خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْر 1436هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1436/09/27 - 2015/07/14 14:48PM
خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْر 1436هـ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّين . اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا هَلَّ هِلَالٌ وَأَبْدَر ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا صَامَ صَائِمٌ وَأَفْطَر ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا تَرَاكَمَ سَحَابٌ وَأَمْطَر ، وَاللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا نَبَتَ نَبَاتٌ وَأَزْهَر ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَر، اللهُ أَكْبَر.
الْحَمْدُ للهِ الذِّي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طَرِيقَ الْعِبَادَاتِ وَيَسَّر ، وَوَفَّاهُمْ أُجُورَ أَعْمَالِهِمْ مِنْ خَزَائِنِ جُودِهِ التِي لا تُحْصَر ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُحْمَدَ وَيُشْكَرَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ الْأَكْبَرُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ فِي الْمَحْشَرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ الذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهَّر ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الذِينَ هُمْ خَيْرُ صَحْبٍ وَمَعْشَر .
أَمَّا بَعْدُ : فإن اللهَ مَنَّ عَلَيْنَا بِإِتْمَامِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ , فَنَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُه وَنَسْأَلُهُ الْقَبُولَ وَالرِّضَا عَنْ أَعْمَالِنَا وَسَعْيِنَا ، وَأَنْ لا يَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَلا مِنْ بَابِ جُودِهِ وَكَرَمِهِ مَحْرُومِينَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ امْتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا هِيَ أَنْ جَعَلْنَا عَلَى هَذَا الدِّينِ الْقَوِيم , قَالَ اللهُ تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دينا) فَيَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ فَنَشْكُرَهَا وَأَنْ نَتَيَقَّنَ أَنْ اللهَ لا يَقْبَلُ دِينَاً سِوَاهُ .
أُمَّةَ الإِسْلَامِ : إِنَّ دِينَنَا مَبْنِيٌ عَلَى خَمْسَةِ أَرْكَان ، أَوَّلُهَا التَّوْحِيدُ وَهُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ ، فَتُقِرُّ بِرُبُوبِيَّةِ اللهِ وَتُثْبِتُ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِه الْعُلْيَا الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحَ ، ثُمَّ تَصْرِفُ جَمِيعَ عِبَادَاتِكَ للهِ وَحْدَهُ قَالَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هِيَ ثَانِي أَرْكَانِ الإِسْلَامِ ، وَمَبَانِيهِ الْعِظَام ، فَتُؤَدِّيهَا كَمَا أَمَرَكَ اللهُ ، فتُحْسِنَ طَهَارَتَهَا وَتُكَمِّلَ شُرُوطَهَا وَأَرْكَانَهَا وَوَاجِبَاتِهَا ، فَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ ، فَإِنَّ صَلَحَتْ وَإِلَّا فَقَدْ خَابَ وَخَسِر . ثُمَّ الزَّكَاةُ لِلْمَالِ فَتُؤَدِّيهَا لِمُسْتَحَقِّيهَا طَيَّبَةً بِهَا نَفْسُكَ مُنْشَرِحَاً لَهَا صَدْرُكَ ، وَتُسَلِّمُهَا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا مُبْتَغِيَاً مَا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ . وَأَمَّا الصَّومُ فَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ . وَأَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ خَامِسُ الأَرْكَانِ الْعِظَام، فَمَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أمُّهُ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ أَرْكَانَ إِيمَانِنَا سِتَّةٌ ، وَهِيَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ . فَتُؤْمِنَ بِاللهِ رَبَّاً خَالِقاً وَإِلَهَا مَعْبُودَاً ، وَتَعْلَمَ أَنَّهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَالٍ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقَاتِه وَأَنَّهُ مُسْتوٍ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَاءً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ .
وَتُؤْمِنَ بِالْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ الذِينَ خَلَقَهُمُ اللهُ مِنْ نُورٍ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ , لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ، وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ اللهَ بَعَثَ إِلَى كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً وَأَنَّهُ أَعْطَى كُلَّ رَسُولٍ كِتَابَاً فِيهِ صَحِيحُ الْعَقَائِدِ وَصَالِحُ الأَعْمَالِ ، وَلابُدَّ أَنْ تَتَيَقَّنَ أَنْ رِسَالَاتِهِمْ خُتِمَتْ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ كُتُبَهُمْ نُسِخَتْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) فَلا يُتَّبَعُ الآنَ إِلَّا الْقُرْآنُ وَلا يُدَانُ إِلَّا بِالإِسْلَامِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الإِيمَانَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ هُوَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الإِيمَانِ، فَتَتَيَقُّنُ يَقِينَاً بِحُصُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ , وَمَا أَقْرَبَهُ (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا *وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) يَوْمٌ يَأْذَنُ اللهُ فِيهِ بِخَرَابِ الْعَالَمِ، يَوْمٌ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ . إِنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمُ الْحَاقَّةِ وَالْقَارِعَةِ وَالصَّاخَّةِ وَالْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، إِنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَاتُ : إِنَّ الإِيمَانَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ هُوَ الرُّكْنُ السَّادِسُ ، فَتُؤْمِنُ بِأَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكْنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، مَعَ اجْتِهَادِكَ فِي عَمَلِ الأَسْبَابِ التِي أَبَاحَهَا اللهُ وَجَعَلَهَا وَسِيلَةً لِتَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ ، ثُمَّ تَرْضَى وَتُسِلِّمَ بِمَا يَحْصُلُ سَوَاءً وَاَفقَ مَا أَرَدْتَ أَمْ لا ، لِأَنَّ هَذَا قَدَرُ اللهِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَجَبَاً لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ لَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ ذَرَوْةُ سَنَامِ الإِسْلَامِ ، بِهِ يَعْلُو عَلَى مِلَلِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ ، بِهِ تُحْمَى الدِّيَارُ مِنَ الأَعْدَاءِ وَالطَّامِعِينَ , وَبِهِ تُنَالُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَإِنَّ مَا يَحْصُلُ فِي جَنُوبِ بِلادِنَا حَرَسَهَا اللهُ لَهُوَ جِهَادٌ شَرْعِيٌّ قَامَ بِهِ وَلِيُّ الأَمْرِ وَأَيَّدَهُ الْعُلَمَاءُ رَدْعَاً لِلْحُوثِيِّينَ الطَّامِعِينَ، وَحِمَايَةً لِحُدُودِ بِلادِنَا وَنُصْرَةً لِإِخْوانِنَا الْيَمَنِيِّينَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ جَرَائِمِ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ الذِي تَدْعَمُهُمْ دَوْلَةُ إِيرَانَ الصَّفَوِيِّةُ الرَّافِضِيَّةُ ، وَتُؤَيُّدُهُمْ قُوَى الْغَرْبِ النَّصْرَانِيَّةُ الصَّليِبِيَّةُ .
وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا الْوُقُوفُ مَعَ هَذَا الْجِهَادِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَأَنْ نُشَجِّعَ مَنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِنَا مَعَ الْجَيْشِ الْمُجَاهِدِ ، كَيْفَ لا وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) , وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ لَهُ فِي أوَّلِ دَفْعَةٍ , وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ , وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ , وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا , ويزوَّجُ ثنتينِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ , وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ يَسْعَى أَعْدَاءُ الإِسْلَامِ إِلَى تَشْوِيهِ صُورَةِ الْجِهَادِ النَّاصِعَةِ ، وَتَخْرِيبِ سُمْعَتِهِ السَّامِيَةِ بِكُلِّ مَا يَسْتَطِيعُونَ مِنْ طُرُقٍ ، وَإِنَّ مِنْ جُهُودِهِمْ الْمَبْذُولَةِ فِي ذَلِكَ مَا خَرَجَ عَلَيْنَا مُؤَخَّرَاً مِمَّا تَسَمَّوْا بِدَوْلِةِ الإِسْلَامِ فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ , وَالتِي تُعْرَفُ اخْتِصَارَاً بِاسْمِ (دَاعِشْ) هَذِهِ الْجَمَاعَةُ الْمُسَلَّحَةُ الْغَاشِمَةُ التِي سَعَتْ فِي تَفْرِيقِ صَفِّ الْمُسْلِمِينَ ، وَزَرَعَتِ الْفِتْنَةُ فِيهِمْ بِاسْمِ النُّصْحِ لِلدِّينِ ، جَماعَةُ تَكْفِيرٍ وَتَفْجِيرٍ ، جَمَاعَةُ قَتْلٍ وَتَخْرِيبٍ ، عَمَدَتْ إِلَى الْجِهَادِ فِي الشَّامِ فَأَجْهَضَتْهُ ، وَقَدْ كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَي مِنْ تَحْرِيرِ بِلَادِ سُوريَا مِنْ رِجْسِ النُّصَيْرِيِّينَ الْبَعْثِيِّينَ ، قَامُوا بِاغْتِيَالَاتٍ لِقَادَةِ الْجِهَادِ ، وَعَمَدُوا إِلَى نَشْرِ الرُّعْبِ فِي الْبِلَادِ .
وَلَا يَكادُ عُلُمَاءُ الأُمَّةِ وَدُعَاتُهَا وَعُقَلاؤُهَا يَجْمَعُونَ عَلَى تَقْبِيحِ شَيْءٍ مِثْلَمَا فَعَلُوا مَعَ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ ، غَالِبُ أَتْبَاعِهَا وَمُؤَيِّدِيهَا مِنْ حَدِيثِي الاسْتِقَامَةِ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفُوا بِطَلَبِ عِلْمٍ وَلا مُخَالَطَةِ عُلَمَاءَ وَلا قَدَمِ صِدْقٍ فِي الدَّعْوَةِ وَلَا الْإِصْلاحِ .
وَالعَجَبَ أَنَّهُمْ يَصُبُّونَ غَضَبَهُمْ عَلَى الدَّوْلَةِ السُّعُودِيَةِ وَعَلَى عُلَمَائِهَا وَحُكَّامِهَا , بَيْنَمَا سَلِمَتْ مِنْهُمْ دَوْلَةُ اليَهُودِ وَالدَّوْلَةُ الصَّفَوِيَةُ الإِيْرَانِيَة , ثُمَّ إِنَّ وَقُودَهُمْ فِي التَّفْجِيرِ وَالقَتْلِ هُمْ شَبَابُ الخَلِيجِ عُمُوماً وَأَبْنَاءُ السُّعُودِيَةِ خُصُوصاً , فَيُلْبِسُونَهُ حِزَاماً نَاسِفاً أَوْ يُفَخْخِونَ لَهُ سَيَّارَةً وَيَأْمُرُونَهُ بِتَفْجِيرِ نَفْسِهِ فِي مُجْمَّعِ الْمَدَنِيينَ الذِيْنَ غَالِبُهُمْ نِسَاءٌ وَأَطْفَالٌ وَشُيُوخ , فَأَيُّ جِهَادٍ هَذَا أَوْ إِصْلَاح ؟؟؟
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ أَتْبَاعِهِمْ انكَشَفَ لَهُ أَمْرُهُمْ وَبَانَتْ لَهُ حَقِيقَتُهُمْ فَهَرَبَ مِنْهُمْ وَمِنْ جَحِيْمِهِمْ , لَكِنَّهُمْ إِنْ عَرِفُوا مِنْهُ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يُصَفُّوهُ بِقَتْلِهِ أَوْ يُفَخِّخُوهُ فِي سَيَّارَةٍ ثُمَّ يَدَّعُونَ أَنَّهُ اسْتُشْهِدَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِك ، وَهُنَاكَ مَنْ خَادَعَهُمْ وَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَفَضَحَهُمْ !
فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ يَا شَبَابَ الإِسْلَامِ مِن َالاغْتِرِارِ بِإِعْلَامِهِمْ أَوِ الانْخِرَاطِ فِي صُفُوفِهِمْ ، فَإِنَّهَا جَمَاعَةٌ عَلَى مَنْهَجِ الْخَوَارِجِ يَسْنِدُهَا الْغَرْبُ الْكَافِرُ وَالصَّفَوِيُّونَ الرَّافِضُة , نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّهُمْ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتِغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
الله أكبر، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَر، اللهُ أَكْبَر، اللهُ أَكْبَر، اللهُ أَكْبَر.
أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ : إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى وَوَعَدَ مَنْ أَطَاعَ بِالثَّوَابِ وَتَوَعَّدَ مَنْ عَصَى بِالْعِقَابِ ، وَجَعَلَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَثَوَابَ الآخِرَةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
حَافِظِي عَلَى صَلاتِكِ فِي وَقْتِهَا ، وَأَطِيعِي زَوْجَكَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ وَاحْفَظِي نَفْسَكَ تَدْخُلِي جَنَّةَ رَبِّكِ , قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا فَلْتَدْخَلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ) رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيةِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ : كُونِي صَالِحَةً مُصْلِحةً ، قُدْوَةً لِأَهْلِ بَيْتِكِ وَلِمَنْ حَوْلَكَ مِنَ الأَقَارِبِ أَوِ الْجِيرَانِ ، احْذَرِي اللِّسَانَ وَغَوَائِلَهُ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ) رَوَاهُ البُخَارِيّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه .
وَاعْلَمِي أَنَّ حِجَابَكَ سِتْرٌ لَكِ وَ بَيْتُكِ خَيْرٌ لَكِ، وَأَنَّ الدُّنْيَا قَصِيرَةٌ زَائِلَةٌ وَأَنَّ الآخِرَةَ قَرِيبَةٌ بَاقِيَةٌ .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ : إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَنْ يَنْقَطِعَ بِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ ، بَلْ لا نَزَالُ نَتَعَبَّدُ لِرَبِّنَا سُبْحَانَهُ بِالصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ حَتَّى نَلْقَاهُ وَهُوَ رَاضٍ عنا ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ صِيَامَ سِتٍّ مِنْ شَوَّالِ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه , فَيَجُوزُ صِيَامُهَا مُتَفِرَّقَةً وَمُجْتَمِعَةً ، مِنْ أَوِّلِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ ، لَكِنَّ الأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ مُتَتَابِعَةً وَتَكُونَ مُبَاشَرَةً بَعْدِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَلَكِنْ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَلا يَبْدَأُ بِصِيَامِ السِّتِّ حَتَّى يَقْضِي مَا عَلَيْهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : افْرَحُوا بِعِيدِكُمْ وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ، هَنِّئُوا بَعْضَكُمْ بِيَوْمِكُمْ ، وَقَدْ كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللهُ يُهَنِّئُ بَعْضَهُمُ بَعْضَاً بِقَوْلِهِ : تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ ، وَلا بَأْسَ بِغَيْرِهَا الْعِبَارَاتِ التِي لا مَحْظُورَ فِيهَا ، وَإِنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ لِصِلَةِ الأَرْحَامِ وَزِيَارَةِ الأَهْلِ وَالأَصْدَقَاءِ ، وَإِنَّهُ فُرْصَةٌ لِإِزَالَةِ الشَّحْنَاءِ وَالْبَغْضَاءِ ، وَفُرْصَةٌ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلَ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَالْقُرْآنَ ، وَأَعِنَّا عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَجَنِّبْنَا كُلَّ شَرٍّ ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَاِم , وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ , وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي َأسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثْنِينَ بِهَا قَابِلِينَ لَهَا وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا . اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلاةَ أَمْرِنَا وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أَمْرِنَا بِطَانَتَهُمْ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
المرفقات

735.doc

736.doc

خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْر 1436هـ.doc

خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْر 1436هـ.doc

المشاهدات 3629 | التعليقات 4

بارك الله في قلمك ونفع بكلماتك
أجدت وأفدت وأختصرت


تنبيه مهم لأصحاب الفضيلة الخطباء :
إذا كان شهر رمضان ناقصا وصار العيد بالجمعة فأضف قبل الدعاء هذه الزيادة :

أيها المسلمون : إنه قد اجتمع في يومكم هذا عيدان , عيد الفطر والجمعة فنحمد الله ونشكره أولا , ثم ننبه إلى أن مثل هذا حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرخص لمن صلى العيد أن يترك الجمعة , فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِيدَ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ, فَقَالَ (مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ المديني والألباني.
ولكن يجب ثلاثة أمور :
(الأول) أن على أصحاب الفضيلة خطباء الجمعة أن يصلوا الجمعة .
(الثاني) أن على من لم يحضر الجمعة أن يصلي الظهر ولا يحل له تركها .
(الثالث) أن صلاة الظهر لا تقام في المساجد وإنما تصلى في البيوت أو غيرها سواء جماعة أو فرادى .


جزاك الله خيرا ونفع بعلمك


جزاك الله خير عن الاسلام والمسلمين ونفع بعلمكم
خطبة قيمة ومختصرة