خطبة : ( على ضفاف العفاف )
عبدالله البصري
1433/05/20 - 2012/04/12 07:21AM
على ضفاف العفاف 21 / 5 / 1433
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " إِنَّ لِلمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتِ النَّعِيمِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، نَستَأذِنُكُمُ اليَومَ لِنُوَجِّهَ الحَدِيثَ لِقُلُوبٍ تَمَلَّكَهَا الحُبُّ وَالهَوَى ، وَاستَولى عَلَيهَا الوِدُّ وَالجَوَى ، فَرَفرَفَت بِهِ أَجنِحَتُهَا ، وَتَرَدَّدَ صَوتُهُ في جَوَانِحِهَا ، إِنَّهَا قُلُوبٌ تُحِبُّ وَتُحَبُّ ، وَقَد تَعشِقُ وَتُعشَقُ ، فَتَهِيمُ وَتُتَيَّمُ وَيَصعُبُ رَدُّهَا لِعَافِيَتِهَا ، إِنَّهُم شَبَابٌ عُزَّابٌ ، قُدِّرَ لهمُ العَيشُ في زَمَنٍ خَلَت فِيهِ الأَيدِي مِن ثَقِيلِ الأَعمَالِ وَشَاقِّ الأَشغَالِ ، فَتَفَرَّغَتِ القُلُوبُ وَالعُقُولُ لِلتَّفكِيرِ فِيمَا تُحَصَّلُ بِهِ الشَّهَوَاتُ ، وَالبَحثِ عَمَّا تُنَالُ بِهِ الأَوطَارُ وَالرَّغَبَاتُ ، وَمَالها لا تَفعَلُ وَقَدِ انفَتَحَت عَلَيهَا الأَبوَابُ وَحَاصَرَتهَا جُيُوشُ الخَرَابِ ، وَصَارَت تَرَى مَشَاهِدَ الرَّذِيلَةِ وَصُوَرَ العُهرِ في قَنَوَاتٍ وَجَوَّالاتٍ وَشَبَكَاتٍ ، لا يَحُولُ بَينَهَا وَبَينَ ذَلِكَ حَائِلٌ ، وَلا يَردَعُهَا عَنهُ رَادِعٌ . فَرُحمَاكَ اللَّهُمَّ رُحمَاكَ .
أَيُّهَا الشَّبَابُ الحَالِمُونَ ، إِنَّ الحَقِيقَةَ أَكبَرُ ممَّا بِهِ تَحلُمُونَ ، وَالأَمرَ أَعظَمُ مِمَّا تَتَصَوَّرُونَ ، وَالدُّنيَا بِشَهَوَاتِهَا وَملَذَّاتِهَا ، لَيسَت هِيَ الغَايَةَ وَلا مُنتَهَى الآمَالِ ، وَلَكِنَّهَا قَصِيرَةٌ حَقِيرَةٌ قَلِيلَةٌ ، لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ، وَأَنتُم عَنهَا رَاحِلُونَ ، وَإِلى رَبِّكُم رَاجِعُونَ ، وَبِأَعمَالِكُم مَجزِيُّونَ ، وَعَلَى مَا قَدَّمتُم مُحَاسَبُونَ ، وَالمَصِيرُ إِمَّا إِلى جَنَّةِ المَأوَى وَإِمَّا إِلى نَارٍ تَلَظَّى " فَأَمَّا مَن طَغَى . وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا . فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى . وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى . فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى "
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، مَهمَا تَلَفَّتَ أَصحَابُكُم يَمِينًا وَشِمَالاً ، وَأَغرَتهُم فُتُوَّتُهُم أَو غَرَّهُم رَونَقُ الشَّبَابِ ، فَتَمَرَّدُوا وَتَهَوَّرُوا ، وَلَعِبُوا وَطَرِبُوا ، فَإِنَّ صِفَةَ العَفَافِ هِيَ خَيرُ مَا اتَّصَفَ بِهِ الشَّابُّ المُسلِمُ في حَيَاتِهِ ، لِيَفُوزَ بِرِضَا رَبِّهِ بَعدَ مَمَاتِهِ ، وَمِنَ السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ " شَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللهِ " وَ" رَجُلٌ دَعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِني أَخَافُ اللهَ "
العَفَافُ أَوِ العِفَّةُ ـ مَعشَرَ الشَّبَابِ ـ سِيمَا الأَنبِيَاءِ وَحِليَةُ العُلَمَاءِ ، وَتَاجُ العُبَّادِ وَالأَولِيَاءِ ، العَفَافُ سُلطَانٌ مِن غَيرِ تَاجٍ ، وَغِنىً مِن غَيرِ مَالٍ ، وَقُوَّةٌ مِن غَيرِ بَطشٍ ، العَفَافُ خُلُقٌ كَرِيمٌ وَوَصفٌ زَكِيٌّ ، يَنبُتُ في رَوضِ الإِيمَانِ وَيُسقَى بِمَاءِ الحَيَاءِ ، جُذُورُهُ الإِيمَانُ وَالتَّقوَى ، وَثَمَرَتُهُ نُورٌ في الوُجُوهِ وَصَفَاءٌ لِلقُلُوبِ ، وَانشِرَاحٌ في الصُّدُورِ وَطُمَأنِينَةٌ لِلنُّفُوسِ ، هُوَ عُنوَانُ الأُسَرِ الكَرِيمَةِ ، وَرَمزُ المُجتَمَعَاتِ الطَّاهِرَةِ ، إِنَّهُ سُمُوُّ النَّفسِ عَلَى الشَّهَوَاتِ الدَّنِيئَةِ ، وَتَرَفُّعُ الهِمَّةِ عَمَّا لا يَلِيقُ ، صَاحِبُهُ لَيسَ بِالهَلُوعِ وَلا بِالجَزُوعِ ، وَلَكِنَّهُ مُؤمِنٌ شُجَاعٌ مُفلِحٌ ، دَاخِلٌ فِيمَن وَصَفَهُمُ اللهُ فَقَالَ : " وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ " ثم وَعَدَهُم بِأَغلَى مَا يُنَالُ فَقَالَ : " أُولَئِكَ في جَنَّاتٍ مُكرَمُونَ " " أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ " وَلَولا أَنَّهُم دَخَلُوا جَنَّةَ العَفَافِ في الدُّنيَا وَأَكرَمُوا أَنفُسَهُم عَنِ الدَّنَايَا ، لما أَكرَمَهُمُ اللهُ في الآخِرَةِ بِأَعلَى الدَّرَجَاتِ وَلما وَهَبَهُم أَحسَنَ العَطَايَا ، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ لَمَّا ذَكَرَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَهلَ الجَنَّةِ قَالَ : " وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ " وَعِندَ البُخَارِيِّ وَغَيرِهِ : " مَن يَضمَنْ لي مَا بَينَ لَحيَيهِ وَمَا بَينَ رِجلَيهِ أَضمَنْ لَهُ الجَنَّةَ " وَعِندَ الإِمَامِ أَحمَدَ وَغَيرِهِ : " اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ : اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم ، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم ، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم ، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم ، وغُضُّوا أَبصَارَكُم ، وكُفُّوا أَيدِيَكُم " حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، إِنَّهُ وَإِنْ تَهَيَّأَت في زَمَانِنَا فُرَصٌ أَو تَيَسَّرَت أَسبَابٌ لِمُمَارَسَةِ الرَّذِيلَةِ ، فَإِنَّهَا لَيسَت لَكُم وَحدَكُم ، وَلم تَكُنْ وَلِيدَةَ هَذَا الزَّمَانِ فَحَسبُ ، فَقَد تَهَيَّأَت لِغَيرِكُم ممَّن كَانَ قَبلَكُم ، وَفُتِحَت الأَبوَابُ عَلَى مَصَارِيعِهَا لِبَعضِ سَلَفِكُم ، فَتَرَكُوا مُوَاقَعَةَ الشَّهَوَاتِ للهِ ، إِيمَانًا بِوَعدِهِ وَخَوفًا مِن وَعِيدِهِ ، فَأَعلَى اللهُ ذِكرَهُم وَرَفَعَهُم دَرَجَاتٍ وَأَكرَمَهُم ، أَلم تَقرَؤُوا مَوقِفَ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ، يُوسُفُ بنُ يَعقُوبَ بنِ إِبرَاهِيمَ ـ عَلَيهِمُ السَّلامُ ـ ذَلِكُمُ النَّبيُّ الَّذِي أُوتي مِنَ الحُسنِ وَالجَمَالِ مَا يَزِنُ نِصفَ جَمَالِ العَالَمِينَ ، وَحِينَ ابتُلِيَ بما ابتُلِيَ بِهِ وَهُوَ فَتىً قَد نَأَت بِهِ الدَّارُ وَفَارَقَ الأَهلَ وَالوَطَنَ ، وَكَانَ عِندَ امرَأَةِ العَزِيزِ ، فَرَاوَدَتهُ عَن نَفسِهِ " وَغَلَّقَتِ الأَبوَابَ وَقَالَت هَيتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحسَنَ مَثوَايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالِمُونَ " مَعَاذَ اللهِ ، مَا أَعظَمَهَا مِن كَلِمَةٍ في مَوقِفٍ عَصِيبٍ ، لم يَكُنْ ثَمَنُهَا أَنْ فَاتَتهُ شَهوَةٌ فَحَسبُ ، وَلَكِنَّ ثَمَنَهَا كَانَ غَالِيًا ، وَعِيدٌ وَتَهدِيدٌ ، وَسَجنٌ وَتَقيِيدٌ ، وَلَكِنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ ، إِذْ تَجَاوَزَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ المِحنَةَ ، ثم آتَاهُ اللهُ المُلكَ وَعَلَّمَهُ مِن تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ ، وَجَعَلَهُ مِن عِبَادِهِ المُخلَصِينَ ، في قِصَّةٍ عَظِيمَةٍ لِفَتىً كَرِيمٍ تَرَكَ شَهوَتَهُ خَوفًا مِن رَبِّهِ وَاتِّقَاءً لِغَضَبِهِ ، فَكَانَتِ العَاقِبَةُ أَن أَغنَاهُ اللهُ وَأَنَارَ قَلبَهُ وَأَضَاءَ بَصِيرَتَهُ ، وَعَوَّضَهُ العِلمَ وَالفِرَاسَةَ وَالتَّوفِيقَ .
وَمَا يَزَالُ الفَضلُ مِنَ اللهِ ـ سُبحَانَهُ ـ عَلَى أَهلِ العَفَافِ مُستَمِرًّا " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ . جَزَاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتُ عَدنٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ " نَعَم " ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلِمَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ " نَعَم "جَنَّتَانِ " وَفي هَاتَينِ الجَنَّتَينِ " قَاصِرَاتُ الطَّرفِ " ممَّن " كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالمَرجَانُ " وَفِيهِنَّ " خَيرَاتٌ حِسَانٌ " وُصِفنَ بِأَنَّهُنَّ " حُورٌ مَقصُورَاتٌ في الخِيَامِ " " لم يَطمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبلَهُم وَلا جَانٌّ " هَذَا جَزَاءُ اللهِ لأَهلِ الإِيمَانِ ، عَفُّوا في الدُّنيَا عَنِ النِّسَاءِ الفَاتِنَاتِ وَالغَانِيَاتِ ، فَجُزُوا في الآخِرَةِ بِنِسَاءٍ عَفِيفَاتٍ طَاهِرَاتٍ مُطَهَّرَاتٍ جَمِيلاتٍ ، وَهَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانُ ؟!
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، أَلم تَقرَؤُوا في صِفَاتِ عِبَادِ الرَّحمَنِ قَولَ الرَّحمَنِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ : " وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُدْ فِيهِ مُهَانًا " إِنْ لم تَكُونُوا قَرَأتُم هَذِهِ الآيَةَ أَو كَانَ عَهدُكُم بها بَعِيدًا فَاسمَعُوهَا مَرَّةً أُخرَى وَعُوهَا ، يَقُولُ رَبُّكُم ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُدْ فِيهِ مُهَانًا " هَل تَأَمَّلتُم وَتَدَبَّرتُم ؟!
لَقَد قَرَنَ الرَّحمَنُ بَينَ الشِّركِ وَقَتلِ النَّفسِ وَالزِّنَا ، فَنَفَاهَا جَمِيعًا عَن عِبَادِهِ ، ثم بَيَّنَ جَزَاءَ مَن فَعَلَهَا ، حَيثُ يُضَاعَفُ لَهُ العَذَابُ وَيَخلُدُ في المَهَانَةِ وَالذِّلَّةِ وَالحَقَارَةِ ، وَقَد بَيَّنَ الرَّحِيمُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ طَرَفًا مِن ذَلِكَ العَذَابِ المُهِينِ لِمَن هَتَكَ سِترَ العَفَافِ وَوَقَعَ في الزِّنَا ، فَعَن سَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " إِنَّهُ أَتَاني اللَّيلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابتَعَثَاني ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لي انطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ..." فَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ : " فَانطَلَقنَا فَأَتَينَا عَلَى مِثلِ التَّنُّورِ " قَالَ : فَأَحسَبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصوَاتٌ " قَالَ : " فَاطَّلَعنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُم يَأتِيهِم لَهَبٌ مِن أَسفَلَ مِنهُم ، فَإِذَا أَتَاهُم ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوضَوا " الحَدِيثَ ... وَفي آخِرِهِ قَالَ : " وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ في مِثلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَاني " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . فَتَبًّا لِمَن لم يَصبِرْ وَيَتَعَفَّفْ ! وَيَا لَخَسَارَةِ مَن لم يَضبِطْ نَفسَهُ وَيَلزَمِ الحُدُودَ الَّتي شَرَعَها اللهُ لَهُ ، مُتَذَرِّعًا بِغَلَبَةِ الشَّهوَةِ ، أَو مُنسَاقًا وَرَاءَ اللَّذَّةِ ، أَو مُتَأَثِّرًا بِعَالَمِ الانفِتَاحِ عَلَى الرَّذِيلَةِ وَالتَّحلُّلِ مِنَ الفَضِيلَةِ !!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ مَعَشرَ الشَّبَابِ ـ وَاحذَرُوا مَا يُحَارَبُ بِهِ جَانِبُ العَفَافِ وَالفَضِيلَةِ ، أَو مَا يُحَاوَلُ أَن يُكسَرَ بِهِ حَاجِزُ الحَيَاءِ وَتُنبَذَ بِهِ الحِشمَةُ ، مِن دَعَوَاتِ السُّفُورِ وَالاختِلاطِ في المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ ، أَو تَسهِيلِ لِقَاءِ الجِنسَينِ في الأَعمَالِ وَالأَسوَاقِ وَالمُؤَتَمَرَاتِ ، أَوِ المَجَالِسِ الثَّقَافِيَّةِ المَزعُومَةِ وَالمُنَتَدَيَاتِ ، أَو مُشَارَكَةِ النِّسَاءِ في الأَلعَابِ وَالمُسَابَقَاتِ ، أَو مَا يُتَنَاقَلُ مِن مَقَاطِعِ العُرِيِّ الفَاضِحَةِ وَمَشَاهِدِ الرَّذِيلَةِ في الجَوَّالاتِ وَالشَّبَكَاتِ ، فَإِنَّ الحَيَاةَ الطَّاهِرَةَ تَحتَاجُ إِلى عَزَائِمِ الأَخيَارِ ، وَأَمَّا عِيشَةُ الرَّذِيلَةِ فَطَرِيقُهَا التَّسَاهُلُ وَالانحِدَارُ ، وَإِنَّهُ لَو لم يَكُنْ ذَلِكُمُ العَذَابُ المُضَاعَفُ هُوَ جَزَاءَ مَن خَرَجُوا مِن حِصنِ العَفَافِ وَتَجَاوَزُوا سِيَاجَ الفَضِيلَةِ ، لَكَانَتِ الأَمرَاضُ الوَبَائِيَّةُ الفَتَّاكَةُ الَّتي يُبلَى بها الزُّنَاةُ كَافِيةً لِرَدعِ نُفُوسِ العُقَلاءِ عَنِ الانسِيَاقِ وَرَاءَ الشَّهَوَاتِ النَّتِنَةِ ، وَمَنعِهِم مِن خَوضِ مُستَنقَعِ اللَّذَّاتِ الآسِنَةِ .
فَاتَّقُوا اللهَ وَاحذَرُوا " وَلا تَقرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، نَستَأذِنُكُمُ اليَومَ لِنُوَجِّهَ الحَدِيثَ لِقُلُوبٍ تَمَلَّكَهَا الحُبُّ وَالهَوَى ، وَاستَولى عَلَيهَا الوِدُّ وَالجَوَى ، فَرَفرَفَت بِهِ أَجنِحَتُهَا ، وَتَرَدَّدَ صَوتُهُ في جَوَانِحِهَا ، إِنَّهَا قُلُوبٌ تُحِبُّ وَتُحَبُّ ، وَقَد تَعشِقُ وَتُعشَقُ ، فَتَهِيمُ وَتُتَيَّمُ وَيَصعُبُ رَدُّهَا لِعَافِيَتِهَا ، إِنَّهُم شَبَابٌ عُزَّابٌ ، قُدِّرَ لهمُ العَيشُ في زَمَنٍ خَلَت فِيهِ الأَيدِي مِن ثَقِيلِ الأَعمَالِ وَشَاقِّ الأَشغَالِ ، فَتَفَرَّغَتِ القُلُوبُ وَالعُقُولُ لِلتَّفكِيرِ فِيمَا تُحَصَّلُ بِهِ الشَّهَوَاتُ ، وَالبَحثِ عَمَّا تُنَالُ بِهِ الأَوطَارُ وَالرَّغَبَاتُ ، وَمَالها لا تَفعَلُ وَقَدِ انفَتَحَت عَلَيهَا الأَبوَابُ وَحَاصَرَتهَا جُيُوشُ الخَرَابِ ، وَصَارَت تَرَى مَشَاهِدَ الرَّذِيلَةِ وَصُوَرَ العُهرِ في قَنَوَاتٍ وَجَوَّالاتٍ وَشَبَكَاتٍ ، لا يَحُولُ بَينَهَا وَبَينَ ذَلِكَ حَائِلٌ ، وَلا يَردَعُهَا عَنهُ رَادِعٌ . فَرُحمَاكَ اللَّهُمَّ رُحمَاكَ .
أَيُّهَا الشَّبَابُ الحَالِمُونَ ، إِنَّ الحَقِيقَةَ أَكبَرُ ممَّا بِهِ تَحلُمُونَ ، وَالأَمرَ أَعظَمُ مِمَّا تَتَصَوَّرُونَ ، وَالدُّنيَا بِشَهَوَاتِهَا وَملَذَّاتِهَا ، لَيسَت هِيَ الغَايَةَ وَلا مُنتَهَى الآمَالِ ، وَلَكِنَّهَا قَصِيرَةٌ حَقِيرَةٌ قَلِيلَةٌ ، لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ، وَأَنتُم عَنهَا رَاحِلُونَ ، وَإِلى رَبِّكُم رَاجِعُونَ ، وَبِأَعمَالِكُم مَجزِيُّونَ ، وَعَلَى مَا قَدَّمتُم مُحَاسَبُونَ ، وَالمَصِيرُ إِمَّا إِلى جَنَّةِ المَأوَى وَإِمَّا إِلى نَارٍ تَلَظَّى " فَأَمَّا مَن طَغَى . وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا . فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى . وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى . فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى "
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، مَهمَا تَلَفَّتَ أَصحَابُكُم يَمِينًا وَشِمَالاً ، وَأَغرَتهُم فُتُوَّتُهُم أَو غَرَّهُم رَونَقُ الشَّبَابِ ، فَتَمَرَّدُوا وَتَهَوَّرُوا ، وَلَعِبُوا وَطَرِبُوا ، فَإِنَّ صِفَةَ العَفَافِ هِيَ خَيرُ مَا اتَّصَفَ بِهِ الشَّابُّ المُسلِمُ في حَيَاتِهِ ، لِيَفُوزَ بِرِضَا رَبِّهِ بَعدَ مَمَاتِهِ ، وَمِنَ السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ " شَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللهِ " وَ" رَجُلٌ دَعَتهُ امرَأَةٌ ذَاتُ مَنصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِني أَخَافُ اللهَ "
العَفَافُ أَوِ العِفَّةُ ـ مَعشَرَ الشَّبَابِ ـ سِيمَا الأَنبِيَاءِ وَحِليَةُ العُلَمَاءِ ، وَتَاجُ العُبَّادِ وَالأَولِيَاءِ ، العَفَافُ سُلطَانٌ مِن غَيرِ تَاجٍ ، وَغِنىً مِن غَيرِ مَالٍ ، وَقُوَّةٌ مِن غَيرِ بَطشٍ ، العَفَافُ خُلُقٌ كَرِيمٌ وَوَصفٌ زَكِيٌّ ، يَنبُتُ في رَوضِ الإِيمَانِ وَيُسقَى بِمَاءِ الحَيَاءِ ، جُذُورُهُ الإِيمَانُ وَالتَّقوَى ، وَثَمَرَتُهُ نُورٌ في الوُجُوهِ وَصَفَاءٌ لِلقُلُوبِ ، وَانشِرَاحٌ في الصُّدُورِ وَطُمَأنِينَةٌ لِلنُّفُوسِ ، هُوَ عُنوَانُ الأُسَرِ الكَرِيمَةِ ، وَرَمزُ المُجتَمَعَاتِ الطَّاهِرَةِ ، إِنَّهُ سُمُوُّ النَّفسِ عَلَى الشَّهَوَاتِ الدَّنِيئَةِ ، وَتَرَفُّعُ الهِمَّةِ عَمَّا لا يَلِيقُ ، صَاحِبُهُ لَيسَ بِالهَلُوعِ وَلا بِالجَزُوعِ ، وَلَكِنَّهُ مُؤمِنٌ شُجَاعٌ مُفلِحٌ ، دَاخِلٌ فِيمَن وَصَفَهُمُ اللهُ فَقَالَ : " وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ " ثم وَعَدَهُم بِأَغلَى مَا يُنَالُ فَقَالَ : " أُولَئِكَ في جَنَّاتٍ مُكرَمُونَ " " أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ " وَلَولا أَنَّهُم دَخَلُوا جَنَّةَ العَفَافِ في الدُّنيَا وَأَكرَمُوا أَنفُسَهُم عَنِ الدَّنَايَا ، لما أَكرَمَهُمُ اللهُ في الآخِرَةِ بِأَعلَى الدَّرَجَاتِ وَلما وَهَبَهُم أَحسَنَ العَطَايَا ، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ لَمَّا ذَكَرَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَهلَ الجَنَّةِ قَالَ : " وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ " وَعِندَ البُخَارِيِّ وَغَيرِهِ : " مَن يَضمَنْ لي مَا بَينَ لَحيَيهِ وَمَا بَينَ رِجلَيهِ أَضمَنْ لَهُ الجَنَّةَ " وَعِندَ الإِمَامِ أَحمَدَ وَغَيرِهِ : " اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ : اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم ، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم ، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم ، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم ، وغُضُّوا أَبصَارَكُم ، وكُفُّوا أَيدِيَكُم " حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، إِنَّهُ وَإِنْ تَهَيَّأَت في زَمَانِنَا فُرَصٌ أَو تَيَسَّرَت أَسبَابٌ لِمُمَارَسَةِ الرَّذِيلَةِ ، فَإِنَّهَا لَيسَت لَكُم وَحدَكُم ، وَلم تَكُنْ وَلِيدَةَ هَذَا الزَّمَانِ فَحَسبُ ، فَقَد تَهَيَّأَت لِغَيرِكُم ممَّن كَانَ قَبلَكُم ، وَفُتِحَت الأَبوَابُ عَلَى مَصَارِيعِهَا لِبَعضِ سَلَفِكُم ، فَتَرَكُوا مُوَاقَعَةَ الشَّهَوَاتِ للهِ ، إِيمَانًا بِوَعدِهِ وَخَوفًا مِن وَعِيدِهِ ، فَأَعلَى اللهُ ذِكرَهُم وَرَفَعَهُم دَرَجَاتٍ وَأَكرَمَهُم ، أَلم تَقرَؤُوا مَوقِفَ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ابنِ الكَرِيمِ ، يُوسُفُ بنُ يَعقُوبَ بنِ إِبرَاهِيمَ ـ عَلَيهِمُ السَّلامُ ـ ذَلِكُمُ النَّبيُّ الَّذِي أُوتي مِنَ الحُسنِ وَالجَمَالِ مَا يَزِنُ نِصفَ جَمَالِ العَالَمِينَ ، وَحِينَ ابتُلِيَ بما ابتُلِيَ بِهِ وَهُوَ فَتىً قَد نَأَت بِهِ الدَّارُ وَفَارَقَ الأَهلَ وَالوَطَنَ ، وَكَانَ عِندَ امرَأَةِ العَزِيزِ ، فَرَاوَدَتهُ عَن نَفسِهِ " وَغَلَّقَتِ الأَبوَابَ وَقَالَت هَيتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحسَنَ مَثوَايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالِمُونَ " مَعَاذَ اللهِ ، مَا أَعظَمَهَا مِن كَلِمَةٍ في مَوقِفٍ عَصِيبٍ ، لم يَكُنْ ثَمَنُهَا أَنْ فَاتَتهُ شَهوَةٌ فَحَسبُ ، وَلَكِنَّ ثَمَنَهَا كَانَ غَالِيًا ، وَعِيدٌ وَتَهدِيدٌ ، وَسَجنٌ وَتَقيِيدٌ ، وَلَكِنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ ، إِذْ تَجَاوَزَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ المِحنَةَ ، ثم آتَاهُ اللهُ المُلكَ وَعَلَّمَهُ مِن تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ ، وَجَعَلَهُ مِن عِبَادِهِ المُخلَصِينَ ، في قِصَّةٍ عَظِيمَةٍ لِفَتىً كَرِيمٍ تَرَكَ شَهوَتَهُ خَوفًا مِن رَبِّهِ وَاتِّقَاءً لِغَضَبِهِ ، فَكَانَتِ العَاقِبَةُ أَن أَغنَاهُ اللهُ وَأَنَارَ قَلبَهُ وَأَضَاءَ بَصِيرَتَهُ ، وَعَوَّضَهُ العِلمَ وَالفِرَاسَةَ وَالتَّوفِيقَ .
وَمَا يَزَالُ الفَضلُ مِنَ اللهِ ـ سُبحَانَهُ ـ عَلَى أَهلِ العَفَافِ مُستَمِرًّا " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ . جَزَاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتُ عَدنٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ " نَعَم " ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلِمَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ " نَعَم "جَنَّتَانِ " وَفي هَاتَينِ الجَنَّتَينِ " قَاصِرَاتُ الطَّرفِ " ممَّن " كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالمَرجَانُ " وَفِيهِنَّ " خَيرَاتٌ حِسَانٌ " وُصِفنَ بِأَنَّهُنَّ " حُورٌ مَقصُورَاتٌ في الخِيَامِ " " لم يَطمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبلَهُم وَلا جَانٌّ " هَذَا جَزَاءُ اللهِ لأَهلِ الإِيمَانِ ، عَفُّوا في الدُّنيَا عَنِ النِّسَاءِ الفَاتِنَاتِ وَالغَانِيَاتِ ، فَجُزُوا في الآخِرَةِ بِنِسَاءٍ عَفِيفَاتٍ طَاهِرَاتٍ مُطَهَّرَاتٍ جَمِيلاتٍ ، وَهَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانُ ؟!
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، أَلم تَقرَؤُوا في صِفَاتِ عِبَادِ الرَّحمَنِ قَولَ الرَّحمَنِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ : " وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُدْ فِيهِ مُهَانًا " إِنْ لم تَكُونُوا قَرَأتُم هَذِهِ الآيَةَ أَو كَانَ عَهدُكُم بها بَعِيدًا فَاسمَعُوهَا مَرَّةً أُخرَى وَعُوهَا ، يَقُولُ رَبُّكُم ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَومَ القِيَامَةِ وَيَخلُدْ فِيهِ مُهَانًا " هَل تَأَمَّلتُم وَتَدَبَّرتُم ؟!
لَقَد قَرَنَ الرَّحمَنُ بَينَ الشِّركِ وَقَتلِ النَّفسِ وَالزِّنَا ، فَنَفَاهَا جَمِيعًا عَن عِبَادِهِ ، ثم بَيَّنَ جَزَاءَ مَن فَعَلَهَا ، حَيثُ يُضَاعَفُ لَهُ العَذَابُ وَيَخلُدُ في المَهَانَةِ وَالذِّلَّةِ وَالحَقَارَةِ ، وَقَد بَيَّنَ الرَّحِيمُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ طَرَفًا مِن ذَلِكَ العَذَابِ المُهِينِ لِمَن هَتَكَ سِترَ العَفَافِ وَوَقَعَ في الزِّنَا ، فَعَن سَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " إِنَّهُ أَتَاني اللَّيلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابتَعَثَاني ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لي انطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ..." فَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ : " فَانطَلَقنَا فَأَتَينَا عَلَى مِثلِ التَّنُّورِ " قَالَ : فَأَحسَبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصوَاتٌ " قَالَ : " فَاطَّلَعنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُم يَأتِيهِم لَهَبٌ مِن أَسفَلَ مِنهُم ، فَإِذَا أَتَاهُم ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوضَوا " الحَدِيثَ ... وَفي آخِرِهِ قَالَ : " وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ في مِثلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَاني " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . فَتَبًّا لِمَن لم يَصبِرْ وَيَتَعَفَّفْ ! وَيَا لَخَسَارَةِ مَن لم يَضبِطْ نَفسَهُ وَيَلزَمِ الحُدُودَ الَّتي شَرَعَها اللهُ لَهُ ، مُتَذَرِّعًا بِغَلَبَةِ الشَّهوَةِ ، أَو مُنسَاقًا وَرَاءَ اللَّذَّةِ ، أَو مُتَأَثِّرًا بِعَالَمِ الانفِتَاحِ عَلَى الرَّذِيلَةِ وَالتَّحلُّلِ مِنَ الفَضِيلَةِ !!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ مَعَشرَ الشَّبَابِ ـ وَاحذَرُوا مَا يُحَارَبُ بِهِ جَانِبُ العَفَافِ وَالفَضِيلَةِ ، أَو مَا يُحَاوَلُ أَن يُكسَرَ بِهِ حَاجِزُ الحَيَاءِ وَتُنبَذَ بِهِ الحِشمَةُ ، مِن دَعَوَاتِ السُّفُورِ وَالاختِلاطِ في المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ ، أَو تَسهِيلِ لِقَاءِ الجِنسَينِ في الأَعمَالِ وَالأَسوَاقِ وَالمُؤَتَمَرَاتِ ، أَوِ المَجَالِسِ الثَّقَافِيَّةِ المَزعُومَةِ وَالمُنَتَدَيَاتِ ، أَو مُشَارَكَةِ النِّسَاءِ في الأَلعَابِ وَالمُسَابَقَاتِ ، أَو مَا يُتَنَاقَلُ مِن مَقَاطِعِ العُرِيِّ الفَاضِحَةِ وَمَشَاهِدِ الرَّذِيلَةِ في الجَوَّالاتِ وَالشَّبَكَاتِ ، فَإِنَّ الحَيَاةَ الطَّاهِرَةَ تَحتَاجُ إِلى عَزَائِمِ الأَخيَارِ ، وَأَمَّا عِيشَةُ الرَّذِيلَةِ فَطَرِيقُهَا التَّسَاهُلُ وَالانحِدَارُ ، وَإِنَّهُ لَو لم يَكُنْ ذَلِكُمُ العَذَابُ المُضَاعَفُ هُوَ جَزَاءَ مَن خَرَجُوا مِن حِصنِ العَفَافِ وَتَجَاوَزُوا سِيَاجَ الفَضِيلَةِ ، لَكَانَتِ الأَمرَاضُ الوَبَائِيَّةُ الفَتَّاكَةُ الَّتي يُبلَى بها الزُّنَاةُ كَافِيةً لِرَدعِ نُفُوسِ العُقَلاءِ عَنِ الانسِيَاقِ وَرَاءَ الشَّهَوَاتِ النَّتِنَةِ ، وَمَنعِهِم مِن خَوضِ مُستَنقَعِ اللَّذَّاتِ الآسِنَةِ .
فَاتَّقُوا اللهَ وَاحذَرُوا " وَلا تَقرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَيَا مَعشَرَ الشَّبَابِ اتَّقُوا اللهَ ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَعظَمِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ إِقَامَةَ المُجتَمَعِ الطَّاهِرِ النَّظِيفِ ، المَحُوطِ بِالخُلُقِ الرَّفِيعِ ، وَالمُبَطَّنِ بِالعِفَّةِ وَالحِشمَةِ ، إِنَّهُ المُجتَمَعُ الَّذِي تُحفَظُ فِيهِ الفُرُوجُ ، وَلا تُطلَقُ فِيهِ الأَبصَارُ ، ولا يُسمَحُ فِيهِ بِالاختِلاطِ ، وَلا يُلقَى فِيهِ الحِجَابُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " قُلْ لِلمُؤمِنِينَ يَغُضُّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما يَصنَعُونَ . وَقُلْ لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضْنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ "
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الإِنسَانَ وَطَبَعَهُ عَلَى هَذِهِ الغَرِيزَةِ الجِنسِيَّةِ ، وَجَعَلَهَا تَجرِي في الدَّمِ وَيَتَحَرَّكُ بها القَلبُ ، لم يَخلُقْهَا لِيَكُونَ ذَلِكُمُ الإِنسَانُ كَالبَهِيمَةِ العَجمَاءِ ، مَشغُولاً بِقَضَاءِ وَطَرِهِ وَإِطفَاءِ لَهِيبِ شَهوَتِهِ وَإِشبَاعِ غَرِيزَتِهِ فَحَسبُ ، أَو لِتَكُونَ هِي هَمَّهُ الَّذِي عَلَيهِ يُمسِي وَيُصبِحُ ، أَو غَايَتَهُ الَّتي مِن أَجلِهَا يَعدُو وَيَلهَثُ ، أَو هَدَفَهُ الِّذِي إِلَيهِ يَسعَى وَفِيهِ يُفَكِّرُ ، وَعَنهُ يَكتُبُ وَيَتَحَدَّثُ ، لا وَاللهِ ، وَإِنَّمَا خَلَقَهَا ـ تَعَالى ـ بِأَمرِهِ وَعِلمِهِ وَحِكمَتِهِ ، اِبتِلاءً لِخَلقِهِ ، وَلِيَبقَى الجِنسُ البَشَرِيُّ يَعمُرُ الأَرضَ وَيُقِيمُ عِبَادَةَ رَبِّهِ . وَلأَنَّ الإِسلامَ هُوَ دِينُ الوَسَطِ البَعِيدُ عَنِ الغُلُوِّ وَالشَّطَطِ ، فَإِنَّهُ لم يَتَجَاهَلْ هَذِهِ الغَرِيزَةَ وَيَأمُرِ النَّاسَ بِالرَّهبَانِيَّةِ وَالانقِطَاعِ التَّامِّ عَن تَحصِيلِ شَهَوَاتِهِم وَنَيلِ لَذَّاتِهِم ، وَلم يَفتَحِ البَابَ فِيهَا عَلَى مِصرَاعَيهِ لِتَكُونَ حَيَاةُ النَّاسِ إِبَاحِيَّةً مَرِيجَةً ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ في الخَلاءِ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ لِذَلِكَ شَاطِئًا آمِنًا ، بَعِيدًا عَن أَموَاجِ الشَّهَوَاتِ العَارِمَةِ وَأَعَاصِيرِ الرَّغَبَاتِ الجَامِحَةِ ، إِنَّهُ الزَّوَاجُ ، شَاطِئُ الأَمَانِ لِحَيَاةِ العَفَافِ ، تِلكَ الحَيَاةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ ، الَّتي يَعِيشُهَا المُسلِمُ صَابِرًا مُحتَسِبًا ، غَاضًّا بَصرَهُ حَافِظًا لِفَرجِهِ ، حَتى يَأوِيَ إِلى ذَلِكَ الشَّاطِئِ النَّظِيفِ فَيَنقَى وَيَغنى ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَلْيَستَعفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغنِيَهُم اللهُ مِن فَضلِهِ "
وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ استَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحصَنُ لِلفَرجِ ، وَمَن لم يَستَطِعْ فَعَلَيهِ بِالصَّومِ ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "
نَعَم ـ مَعشَرَ الشَّبَابِ ـ لَيسَت مُهِمَّةُ الشَّابِّ المُسلِمِ أَن يَبحَثَ عَنِ الشَّهوَةِ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَيَسلُكَ لها كُلَّ سَبِيلٍ ، لا وَاللهِ ، وَإِنَّمَا وَاجِبُهُ العَفَافُ وَحِفظُ نَفسِهِ ، وَلْيُبشِرْ بَعدَ ذَلِكَ بِالخَيرِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ " وَمَن يَستَعفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ "
وَقَالَ : " اِحفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ "
نَعَم ، مَنِ استَغَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ ، وَمَن حَفِظَ اللهَ في أَعرَاضِ المُسلِمِينَ حَفِظَ اللهُ عِرضَهُ ، ذَلِكُم أَنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ يَغَارُ عَلَى مَحَارِمِهِ ، وَمَن جَعَلَ مَحَارِمَ النَّاسِ هَدَفًا لِنَزَوَاتِهِ وَمَرتَعًا لِشَهَوَاتِهِ ، فَلا يَأمَنَنَّ بَعدُ عَلَى أُمِّهِ أَوِ ابنَتِهِ أَو أُختِهِ أَن يَعتَدِيَ أَحَدٌ عَلَى عِرضِ أَيِّهِنَّ ، فَاحفَظُوا فُرُوجَكُم ، وَعُفُّوا تَعُفَّ نِسَاؤُكُم . وَاتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي " يَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدُورُ " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنى .
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " قُلْ لِلمُؤمِنِينَ يَغُضُّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما يَصنَعُونَ . وَقُلْ لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضْنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ "
أَيُّهَا الشَّبَابُ ، إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الإِنسَانَ وَطَبَعَهُ عَلَى هَذِهِ الغَرِيزَةِ الجِنسِيَّةِ ، وَجَعَلَهَا تَجرِي في الدَّمِ وَيَتَحَرَّكُ بها القَلبُ ، لم يَخلُقْهَا لِيَكُونَ ذَلِكُمُ الإِنسَانُ كَالبَهِيمَةِ العَجمَاءِ ، مَشغُولاً بِقَضَاءِ وَطَرِهِ وَإِطفَاءِ لَهِيبِ شَهوَتِهِ وَإِشبَاعِ غَرِيزَتِهِ فَحَسبُ ، أَو لِتَكُونَ هِي هَمَّهُ الَّذِي عَلَيهِ يُمسِي وَيُصبِحُ ، أَو غَايَتَهُ الَّتي مِن أَجلِهَا يَعدُو وَيَلهَثُ ، أَو هَدَفَهُ الِّذِي إِلَيهِ يَسعَى وَفِيهِ يُفَكِّرُ ، وَعَنهُ يَكتُبُ وَيَتَحَدَّثُ ، لا وَاللهِ ، وَإِنَّمَا خَلَقَهَا ـ تَعَالى ـ بِأَمرِهِ وَعِلمِهِ وَحِكمَتِهِ ، اِبتِلاءً لِخَلقِهِ ، وَلِيَبقَى الجِنسُ البَشَرِيُّ يَعمُرُ الأَرضَ وَيُقِيمُ عِبَادَةَ رَبِّهِ . وَلأَنَّ الإِسلامَ هُوَ دِينُ الوَسَطِ البَعِيدُ عَنِ الغُلُوِّ وَالشَّطَطِ ، فَإِنَّهُ لم يَتَجَاهَلْ هَذِهِ الغَرِيزَةَ وَيَأمُرِ النَّاسَ بِالرَّهبَانِيَّةِ وَالانقِطَاعِ التَّامِّ عَن تَحصِيلِ شَهَوَاتِهِم وَنَيلِ لَذَّاتِهِم ، وَلم يَفتَحِ البَابَ فِيهَا عَلَى مِصرَاعَيهِ لِتَكُونَ حَيَاةُ النَّاسِ إِبَاحِيَّةً مَرِيجَةً ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ في الخَلاءِ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ لِذَلِكَ شَاطِئًا آمِنًا ، بَعِيدًا عَن أَموَاجِ الشَّهَوَاتِ العَارِمَةِ وَأَعَاصِيرِ الرَّغَبَاتِ الجَامِحَةِ ، إِنَّهُ الزَّوَاجُ ، شَاطِئُ الأَمَانِ لِحَيَاةِ العَفَافِ ، تِلكَ الحَيَاةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ ، الَّتي يَعِيشُهَا المُسلِمُ صَابِرًا مُحتَسِبًا ، غَاضًّا بَصرَهُ حَافِظًا لِفَرجِهِ ، حَتى يَأوِيَ إِلى ذَلِكَ الشَّاطِئِ النَّظِيفِ فَيَنقَى وَيَغنى ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَلْيَستَعفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغنِيَهُم اللهُ مِن فَضلِهِ "
وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ استَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحصَنُ لِلفَرجِ ، وَمَن لم يَستَطِعْ فَعَلَيهِ بِالصَّومِ ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "
نَعَم ـ مَعشَرَ الشَّبَابِ ـ لَيسَت مُهِمَّةُ الشَّابِّ المُسلِمِ أَن يَبحَثَ عَنِ الشَّهوَةِ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَيَسلُكَ لها كُلَّ سَبِيلٍ ، لا وَاللهِ ، وَإِنَّمَا وَاجِبُهُ العَفَافُ وَحِفظُ نَفسِهِ ، وَلْيُبشِرْ بَعدَ ذَلِكَ بِالخَيرِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ " وَمَن يَستَعفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ "
وَقَالَ : " اِحفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ "
نَعَم ، مَنِ استَغَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ ، وَمَن حَفِظَ اللهَ في أَعرَاضِ المُسلِمِينَ حَفِظَ اللهُ عِرضَهُ ، ذَلِكُم أَنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ ، وَاللهُ ـ تَعَالى ـ يَغَارُ عَلَى مَحَارِمِهِ ، وَمَن جَعَلَ مَحَارِمَ النَّاسِ هَدَفًا لِنَزَوَاتِهِ وَمَرتَعًا لِشَهَوَاتِهِ ، فَلا يَأمَنَنَّ بَعدُ عَلَى أُمِّهِ أَوِ ابنَتِهِ أَو أُختِهِ أَن يَعتَدِيَ أَحَدٌ عَلَى عِرضِ أَيِّهِنَّ ، فَاحفَظُوا فُرُوجَكُم ، وَعُفُّوا تَعُفَّ نِسَاؤُكُم . وَاتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي " يَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدُورُ " اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنى .
المشاهدات 4752 | التعليقات 5
ماشاء الله
ربي يحرسك ويحفظك
ماذا أقول عن هذه الخطبة الرائعة الماتعة
من أجمل ما قرأت في هذا الموضوع وفقك الله
وفقك الله ونفع بك ، وستكون خطبة هذا الأسبوع بإذن الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
فجزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم ونفع بكم.
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
مبدع دائما يا شيخ عبدالله
عبدالله البصري
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/على%20ضفاف%20العفاف.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/على%20ضفاف%20العفاف.doc
تعديل التعليق