أوثق عرى الإيمان

حاطب خير
1435/06/03 - 2014/04/03 18:28PM
أوثق عرى الإيمان

عباد الله
عقيدة من عقائد المسلمين ، وركن من أركان الدين العظيم ، أكثر الله من ذكرها في كتابه ، وقررها النبي  في صحيح بيانه ،
عاتب الله نوحا من أجلها ، وأثنى من أجلها على إبراهيم ومن آمن من قومه ، أكدَّ القرآن عليها ، وقررتها السنة النبوية ،
إنها عقيدة الولاء والبراء، الولاء والبراء أصل عظيم من أصول الإسلام، وعقيدة راسخة في قلوب أهل الإيمان، هي أوثق عرى الإيمان ولن يجد المسلم حلاوة الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون ولاؤه ومحبته ونصرته لله ولرسوله وللمؤمنين، وبراؤه وبغضه وعداؤه لأعداء الله الكافرين.قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ)
وقال تعالى في بيان لمن تكون هذه الموالاة: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
فانتماء المسلم واضح بين بهذه الآية الكريمة، فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم . يقتدي آخرهم بأوّلهم، ويدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض قال الله تعالى:
(وَٱلَّذِينَ جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإَيمَـٰنِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ) والله تعالى أمر بمعاداة أعدائه فى آيات كثيرة قال تعالى:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة : 4 )
وليست البراءة من الكفر دون من كفر بالله، ولا من الشرك دون من أشرك بالله، بل البراءة تكون من الكفر وأهله والشرك وأهله
قال تعالى : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ )
وبين الله سبحانه وتعالى أن الإيمان لا يجتمع مع مودة الكافرين ولو كانوا من الأهل والإخوان والآباء والأمهات ومن سواهم من الأقارب، فقال عز وجل:
( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)
وبين الله سبحانه وتعالى أن من يتخذ اليهود والنصارى وكذا من سواهم من الكفار أولياء فإنه منهم ، ومقتضى ذلك أن من تولاهم فإنه يكون كافراً مثلهم قال الله تعالى :
(يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ) وقال الله عز وجل في سورة آل عمران : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ )[آل عمران:28] أي: فالله عز وجل بريء منه.
وبين الله عز وجل أن من اتخذ الكفار أولياء فإنه ملعون مسخوط عليه من الله سبحانه وتعالى فقال: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ )[المائدة:81]^.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن النبي أنه قال: (أَوثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ في اللهِ وَالبُغضُ في اللهِ).وروى الإمام أحمد بسند حسن عن جرير بن عبد الله البجلي أن النبي  (بايعه على أن ينصح لكل مسلم، وأن يبرأ من الكفار).وقال ابن عباس  : (( من أَحِبَّ لِلَّهِ ، وَأَبْغِضْ لِلَّهِ ، وَعَادِى فِي اللَّهِ ، وَوَالِى فِي اللَّهِ فَإِنَّهُ لا تُنَالُ وَلايَةُ اللَّهِ إِلا بِذَلِكَ ، وَلا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الإيمَانِ وَإِنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ ))
عباد الله
إن قاعدة (البغض العقدي للكافر) قد أطبقت عليها المذاهب الأربعة لأهل السنة والجماعة فقد قال السَّرَخْسِيُّ الحنفي-رحمه الله تعالى- تعليقا على قول ابن رواحة  لليهود: " إنكم من أبغض خلق الله تعالى إلي " قال رحمه الله : (وهكذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في بغض اليهود بهذه الصفة) [المبسوط، للسرخسي، 23/11].
وقال ابن الْحَاجِّ المالكي-رحمه الله تعالى-: (واجب على كل مسلم أن يبغض في الله من يكفر به) [المدخل، لابن الحاج، 2/47].
وقال الشِّرْبِينِيُّ الشافعي-رحمه الله تعالى-: (وتحرم مودة الكافر) [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، للشربيني].
وقال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : " على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي، فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه "


الخطبة الثانية

عباد الله
اتقوا الله واعلموا أن المحبة التي يحرم صرفها للكافرين ، هي المحبة الدينية، وأما المحبة الطبيعية لقرابة أو زواج ، فهذه هي المحبة المباحة المعفو عنها، كمحبة الرجل أباه الكافر وزوجته الكتابية مع بغضهم لما هم عليه من الكفر
قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (2/294) :
"وأما الكافر فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى :
(لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .
قال الحافظ ابن حجر( الفتح5/276): ثم البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه
عباد الله
إن مما يؤسف له أن يرد بعض الناس النصوص الشرعية المحكمة، ، لشبه عقلية وأوهام فكرية ومن ذلك أن الكفار غير الحربيين لا نعاديهم ،وهل ولاء المسلم وبراؤه يكون لحق نفسه ولا يكون لحق ربه جل وعلا؟ وهل أعلن إبراهيم عليه السلام عداوته لقومه إلا لكفرهم بالله ألم يعلم هؤلاء أن كل كافر فهو عدو لله بمجرد كفره كما قال تعالى (فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) وعداوة المؤمن تبع لعداوة الله كما قال تعالى (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) [النساء:101].فكل مؤمن لابد أن يقوم في نفسه "العداوة القلبية الدينية" لكل عدو لخالقه ومولاه جل وعلا
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ،وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)




.
المشاهدات 3748 | التعليقات 4

جزاك الله خيرا


جزيت خيرا وزادك الله من فضله شيخ حاطب فأنت حاطب فعلا فقد جمعت من المعلومات ما أنضجت به عقولنا مما صغته عن هذا الركن العظيم وهذه العروة الكبيرة الأصيلة.


وإياك يا شيخ / شبيب القحطاني


وإياك يا شيخ / زياد الريسي





.