصلواتِ خاصةً صلاةَ الفجرِ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-: "يَعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم-إذا هو نامَ-ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ كُلَّ عقدةٍ: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقدْ، فإنِ استيقظَ فذكرَ اللهَ انحلتْ عُقدةٌ، فإنْ توضأَ انحلتْ عُقدةٌ، فإن صلى انحلتْ عُقدهُ كلُها، فأصبحَ طيبَّ النفسِ، وإلا أصبحَ خبيثَ النفسِ كسلانَ".
3-قِلَّةُ ذكرِ اللهِ قالَ-سبحانه-: "إنَّ المنافقينَ يُخادعونَ اللهَ وهو خادِعُهم وإذا قاموا إلى الصلاةِ قاموا كُسالى يُراءونَ الناسَ ولا يذكرونَ اللهَ إلا قليلًا".
4-كثرةُ الأكلِ قالَ لقمانُ-رحمه اللهُ-لابنه: "يا بُنَيَّ إذا امتلأتِ المعدةُ نامتِ الفكرةُ، وخَرَسَتِ الحكمةُ، وقعدتِ الأعضاءُ عن العبادةِ"، وقالوا: "منْ كَثُرَ طعامُه كَثُرَ شُربُه، ومن كَثُرَ شُربُه كَثُرَ نومُه".
5-كثرةُ النومِ بالنهارِ والسهرُ بالليلِ، وهذا مخالفٌ للفطرةِ، قال-سبحانه-: "فالقُ الإصباحِ وجعلَ الليلَ سكنًا"، قالَ الأطباءُ: "نومُ ساعةٍ في الليلِ بعدَ العشاءِ تَعْدِلُ ثلاثَ ساعاتٍ في النهارِ". ومنْ أضرارِ السهرِ النومُ عن صلاةِ الفجرِ، وحرمانُ وقتِ البركةِ البُكُورِ، فعن صخرٍ الغامديِ-رضي اللهُ عنهُ-عن النبيِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-أنَّه قالَ: "اللهمَّ باركْ لأمتي في بُكورِها"، وكان صخرٌ تاجرًا، وكان يتاجرُ أولَ النهارِ فيكثرُ مالُه.
6-طولُ الأملِ أن يعيشَ أكثرَ، ويكونَ عُمْرُهُ أطولُ، قالَ بعضُ الحكماءِ يا بُنَيَّ: "إياكَ والتسويفَ لما تَهُمُ به منْ فعلِ الخيرِ، فإنَّ وقتَه إذا زالَ لمْ يَعدْ إليكَ، وإياكَ وطولَ الأملِ فإنَّه هلاكُ الأمُمِ".
7-مصاحبةُ أهلِ الكسلِ والبطالةِ، قال رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَّ-: "المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم منْ يُخاللْ"، فعلى المؤمنِ أنْ يصاحبَ الصالحينَ أصحابَ الهممِ العاليةِ، قال ابنُ القَيِّمِ-رحمه الله-: "مجالسةُ الصالحينَ تُحَوِّلُكُ من سِتٍّ إلى سِتٍّ: منِ الشكِّ إلى اليقينِ، ومن الرياءِ إلى الإخلاصِ، ومن الرغبةِ في الدنيا إلى الرغبةِ في الآخرةِ، ومن الغفلةِ إلى الذكرِ، ومن الكِبْرِ إلى التواضعِ، ومن سوءِ النيةِ إلى النصيحةِ".
الخطبة الثانية
1-فعلِ الطاعاتِ والحسناتِ، قالَ ابنُ عباسٍ-رضيَ اللهُ عنهما-: "وإنَّ للحسنةِ قوةً في البدنٍ".
2-المحافظةِ على الصلواتِ وخصوصًا صلاةَ الفجرِ في وقتِها مع الجماعةِ، فإنَّ الصلاةَ مُذْهبةٌ للكسلِ.
3-الإكثارِ منَ الذكرِ والاستغفارِ والصلاةِ على النبيِ-صلى اللهُ عليه وآلِه وسلمَّ-، كان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رحمه اللهُ-يجلسُ-بعدَ صلاةِ الصبحِ-يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ويقول: "هذه غَدوتي أستعينُ بها على عملِ يومي، فإنْ تركتُها خارتْ-ضَعُفَتْ-قواي"، وجاءت فاطمةُ-رضي اللهُ عنهه-تطلبُ منْ رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَّ-خادمٍا تعينُها فقالَ لها: سبحي اللهَ عندَ النومِ ثلاثًا وثلاثينُ، واحمدي اللهَ ثلاثًا وثلاثين، وكبري اللهَ أربعًا وثلاثين، فهذا خيرٌ لك من خادمٍ"، قالَ أهلُ العلمِ: "إنَّ أصحابَ المِهنِ الشاقةِ إنْ اعتادوا على هذا الذكرِ استعانوا على قضاءِ أعمالِهم الشاقةِ بكلِّ سهولةٍ ويُسرٍ.
4-التقليلِ من الأكلِ والسهرِ، والنومِ بالليلِ، والخروجِ للعملِ مبكرًا.
5-قِصَرِ الأملِ، وهو اليقينُ بأن العمرَ قصيرٌ يجبُ شغلُه بطاعةِ اللهِ، والبعدِ عن معصيتِهِ.
6-مصاحبةِ الصالحينَ والأخيارِ، وأهلِ النشاطِ والهممِ العاليةِ.
7-الصبرِ، قال الشاعر:
لا تحسبِ المجدَ تمرًا أنت آكلُه*لن تَبلغَ المجدَ حتى تَلعقَ الصَبِرا
[/align]
المرفقات
الكسل وعلو الهمة-8-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف.docx
الكسل وعلو الهمة-8-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف.docx