خطبة مختصرة: الحث على العمل الصالح والاستعداد لشهر رمضان 22/8/1435هـ

فيصل التميمي
1435/08/22 - 2014/06/20 04:51AM
الخطبة عيال فيها على غيري مع الإضافة والاختصار
بما يناسب المقام بارك الله لي ولكم في القول والعمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحث على العمل الصالح والاستعداد لشهر رمضان 22/8/1435هـ
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عزوجل فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ وَالْزَمُوهُ وأبشروا بمَوْعُودهِ الحق، قَالَ جل وعلا: )إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا *خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا([الكهف: 107-108].

إِخْوَةَ الإِيمَانِ: إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ عُدَّةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَسَبِيلُ كُلِّ مُخْلِصٍ، وَذَخِيرَةُ كُلِّ وَجِلٍ خَائِفٍ مِنْ رَبِّهِ، وَصَلاَحُ الْعَمَلِ مَعْنَاهُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ خَالِصاً لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَكُونَ مُوَافِقاً لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يَرْضَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى، وَيَحُثُّ عَلَيْهِ وَيُرَغِّبُ فِيهِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم ، سَوَاءٌ كَانَ نَفْعُ الْعَمَلِ قَاصِراً عَلَى صَاحِبِهِ؛ كَالصَّلاَةِ وَالْحَجِّ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ كَانَ مُتَعَدِّياً لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ كَالصَّدَقَةِ وَنَشْرِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى إلى غير ذلك من أعمال البر والإحسان.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: )الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ([الملك:2]، قَالَ الْحِافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَلاَ يَكُونُ الْعَمَلُ حَسَناً حَتَّى يَكُونَ خَالِصاً لِلَّهِ، عَلَى شَرِيعَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَتَى فَقَدَ الْعَمَلُ وَاحِداً مِنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ: بَطَلَ وَحَبِطَ».
معاشر المسلمين.. كَثِيراً مَا يُهَوِّنُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ شَأْنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: الْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ، أَيْ: إِنْ كَانَ قَلْبِي سَلِيماً صَافِياً فَأَنَا عَلَى خَيْرٍ، وَمَا دُمْتُ مُؤْمِناً بِقَلِبْي فَهَذَا يَكْفِي، وَنَسِيَ هَذَا الْمِسْكِينُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ دَلِيلُ الإِيمَانِ وثمرة من ثماره، وَأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا ذَكَرَ الإِيمَانَ فِي أَغْلِبِ آيَاتِ الْقُرْآنِ إِلاَّ ذَكَرَ مَعَهُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ.
وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ مُتَلاَزِمَانِ مُتَّحِدَانِ لاَ يَنْفَصِلُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخِرِ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقْرِنُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الآيَاتِ بَيْنَهُمَا؛ لِيُبَيِّنَ لَنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الإِيمَانَ يَقْتَضِي الْعَمَلَ الصَّالِحَ، بَلْ أَكَّدَتِ النُّصُوصُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الْعَمَلَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الإِيمَانِ، مِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ عَنِ الْفَائِزِينَ مِنْ عِبَادِهِ:)إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ([يونس :9-10]، كَمَا يَسْتَثْنِي سُبْحَانَهُ أَهْلَ الإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنَ الْوَعِيدِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: )وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ([ العصر:1-3]، فَهَلْ يُتَصَوَّرُ إِيمَانٌ بِدُونِ عَمَلٍ صَالِحٍ؟!.
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ: إِنَّ ثَوَابَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَبَرَكَتَهُ يَنَالُهُ الإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، فَفِي الدُّنْيَا يَكُونُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ سَبَباً مُبَاشِراً فِي الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ؛ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: )مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ([ النحل:97].
وَهُوَ سَبَبٌ فِي الأَمْنِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ؛ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: )وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ([ النور:55]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الثِّمَارِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ.
وَأَمَّا فِي الآخِرَةِ: فَفَضْلُ اللهِ أَكْبَرُ، وَكَرَمُهُ أَوْسَعُ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ:)وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ([ النساء:57]، وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:« قَالَ اللهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ: مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمَعِتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: )فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ([ السجدة:17].
فاجتهدوا عباد الله في التزود من الأعمال الصالحة قدر الطاقة، وأبشروا بما لا يخطر على البال من الطمئنينة والحياة السعيدة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.



الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نبينا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وعليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً..
أما بعد فاتقوا الله عباد الله ثم اعلموا رحمكم الله
أنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ بَابٌ كَبِيرٌ، لاَ يَنْحَصِرُ فِي الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَنَوَافِلِهَا، كَمَا جَاءَ مُبَيَّناً فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ حَيْثُ قَالَ: « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ »[أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم:«كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ»[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَمَفَاتِيحِ الْخَيْرِ، وَمِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَعْمَقِهَا أَثَراً: أَعْمَالُ الْقُلُوبِ: مِنْ خَشْيَةٍ وَمُرَاقَبَةٍ وَتَعْظِيمٍ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ قَالَ تَعَالَى:)ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ([ الحج:32]، كَمَا أَنَّ مِنْ خَيْرِ الْعَمَلِ: تَرْكَ مَعْصِيَةِ اللهِ.
عباد الله ونحن على أبواب موسم كريم من مواسم الأعمال الصالحة يضاعف الله فيه الأجور وتعظم المسابقة فيه إلى دار النعيم والحبور، جدير بنا أن نعقد العزم على الاستكثار فيه من الأعمال الصالحة، وعمارة أوقاته بالطاعات والمبادرة إلى فعل الخيرات.. لا الاستعداد له بالمآكل والمشارب والتخطيط فيه للسهر وضياع الأوقات.. ولنوقن حقاً بأن مَنْ صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَسَّرَ لَهُ سُبُلَ الْخَيْرِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وقال جلا وعلا ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ([ الكهف:110].
أسأل الله بمنه وكرمه أن يبلغنا شهر رمضان لا فاقدين ولا مفقودين وأن يعننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه جواد كريم.
هذا وصلوا وسلموا من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولاً كريماً...
المشاهدات 3448 | التعليقات 4

ماشاء الله تبارك الرحمن
خطبة بليغه ومختصلره
لافض فوك ولاعدمك محبوك
كم نحن بحاجه الى مثل هذه الخطب المختصره التي تؤدي المضمون ولاتصيب السامع بالملل


جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا


نفع الله بك شيخ فيصل وبكل الأخوة المشاركين والمعلقين خطبة رائعة كروعة ذوقك والظاهر في حسن اختيارك.

ننتظر مزيدا من الزيارات المتكررة والوجود الفاعل شيخ فيصل.