خطبة : (عمل المرأة في الشورى والمجالس البلدية )
عبدالله البصري
1432/11/15 - 2011/10/13 20:58PM
عمل المرأة في الشورى والمجالس البلدية 16 / 11 / 1432
الخطبة الأولى :
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا زَالَ الفَاتِنُونَ المَفتُونُونَ مِن أَهلِ الصَّحَافَةِ في الأُسبُوعِينَ المَاضِيَينِ ، يَتَنَاوَلُونَ تَجوِيزَ عَمَلِ المَرأَةِ في مَجلَسِ الشُّورَى وَمَجَالِسِ البَلَدِيَّاتِ وَيُزَيِّنُونَهُ ، زَاعِمِينَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مُقَيَّدًا بِالضَّوَابِطِ الشَّرعِيَّةِ ، وَمَعَ هَذَا فَلَم يَذكُرْ أُولَئِكَ الكُتَّابُ وَاحِدًا مِن هَذِهِ الضَّوَابِطِ المَزعُومَةِ ، وَلا مَن هُوَ المُخَوَّلُ دُونَ غَيرِهِ بِوَضعِهَا وَضَبطِهَا ، وَكَيفَ تُهِمُّهُمُ الضَّوَابِطُ الشَّرعِيَّةُ أَو يُؤَكِّدُونَ عَلَى أَنَّهَا مِن حَقِّ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وَحدَهُم ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَنَاوَلُونَ في صُحُفِهِم حُمَاةَ الشَّرعِ مِنَ العُلَمَاءِ بِالسَّبِّ وَالثَّلبِ ، وَيَستَهزِئُونَ بهم في مَقَالاتِهِم وَيَسخَرُونَ مِنهُم ؟!
أَمَّا عَمَلُ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى أَوِ المَجَالِسِ البَلَدِيَّةِ ، فَيَكفِي العَاقِلَ لِلعِلمِ بِتَحرِيمِهِ وَفَسَادِهِ ، أَن يَتَصَوَّرَ أَنَّهُ يَشتَمِلُ عَلَى عِدَّةِ مَحظُورَاتٍ وَمُنكَرَاتٍ ، مِن وِلايَةِ المَرأَةِ عَلَى الرِّجَالِ ، وَاختِلاطِهَا بهم ، وَاضطِرَارِهَا لِلسَّفَرِ دُونَ مَحرَمٍ ، وَبُرُوزِهَا في المَحَافِلِ نَازِعَةً ثِيَابَ سِترِهَا خَالِعَةً حِجَابَهَا ، وَلَو لم يَحصُلْ مِن هَذِهِ الأُمُورِ إِلاَّ وَاحِدٌ لَكَانَ كَافِيًا لِلقَولِ بِتَحرِيمِ عَمَلِ المَرأَةِ مُستَشَارَةً بَينَ الرِّجَالِ ، فَكَيفَ وَقَدِ اجتَمَعَت فِيهِ كُلُّهَا ، لَكِنَّ الجَرَائِدَ وَإِمعَانًا مِنهَا في الفِتنَةِ وَالإِفسَادِ ، ضَرَبَت عَن هَذِهِ المَفَاسِدِ صَفحًا وَأَغفَلَتهَا وَلم تَذكُرْهَا ، وَتِلكَ عَادَتُهَا فِيمَا تُرِيدُ فَرضَهُ عَلَى المُجتَمَعِ ، فَتَرَاهَا تَمدَحُهُ وَتُحَسِّنُهُ ، وَتُكَبِّرُهُ في الأَعيُنِ وَتُجَمِّلُهُ ، وَتَزعُمُ أَنَّهُ المُجمَعُ عَلَيهِ أَوِ المَرضِيُّ عِندَ العُلَمَاءِ ، وَإِنْ كَانَ في حَقِيقَتِهِ مُحَرَّمًا أَو قولاً شاذًّا ، في الحِينِ الَّذِي لا تَستَنكِفُ أَن تَزعُمَ حِينَ تُرِيدُ إِسقَاطَ شَيءٍ آخَرَ أَن تَجعَلَ القَولَ بِهِ شُذُوذًا وَخُرُوجًا عَنِ الإِجمَاعِ ، وَإِنْ كَانَ في الوَاقِعِ هُوَ الحَقَّ المُجمَعَ عَلَيهِ ، أَوِ الَّذِي تَرَاهُ الأَكثَرِيَّةُ مِنَ العُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا زَالَ الفَاتِنُونَ المَفتُونُونَ مِن أَهلِ الصَّحَافَةِ في الأُسبُوعِينَ المَاضِيَينِ ، يَتَنَاوَلُونَ تَجوِيزَ عَمَلِ المَرأَةِ في مَجلَسِ الشُّورَى وَمَجَالِسِ البَلَدِيَّاتِ وَيُزَيِّنُونَهُ ، زَاعِمِينَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مُقَيَّدًا بِالضَّوَابِطِ الشَّرعِيَّةِ ، وَمَعَ هَذَا فَلَم يَذكُرْ أُولَئِكَ الكُتَّابُ وَاحِدًا مِن هَذِهِ الضَّوَابِطِ المَزعُومَةِ ، وَلا مَن هُوَ المُخَوَّلُ دُونَ غَيرِهِ بِوَضعِهَا وَضَبطِهَا ، وَكَيفَ تُهِمُّهُمُ الضَّوَابِطُ الشَّرعِيَّةُ أَو يُؤَكِّدُونَ عَلَى أَنَّهَا مِن حَقِّ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وَحدَهُم ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَنَاوَلُونَ في صُحُفِهِم حُمَاةَ الشَّرعِ مِنَ العُلَمَاءِ بِالسَّبِّ وَالثَّلبِ ، وَيَستَهزِئُونَ بهم في مَقَالاتِهِم وَيَسخَرُونَ مِنهُم ؟!
أَمَّا عَمَلُ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى أَوِ المَجَالِسِ البَلَدِيَّةِ ، فَيَكفِي العَاقِلَ لِلعِلمِ بِتَحرِيمِهِ وَفَسَادِهِ ، أَن يَتَصَوَّرَ أَنَّهُ يَشتَمِلُ عَلَى عِدَّةِ مَحظُورَاتٍ وَمُنكَرَاتٍ ، مِن وِلايَةِ المَرأَةِ عَلَى الرِّجَالِ ، وَاختِلاطِهَا بهم ، وَاضطِرَارِهَا لِلسَّفَرِ دُونَ مَحرَمٍ ، وَبُرُوزِهَا في المَحَافِلِ نَازِعَةً ثِيَابَ سِترِهَا خَالِعَةً حِجَابَهَا ، وَلَو لم يَحصُلْ مِن هَذِهِ الأُمُورِ إِلاَّ وَاحِدٌ لَكَانَ كَافِيًا لِلقَولِ بِتَحرِيمِ عَمَلِ المَرأَةِ مُستَشَارَةً بَينَ الرِّجَالِ ، فَكَيفَ وَقَدِ اجتَمَعَت فِيهِ كُلُّهَا ، لَكِنَّ الجَرَائِدَ وَإِمعَانًا مِنهَا في الفِتنَةِ وَالإِفسَادِ ، ضَرَبَت عَن هَذِهِ المَفَاسِدِ صَفحًا وَأَغفَلَتهَا وَلم تَذكُرْهَا ، وَتِلكَ عَادَتُهَا فِيمَا تُرِيدُ فَرضَهُ عَلَى المُجتَمَعِ ، فَتَرَاهَا تَمدَحُهُ وَتُحَسِّنُهُ ، وَتُكَبِّرُهُ في الأَعيُنِ وَتُجَمِّلُهُ ، وَتَزعُمُ أَنَّهُ المُجمَعُ عَلَيهِ أَوِ المَرضِيُّ عِندَ العُلَمَاءِ ، وَإِنْ كَانَ في حَقِيقَتِهِ مُحَرَّمًا أَو قولاً شاذًّا ، في الحِينِ الَّذِي لا تَستَنكِفُ أَن تَزعُمَ حِينَ تُرِيدُ إِسقَاطَ شَيءٍ آخَرَ أَن تَجعَلَ القَولَ بِهِ شُذُوذًا وَخُرُوجًا عَنِ الإِجمَاعِ ، وَإِنْ كَانَ في الوَاقِعِ هُوَ الحَقَّ المُجمَعَ عَلَيهِ ، أَوِ الَّذِي تَرَاهُ الأَكثَرِيَّةُ مِنَ العُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَقُولُ اللهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بما فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ وَبما أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم " فَلَم يَجعَلْ ـ سُبحَانَهُ ـ لِلمَرأَةِ وِلايَةً عَلَى زُوجِهَا وَفي بَيتِهَا ، وَذَلِكَ لِمَا في المَرأَةِ مِن رِقَّةٍ في الطَّبعِ وَغَلَبَةِ عَاطِفَةٍ ، وَضَعفٍ فِطرِيٍّ في الشَّدَائِدِ وَجَزَعٍ عِندَ المُلِمَّاتِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " أَوَمَن يُنَشَّأُ في الحِليَةِ وَهُوَ في الخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ " وَإِذَا كَانَتِ المَرأَةُ لا تَصلُحُ لِلقِيَامِ عَلَى زَوجِهَا وَهُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَفي بَيتِهَا وَهُوَ مُجتَمَعٌ صَغِيرٌ مَحدُودٌ ، فَكَيفَ بِأَمرِ العَامَّةِ وَالأُمَّةِ ، وَفي بِلادٍ وَاسِعَةٍ بِأَكمَلِهَا ؟!
إِنَّ الرَّجُلَ مَتى كَانَ ضَعِيفًا في شَخصِيَّتِهِ لم يَجُزْ لَهُ أَن يَتَوَلىَّ الإِمَارَةَ ، فَكَيفَ بِالمَرأَةِ الَّتي هِيَ ضَعِيفَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، في صَحِيحِ مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلا تَستَعمِلُني ؟ قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنكِبي ثم قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ، وَإِنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزيٌ وَنَدَامَةٌ ، إِلاَّ مَن أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيهِ فِيهَا "
وَفي رِوَايَةٍ قَالَ لَهُ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنيِّ أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنيِّ أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفسِي ، لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثنَينِ وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ "
وَإِنَّمَا لم يُنَاسِبْ رَقِيقَ الطَّبعِ وَضَعِيفَ الشَّخصِيَّةِ تَوَلِّي شَأنِ العَامَّةِ ، لأَنَّ رَأيَهُ غَالِبًا مَا يَضعُفُ تَبَعًا لِرَقَّتِهِ وَضَعفِهِ ، وَالإِسلامُ يُرِيدُ لِلدَّولَةِ أَن تَكُونَ عَزِيزَةً ذَاتَ قُوَّةٍ وَهَيبَةٍ ، وَأَن يَتَوَلىَّ أُمُورَهَا ذَوُو القُوَّةِ وَالأَمَانَةِ ، فَكَيفَ بِاللهِ يَكُونُ حَالُ دَولَةٍ تَستَشِيرُ امرَأَةً في حَالِ حُصُولِ نَازِلَةٍ أو حُلُولِ فِتنَةٍ ، أَو مُدَاهَمَةِ عَدُوٍّ أَو مُرُورِ أَزمَةٍ ؟!
إِنَّهَا لَن تَجِدَ مِن تِلكَ المَرأَةِ في تِلكَ الحَالِ إِلاَّ البُكَاءَ وَالنُّوَاحَ وَتَذرَافَ الدُّمُوعِ ، وَمِن ثَمَّ غَلَبَةَ العَاطِفَةِ عَلَى العَقلِ ، وَحِينَئِذٍ فَلَن يَكُونَ القَرَارُ مُوَفَّقًا وَلاصَائِبًا في الغَالِبِ ، وَسَتَضعُفُ الدَّولَةُ تَبَعًا لِذَلِكَ وَتَسقُطُ مَكَانَتُهُا وَتَضِيعُ هَيبَتُهَا ، وَصَدَقَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَيثُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ : " لَن يُفلِحَ قَومٌ وَلَّوا أَمرَهُمُ امرَأَةً "
وَأَمَّا المَفسَدَةُ الثَّانِيَةُ الَّتي يُؤَدِّي إِلَيهَا عَمَلُ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى وَمَجَالِسِ البَلَدِيَّاتِ فَهِيَ الاختِلاطُ ، حَيثُ تَجلِسُ المَرأَةُ بِجَانِبِ الرَّجُلِ عَلَى كُرسِيَّينِ مُتَجَاوِرَينِ ، وَتُقَابِلُهُم دَاخِلَةً خَارِجَةً ، وَتَتَحَدَّثُ مَعَهُم وَتُنَاقِشُهُم ، وَقَد تُضَاحِكُهُم وَتَخضَعُ بِالقَولِ ، وَقَد يَحصُلُ العَكسُ فَيَحتَدِمُ الخِلافُ وَتَرتَفِعُ الأَصوَاتُ ، وَكُلُّ هَذَا مَنهِيٌّ عَنهُ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَلا تَخضَعْنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولاً مَعرُوفًا . وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى "
وَهَذِهِ الآيَاتُ أُنزِلَت في حَقِّ نِسَاءِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُنَّ أُمهَاتُ المُؤمِنِينَ وَفي حَقِّ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ وَهُم أَطهَرُ الأُمَّةِ قُلُوبًا ، فَكَيفَ بِمَن دُونَهُم مِنَ الأُمَّةِ ؟
بَل كَيفَ بِحَالِ قُلُوبِ رِجَالِ هَذَا الزَّمَانِ وَنِسَائِهِ ؟
ثم إِنَّ هَذَا الاختِلاطَ كَمَا يَحصُلُ في اجتِمَاعَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ ، فَلا بُدَّ أن يَحصُلَ مَعَهُ سَفَرٌ لاجتِمَاعَاتٍ خَارِجِيَّةٍ مَعَ غَيرِ مَحرَمٍ ، وَقَد قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا تُسَافِرُ المَرأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحرَمٍ ، وَلا يَدخُلُ عَلَيهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحرَمٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ وَلَيلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحرَمٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
إِنَّ الرَّجُلَ مَتى كَانَ ضَعِيفًا في شَخصِيَّتِهِ لم يَجُزْ لَهُ أَن يَتَوَلىَّ الإِمَارَةَ ، فَكَيفَ بِالمَرأَةِ الَّتي هِيَ ضَعِيفَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، في صَحِيحِ مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلا تَستَعمِلُني ؟ قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنكِبي ثم قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ، وَإِنَّهَا يَومَ القِيَامَةِ خِزيٌ وَنَدَامَةٌ ، إِلاَّ مَن أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيهِ فِيهَا "
وَفي رِوَايَةٍ قَالَ لَهُ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنيِّ أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنيِّ أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفسِي ، لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثنَينِ وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ "
وَإِنَّمَا لم يُنَاسِبْ رَقِيقَ الطَّبعِ وَضَعِيفَ الشَّخصِيَّةِ تَوَلِّي شَأنِ العَامَّةِ ، لأَنَّ رَأيَهُ غَالِبًا مَا يَضعُفُ تَبَعًا لِرَقَّتِهِ وَضَعفِهِ ، وَالإِسلامُ يُرِيدُ لِلدَّولَةِ أَن تَكُونَ عَزِيزَةً ذَاتَ قُوَّةٍ وَهَيبَةٍ ، وَأَن يَتَوَلىَّ أُمُورَهَا ذَوُو القُوَّةِ وَالأَمَانَةِ ، فَكَيفَ بِاللهِ يَكُونُ حَالُ دَولَةٍ تَستَشِيرُ امرَأَةً في حَالِ حُصُولِ نَازِلَةٍ أو حُلُولِ فِتنَةٍ ، أَو مُدَاهَمَةِ عَدُوٍّ أَو مُرُورِ أَزمَةٍ ؟!
إِنَّهَا لَن تَجِدَ مِن تِلكَ المَرأَةِ في تِلكَ الحَالِ إِلاَّ البُكَاءَ وَالنُّوَاحَ وَتَذرَافَ الدُّمُوعِ ، وَمِن ثَمَّ غَلَبَةَ العَاطِفَةِ عَلَى العَقلِ ، وَحِينَئِذٍ فَلَن يَكُونَ القَرَارُ مُوَفَّقًا وَلاصَائِبًا في الغَالِبِ ، وَسَتَضعُفُ الدَّولَةُ تَبَعًا لِذَلِكَ وَتَسقُطُ مَكَانَتُهُا وَتَضِيعُ هَيبَتُهَا ، وَصَدَقَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَيثُ قَالَ فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ : " لَن يُفلِحَ قَومٌ وَلَّوا أَمرَهُمُ امرَأَةً "
وَأَمَّا المَفسَدَةُ الثَّانِيَةُ الَّتي يُؤَدِّي إِلَيهَا عَمَلُ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى وَمَجَالِسِ البَلَدِيَّاتِ فَهِيَ الاختِلاطُ ، حَيثُ تَجلِسُ المَرأَةُ بِجَانِبِ الرَّجُلِ عَلَى كُرسِيَّينِ مُتَجَاوِرَينِ ، وَتُقَابِلُهُم دَاخِلَةً خَارِجَةً ، وَتَتَحَدَّثُ مَعَهُم وَتُنَاقِشُهُم ، وَقَد تُضَاحِكُهُم وَتَخضَعُ بِالقَولِ ، وَقَد يَحصُلُ العَكسُ فَيَحتَدِمُ الخِلافُ وَتَرتَفِعُ الأَصوَاتُ ، وَكُلُّ هَذَا مَنهِيٌّ عَنهُ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَلا تَخضَعْنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولاً مَعرُوفًا . وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى "
وَهَذِهِ الآيَاتُ أُنزِلَت في حَقِّ نِسَاءِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُنَّ أُمهَاتُ المُؤمِنِينَ وَفي حَقِّ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ وَهُم أَطهَرُ الأُمَّةِ قُلُوبًا ، فَكَيفَ بِمَن دُونَهُم مِنَ الأُمَّةِ ؟
بَل كَيفَ بِحَالِ قُلُوبِ رِجَالِ هَذَا الزَّمَانِ وَنِسَائِهِ ؟
ثم إِنَّ هَذَا الاختِلاطَ كَمَا يَحصُلُ في اجتِمَاعَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ ، فَلا بُدَّ أن يَحصُلَ مَعَهُ سَفَرٌ لاجتِمَاعَاتٍ خَارِجِيَّةٍ مَعَ غَيرِ مَحرَمٍ ، وَقَد قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا تُسَافِرُ المَرأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحرَمٍ ، وَلا يَدخُلُ عَلَيهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحرَمٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ أَن تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ وَلَيلَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحرَمٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَستَدِلُّ المُجَوِّزُونَ لِعَمَلِ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى بِكَونِ النَّبيِّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ قَدِ استَشَارَ زَوجَهُ أُمَّ سَلَمَةَ ، وَأَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَدِ استَشَارَ ابنَتَهُ حَفصَةَ ، وَيَغفَلُونَ أَنَّهُمَا قَدِ استَشَارَا قَرِيبَاتٍ وَمَحَارِمَ ، وَأَنَّهُمَا استِشَارَتَانِ وَقَعَت كُلٌّ مِنهُمَا بِصُورَةٍ عَارِضَةٍ ، وَلم تَكُنْ أَيٌّ مِن أُمِّ سَلَمَةَ وَلا حَفصَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ مُستَشَارَتَينِ في مَجلِسِ شُورَى ، بَل وَلم يَثبُتْ أَنَّ محمدًا ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ وَلا أَحَدًا مِن الخُلَفَاءِ والأُمَرَاءِ مِن بَعدِهِ نَصَّبُوا امرَأَةً لِلشُّورَى في قَضَايَا الأُمَّةِ ، لِعِلمِهِم أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيهِ الأَمرُ بِالمُشَاوَرَةِ الَّذِي جَاءَ في سِيَاقِ آيَاتٍ تَتَحَدَّثُ عَنِ الجِهَادِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَشَاوِرْهُم في الأَمرِ "
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ أَوَّلُ مُجلِسٍ لِلشُّورَى في خِلافَةِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ فَقَد جَعَلَ أَهلَهُ كُلَّهُم رِجَالاً ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : وَكَانَ القُرَّاءُ أَصحَابَ مَجلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَو شُبَّانًا . رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
ثَمَّ إِنَّ النَّبيَّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ إِنَّمَا شَكَا لِزَوجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ عَدَمَ أَخذِ النَّاسِ بِقَولِهِ ، فَأَشَارَت عَلَيهِ بما يَدفَعُهُم لِطَاعَتِهِ فِيمَا رَآهُ هُوَ ، وَلم يَكُنْ لها رَأيٌ غَيرُ رَأيِهِ ، وَلم تَكُنْ في ذَلِكَ بَارِزَةً لِلنَّاسِ ، بَل كَانَت في سِترٍ إِمَّا خَيمَةٍ أَو نَحوِهَا ، في البُخَارِيِّ : قَالَ عُمَرُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لأَصحَابِهِ : " قُومُوا فَانحَرُوا ثم احلِقُوا " قَالَ : فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنهُم رَجُلٌ حَتى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لم يَقُمْ مِنهُم أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لها مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَت أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبيَّ اللهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟! اُخرُجْ لا تُكَلِّمُ أَحَدًا مِنهُم كَلِمَةً حَتى تَنحَرَ بُدنَكَ وَتَدعُوَ حَالِقَكَ فَيَحلِقَكَ ... الحَدِيثَ .
فَانظُرُوا كَيفَ أَنَّهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ دَخَلَ عَلَيهَا وَلم يَستَدعِهَا أَمَامَ النَّاسِ لِيَستَشِيرَهَا ؛ وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ الاحتِجَاجَ بِاستَشَارَتِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ لأُمِّ سَلَمَةَ عَلَى تَنصِيبِ المَرأَةِ لِلشُّورَى ، إِنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الفَارِقِ ، فهو ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ إِنَّمَا استَشَارَهَا في استِجَابَةِ النَّاسِ لَهُ لا في أَصلِ رَأيِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا في خِدرِهَا ، وَأَعطَتهُ رَأيَهَا لِنَفسِهِ وَلم يُنَصِّبْهَا لِعُمُومِ المُسلِمِينَ . وَأَمَّا استِشَارَةُ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ لابنَتِهِ حَفصَةَ ، فَقَد كَانَت في أَمرٍ لا يُسأَلُ عَنهُ إِلاَّ النِّسَاءُ ، وَلم يُذكَرْ مَعَ هَذَا أَنَّهُ استَدعَاهَا في مَجلِسِهِ أَمَامَ الرِّجَالِ أَو نَصَّبَهَا مُستَشَارَةً خَاصَّةً .
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ أَوَّلُ مُجلِسٍ لِلشُّورَى في خِلافَةِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ فَقَد جَعَلَ أَهلَهُ كُلَّهُم رِجَالاً ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : وَكَانَ القُرَّاءُ أَصحَابَ مَجلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَو شُبَّانًا . رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
ثَمَّ إِنَّ النَّبيَّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ إِنَّمَا شَكَا لِزَوجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ عَدَمَ أَخذِ النَّاسِ بِقَولِهِ ، فَأَشَارَت عَلَيهِ بما يَدفَعُهُم لِطَاعَتِهِ فِيمَا رَآهُ هُوَ ، وَلم يَكُنْ لها رَأيٌ غَيرُ رَأيِهِ ، وَلم تَكُنْ في ذَلِكَ بَارِزَةً لِلنَّاسِ ، بَل كَانَت في سِترٍ إِمَّا خَيمَةٍ أَو نَحوِهَا ، في البُخَارِيِّ : قَالَ عُمَرُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لأَصحَابِهِ : " قُومُوا فَانحَرُوا ثم احلِقُوا " قَالَ : فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنهُم رَجُلٌ حَتى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لم يَقُمْ مِنهُم أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لها مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَت أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبيَّ اللهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟! اُخرُجْ لا تُكَلِّمُ أَحَدًا مِنهُم كَلِمَةً حَتى تَنحَرَ بُدنَكَ وَتَدعُوَ حَالِقَكَ فَيَحلِقَكَ ... الحَدِيثَ .
فَانظُرُوا كَيفَ أَنَّهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ دَخَلَ عَلَيهَا وَلم يَستَدعِهَا أَمَامَ النَّاسِ لِيَستَشِيرَهَا ؛ وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ الاحتِجَاجَ بِاستَشَارَتِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ لأُمِّ سَلَمَةَ عَلَى تَنصِيبِ المَرأَةِ لِلشُّورَى ، إِنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الفَارِقِ ، فهو ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ إِنَّمَا استَشَارَهَا في استِجَابَةِ النَّاسِ لَهُ لا في أَصلِ رَأيِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا في خِدرِهَا ، وَأَعطَتهُ رَأيَهَا لِنَفسِهِ وَلم يُنَصِّبْهَا لِعُمُومِ المُسلِمِينَ . وَأَمَّا استِشَارَةُ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ لابنَتِهِ حَفصَةَ ، فَقَد كَانَت في أَمرٍ لا يُسأَلُ عَنهُ إِلاَّ النِّسَاءُ ، وَلم يُذكَرْ مَعَ هَذَا أَنَّهُ استَدعَاهَا في مَجلِسِهِ أَمَامَ الرِّجَالِ أَو نَصَّبَهَا مُستَشَارَةً خَاصَّةً .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مَن يَقرَأُ مَا يُنشَرُ في وَسَائِلِ الإِعلامِ مِن كِتَابَاتٍ في هَذَا المَوضُوعِ يَلحَظُ تَعلِيلَهُم لِتَنصِيبِ المَرأَةِ في مَجلِسِ الشُّورَى وَمَجَالِسِ البَلَدِيَّاتِ بِأَنَّهُ إِنصَافٌ لها وَمَنعٌ لِتَهمِيشِهَا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ في الأَمرِ مَا فِيهِ وَلَيسَ مَقصُودًا مِنهُ مَصلَحَةُ أُمَّةٍ وَلا مُجتَمَعٍ ، إِذِ المَعرُوفُ عَقلاً وَشَرعًا أَنَّ الاستِشَارَةَ تُبنى لِمَصلَحَةِ الأُمَّةِ بِعَامَّةٍ ، وَلَيسَ لِمَصلَحَةِ المُستَشَارِ الخَاصَّةِ ، أَمَّا وَهَؤُلاءِ يَجعَلُونَ تَعيِينَ المَرأَةِ في هَذِهِ المَنَاصِبِ دَفعًا لِتَهمِيشِهَا وَإِنصَافًا لها كَمَا يَزعُمُونَ ، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المَقصُودَ غَرسُ مَبَادِئَ فِكرِيَّةٍ مُظلِمَةٍ وَتَضيِيعُ أَحكَامٍ شَرعِيَّةٍ مُحكَمَةٍ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَيُؤَكِّدُ أَنَّهُ مِن صُنعِ الكُفَّارِ وَإِرَادَتِهِم بِالمَرأَةِ في هَذِهِ البِلادِ شَرًّا ، أَنَّ صُحُفًا غَربِيَّةً قَد تَحَدَّثَت عَنهُ وَمَدَحَتهُ وَأَشَادَت بِهِ ، فَلَيتَ قَومَنَا يَحذَرُونَ ، وَيَعلَمُونَ أَنَّ مَطَالِبَ الكُفَّارِ لَن تَنتَهِيَ عِندَ حَدٍّ دُونَ انسِلاخِ المُسلِمِينَ التَّامِّ مِنَ الإِسلامِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءَهُم بَعدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَليٍّ وَلا نَصِيرٍ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَاحذَرْهُم أَن يَفتِنُوكَ عَن بَعضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيكَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَاعلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعضِ ذُنُوبِهِم وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكمًا لِقَومٍ يُوقِنُونَ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَاحذَرْهُم أَن يَفتِنُوكَ عَن بَعضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيكَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَاعلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعضِ ذُنُوبِهِم وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكمًا لِقَومٍ يُوقِنُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ فَإِنَّكُم مُلاقُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ الأَصلَ أَن تَتَبَوَّأَ المَرأَةُ المَنزِلَةَ الَّتي كَرَّمَهَا اللهُ بها ، فَتَقَرَّ في المَنزِلِ لِتَربِيَةِ أَولادِهَا وَخِدمَةِ زَوجِهَا وَتَدبِيرِ شُؤُونِ بَيتِهَا ، بَعِيدَةً عَن أَمَاكِنِ الفِتَنِ وَالشُّبُهَاتِ ، غَيرَ مُتَعَرِّضَةٍ لِمَا يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيهَا ، وَأَمَّا إِذَا اضطُرَّت إِلى أَن تَعمَلَ خَارِجَ بَيتِهَا أَوِ احتَاجَت إِلى ذَلِكَ ، فَيَنبَغِي أَن يُهَيَّأَ لها مِنَ الأَعمَالِ مَا يُنَاسِبُهَا في دِينِهَا وَدُنيَاهَا ، ممَّا لا يُؤَثِّرُ عَلَى رِعَايَتِهَا شُؤُونَ زَوجِهَا وَأَولادِهَا ، وَأَمَّا أَن تُنَافِسَ الرِّجَالَ في الأَعمَالِ الَّتي هِيَ مِنِ اختِصَاصِهِم ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الأَضرَارِ وَالمَفَاسِدِ ، مِن قَضَاءٍ عَلَى الفُرَصِ المُتَاحَةِ لِلرِّجَالِ في العَمَلِ فِيهَا ، وَجَعلِهَا عُرضَةً لِلاختِلاطِ بهم وَافتِتَانِهِم بها ، وَحُصُولِ مَا لا تُحمَدُ عُقبَاهُ ، إِضَافَةً إِلى أَنَّ ذَلِكَ يُضعِفُ قِيَامَهَا بِوَاجِبَاتِ زَوجِهَا وَشُؤُونِ أَولادِهَا وَبَيتِهَا ، ممَّا يَستَلزِمُ جَلبَ الخَدَمِ وَالخَادِمَاتِ إِلى البُيُوتِ ، وَلا يَخفَى مَا في ذَلِكَ مِن مُشكِلاتٍ كَبِيرَةٍ وَأَضرَارٍ جَسِيمَةٍ عَلَى النَّشءِ في دِينِهِم وَأَخلاقِهِم . فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ في أَنفُسِنَا وَنِسَائِنَا ، وَلْنُوَطِّنْ أَنفُسَنَا عَلَى القَبضِ عَلَى دِينِنَا وَالتَّمَسُّكِ بما كَانَ عَلَيهِ سَلَفُنَا ، فَإِنَّنَا في زَمَنٍ تَكَلَّمَت فِيهِ الرُّوَيبِضَةُ ، وَاستُخِفَّ بِالعُلَمَاءِ وَلم تُرعَ لهم حُرمَةٌ ، لَكِنَّ الحَقَّ بِحَمدِ اللهِ أَبلَجُ وَاضِحٌ ، مُتَيَسِّرٌ لِمَن صَلَحَت نِيَّتُهُ وَتَجَرَّدَ مِنَ الهَوَى ، وَجَعَلَ في اللهِ وَحدَهُ الرَّجَاءَ ولم يَخَفْ غَيرَهُ ، وَأَمَّا مَن تَبِعَ هَوَاهُ وَسَلَّمَ عَقلَهُ لأَهلِ الدُّنيَا ، فَمَا أَحرَاهُ أَن تَشتَبِهَ عَلَيهِ الأُمُورُ وَتَختَلِطَ ، وتَكثُرَ أَمَامَهُ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ فَيَضِلَّ بَينَهَا وَيَزِيغَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
المشاهدات 5673 | التعليقات 12
ياليتنا نكون مثلك
بيض الله وجهك
أثابك الله وأجزل لك الأجر والمثوبة
منصور الفرشوطي;8407 wrote:
ياليتنا نكون مثلك
بيض الله وجهك
بيض الله وجهك
كُلُّ منا على ثغر ، وفي كُلٍّ خيرٌ ، وإنما المعول عليه الإخلاص والاتباع ، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم خيرًا مما يُظَنُّ بنا ، وأن يغفر لنا ما لا يعلمه عنا غيره ، إنه جواد كريم .
عبدالله محمد الروقي;8409 wrote:
أثابك الله وأجزل لك الأجر والمثوبة
وإياك ـ أخي الكريم ـ أثاب المولى ولا حرمك الأجر ، وأسأله أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى ، وأن ينظمنا في سلك أنصار دينه ، إنه سميع قريب مجيب .
نسال الله عزوجل ان يبارك فيك شيخنا الفاضل
واساله ان يصلح الشان
واساله ان يصلح الشان
الــبــتــار;8414 wrote:
نسال الله عزوجل ان يبارك فيك شيخنا الفاضل
واساله ان يصلح الشان
ويرحمُ اللهُ عبدًا قال آمينا
أجاب الله دعاءك وحقق رجاءك ، وأقر أعيننا جميعًا بصلاح الراعي والرعية ، ونسأله ـ تعالى ـ أن يجنب ولاتنا بطانة السوء والفتنة والفساد ، وأن يرزقهم بطانة صالحة ناصحة تدلهم على الحق وتذكرهم به وتعينهم عليه ، وتحذرهم من الباطل وممن يريد بهم وبالأمة شرًّا ، إنه جواد كريم .
الحمد لله ان في الأمة مثلك
نفع الله بك شيخنا وكثر الله من امثالك
نفع الله بك شيخنا وكثر الله من امثالك
شبيب القحطاني
عضو نشط
بارك الله فيك ونفع بك
نسأل الله أن يصلح ولاة أمرنا وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة
بارك الله فيك شيخ عبد الله ونفع بك وبعلمك واجزال الله لك المثوبه
عبدالله البصري
ويجد الإخوة مع هذه المشاركة ملف الخطبة .
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/عمل%20المرأة%20في%20الشورى%20والمجالس%20البلدية.doc
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/عمل%20المرأة%20في%20الشورى%20والمجالس%20البلدية.doc
تعديل التعليق